مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

ناشطة ألبانية: استطاعت المرأة المسلمة تحقيق نتائج كبيرة بمقدونيا

حوار مع الأمين العام لجمعية "المؤسسة لتفعيل دور المرأة" في مقدونيا

أجرى الحوار/ هاني صلاح**

“استطاعت المرأة المسلمة تحقيق نتائج كبيرة في تفعيل دورها في المجتمع.. واليوم، النساء المسلمات لهن حضور وتواجد في مختلف مجالات الحياة وعلى كافة المستويات”..

بهذه الكلمات، أكدت سبيلة شريفي، الأمين العام لجمعية “المؤسسة لتفعيل دور المرأة” في مقدونيا في حوار خاص، على أن جهود المرأة المسلمة قد أثمرت عن حضورها وتمثيلها في مختلف مجالات العمل المجتمعي في مقدونيا.

المرأة المسلمة استطاعت في مقدونيا تحقيق نتائج كبيرة في تفعيل دورها في المجتمع

إلا أنها أشارت في ذات الوقت إلى أنه: “مازالت هناك العديد من حالات وصور التمييز والتهميش استهدفت بشكل خاص النساء المسلمات، ومن بينها حالات اجتماعية اتسمت بالتحييز ضد النساء”.

ولم تقف النشاطات المسلمات عاجزات أمام هذا التهميش والتمييز بحقهن؛ فقد “تم مواجهة هذه الحالات بالإبلاغ عنها، وتم تفعيل مبادرات لحلها من قبل مؤسسة محامي الشعب، ومن قبل المؤسسات النسائية غير حكومية، وفي كثير من الحالات تحققت العدالة وتم إرجاع الحق للمرأة المسلمة”.

وإلى الحوار..

– نرجو تعريف أنفسكم للقراء.. تعريف إنساني اجتماعي مهني؟

– سبيلة شريفي، ولدت عام 1973، بمدينة “أسكوبيا”، عاصمة جمهورية مقدونيا. وأنهيت دراستي الثانوية بمدرسة “عيسى بك” الإسلامية في أسكوبيا، ثم درست علم الاجتماع في كلية الفلسفة في جامعة تتوفا.

حالياً أنا الأمين العام لجمعية “المؤسسة لتفعيل دور المرأة”، التي تأسست في عام 2011م، ومقرها في العاصمة “أسكوبيا”، وكنت إحدى المؤسسين لها.

من قبل ترأست قسم المرأة في جمعية “منتدى الشباب الإسلامي”، وذلك على مدار أربع سنوات خلال الفترة (2007-2010).

كما أنني عضو في مركز التفاهم والتعاون المؤسسي. وكذلك عضو بقسم المرأة في اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا.

– قبل الحديث عن واقع المشاركة المجتمعية للمسلمات الناشطات في مقدونيا؛ نود التطرق للواقع المحيط من خلال إلقاء الضوء على واقع المرأة بشكل عام سواء المسلمة أو غيرها فيما يتعلق بالمشاركة المجتمعية والتحديات التي تواجهها؟

– دور المرأة في مقدونيا وحتى لسنوات قليلة ماضية كان مهمشاً، ويمكن القول: إن تمثيلها في الحياة المجتمعية كان خافتاً وفي أدنى مستوى له.

في بدايات المرحلة الجديدة التي عاشتها مقدونيا بعد انتهاء حقبة الشيوعية في تسعينيات القرن الماضي، تصاعدت مطالبات النساء بضرورة إشراكهن في الحياة المجتمعية؛ فحدثت طفرة كبيرة لدور المرأة في المجتمع.

وقد شهدت الـ17 سنة ماضية، حراكاً كبيراً للمؤسسات النسائية بهدف تحفيز المرأة أن يكون لها دوراً أكثر نشاطاً في المجتمع. وبالفعل أتيحت الفرصة للنساء للمشاركة في مختلف المجالات الحياتية وعلى كافة المستويات.

وفي هذا الصدد، استطاعت الناشطات المسلمات تخطي كثير من العقبات القانونية والاجتماعية وعقبات أخرى تتعلق بالتقاليد وتحقيق نجاح ملحوظ للمشاركة في المقام الأول في الأنشطة الدينية، ثم في مجالات التربية والتعليم. وشهدت هذه الفترة ازدياد كبير في الأنشطة النسائية الإسلامية من حيث الكمية والنوعية.

ويمكن النظر لمدى اندماج المرأة في الحياة الاجتماعية وتقييم دورها في المجتمع من خلال البرامج والمشروعات التي تؤسس وتدار من قبل النساء أنفسهن؛ ليس فقط في المجالات الدينية، وإنما في المجالات الأخرى كذلك كالثقافية والإنسانية والعلمية وغيرها.

– وماذا عن المشاركة المجتمعية للمرأة المسلمة في المجتمع.. وما هو تقييكم لهذه المشاركة؟

– إذا استعرضنا تطور دور المرأة المسلمة في المجتمع خلال الفترة الماضية منذ التحولات التي طرأت على جمهورية مقدونيا؛ سنجد أن المرأة المسلمة استطاعت تحقيق نتائج كبيرة في تفعيل دورها في المجتمع، بالرغم من أنه مازال هناك الكثير أيضاً يتعين القيام به في هذا المجال.

اليوم، النساء المسلمات لهن حضور وتواجد في منظمات المجتمع المدني وفي وسائل الإعلام. ونعني بالنساء المسلمات اللاتي لهن توجه إسلامي في الفكر والتطبيق ويراعين قواعد الإسلام في الزي الإسلامي وغيره.

ولكن.. وبرغم ذلك، بقيت هناك العديد من حالات وصور التمييز والتهميش استهدفت بشكل خاص النساء المسلمات، بالإضافة لحالات اجتماعية اتسمت بالتحييز ضد النساء. وتم مواجهة هذه الحالات بالإبلاغ عنها وتم تفعيل مبادرات لحلها من قبل مؤسسة محامي الشعب، ومن قبل المؤسسات النسائية غير حكومية، وفي كثير من الحالات تحققت العدالة وتم إرجاع الحق للمرأة المسلمة.

– كيف بدأتم التفكير في المشاركة المجتمعية، وما الأدوار التي قمتم بها؟ وفي أي مجالات؟ هل من توضيح لتجربتكم الخاصة في العمل المجتمعي في دولتكم؟

– كان ذلك في بدايات التسعينيات من القرن الماضي؛ بعد انتهاء الحقبة الشيوعية، وتأسيس أول منظمة إسلامية من قبل الناشطين الشباب المتحمسين لإحياء الحياة الإسلامية من جديد بمقدونيا.

في هذه الفترة بدأنا الأنشطة الإسلامية مع عدد قليل من الأخوات المسلمات ولكن بإرادة عظيمة ورغبة عالية في العمل والنشاط بهدف النهوض بالمرأة المسلمة وتحسين دورها في المجتمع خاصةً بين الأجيال الشابة.

وبدأنا بتنظيم ندوات في جميع المدن المقدونية، وبإلقاء محاضرات في مختلف المدارس بمراحلها الابتدائية وحتى الثانوية، كما عقدنا لقاءات مع الشرائح المثقفة بهدف إدارة نقاش حول الإسلام ودوره في الحياة وتنمية المجتمع. وكان هدفنا هو رفع المستوى الديني للمرأة المسلمة الألبانية في مقدونيا.

تركزت جهودنا عبر مؤسسة “منتدى الشباب الإسلامي”، على تحسين وتعزيز دور المرأة المسلمة في المجتمع من خلال تنظيم أو المشاركة في كثير من الأنشطة واللقاءات التي تتعلق بقضايا المرأة في مختلف المجالات.

ما يمكننا تسليط الضوء عليه في هذا السياق، هو تركيزنا الدائم على الصغار والطلاب، وهم اليوم متواجدون بأعداد كبيرة في مختلف المؤسسات وتشارك وتواصل دورها في الإسهام بنهوض هذا المجتمع.

اليوم.. أضحت أنشطة المرأة أوسع نطاقاً وتشمل مجالات كثيرة؛ لذا طرحت مبادرة تستهدف إنشاء منظمة نسائية قبل ست سنوات فقط، وهكذا، تم إنشاء منظمة “المؤسسة لتفعيل دور المرأة”، بهدف زيادة تعزيز دور المرأة المسلمة في المجتمع، والدفاع عن حقوقها وحماية الأسرة من الانحرافات الاجتماعية، وغير ذلك من القضايا المتعلق سواء بالمرأة أو الأسرة المسلمة.

وعلى مدار هذه السنوات الـ6، قمنا بعدد معقول من الأنشطة والمشاريع، كما وثقنا من تعاوننا مع مختلف المؤسسات الحكومية والمدنية والإعلامية والمثقفين والشخصيات العامة وذلك في مختلف المشاريع الاجتماعية، وعلى سبيل المثال مشروع: مواجهة “العنف المنزلي”، وكذلك تنظيم المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية والبرامج التعليمية وإلى غير ذلك من الأنشطة الاجتماعية والثقافية وغيرها.

مع تواصل هذه المشاريع، تم تدريب النساء المسلمات على مهارات للعمل مع الطبقات الاجتماعية المختلفة، كما تم إثراء معرفتهم في المجالات المتعددة سواء الدينية أو العلمية أو الاجتماعية، واكتسبن مهارات جديدة ساهمت جميعها في ظهور قيادات نسائية شابة نشطة في العمل المجتمعي في مختلف ميادين الحياة.

وفي تطور جديد لتنسيق الجهود بين الناشطات المسلمات على المستوى الإقليمي في منطقتنا بالبلقان، نظمنا العام الماضي المؤتمر الأول للمرأة المسلمة في البلقان في العاصمة المقدونية أسكوبيا، وتطرقت أوراق ومداولات المؤتمر عن التحديات التي تواجه إدماج المرأة وتعوق من مشاركتها في مختلف المجالات الاجتماعية وذلك عبر خبراء من مختلف المجالات ومن مختلف دول البلقان.

– هل يمكنكم إلقاء الضوء على الإنجازات والنجاحات التي تحققت بلغة الأرقام والتحليل وضرب أمثلة عملية؟

– وبعد سقوط النظام الشيوعي السابق، أنشئت في المناطق الألبانية في مقدونيا منظمات مدنية غير حكومية وكان لها توجه إسلامي، وكان لها تأثير كبير في تفعيل دور النساء المسلمات في المجتمع سواء في الأنشطة الدينية، أو الأنشطة الأخرى كالاجتماعية والإنسانية والثقافية، وهو ما أثمر عن زيادة مستوى المعرفة الدينية للمرأة المسلمة وتمكينها من العمل في مجال الدعوة الإسلامية، وكذلك في مجالات أخرى متعددة أمكنها أن تسهم فيها.

ومن بين المنظمات التي كان لديها دوراً أكثر أهمية منظمة “المؤسسة لتفعيل دور المرأة”، التي تأسست في عام 2011 ومقرها في سكوبي، فقد أثرت عبر أنشطتها المتنوعة في رفع مستوى وعي النساء المسلمات، أكثر من أي وقت مضى، كمات لعبت دوراً مؤثراً في تفعيل مشاركة النساء المجتمعية بشكل فعال وحاضر على أرض الواقع.

كما كان لمؤسساتنا دور في التأكيد على ضرورة افتتاح كلية العلوم الإسلامية، ومدرسة البنات في مقدونيا، حيث يدرس بهما عدد كبير من النساء، مما أثمر عن زيادة ملحوظة في مستوى أنشطة المرأة المسلمة في المجتمع.

كما أن الطالبات من خريجات هذه المؤسسات التعليمية والذين تتاح لهم فرصة العمل كمعلمين أو مربين في روضات الأطفال ويؤدون أعمالهم بأخلاقيات الإسلام مما يساهم في ترسيخ الدور النسائي في المجتمع بشكل إيجابي.

إضافةً لم سبق، فقد تمكنت كثير من النساء المسلمات من اختراق المؤسسات والعمل بها والتي لم يكن لها تواجد مسبق فيها، وسمح لها بالعمل بالزي الإسلامي، كما سمح لها التصوير االحجاب في وثائق الهوية في عام 2007، عندما تم تعديل القانون مبادرة بعض النساء الناشطات وتمت الموافقة من قبل وزير الشؤون الداخلية.

– ما أبرز العقبات والتحديات التي واجهتكم أثناء دوركم المجتمعي؟ وكيف تغلبتم على بعضها، وما العقبات التي لم تستطيعوا التغلب عليها، وأسباب ذلك؟

– ومما لا شك فيه أننا واجهنا خلال هذه المسيرة العديد من التحديات التي تتغير من فترة إلى أخرى ومن بينها يمكننا أن نميز التأثير السلبي للتقاليد المتوارثة على النهوض بمركز المرأة في المجتمع، ثم انعدام الثقة بالنفس لدى بعض النساء الناشطات في المجتمع، كذلك بعض الصور النمطية التي تتسم بالتحيز ضد النساء المسلمات، وغير ذلك من التحديات والعقبات والتي استطاعت المسلمات التغلب على كثير منها عبر الاستمرار في الأنشطة والسعي المتواصل للتغلب على العقبات تعوقهن.

لكن ما زال هناك تحدي كبير يواجه المرأة المسلمة يتمثل في التمييز المؤسسي والسياسي القائم بالفعل على أرض الواقع ضد المرأة المسلمة. وكذلك ما زالت مكانة المرأة هي الأدنى في الأسرة وفي المجتمع، ومازالت الأنماط الثقافية المختلفة والصورة السلبية عنها تنتشر في وسائل الإعلام.

وكل هذه التحديات تحجم من دور المرأة المسلمة في المجتمع وتعوق حضورها بشكل أكثر نشاطاً في الحياة الاجتماعية.

– بناءً على خبراتكم العملية السابقة؛ ما أبرز توصياتكم المستقبلية التي تنصحون بها الناشطات المسلمات والمؤسسات المعنية بالأخذ بها والاهتمام بها لتحقيق أداء أفضل لدور المرأة المسلمة المجتمعي في دولتكم؟

– التجربة هي أفضل درس، واستناداً إلى الخبرات السابقة والاستنتاجات التي وضعناها في جلسات تقييم أنشطتنا ومشروعاتنا، فإن أهم توصية نقدمها للنساء وللمؤسسات النسائية والمعنية بتطوير دور المرأة هو أهمية بناء الثقة بالنفس لدى المرأة المسلمة في إمكانية قيامها بدورها المحوري والمؤثر في مجتمعها بشكل إيجابي وناجح. ومن المهم ممارسة حقوقهن في العمل والمشاركة كي يصبحن جزءاً من الحركة اليومية للمجتمع وتطوره مع مراعاة الطبيعة الأنثوية والسمات التي خص بها المرأة في التعامل والمشاركة حفاظا عليها.

كما ينبغي لنا أيضاً أن نعزز القدرات داخل المنظمات النسائية، وأن نكون أكثر كفاءة في العمل الذي ننجزه وأن نستعد لمواجهة التحديات المستقبلية بكل كفاءة وإصرار وعزيمة. كما لابد أن نحدد معا المشاكل التي تواجهها المرأة المسلمة وندرس كيفية التغلب عليها بسهولة وسرعة أكبر مما يعزز من هذا الدور ويرفع أرصدته من النجاح.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

**المجتمع ـ 25 أكتوبر 2017

 

التخطي إلى شريط الأدوات