تُعِدّ الأقلية المسلمة في جمهورية الجبل الأسود هذه الأيام لإعادة بناء مسجد “ماريناريفا” الذي يُعَدّ أقدم مساجد البلد الأوروبي.
وبالرغم من دعم السلطات للأقلية المسلمة في هذا المشروع، فإن المسلمين يخشون فشله جراء نقص التمويل واعتراض عدد من رجال الأعمال على إعادة بناء المسجد في هذه المنطقة السياسية الحيوية.
ويقول عمر كايوشاي مدير العلاقات الخارجية للمشيخة الإسلامية بالجبل الأسود لـ”إسلام أون لاين.نت”: “إن الاستعدادات جارية حاليًّا من قبل المشيخة لإعادة بناء مسجد ماريناريفا في مدينة أولشتين، وهو أقدم مساجد البلد”. ولا يعرف على وجه الدقة العام الذي بني فيه المسجد، إلا أن الدلائل التاريخية تفيد أنه شيد في القرن الرابع عشر الميلادي.
تعزيز التواجد الإسلامي
“وتأتي إعادة بناء المسجد ضمن جهود حثيثة من المشيخة لتعزيز التواجد الإسلامي على الساحة المحلية عبر عدد من المشروعات على رأسها مسجد ماريناريفا، وبناء مسجد آخر بوسط المدينة، إضافة إلى بناء أول مدرسة ثانوية للمسلمين في ضواحي العاصمة بودجوريتسا”، كما يوضح كايوشاي.
ويضيف أن المسجد هدم بقرار من السلطات في عام 1931 ضمن توجه حينها لطمس الهوية الإسلامية لمنطقة البلقان، ومن المقرر إعادة بنائه على الطراز المعماري الذي كان عليه، وفي نفس موقعه القديم المطل مباشرة على شاطئ البحر الأدرياتيكي الذي يتميز بالفنادق الشاهقة والمنتزهات السياحية، مما يوضح للسياح الهوية الإسلامية للمدينة.
ولا تقتصر جهود إعادة البناء على الأقلية المسلمة، حيث تتعاون معهم السلطات التي كلفت بعض الجهات بالمشاركة في عمليات الحفر التي أسفرت عن الكشف عن أساس المسجد في عام 2003.
وتتميز علاقات السلطات مع المسلمين بالتسامح كما يؤكد كايوشاي؛ إذ إنه “لم يكن لدى المشيخة أي مستندات رسمية متعلقة بالمسجد، فسهلت لنا السلطات استخراجها بعد أن أعادت لنا أرض المسجد وسمحت بإعادة بنائه”، مشيرًا إلى أن “الحكومة ذات توجه علماني؛ لذا لا تعوق أعمالنا”.
ويلفت إلى أن فيليب فويانوفيتش، رئيس الجبل الأسود، سيشارك في مؤتمر إسلامي إقليمي بالعاصمة مطلع مارس المقبل يحضره جميع رؤساء المشايخ الإسلامية في البلقان، وفيهم مفتي تركيا.
نقص التمويل
600 ألف يورو.. هي التكلفة المطلوبة لإعادة بناء المسجد، وهو ما يراه مدير العلاقات الخارجية بالمشيخة أكبر عقبة أمامهم.
ويعود ارتفاع التكاليف إلى أن “المشيخة اتفقت مع الدولة على إعادة بناء المسجد على طرازه القديم، وبنفس نوع الأحجار التي بني منها”، حسبما يشير كايوشاي.
ويشدد على أن: “المشيخة لا يمكنها تحمل تكلفة هذا المشروع الضخم في الوقت الذي تبني فيه مسجدا آخر بوسط المدينة يتسع لألف مُصِلّ في ظل عدم استيعاب المساجد الحالية لأعداد المصلين المتزايدة”.
ويحث كايوشاي الدول والمؤسسات الإسلامية على التبرع لاستكمال بناء المسجدين، مشيرًا إلى أن المشيخة فتحت حسابًا مصرفيًّا لجمع التبرعات.
اعتراض رجال الأعمال
نقص التمويل ليس العقبة الوحيدة؛ إذ يشير مدير العلاقات الخارجية بالمشيخة إلى عقبة أخرى تتمثل في اعتراض مجموعة من رجال الأعمال المحليين على بناء المسجد في مكانه.
ويوضح سبب الاعتراض بقوله: “كانوا (رجال الأعمال) يأملون بناء فندق مكانه، خاصة أن المنطقة سياحية وتجتذب الكثير من السياح، لكن السلطات تقف معنا حتى الآن”.
ويعرب كايوشاي عن مخاوفه من ظهور صعوبات مستقبلية في حال تأخر البدء في إعادة بناء المسجد، خاصة إذا تغيرت السلطات البلدية أو الحكومة الحالية التي تساندهم.
ويوجد في أولشتين 26 مسجدًا، 5 منها داخل المدينة والباقي في القرى التابعة لها، وأولشتين واحدة من أقدم المدن على الساحل الشرقي للبحر الأدرياتيكي؛ إذ يعود تاريخ إنشائها إلى القرن الخامس قبل الميلاد، وخضعت لحكم الأتراك في الفترة من (1571 – 1880)، ثم جرى ضمها إلى الجبل الأسود رسميًّا في عام 1913.
والجبل الأسود أحدث دولة أعلن قيامها في منطقة البلقان بعد انفصالها عن صربيا يوم 3-6-2006، وتبلغ مساحتها نحو 13 ألف كيلومتر مربع.
ويقدر عدد سكانها بـ650 ألف نسمة يشكل المسلمون حوالي 20% منهم، أي نحو 140 ألف نسمة.
و13% من المسلمين لهم أصول بوسنية، ويتمركزن في شمال شرق الجبل الأسود؛ أما النسبة المتبقية فمن أصول ألبانية، ويعيش معظمهم في الأقاليم الجنوبية على طول الحدود مع ألبانيا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إسلام أون لاين ـ 28 يناير2008 ـ هاني صلاح