ـ مانشيتات الحوار..
ـ تعد صلاة الجمعة بمثابة مؤتمر أسبوعي يعقده المسلمون في منطقتهم.
ـ المدن التي بها مساجد وتقام فيها صلاة جمعة استطاع فيها المسلمون الحفاظ على دينهم.
ـ خطبة الجمعة في مسجدنا تُلقى باللغة البرتغالية المحلية، ثم باللغة العربية.
ـ التحدي الأكبر يتمثل في ترجمة النصوص الدينية إلى لغة الواقع الذي يعيشه الناس.
————————
في حوار خاص مع “مسلمون حول العالم” حول خطبة الجمعة ودورها المنشود
الشيخ محمد البقاعي؛ إمام وخطيب مسجد البرازيل في مدينة سان باولو، بالبرازيل:
التحدي الأكبر يتمثل في ترجمة النصوص الدينية إلى لغة الواقع الذي يعيشه الناس
مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح
“كانت صلاة الجمعة منذ فجر الإسلام وحتى أيامنا هذه من أهم المؤتمرات الأسبوعية التي يعقدها المسلمون في كل مكان في العالم وفي شتى بقاع الأرض، فالمدن التي فيها المساجد وتقام فيها صلاة الجمعة استطاع فيها المسلمون الحفاظ على دينهم وعلى أبنائهم”.
بهذه الكلمات، أكد الشيخ محمد البقاعي؛ إمام وخطيب مسجد البرازيل في مدينة سان باولو، بالبرازيل، في حوار خاص مع “مسلمون حول العالم”، أهمية دور “خطبة الجمعة” ودورها المنشود في الحفاظ على الهوية الإسلامية للمسلمين وعلى أبنائهم.
لكنه لفت إلى تحدّ يواجهه “مضمون خطبة الجمعة” يقف عائقًا أمامها كي تحقق هدفها الرئيس في الحفاظ على هوية المسلمين في البلد الجديد الذي سافروا إليه؛ “التحدي الأكبر يتمثل في ترجمة النصوص الدينية إلى لغة الواقع الذي يعيشه الناس، من خلال طرح حلول للمشاكل التي يعانون منها في مجتمعهم الجديد”.
وإلى الحوار..
رفع واقع
ـ يتشكل المسلمون في الدول غير المسلمة من شرائح وعرقيات متنوعة ومتعددة الثقافات واللغات والعادات. فكيف تُقيّمون واقع “الخطاب/ المحتوى” لخطبة الجمعة اليوم في البرازيل؛ في ظل هذا التنوع الشديد للمسلمين. هل ترون المحتوى الديني لخطبة الجمعة يركز على القضايا المحلية ذات الاهتمام المشترك لمجموع مسلمي البرازيل؟ وبأي لغة تُلقى الخطبة في ظل اختلاف اللغات؟
كانت صلاة الجمعة منذ فجر الإسلام وحتى أيامنا هذه من أهم المؤتمرات الأسبوعية التي يعقدها المسلمون في كل مكان في العالم وفي شتى بقاع الأرض، حيث تجد الكثيرين من المسلمين -رغم التقصير في كثير من أحكام الإسلام – حريصين على المحافظة عليها، وحضور خطبتها وصلاتها، وهذا لا شك من فضل الله على هذه الأمة، وهذا ينطبق على جميع بلاد المسلمين.
ولكن إذا تكلمنا عن أهميتها في البلاد ذات الأقليات المسلمة كالبلد الذي أعيش فيه (البرازيل) فلا شك أن إقامة صلاة الجمعة لها أثر مباشر في الحفاظ على الهوية الإسلامية للمسلمين في هذه البلاد، فالمدن التي فيها المساجد وتقام فيها صلاة الجمعة استطاع فيها المسلمون الحفاظ على دينهم وعلى أبنائهم من بعدهم، بخلاف المدن التي ليس فيها مساجد ولا تقام فيها الصلاة، فلم يبق لهم من الإسلام إلا مجرد الأسماء وذكريات الآباء والأجداد.
وأما بالنسبة لواقع الخطاب الديني، فأنا أعتقد أن التحدي الأكبر ليس في التعددية الثقافية والاختلاف في اللغات والعادات، التي هي – بلا شك – موجودة بشكل كبير وملحوظ في مساجدنا وجالياتنا؛ لأن الإسلام – وهو كما علِمْنا دينُ الفطرة التي فطر الله الناس عليها – هو بطبيعته يؤلِّف القلوب، ويوحِّد المشاعر، فالذي يجمع المسلمين على اختلاف ألسنتهم وألوانهم أكثر مما يفرقهم في عاداتهم وثقافاتهم.
ولكن من وجهة نظري، التحدي الأكبر هو في ترجمة النصوص الدينية، ولا أقصد هنا الترجمة اللغوية، فهي حاصلة، فخطبة الجمعة عندنا في المسجد تُلقى باللغة البرتغالية المحلية، ثم باللغة العربية، ولكن المهمة الأصعب هي في ترجمة أو تقريب لغة النصوص الدينية إلى لغة الواقع الذي يعيشه الناس؛ من خلال طرح حلول للمشاكل التي يعانون منها في مجتمعهم الجديد إن كانوا مهاجرين، أو في وطنهم إن كانوا من المسلمين المولودين فيه.
ولعل التركيز في الخطب على المواضيع الخاصة بالبلد الذي تقام فيه الخطبة أولى من طرح مواضيع لمشاكل تحدث خارج حدودها، أو الخوض في أحاديث بعيدة كل البعد عن واقع الناس وحياتهم.
مقترحات مستقبلية
ـ بلا شك تلعب خطبة الجمعة دورًا كبيرًا وهامًّا في توجيه المسلمين. من خلال خبرتكم والواقع الذي ترونه في دولتكم، ما هي مقترحاتكم للأئمة والدعاة للارتقاء بمستوى “مضمون” خطبة الجمعة حتى تحقق هدفها المنشود في توجيه المسلمين وفق مقاصد الإسلام التي يجتمع عليها الجميع؟
لا شك أن دور خطبة الجمعة في بلاد الأقليات المسلمة هو دور جوهري وأساسي في توجيه المسلمين، والحفاظ على دينهم وهويتهم.
وهذه مقترحات من وجهة نظري كفيلة بأن تحقق خطبة الجمعة الهدف المنشود:
ـ ينبغي ألَّا يغيب عن ذهن الخطيب عِظم هذه المسؤولية التي يتحملها، فالمنبر أمانة، والله تعالى أمر المسلمين بأداء الأمانة، فكيف إذا كانت هذه الأمانة هي أمانة العلم وتبليغ الدعوة، فقد أخذ الله الميثاق على الأنبياء ببيان ما جاءهم من العلم وعدم كتمانه، وهذا ينطبق على ورثتهم من بعدهم.
ـ ولا شك أن أعظم ما ينبغي أن يتصف به الخطيب هو الإخلاص لله تعالى، وهذا شرط للقبول عند الله، وسر للوصول إلى قلوب الناس.
ـ كما أن عامل اللغة في غاية الأهمية، فمن الضروري جدًّا أن تكون الخطبة باللغة المحلية التي يفهمها الجميع، أو على الأقل القيام بترجمتها لضمان وصول رسالة الجمعة إلى جميع الناس، وخاصة فئة الشباب الذين ولدوا مسلمين ولا يتكلمون اللغة العربية.
ـ ثم بعد ذلك لابد من التحضير الجيد واختيار المواضيع التي تهم حياة الناس وواقعهم.
ـ وأيضًا يجب تجنيب المنبر الخلافات السياسية والحزبية والمذهبية وكل ما من شأنه أن يفرق ولا يوحد، والتركيز على وحدة الأمة، فالخطيب الجيد هو كالطبيب الذي يحاول اكتشاف الأمراض ومعالجتها من خلال العلم والحكمة التي يؤتيها الله من يشاء.