برز مؤخراً بالعاصمة اليونانية أثينا مؤسسة واعدة لمستقبل الجالية العربية والمسلمة في اليونان. وقد استطاعت من خلال أنشطة ومشروعات متعددة ركزت على الجانب التعليمي والتربوي للشباب بشكل خاص تحقيق نجاحات متتالية لم تحققها مؤسسات أخرى؛ مما جعلها قبلة يلجأ إليها أبناء الجالية العربية للاستفادة والاستزادة بجانب شريحة شبابية من اليونايين من غير المسلمين نظراً لسياستها المنفتحة على المجتمع اليوناني بكافة شرائحه..
حول “منتدى التنمية” في أثينا.. كان لـ(المجتمع) هذا الحوار الخاص مع الناشط في مجالات الدعوة والإعلامي “شادي الأيوبي” مسئول المنتدى..
وإلى الحوار..
ـ في بداية حوارنا.. نود نبذة تعريفية بـ”منتدى التنمية” في اليونان.
تأسس منتدى التنمية نهايات عام 2015. وأردنا من خلال البدء بعمل مؤسساتي منفتح يختلف عن نموذج المسجد التقليدي الذي يستوعب الرجال وحدهم. أردنا أن نركز على الجيل الثاني والتربية مع الاهتمام قدر المستطاع بالعمل الخيري.
ـ ما أبرز المساحات التي تنشطون فيها؟
أبرز المساحات التي نعمل فيها هي التربية والتعليم ثم المجالان الاجتماعي والخيري. كما لا نغفل مسألة الترفيه بالنسبة للجيل الثاني والشباب، وهي مسألة مهمة جداً.
ـ نشاطكم.. هل يقتصر على العاصمة أثينا فقط، أم يتعدى لمناطق أخرى من اليونان؟
نشاطاتنا خارج أثينا محدودة وتقتصر على إرسال بعض المعونات لبعض مخيمات اللاجئين خارج العاصمة اليونانية.
ولدينا مشروع طامح بتعليم اللغة العربية عبر الشبكة العنكبوتية لأبناء الجالية العربية في مختلف المناطق اليونانية. وهذا مشروع نؤمل منه الكثير بإذن الله.
ـ برز مؤخراً “منتدى التنمية” في أثينا كمؤسسة واعدة لمستقبل الجالية العربية والمسلمة في اليونان.. وذلك من خلال أنشطة متعددة ومشروعات مختلفة.. فكيف تفسرونا هذا النجاح في هذه الفترة القصيرة منذ تأسيسه؟
بفضل الله أصبح المنتدى مؤسسة معروفة في العاصمة أثينا، رغم قدراتنا المحدودة. فقد اتبعنا سياسة الانفتاح على المجتمع والتعاون مع أي جهة ذات مصداقية، وإفادة كل من يرغب بالاستفادة.
وقد أصبحت لدى المنتدى عدة ” مدارس” تعليمية ثابتة مثل مدرسة يوم السبت ومدرسة يوم الأحد ومدارس أخرى تضم عشرات الأطفال من أبناء الجالية العربية وجاليات أخرى، ومن أبناء اللاجئين المقيمين في أثينا.
وأعتقد أن مسألة التركيز على الهدف – خاصة التعليمي التربوي – لها أهمية كبيرة في إنجاحه. فنحن أردنا أن يكون للمنتدى تميز في مجال التعليم، لا سيما اللغة العربية ومبادئ الدين الحنيف. وتقديرنا أننا نستطيع أن نتميز في هذا المجال لأن الجمعيات المدنية العاملة فيه تركز على اللغات الأوروبية والمهارات العامة.
كما أننا نعتمد على عنصري الشباب والنساء. وهما العنصران اللذان يمكن أن يغيرا أحوال الجالية العربية والمسلمة في اليونان.
ـ عانت الأقلية المسلمة باليونان على الدوام من التفرق وعدم التوحد.. فهل تطمحون بجعل منتدى التنمية مؤسسة جامعة يلتقي عليها مسلمي اليونان
الجالية المسلمة في اليونان عانت من الفرقة والتشتت ولا تزال. ولا شك أن توحيدها هدف عظيم يجب أن يعمل كل إنسان صادق لتحقيقه. ونحن نطمح أن نكون من بين العاملين لأجل هذا الهدف، لأننا على يقين أن مؤسسة واحدة لا تستطيع القيام به بمفردها. فالجالية كبيرة العدد ومتنوعة عرقياً وثقافياً.
ـ شهد شهر رمضان الأخير نشاطاً مكثفاً لكم يتم لأول مرة.. فهل من إطلالة على أبرز تلك الأنشطة، مع ضرب مثال لكل منها؟
مع دخول رمضان كرّس المنتدى نفسه كمؤسسة اجتماعية خيرية أقامت عدة إفطارات جماعية للاجئين المسلمين في اليونان.
كما جرت عدة إفطارات وديّة مع طلبة يونانيين مهتمين باللغة والحضارة العربيتين. ومعظم هؤلاء من العاملين في المجال الإغاثي ويتعاملون بشكل يومي مع لاجئين عرب ومسلمين. حيث كانت تجري نقاشات حول مفهوم الصيام والمعاملات في الاسلام.
كذلك قام المنتدى بتوزيع حصص غذائية وملابس وأحذية على اللاجئين، إضافة إلى توزيع زكاة الفطر على المحتاجين.
وقام المنتدى كذلك بمساعدة حالات خاصة، مثل حالات الوفيات والأرامل والأيتام بمبالغ مالية ومساعدات عينية، إضافة إلى زيارات لبعض الأسر المحتاجة وتقديم مساعدات لها.
وقام شباب المنتدى بتنظيم صلاة التراويح في مسجد النور في المدرسة الليبية خلال شهر رمضان المبارك.
إضافة إلى ما سبق قام شباب المنتدى بتنظيم صلاة العيد الجامعة في ساحة المدرسة الليبية، حيث تم توزيع الدعوات والمنشورات في المناطق التي يسكن فيها أبناء الجالية العربية والمسلمة، لدعوتهم الى الصلاة الجامعة.
وقد كانت الاستجابة كبيرة بفضل المولى سبحانه وتعالى. فقد توافد المئات من أبناء الجالية على الصلاة الجامعة، وتمّ التأكيد في خطبة صلاة العيد على أهمية العمل للحفاظ على الجيل الثاني والشباب.
وقد تبرعت سيدات من الجالية وجهات كريمة بتقديم الحلويات والشاي خلال الاحتفال، كما تبرع آخرون بتقديم ألعاب العيد وهدايا مختلفة للأطفال. وقد كانت الفرحة كبيرة جداً بين أبناء الجالية حيث أصبحت صلاة العيد حديث الجالية في أثينا.
وبفضل الله كرس المنتدى مفهوم عطلة العيد في التعامل مع المؤسسات اليونانية الشريكة في برامجنا التعليمة. فقد طلبنا من شركائنا في تلك البرامج توقف التعليم لمدة يومين احتراماً للعيد، وتمت الموافقة على الطلب. وهذا أمر قد يبدو بسيطاً لكنه مهم للغاية لأن البلد لا تعرف غير الأعياد الوطنية والأرثوذوكسية.
تحتضن اليونان كمحطة عبور كثير من اللاجئين المسلمين.. وكان لكم دور إيجابي متواصل إزائهم.. فهل من إطلالة على هذا الدور؟
تواصلنا مع الإخوة اللاجئين كان في البداية إغاثياً. فقد أسهمنا في العمل الإغاثي قدر المستطاع. وقمنا – ولا نزال نقوم – بتوزيع مواد غذائية وملابس وألعاب أطفال على مجموعات اللاجئين الذين نصل إليهم.
ثم تطور هذا الدور لنفتح أمام الأطفال اللاجئين المجال لتعلم اللغة العربية. وهكذا أصبح لدى المنتدى دروس تعليمية ثابتة يشترك فيها أبناء اللاجئين. ويتعلم الأطفال في تلك الدروس اللغة العربية والقرآن الكريم.
ونسعى إلى تأمين ما نستطيع من مصاحف وكتب مفيدة إلى الإخوة اللاجئين في المخيمات أو غيرها.
ـ لاحظنا فلسفة مميزة منفتحة في إدارة منتدى اليونان وفي تواصلكم مع كافة شرائح المجتمع اليوناني من المسلمين وغيرهم.. فهل من شرح لأسلوبكم الخاص في العمل المجتمعي باليونان؟
نحن لا نبخل بقاعات المنتدى وصالاته على أي جهة تريد إقامة نشاط مفيد. وهذا الأمر جعل أبناء الجالية الذين يريدون القيام بأنشطة تعليمية أو اجتماعية يلجؤون إلينا.
كما أننا نقيم تعاوناً مع مؤسسة يونانية معروفة. وهذا النشاط يقوم على تدريس اللغات ومبادئ الحاسوب الالكتروني. وهذا البرنامج واعد للغاية، حيث يدرس فيها مئات من الشباب والنساء، خاصة من اللاجئين، وإن كان لا يقتصر على اللاجئين.
ونحن نعمل بفضل الله على مد جسور مع المؤسسات التعليمية في العالم العربي، لا سيما في مجال اللغة العربية. وسوف نجري قريباً امتحانات للغة العربية للناطقين بغيرها بالتعاون مع جامعة معروفة في الأردن.
ـ وختاماُ.. ما هى كلمتكم الأخيرة عن منتدى اليونان باليونان.
يمكننا أن نقول إن المنتدى اليوم أصبح مؤسسة لا تهدأ طوال أيام الأسبوع. وقد استطاع – بفضل الله – جمع عدد كبير من المستفيدين من كبار وأطفال. ولا بد في الختام من شكر خاص لكل من يسهم معنا تطوعاً في هذا العمل لا سيما المدرسات المتطوعات والإخوة المتطوعين في كافة الأعمال. كما أننا نعتقد أننا لا نزال في بداية الطريق ونأمل أن يكبر هذا العمل كماً ونوعية حتى يكون في مستوى التحديات التي تواجهها جاليتنا في اليونان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أجرى الحوار: هاني صلاح ، ونشر بالعدد رقم ( 2121 ) لشهر يوليو 2018م، من مجلة المجتمع الكويتية.