مسلمون حول العالم ـ خاص ـ حوار: هاني صلاح
في حوار خاص مع “مسلمون حول العالم”، حول دورها المجتمعي في تايوان، أشارت الناشطة “ميسم دولة”، مسؤولة قسم اللغة العربية في راديو تايوان الدولي؛ إلى أن الحاجة إلى تعزيز التواصل وتقديم المعلومات الصحيحة والوافية حول تايوان باللغة العربية، بعد أن لمست نقصًا كبيرًا في المعلومات في هذه المساحة، دفعها إلى بدء رحلة شيقة وممتعة ومليئة بالتحديات والإنجازات معًا من أجل مد جسور ثقافية بين الشعب التايواني والشعوب العربية.
إلا أنها بوصفها مسلمة عربية مهاجرة إلى تايوان ومقيمة فيها؛ استشعرت كذلك مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقها في تعريف الشعب التايواني على الثقافة العربية والإسلامية، وهو ما دفعها إلى التطوع في برامج تبادل ثقافي تنظمها مدارس تايوانية.
حول دورها الإعلامي في مد جسور ثقافية بين الشعب التايواني والشعوب العربية، كان لـ”مسلمون حول العالم” هذا الحوار الخاص.
ـ في بداية حوارنا نرجو التكرم بتعريف أنفسكم للقرّاء.
اسمي ميسم دولة، ورحلتي مليئة بالسعي نحو الاستقرار والاعتماد على الذات، بدأت عندما كنت في الثامنة عشرة. نشأت في سوريا، وفيما بعد انتقلت إلى تركيا لاستكمال دراستي الجامعية، وتزوجت من تايواني مسلم.
حاليًّا أقيم مع عائلتي في تايوان، وأكمل دراستي لنيل درجة الماجستير في إدارة الأعمال في جامعة تايوانية في العاصمة تايبيه.
من الناحية المهنية، أعمل مسؤولة ومحررة في راديو تايوان الدولي في قسم اللغة العربية.
أقوم أيضًا بتدريس دروس اللغة العربية في معهد جامعة جينغ جي الوطنية، وأدير حسابات عائلتي (عائلة تشانغ) على مواقع التواصل الاجتماعي لتعريف الناس على حياة تايوان وآسيا بشكل عام.
كما أساعد في إدارة مجموعة الجالية العربية في تايوان على فيسبوك، ودائرة النساء المسلمات في تايبيه؛ حيث أحاول الرد على استفسارات العرب والمسلمين الذين يهتمون بتايوان والذين يعيشون هنا.
كيف بدأتم بالتفكير في المشاركة المجتمعية؟
بدأت رحلة مشاركتي المجتمعية نتيجة للحاجة إلى تعزيز التواصل وتقديم المعلومات حول تايوان باللغة العربية، حيث كان هناك نقص في المصادر المخصصة للعرب في هذا البلد.
انطلقت هذه الفكرة بمبادرة شخصية لتعبئة الفراغ وتقديم خدمة مفيدة للمجتمع العربي والإسلامي في تايوان.
ـ ما هي الأدوار التي قمتم بها خلال مسيرتكم في المشاركة المجتمعية، وفي أي مجالات كانت؟
لقد تمثلت أدواري في المجتمع المحلي في مجموعة من المهام المتنوعة، على سبيل المثال:
ـ الأنشطة والفعاليات العربية والإسلامية في تايوان:
قمت بالمشاركة في الأنشطة والفعاليات العربية والإسلامية في تايوان، مثل: المسيرات التضامنية مع الإخوة في فلسطين، والمساعدة في فعالية يوم اللغة العربية في تايبيه. من خلال هذه المشاركة، سعيت لرفع مستوى الوعي بقضايا الشرق الأوسط، وأهمية اللغة العربية، وتعزيز التفاهم بين المجتمع التايواني والعربي.
ـ النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي:
أ- في مجال التواصل الاجتماعي، أحاول إدارة حسابات عائلتي “عائلة تشانغ” على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف نقل معلومات وواقع الحياة في تايوان وآسيا بشكل عام.
ب- كما أساعد في إدارة مجموعة “العرب في تايوان”، وأحاول الإجابة على استفسارات العرب الراغبين في التعرف على تايوان والمقيمين هنا.
ـ لديكم تجربة إعلامية رائدة ضمن راديو تايوان الدولي، نودّ إلقاء الضوء عليها وتعريف جمهورنا بها.
في راديو تايوان الدولي، أحاول تسليط الضوء على تايوان أمام العالم العربي من خلال المقابلات والحوارات، وتوطيد الروابط الثقافية بين تايوان والشعوب العربية وتوضيح الحياة في تايوان، وتجارب المسلمين، وكذلك إبراز إنجازات العرب هنا.
لهذا السبب، أقوم بإجراء حوارات، مثلًا: أحدها كان مع رئيس مسجد تايبيه الكبير والسفير التايواني السابق في تركيا، وذلك لتقديم رؤًى حول الإسلام والمسلمين في تايوان.
كما قمت بإطلاق ثلاث سلاسل من المقالات عبر راديو تايوان الدولي، هي:
ـ السلسلة الأولى، بعنوان: “أحب اللغة العربية وثقافتها”، وتتيح للتايوانيين الذين يهتمون بالثقافة العربية ولأولئك الذين لديهم تجارب مع العرب التفاعل ومشاركة تجاربهم عبر صفحتنا.
ـ أما السلسلة الثانية، فهى بعنوان: “عرب في تايوان”، فتُخصَّص مقالاتها لإبراز إنجازات العرب في تايوان بفخر.
ـ بينما السلسلة الثالثة والأخيرة من المقالات، كانت بعنوان: “تايوان بعيون عربية”؛ حيث أقوم من خلالها بتسليط الضوء على تجارب العرب بشكل عام في التعامل مع التايوانيين وفي حياتهم في تايوان. ونبدي استعدادنا دائمًا لاستقبال تجارب العرب الذين يرغبون في مشاركتها عبر صفحتنا.
ـ ماذا كانت أهم أولوياتكم في العمل المجتمعي؟
تتجاوز أولوياتي في العمل المجتمعي العرب والمسلمين في تايوان. صحيح أنني أشارك في نقل المعلومات حول تايوان للعالم العربي، ولكنني في الوقت نفسه أحاول توعية التايوانيين حول ثقافة العرب والإسلام.
فقد حرصت على المشاركات التطوعية في مدارس تايوانية في برامج خاصة بتبادل الثقافات، وعلى سبيل المثال:
في عام 2018، عملت كمتطوعة في إحدى مدارس مدينة تايجونغ في وسط تايوان، حيث قدمت دروسًا عن ثقافتنا العربية والإسلامية لمدة شهر، وحظيت بترحيب من قِبل المعلمين والطلاب على حدٍّ سواء.
كما قمت بزيارة إحدى المدارس الثانوية التي تنتمي إلى السكان الأصليين في قمم أحد جبال تايوان. كانت تجربة جميلة وغريبة في الوقت نفسه؛ فلم يلتقِ سكان تلك المنطقة مع فتاة مسلمة من قبل، وكنت سعيدة جدًّا بتقديم نفسي وثقافتي بشكل أكبر.
هذه المشاركات ونتائجها الإيجابية من قِبل التايوانيين، كانت سببًا في دعوتي لاحقًا من قِبل بعض الجهات والمنظمات في تايوان لإلقاء محاضرات حول ثقافتي العربية للتايوانيين.
ـ ما أبرز التحديات التي واجهتكم في أثناء مسيرتكم في العمل المجتمعي؟
كانت أبرز التحديات التي واجهتها ومازلت أواجهها تحدِّيَين رئيسيَّين:
ـ الأول: يتمثل في كوني أمًّا وامرأة عاملة وطالبة في الوقت نفسه؛ فكَوني أمًّا لا يسمح لي بالمشاركة الواسعة في المجتمع والفعاليات بشكل كبير، ورغم ذلك فإنني أحاول تعويض هذا الغياب من خلال المشاركة النشطة على وسائل التواصل الاجتماعي.
التحدي الثاني: يتمثل في الجهل بالإسلام في تايوان؛ فخلال محاولتي التعريف أكثر بالثقافة الإسلامية، أجد أن العديد من الأشخاص في تايوان لا يعرفون ما الإسلام ويستغربون ارتدائي الحجاب.
على سبيل المثال، وخلال تطوعي في إحدى المدارس في تايوان: قالت لي إحدى الطالبات: “يا آنسة، لماذا ترتدين هذا الشيء على رأسك؟ هل أنتِ مريضة؟ هل سقط شعرك بأكمله؟” في هذه اللحظة شعرت بحجم المسؤولية التي وقعت على عاتقي لنقل الثقافة الإسلامية وتعريفهم بها بشكل أكبر.
ـ على المستوى الشخصي، ماذا عن الإنجازات والنجاحات التي حققتموها؟
على الصعيد الشخصي، يُعتبر تحقيق التوازن بين العمل والدراسة والمسؤوليات العائلية، من أكبر إنجازاتي؛ حيث إنني حاليًّا أُكمِل دراستي للحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال في إحدى الجامعات التايوانية بالعاصمة تايبيه.
بالإضافة إلى ذلك، توليت مسؤولية فريق اللغة العربية في راديو تايوان الدولي الذي يتكون منّي ومن عدد من الشباب التايوانيين الذين يجيدون اللغة العربية.
وعلى الرغم من صعوبة هذا التحدي والضرورة الملحة للبقاء مستيقظة لفترات طويلة، فإنني أشعر بالفخر الشديد لتحقيق هذا التوازن بنجاح، بالإضافة إلى تحسين قدراتي اللغوية؛ حيث أصبحت أجيد التحدث بالإنجليزية والتركية بالإضافة إلى لغتي العربية. وفي سعيي لتحقيق تواصل أعمق مع المجتمع التايواني، أعمل أيضًا على تحسين مهاراتي في اللغة الصينية.
كل هذه الجهود تهدف إلى نقل ثقافتي العربية والإسلامية وتفاعل أعمق مع المجتمع التايواني، وذلك ضمن إطار عملي كمسؤولة عن قسم اللغة العربية في راديو تايوان الدولي.
ـ بناءً على خبراتكم العملية السابقة، ما أبرز توصياتكم المستقبلية التي تنصحون بها الناشطات المسلمات حول العالم للأخذ بها لتحقيق أداء أفضل في دورهن المجتمعي؟
أقترح أمرين: أحدهما في فضاء الإنترنت، والآخر على أرض الواقع، وأعتقد بأنهما يكملان بعضهما بعضًا، هما:
ـ تبنّي منصات عبر الإنترنت لربط النساء المسلمات وتعزيز الوعي بثقافتهن والمشاركة في الأنشطة المجتمعية؛ إذْ يمكن أن يلعب الإعلام عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في بناء الجسور وتصحيح التصورات الخطأ.
ـ هذا بجانب المشاركة الفعّالة مع المجتمعات المحلية والمؤسسات العلمية المحلية كالمدارس من قِبل الناشطات المسلمات؛ فهي تساعد في تحطيم الصور النمطية وتعزيز التفاهم المتبادل.
ـ روابط ذات صلة:
“راديو تايوان الدولي”.. نافذة إعلامية بالعربية على تايوان ومسلميها
راديو تايوان الدولي سيطلق أول برنامج شهري حول تايوان باللغة العربية
ماذا تعرف عن الإسلام والمسلمين في تايوان؟ (ملخص حلقة إذاعية)
صفحة “تايوان” على موقع “مسلمون حول العالم”: ( اضغط هـنـا ).
صفحة: (Rti – راديو تايوان الدولي) بالعربي على فيسبوك: ( اضغط هـنـا ).