إسلام أون لاين.نت ـ هاني صلاح**
عدم وجود جهة علمية برومانيا لتعليم العلوم الإسلامية بشكل منهجي ومنظم، مع تزايد أعداد الشباب الراغبة في تعلم تلك العلوم؛ كان الدافع وراء إطلاق ثلاثة من الدعاة بمؤسسات إسلامية محلية، لـ”مدرسة أون لاين” على شبكة الانترنت لتدريس هذه العلوم باللغة الرومانية.
مشروع “مدرسة أون لاين” الذي تم إنشاء صفحة خاصة به على الموقع الالكتروني لـ”جمعية المسلمين في رومانيا“؛ أطلق عليه شعار “كيف نتعلم الإسلام”..
وخلال حواره عبر الهاتف مع “إسلام أون لاين.نت”، أكد كريم أنجين، رئيس جمعية “المسلمين في رومانيا”، بأن: “هذه أول مدرسة أون لاين على شبكة الانترنت، تتيح لشباب رومانيا المسلم فرصة دراسة العلوم الإسلامية من بيته وبلغته المحلية، بأسلوب منظم، ووفق منهج موضوع على مدار عامين كامل“..
وأوضح أنجين، وهو أحد الأساتذة الثلاثة القائمين بالتدريس بهذه المدرسة، بأن ما دفعهم لاتخاذ هذه الخطوة، عاملين..
أولهما يتمثل في كون: “رومانيا تفتقد لمدرسة أو جامعة إسلامية تتيح الفرصة للشباب المسلم والمسلمين الجدد الآخذة أعدادهم في تزايد؛ دراسة العلوم الإسلامية الشرعية بشكل معمق ومنهجي”.
وكان من نتيجة ذلك أن: “لجأ كثير من هؤلاء الشباب إلى شبكة الانترنت بحثاً عن المواقع الإسلامية الأجنبية لتعلم تلك العلوم، الأمر الذي قد يعرضهم لمخاطر الأفكار المتشدد والمتطرفة التي تحتويها بعض المواقع، نظراً لأنهم ما يزالون في بداية تعرفهم على الإسلام”.
بينما الثاني يتصل بالحيز الجغرافي للأنشطة التعليمية: “دوراتنا التعليمية غالباً ما تكون منحصرة في مناطق جغرافية محددة، بينما إطلاق هذا المشروع التعليمي على شبكة الانترنت تتيح الفرصة لجميع الشباب في أنحاء رومانيا، بل وخارجها لتعلم الإسلام من خلال الصفحة الالكترونية للمدرسة” وفقاً لأنجين.
مرجعية علمية “بالرومانية”
من جهةٍ أخرى.. وفي سياق تأكيده على أهمية هذه الخطوة قال باري نردين، رئيس “جمعية الشباب المسلمين في رومانيا“، خلال حواره مع “إسلام أون لاين.نت”، بأنها: “توفر لشباب رومانيا مرجعية إسلامية علمية شرعية باللغة الرومانية، ووفق منهج إسلامي يلتزم بالوسيطة ، تنقذه من مخاطر البحث العشوائي على شبكة الانترنت لتعلم تلك العلوم”..
ومع إشارته إلى وجود مدرسة إسلامية واحدة تابعة لدار الافتاء في رومانيا، افتتحت قبل عدة سنوات، وفق اتفاقية موقعة بين الحكومتين التركية والرومانية، وتتضمن المراحل الدراسية قبل الجامعة، ويدرس المواد الدينية بها مدرسون أتراك، بينما المواد العلمية يدرسها مدرسون رومان، إلا أنه نردين أوضح بأن: “هذا المشروع يتكامل معها ولا يتعارض، لأنه يتيح الفرصة لكل من يرغب في تعلم علوم الإسلام.. من الرجال والنساء.. من كافة الأعمار.. ومن أي مكان.. وفي أي وقت يشاءون”.
وهو ما دفع بـ”انجين” إلى اعتباره: “المشروع الأكبر والأوسع دعوياً على الساحة الإسلامية برومانيا منذ سقوط النظام الشيوعي عام 1989م”.
ودلل على كلامه بأن منهج المدرسة: “يساهم في بناء الشخصية الإسلامية المتكاملة والتوازنة للشباب، حتى تستطيع أداء دورها الدعوي بشكل سليم تجاه البيئة التي تعيش بها”، ومؤكداً بأنه: “سيكون بمقدورهم القيام بدور الإمام في حال تغيبه أو عدم وجوده”، ومشيراً إلى أن هناك كثير من المناطق التي بها مسلمين برومانيا وتفتقد لوجود أئمة.
وهو الأمر الذي دفعهم للحرص على إضفاء صفة رسمية على هذه المدرسة، مشيراً إلى أنهم: “حصلنا على اعترافين بها من قبل المؤسسات الإسلامية”..
وأوضح بأنه: “من داخل رومانيا من قبل جمعية “الرابطة المسلمة في رومانيا” والتي تعد أكبر وأوسع المؤسسات الإسلامية المحلية برومانيا ولها فروع في عدد من المدن، كما نسعى للحصول على إعتراف من دار الافتاء بها”.
بينما من خارج رومانيا، لفت إلى أنهم: “وعدنا اتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا، باعتماد الشهادة التي سوف نصدرها للطلاب في نهاية الدراسة بعد تخرجهم”.
“مدرسة أون لاين”
ووفقاً لكل من “أنجين” و”نردين” الأستاذين بالمدرسة، فإن الدراسة بها تتم عبر صفحة خاصة تم إنشائها على الموقع الالكتروني لـ”جمعية المسلمين في رومانيا”.
ومدة الدراسة عامين، كل عام مقسم على ثلاثة فصول، مدة الفصل ثلاثة أشهر، ويدرس الطلاب خلاله ثلاث مواد، مع ثلاثة من الأساتذة المتخصصين والذين أنهوا دراستهم الشرعية الجامعية بالأردن.
ويتضمن منهج العام الأول 9 مواد، تغطي القرآن الكريم أحكام تلاوة وحفظ، بالاضافة إلى علوم القرآن والحديث، والسيرة النبوية، والفقه، والثقافة الإسلامية. ويعتمد المنهج بدرجة أساسية على المحاضرات الصوتية والتي تغطي نحو 60% من المنهج، بينما المحاضرات المكتوبة والمنشورة على موقع المدرسة تتضمن نحو 30% من المنهج.
وتم تخصيص نحو10% المتبقية من المنهج لأبحاث يتم توجيه الطلاب لكتابتها، ويتم التواصل معهم عبر الموقع الالكتروني، بالاضافة إلى مجموعة بريدية على الياهو تم إنشائها خصيصاً لتيسير التواصل مع الطلاب وتحقيق عنصر التفاعل معهم.
ومواعيد الدراسة ثلاث مرات أسبوعياً، أيام الاثنين والأربعاء والجمعة، وتبدأ في تمام الساعة التاسعة مساءاً بتوقيت رومانياً؛ لضمان انتهاء كافة الطلاب من أعمالهم وتواجدهم أمام الكمبيوتر.
وفي كل يوم يتم تدريس مادة واحدة فقط، حيث يقوم أحد الأساتذة بإلقاء محاضرة صوتية من لمدة ساعة واحدة، ثم يفتح الباب لتلقي أسئلة الطلاب والرد عليها.
وحرصاً على متابعة المنهج لمن حالت ظروفه دون التواجد في موعد المحاضرة؛ فإنه يتم تسجيل المحاضرات وتحميلها على الموقع ليسمعها الطلاب في أي وقت يشاءون.
ويدفع الطالب مصروفات رمزية مقابل الانتظام بهذه المدرسة مقدارها نحو 25 يورو في السنة، من باب اثبات جدية الطالب في الحضور والانتظام، كما يشترط نجاح الطالب في نهاية العام الأول للانتقال إلى العام الثاني.
ورداً على سؤال عن مدى إقبال الطلاب على التسجيل، أوضح نردين بأن: “هناك اقبال مبشر.. فقد كنا نستهدف البدء بفصل واحد فقط يضم نحو 20 طالب، بينما عدد الذين اشتركوا حتى الآن نحو 30 طالب أغلبهم من الفتيات”.
وألقى الضوء على فئة الطلاب موضحاً بأن: “2 منهم من المسلمين المحليين (التتار والأتراك)، بينما باقي الطلاب الـ28 من المسلمين الجدد (الرومان) الذين اعتنقوا الإسلام خلال السنوات العشر الأخيرة، “، مشيراً إلى أن من بينهم نحو 10 طلاب مقيمون خارج رومانيا، في كل من ابو ظبي وأسبانيا وايطاليا واليابان.
مسلمو رومانيا
وحول عدد مسلمي رومانيا، أوضح نردين بأنه: “لا توجد إحصائية دقيقة في هذا الشأن، مشيراً إلى أن التقديرات الرسمية تشير إلى أنهم ما بين 50 إلى 60 الفاً، بينما المصادر الإسلامية توصلهم إلى نحو 200 ألف نسمة”.
ولفت إلى أن التضارب في هذا الشأن راجع إلى: “عدم دخول تعداد المسلمين الجدد من الرومان الذي اعتنقوا الإسلام خلال العقدين الماضيين”.
بالاضافة إلى أن: “أفراد الجالية العربية والإسلامية خاصة التركية والباكستانية والذين قدموا لرومانيا منذ العهد الشيوعي ثم تحصلوا على الجنسية الرومانيا خلال فترة التسعينات من القرن الماضي، خارج هذه الاحصائية”.
وحول الخريطة الجغرافية لمسلمي رومانيا، أكد نردين بأن: “نحو 85% من مسلمي رومانيا المحليين والمنحدرين من أصول تترية وتركية يتمركزون في مقاطعة دوبروجا بجنوب شرق رومانيا، حيث توجد بهذه المنطقة نحو 80 مسجد، منها 6 مساجد داخل مدينة كونستانتا التابعة لها.
وتابع: “بينما حوالي 12% من المسلمين يتواجدون بالعاصمة بوخارست وما حولها ومدينة… ،ونسبة الـ3% المتبقية فمنتشرون بكافة أنحاء الرومانية”.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
**إسلام أون لاين ـ فبراير 2009م.