مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

مقابلة رمضان.. أبرز عادات مسلمي ألبانيا في إحياء رمضان نهارًا

يتوافد المسلمون الألبان يوميًا للاستماع إلى تلاوة جزء من القرآن الكريم من الأئمة، طمعًا في ختم المصحف سماعًا.

مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح

في شهر رمضان المبارك، تحافظ المساجد في ألبانيا على تقليد ديني متجذر يُعرف باسم مقابلة رمضان، حيث يتوافد المسلمون الألبان يوميًا للاستماع إلى تلاوة جزء من القرآن الكريم من الأئمة، طمعًا في ختم المصحف سماعًا.

تعود هذه العادة إلى قرون مضت، ليس فقط في ألبانيا، بل تمتد أيضًا إلى دول البلقان المجاورة، مثل البوسنة، حيث تحظى بمكانة خاصة لدى المسلمين الذين لا يجيدون تلاوة القرآن الكريم باللغة العربية، فيحرصون على الاستماع إليه في أجواء إيمانية تعزز روحانية الشهر الكريم.

تحافظ المساجد الكبرى في ألبانيا على عادة مقابلة رمضان، حيث يُتلى يوميًا جزءٌ كاملٌ من القرآن الكريم، ما يتيح للمصلين فرصة ختم المصحف سماعًا خلال الشهر الفضيل. تُقام التلاوات إما قبل صلاة الظهر أو بعدها، وأحيانًا يُقسم الجزء بين جلستين، إحداهما قبل الظهر والأخرى بعد العصر، لتتيح الفرصة لعدد أكبر من المصلين للحضور.

ورغم أن هذه العادة شهدت تراجعًا بسبب الانشغالات الحياتية ووسائل الإعلام الرقمية، إلا أن المشيخة الإسلامية في ألبانيا حرصت على مواكبة العصر من خلال تسجيل التلاوات اليومية وبثها عبر القنوات الفضائية وصفحات التواصل الاجتماعي، ما سمح باستمرار هذا التقليد ولو افتراضيًا.

جامع تيرانا الكبير

زار موقع “مسلمون حول العالم”، بعض المساجد التي لا تزال تحافظ على هذه العادة الرمضانية، وكان من أبرزها جامع تيرانا الكبير (مسجد نامازجه)، أحدث مساجد العاصمة الألبانية، والأكبر في البلقان، والذي افتُتح في أكتوبر 2024 بتصميم عثماني حديث. في هذا المسجد، يجتمع ثلاثة أئمة يوميًا بعد صلاة الظهر لتلاوة جزء من القرآن الكريم، بينما يجلس المصلون في خشوع، مستندين إلى جدران المسجد، يصغون لتلاوة الآيات بصوت شجي يملأ المكان بالسكينة.

الشيخ جازمينت تيشى، إمام وخطيب المسجد الكبير، ومفتي العاصمة تيرانا، قال في تصريحات خاصة لموقع “مسلمون حول العالم”، بأن المشيخة تحرص على مساعدة المصلين بختمة تلاوة قرآنية عبر السماع والإنصات للأئمة في المسجد، كما تحرص على تسجيل تلاوات قرآنية وبثها على الإنترنت لمن لا يستطيع حضور مقابلة رمضان لظروف عمله وانشغاله، كي يسمعها في بيته في الوقت المتاح له.

بينما أشار الحاج عبد الرحمن شيهو (82 عامًا)، أحد رواد المسجد ومن المحافظين يوميًا على حضور مقابلة رمضان، إلى أنه يستطيع تلاوة القرآن بمفرده في بيته، لكنه يحرص على الحضور للمسجد والاستماع للقرآن رغبة في تحصيل ثواب أكبر، خاصة في شهر رمضان.

جامع أدهم بك الأثري

أما في جامع أدهم بك الأثري، أقدم مساجد العاصمة وأحد الشواهد القليلة التي نجت من الحقبة الشيوعية، فالتقليد مستمر بوتيرة خاصة. هناك، يتولى الإمام الشاب الحافظ أنس هيكا تلاوة عشر صفحات من الجزء اليومي قبل صلاة الظهر، ويكمل مؤذن المسجد عثمان قابيلي العشر صفحات الأخرى بعد العصر، في مشهدٍ يعكس مدى تعلّق الألبان بالقرآن الكريم رغم تحديات العصر الحديث.

وقال في تصريحات خاصة لموقع “مسلمون حول العالم”، الشيخ الحافظ أنس هيكا، إمام وخطيب مسجد أدهم بك، إن انشغالات الناس في أعمالهم من جانب، وتوفر البث المباشر وغير المباشر للتلاوة القرآنية عبر الإنترنت، انعكس على عدد الحضور في مقابلة رمضان.

ورغم أن العادات والتقاليد تواجه تحديات معاصرة، مثل ضغط العمل وانتشار التلاوات القرآنية عبر الوسائل الرقمية، إلا أن هناك من يصرّ على الحضور إلى المساجد، حيث يجدون في الاستماع المباشر إلى القرآن في بيت الله طمأنينة خاصة، لا تعوّضها الشاشات ولا التسجيلات.

تبقى مقابلة رمضان في ألبانيا شاهدًا على صمود العادات الدينية رغم التحولات الزمنية، مؤكدة أن المساجد ستظل منارات للقرآن، تجمع القلوب وتضيء الأرواح بنور الذكر الحكيم.

التخطي إلى شريط الأدوات