
عضو مجلس إدارة الجالية المسلمة بمدينة غيفو باليابان
الیابان لا تزال بيئة خصبة ومثالیة لانتشار الإسلام
المجتمع ـ خاص ـ أدار الحوار/ هاني صلاح **
أكد د. وليد أبوالوفا، ـ عضو مجلس إدارة الجالية المسلمة بمدينة غيفو باليابان، على أن: اليابان”لا تزال تعتبر بيئة خصبة ومثالیة لانتشار الإسلام ولتكوین مجتمع إسلامي قوى”، وذلك على الرغم من ثمة عقبات وتحديات تواجه المسلمين هناك وبعضها يتعلق بالمجتمع المسلم في اليابان نفسه، وتحديات أخرى ترجع لطبيعة الشعب الياباني المنغلقة على نفسها.
وأرجع د. أبو الوفا، تفاؤله بمستقبل الدعوة الإسلامية في اليابان للاعتبارات الآتية:
1- حریة الدعوة لنشر واعتناق الأدیان مكفولة طالما أنھا لم تتم بعنف أو إكراه ولم تؤدى إلى كراھیة أو تعصب.
2- اشتراك الثقافة الیابانیة في الكثیر من جوانبها مع الثقافة الإسلامیة وبخاصة فیما یتعلق بالجوانب الأخلاقیة مثل الصدق والأمانة واتقان العمل.
3- حب الیابانیین للقراءة وحرصھم على الإطلاع مما یوفر بیئة خصبة لنشر الإسلام عن طریق ترجمة أو استكتاب الكتب الاسلامية.
جاء ذلك في حوار: (الإسلام و المسلمون في اليابان – 2017)، وهو الحوار السادس على الموقع الإلكتروني لـ”المجتمع” بالتشارك مع “مبادرة حوارات الأقليات المسلمة على الفيسبوك“، والتي يجريها الصحفي هاني صلاح على الصفحة العامة للحوارات بعنوان “الإسلام والمسلمون في العالم“.
وإلى الحوار..
المشاركة الأولى.. من: هاني صلاح ـ منسق الحوار
وتتضمن خمسة أسئلة (أرقام: 1-5):
المحور الأول: التعريف بدولة اليابان
1 ـ بدايةً أستاذنا.. نود التعرف على اليابان من خلال نظرتكم الخاصة لها.. لذا نود:
أ ـ نبذة مختصرة عن أهمية اليابان كدولة، وعن طبيعة شعبها والخريطة العرقية التي يتكون منها.
على الرغم من صغر حجم الدولة اليابانية، والتى تبلغ مساحتها ٣٧٨ ألف كيلومتر مربع؛ الا أنها تعتبر ثالث أكبر اقتصاد عالمى، وذلك على الرغم من قلة مواردها الطبيعية من النفط والثروات المعدنية، ويضاف الى ذلك أن ما يقرب من ٧٣ ٪ من مساحة أراضيها هى مناطق جبلية.
بمقارنة بسيطة مع الدولة المصرية مثلا، تجد أن مساحة اليابان تساوى ثلث مساحة مصر تقريبا (مساحة شبه جزيرة سيناء) فى حين يبلغ تعداد السكان باليابان ١٢٧ مليون نسمة.
وهذا يُبين بوضوح نجاح اليابانيين فى توظيف الزيادة السكانية بالمقارنة مع مساحة الأرض المتاحة توظيفا مثاليا، بل إن اليابان تعانى من تناقص مستمر فى عدد السكان مما جعل الحكومة اليابانية تقوم بتشجيع الإنجاب وتخصيص مساعدات مالية للأطفال حتى سن الثانوية، بالأضافة إلى إلغاء المصاريف الدراسية ابتداءاً من الطفل الثالث فى الأسرة.
اليابان بلد له منجز حضاري عظيم، إلا أن المسلمین و خاصة العرب لم یركزوا إلا علي المنتج التكنولوجي كمستھلكین له وصرفوا أبصارھم عن أھمیة الیابان من ناحیة توجیھھا للفكر الآسیوي فالیابان أكثر الدول تقدماً وتأثيرا في القارة الآسیویة.
ب ـ وماذا عن أهميتها الإقليمية بين دول المنطقة الأخرى في شرق وجنوب شرق اسيا..
تمثل الیابان عامل أساسي في حضارة العالم الآنیة عامة والشرق الأقصى علي وجه الخصوص لیس فقط فیما یتعلق بالمعادلة الاقتصادیة ولكن في المعادلة الثقافیة أیضاً؛ فالیابان حتى الآن ھي المحرك الرئیسي لقاطرة الثقافة في ھذه المنطقة التي صارت تشغل بؤرة اھتمام رئیسیة في فكر العالم، لذا فاليابان تعتبر من الدول المحورية فى منطقة آسيا، وتعتبرأيضاً قبلة للدول الشرق أسيوية خاصة أندونيسيا وماليزيا، حيث يقوموا بإيفاد الطلاب لدراسة الماجستير والدكتوراة باليابان للاستفادة من التقدم العلمى الكبير فى المجال الأكاديمي.
وعلى الرغم من النهضة الكبيرة التى تشهدها الصين إلا أن الصينيون يمثلون أكبر جالية أجنبية باليابان، ولذا فكل الدول الأسيوية تنظر لليابان نظرة احترام وتقدير.
ج ـ أيضاً أهميتها بالنسبة لدول العالم الإسلامي والعربي ومدى علاقتها بهم..
بعد هزيمة اليابان فى الحرب العالمية الثانية، اتجهت الدولة اليابانية بكل قواها لإصلاح الاقتصاد المدمر واستعادة الريادة الصناعية، غير أنها ابتعدت كثيراً عن التدخل فى السياسات الدولية، لذا لا ينظرإلى اليابان على أنها دولة مهمة على صعيد صناعة الأحداث السياسية الدولية.
ومن المهم أن نلفت الانتباه بأنه لا يوجد بين اليابان وأى دولة إسلامية أوعربية ثمة خلافات سياسية نظراً لعدم نشوء أى حروب أو مناوشات عسكرية سابقة مما جعل مشاعر المسلمين إيجابية تجاه اليابان وشعبها الكريم.
والدور المؤثر الذى تلعبه اليابان هو دعم المؤسسات التعليمية فى عدد كبير من الدول الإسلامية، والعربية وتقديم الكثير من المنح الدراسية للطلاب العرب والمسلمين.
المحور الثاني: التعريف بمسلمي اليابان
2 ـ برجاء التكرم بإلقاء الضوء على الإسلام والمسلمين في اليابان من خلال توضيح الآتي:
أ ـ متى بدأ ينتشر الإسلام في اليابان؟
وفقاً لمواقع على الانترنت؛ أخذ اليابانيون المعلومات الأولية عن الإسلام من الصينيين ومما كتبه الأوربيون عن الإسلام، فكان أول اتصال لليابان بالعالم الإسلامي عام 1308هـ، عندما أرسلت تركيا سفينة إلى اليابان وعند عودتها تحطمت في جزر قريبة من اليابان، فأرسلت اليابان سفينة لتحمل الناجين من السفينة لترسلهم إلى بلادهم في تركيا، فكان هذا أول اتصال لليابانيين مع العالم الإسلامي.
وقد ازدهر الإسلام في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية عند عودة الجنود من البلاد التي كانوا فيها خلال الحرب في دول شرق آسيا، ومن بين الجنود “عمر بوكينا” فاعتنق الإسلام وزاد حبه للإسلام، فنشط في عمل الدعوة إلى دين الإسلام، فأسس الجمعية الإسلامية في اليابان عام 1380 هـ، وهناك عامل آخر في نشر الإسلام فقد هاجر عدد كبير من مسلمي الصين إلى اليابان بعد استيلاء الشيوعيين على حكم الصين.
ب ـ وماذا عن الخريطة الجغرافية والعرقية والاجتماعية لمسلمي اليابان؟
المسلمون منتشرون فى كل مدن اليابان تقريبا، إلا أن تواجدهم الأقوى فى المدن الكبرى مثل طوكيو وأوساكا وفوكوكا. وغالبية المسلمين باليابان من السنة والوجود الشيعى هنا لايذكر.
أكبر جالية مسلمة باليابان هى الجالية الباكستانية والتى يعمل معظم ابنائها فى تجارة السيارات وهم يمثلون القوة الاقتصادية للمسلمين باليابان.
يأتى بعدها من حيث الحجم الجاليات الإندونيسية والماليزية، ومعظمهم من الطلاب الذين قدموا للدراسة بالجامعات اليابانية وقليل منهم من استقر باليابان بعد ذلك.
ويوجد باليابان العديد من أساتذة الجامعات ورجال الاعمال من المسلمين اليابانيين والوافدين، والذين يقدمون صورة إيجابية عن المسلمين.
المحور الثالث: التعريف بضيف الحوار من اليابان
3 ـ أستاذنا الفاضل.. اعتدنا على تقديم ضيوفنا للجمهور.. فهل يمكن التعريف بكم لجمهورنا من خلال:
أ ـ تعريف إنساني واجتماعي ووظيفي ودعوي..
قدمت اليابان منذ العام ٢٠٠٨، وبعد حصولى على درجة الدكتوراة من كلية الصيدلة، عملت باحثاً بإحدى الجامعات اليابانية، وحاليا أعمل مديراً بإحدى الشركات اليابانية المتخصصة باكتشاف الأدوية الجديدة والعلاج بالخلايا الجذعية.
ب ـ ما هى أهم المهام التي تقومون بها حالياً؟ وما هى أبرز المسئوليات التي قمتم بها سابقاً؟
حاليا أتشرف برئاسة مجلس شورى جمعية الطلبة المسلمين باليابان، وهو منظمة طلابية تأسست عام ١٩٦٠، ولها دور مهم فى مساعدة المسلمين الدارسين باليابان والحفاظ على هويتهم خلال فترة تواجدهم باليابان، حيث تقوم الجمعية بدعوة العلماء المسلمين للمحاضرة باليابان لربط المسلمين بصحيح الدين.
أيضا قامت جمعية الطلبة بتنظيم الحج فى اليابان لسنوات عديدة للتيسير على الراغبين فى الحج من الطلاب والدارسين، بالإضافة لحملات الدعم التى تبنتها الجمعية وكان لها أثر كبير فى بناء العديد من المساجد باليابان.
أيضا من خلال عضويتى بمجلس إدارة الجالية المسلمة بجيفو نقوم بتقوية أواصر الصِّلة بين المسلمين وتعليمهم دينهم، كما نقوم بالتواصل مع المجتمع والإعلام اليابانى لتوضيح الصورة الصحيحة عن الإسلام من خلال العديد من الأنشطة الثقافية، وللجالية دور أيضا فى دعوة غير المسلمين للإسلام، وكثيراً ما شهد المسجد اعتناق يابانيون للدين الحنيف.
المحور الرابع: المسلمون الجدد
4 ـ سمعنا أن اليابانيين لهم طريقة خاصة بهم في اعتناق الأديان.. فكيف تفسرون هذه الظاهرة؟
يوجد بالفعل عدد كبير من الديانات باليابان، غير أن أكثر ديانتين انتشارا هما الشنتو والبوذية والتى دخلت اليابان فى القرن السادس الميلادي، وقد حدث تداخل بين الديانتين وأحيانا يكون بينهما تكامل.
كما يعتبر بعض اليابانيين انهم يدينون بالديانتين معا، غير أن الدين فى اليابان لا يلعب دورا مهما فى الحياة اليومية للفرد وإنما فى بعض المناسبات مثل الميلاد والزواج والوفاة، كما أنهم لا يزورون معابدهم إلا على فترات متباعدة.
كما ينتشر هنا باليابان مفهوم الآلهة المتعددة، بمعنى أن لكل شئ اله خاص به فهناك إله للسماء وآخر للأرض وآخر للإنسان وآخر لكل حيوان وهكذا، وهذا يوضح أن مفهوم الدين هنا يشمل تصورات عامة بدون الدخول فى التفاصيل الحياتية للناس، ويترك لهم مساحة واسعة من الحركة بدون تحديد قيود للحلال والحرام.
وعموما كبار السن باليابان أكثر تمسكاً بعاداتهم الدينية من الأجيال الجديدة.
وعلى الرغم من اعتناق غالبیة الیابانیین للشنتو والبوذیة بصورة رسمیة إلا أن معظمھم في حقیقة الأمر لا یؤمن بفكرة وجود الإله ولذا تنشط حالیا الحركة التنصیریة بالیابان والتي استطاعت اجتذاب عدد من الیابانیین إلیھا نظراً لما یعانونه من الخواء الروحي
ـ وهل هناك إحصائية لعدد المسلمين الجدد من اليابانيين؟
عدد المسلمين اليابانيين يقدر بعشرة آلاف مسلم يابانى، وحالات اعتناق الإسلام فى اليابان فى تزايد بفضل الله سبحانه وتعالى ثم جهود الجالية المسلمة باليابان.
ـ برايكم.. ما هى أبرز عوامل جذب اليابانيين إلى الإسلام؟
أبرز عوامل جذب اليابانيين للإسلام أولاً هو اهتمام الدين الحنيف بالروح وتغذيتها بالايمان مما يعطى قدرة على الصبر وتحمل مشاق الحياة، حيث يعانى كثير من اليابانبين من الجفاء الروحى نظرا للمادية الطاغية والتى تسود المجتمع.
ذات مرة سألت أحد المسلمين اليابانيين عن أكثر كلمة تأثر بها بعد اعتناقه للإسلام فقال ” ان شاء الله” “لانها ترفع العبأ عن عاتقك وتشعرك ان هناك إله يقف بجانبك ويساعدك فأنت فى هذا العالم لست وحدك”
ثانيا النظام الاجتماعي فى الإسلام ونظام الترابط الأسرى الفريد يمثل عامل جذب ايضا، وأذكر أن احدى اليابانيات كانت تعمل فى مجلس المدينة وكانت مسئولة عن التعامل مع حالات الطلاق ومشاكل الأبناء المترتبة على ذلك، وبعد تعرفها على نظام الأسرة فى الإسلام ومقدار الاهتمام ببناء علاقة قوية تربط الزوج والزوجة والأبناء فى جو يسوده المحبة والاحترام والحرص على استقرار الاسرة قامت باعتناق الإسلام.
ـ وهل يجدون المحضن التربوي من قبل المسلمين ومؤسساتهم في اليابان؟
لا توجد مؤسسات إسلامية باليابان متخصصة فى رعاية المسلمين الجدد ودعمهم إيمانيا وعلميا، حيث تتحمل هذه المسئولية المنظمات الاسلامية المنتشرة فى ارجاء اليابان، مما أحدث قصوراً فى جودة الخدمة المقدمة وانتظامها نظرا لانشغال المؤسسات الإسلامية بأنشطة كثيرة اخرى وفى ظل الاعتماد على العمل التطوعي وقلة وجود المتفرغين للدعوة.
المحور الخامس: التحديات والعقبات
5 ـ ما هى أبرز التحديات التي تواجه المسلمين في اليابان؟
تعانى الجالیة المسلمة بالیابان وخاصة الشباب من مشاكل عدیدة منھا:
1- عدم تفھم المجتمع الیاباني لطبیعة الإسلام السمحة وخصائص الثقافة الإسلامیة وذلك لتأثره بالخطاب الإعلامي السلبي عن الإسلام الذي ینتجه الغرب مصدراً صوراً مشوھة عن المسلمین وثقافتھم.
2- عدم وجود وسائل كافیة لتعلیم المسلمین أمور دینھم وخاصة الأجیال الجدیدة الناشئة.
3- عدم وجود مدارس إسلامیة ترعي أبناء المسلمین المقیمین بالیابان وتغطى تدرج مراحلهم العمریة ، فما هو موجود منها یعد جهودا فردیة وتقتصر أغلبها علي مدارس نھایة الأسبوع في المساجد المختلفة.
4- عدم وجود ھیئة متخصصة للإفتاء تطَّلع بالنظر فى شئون المسلمین بھذا البلد وتستنبط أحكام و فتاوى تراعي صحیح الدین من ناحیة وظروف المجتمع من ناحية أخرى.
5- صعوبة الحياة اليومية للمسلم باليابان وخاصة مع جهل المجتمع اليابانى بالتقاليد والأعراف الإسلامیة وعلي رأسھا عدم انتشار مفھوم الأطعمة الحلال كما ھو الحال في الغرب.
ـ وما أبرز العقبات التي تحد من انتشار الإسلام في أوساط اليابانيين؟
وتتضافر مع الأسباب السابقة أسباباً أخرى تعوق تقدم الإسلام في المجتمع الیاباني:
فبحسب كثیر من المراقبین فإن الحركة الإسلامیة والدعویة بالیابان مازالت تنمو بمعدلات بطیئة نسبیا مقارنة بغیرھا من الدول الاخري غیر الاسلامية والتى ينتشر بها الإسلام بمعدلات مرتفعة وقد یرجع ذلك للأسباب التالیة:
1- طبیعة المجتمع الیاباني المنغلقة والتي تنظر إلي الآخر بریبة، ولا تقبل الثقافات الأخرى بسھولة.
2- الحاجز اللغوي والمتمثل في صعوبة اللغة الیابانیة من جھة وعدم ذیوعھا بین الدعاة ، فضلا عن قلة استخدام اللغات الأجنبیة داخل المجتمع الیاباني.
3- عدم وجود منظمات إسلامیة قویة، فالمنظمات الموجودة تعمل بشكل فردي وعشوائي في كثیر من الأحیان دون تنسیق فیما بینھا مما یغیب فكرة المشروع الإسلامي الموحد والمحدد فى ذات الوقت.
4- قلة الدعم المادي والمعنوي من قبل الدول والمنظمات الإسلامیة العالمیة
5- عدم توفر الكتب والمراجع الإسلامیة باللغة الیابانیة التي تكفى لتكوین الصورة الاسلامية الصحيحة.
ـ وكيف ترون مستقبل الإسلام والمسلمين في اليابان؟
وعلى الرغم من كل ھذه المشاكل السابق ذكرھا والتي تواجه المسلمین باليابان، فإن الیابان لا تزال تعتبر بيئة خصبة ومثالیة لانتشار الإسلام ولتكوین مجتمع إسلامي قوى وذلك نظراً للاعتبارات الآتية:
1- حریة الدعوة لنشر واعتناق الأدیان مكفولة طالما أنھا لم تتم بعنف أو إكراه ولم تؤدى إلى كراھیة أو تعصب.
2- اشتراك الثقافة الیابانیة في الكثیر من جوانبها مع الثقافة الإسلامیة وبخاصة فیمایتعلق بالجوانب الأخلاقیة مثل الصدق والأمانة واتقان العمل.
3- حب الیابانیین للقراءة وحرصھم على الإطلاع مما یوفر بیئة خصبة لنشر الإسلام عن طریق ترجمة أو استكتاب الكتب الاسلامية.
المشاركة الثانية.. من: شادي الأيوبي، صحفي لبناني مقيم في اليونان،
وتتضمن سؤال واحد (رقم: 6):
6 ـ ما هى علاقة الدولة اليابانية عموماً مع الأديان.. هل للدولة اليابانية دين رسمي، أم أنها تقف على مسافة واحدة من جميع الأديان.. أم هل تفضل دين معين أو تقصي دين ما.. نرجو التفضل بتوضيح هذا الموضوع؟
كما أفردنا سابقا أن الشنتو والبوذية هما الديانتين الأكثر انتشاراً فى اليابان، وهما بمثابة الدين الرسمى غير أن الدولة اليابانية هى دولة علمانية تنظر الى الدين على انه مسألة شخصية، ولذا لا يوجد خانة للديانة فى أياً من الأوراق الرسمية.
والدولة تقف بالفعل على مسافة واحدة من جميع الأديان والمعتقدات، فمثلا تسمح الحكومة بحركة تبشيرية نشطة باليابان لم تلق قبولا واسعاً بالمجتمع اليابانى، وعلى الرغم من ذلك يوجد كثير من الكنائس على الرغم من قلة زوارها.
أما بالنسبة للإسلام فهناك ايضا حرية تامة فى اعتناق الإسلام من الناحية الرسمية، مع كثير من الصعوبات من الناحية المجتمعية، حيث ينظر المجتمع لمن يعتنق الإسلام من اليابانيين على أنه صبأ وبأنه خرج على التقاليد اليابانية الصارمة، ولذا يجد اليابانى المسلم الكثير من الصعوبات فى قبوله فى المجتمع وخاصة فى مجتمع العمل.
ولذا فالإسلام ينتشر فى اليابان بفضل الله وجهود المخلصين وإن كان بمعدل بطئ نسبياً.
و يوجد حاليا فى اليابان أكثر من مائة وخمسين مسجداً يمارس فيها المسلمون ديانتهم بحرية تامة وان كانت غير بعيدة عن أعين السلطات اليابانية والتى تخشى من وصول عدوى الفكر المتطرف لليابان.
المشاركة الثالثة.. من: حسين الصيفي، مدير مكتب هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في البرازيل، وتتضمن سؤال (رقم: 7):
7 ـ كيف تنظر اليابان حكومةً وشعباً، اليوم، إلى المسلمين في اليابان خاصة، وفي العالم عامة؟
اليابان تنظر الى العالم الإسلامى بعيون غربية حيث تتأثرمواقفها السياسية بمواقف الحكومة الامريكية الى حد كبير.
كما يتبنى ايضاً الإعلام اليابانى نظرة الإعلام الغربي تجاه المسلمين، ولذا فالنظرة السائدة هنا هى نظرة سلبية خاصة فيما يتعلق بموضوع الارهاب وخاصة بعد مقتل رهينتين يابانيتين على يد تنظيم الدولة، مما يرفع من ثقل المسئولية الملقاة على عاتق المنظمات الاسلامية العاملة باليابان لتصحيح الصورة.
المشاركة الرابعة.. من: د.جمال عبد الناصر، مسئول صفحة الفكر الديني بجريدة الأهرام المصرية، وتتضمن سبعة أسئلة (أرقام:8-14):
8 ـ ما هي أهم المشكلات التي تواجه مسلمي اليابان؟
كما أفردنا سابقاً تعانى الجالیة المسلمة بالیابان وخاصة الشباب من مشاكل عدیدة وذكرتها في سياق الاجابة على السؤال الخامس ويرجى العودة إليه.
9 ـ هل من كلمة عن التعليم الديني في اليابان؟ وما هي آلياته؟
الاعتماد الأكبر فى تعليم المسلمين لدينهم وخاصة الأجيال الجديدة يعتمد على المجهودات الفردية للأفراد ونشاط المنظمات المحلية والتى تقوم بعمل أنشطة لتحفيظ القران الكريم وتدريس العلوم الشرعية الأساسية.
كما يوجد حالياً المعهد العربي الإسلامي بطوكيو برعاية سعودية وله دور محمود فى هذا الأمر، بالاضافة لوجود بعض المدارس الإسلامية بطوكيو للمرحلة الإبتدائية والإعدادية والتى تدرس المناهج اليابانية مضافاً إليها مواد إسلامية.
10 ـ ما أهم التيارات الإسلامية في اليابان؟
المسلمون باليابان يحملون خلفيات فكرية كثيرة ولذا كل التيارات الفكرية ممثلة تقريباً، ومع قلة عدد المسلمين وتوزعهم على مدن كبيرة فمن الصعب ملاحظة نشاط فكر دينى معين، مع العلم بأن غالبية النشطاء الإسلاميين لا ينتمون لتيارات دينية معينة، والفكر السائد بين المسلمين هنا هو فكر الوسطية والتيسير.
11 ـ ما هي مشكلات المبتعثين اليابانيين بمصر؟
لا أعلم بوجود مبتعثيين يابانيين بمصر، ويوجد هنا تخوف من عامة اليابانيين للذهاب إلى مصر نظراً لاضطراب الظروف السياسية.
12 ـ ما الدور المأمول من الأزهر وكلية دار العلوم كمنارتين للعلم الشرعي بمصر تجاه مسلمي باليابان؟
الأزهر كان ولا زال منارة للعلم العلماء، وله أيادٍ بيضاء على شتى بقاع الأرض فى نشر الدعوة وتعليم الناس، إلا أنه من المؤسف حقاًأنك لا تكاد تجد دوراً للأزهر الشريف فى دعم الدعوة باليابان، وقد كان الأزهر قديماً يبعث بالعلماء والدعاة إلى اليابان مما كان له أثر فى نشر الإسلام الوسطى بمفهومه الصحيح.
كما كان بعض الطلاب اليابانيون يذهبون للأزهر للدراسة فى كليات العلم الشرعى، وقد توقف هذا الأمر من عدة سنوات خاصةً بعد اضطراب الظروف السياسية، حيث يتجه راغبى دراسة الإسلام من المسلمين اليابانيين إلى السعودية فى غالب الأمر.
ولذا فإعادة ايفاد العلماء الأزهريين سواءاً للدعوة أو للإقامة فى اليابان، وتقديم منح طلابية لمسلمى اليابان للدراسة بالكليات الشرعية من الأمور الهامة لاستعادة دور الأزهر.
أيضا يمثل دعم بناء المساجد باليابان أحد العوامل المؤثرة فى نفوس المسلمين هنا، ولذا للدعم المادى لبناء المساجد دوراًهاماً ومنتظر من الأزهر.
13 ـ كيف يمر المسلم باليابان برحلته العلمية في تحصيل العلوم الشرعية؟
لو تقصد التخصص فى العلوم الشرعية فهو يتم بسفر الطالب للدراسة بإحدى الدول الإسلامية وعلى رأسها السعودية لعدة سنوات فى نظام منح، ثم يعود لليابان للعمل.
وللأسف غالباً ما يترك مجال الدعوة إلا تطوعاً نظراً لعدم وجود دعم مالى مما يضطره للعمل بإحدى الشركات اليابانية وبالتالي لا يجد وقت كافٍ للدعوة إلا النذر اليسير.
14 ـ هل هناك أي صورة من صورالاضطهاد الديني للمسلمين باليابان؟ وهل هناك حرية في تأدية الشعائر الإسلامية وتحصيل العلوم الشرعية؟
المسلمون باليابان يمارسون عباداتهم بحرية تامة وبمعاونة وحماية من الحكومة اليابانية.
المشاركة الخامسة.. من: د/غزالي بن مد، عميد كلية الدراسات الإسلامية والقانون بجامعة فطاني، تايلاند، وتتضمن سؤال واحد (رقم: 15):
15 ـ فقد عرفنا أن الابتعاد عن الإسلام عواقبه وخيمة (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً..).. لذلك برغم امتياز اليابانيين في مجالات مختلفة ولكن سمعنا عن أمر ما يدل ضنكهم من ناحية اجتماعية، لدي كل فئات مجتمعهم من صبيان وشباب وشيوخ، منها قلق وانتحار.. فهل ممكن تفيدنا من صور وأسباب تلك المشاكل؟
التجربة اليابانية في تربية الإنسان علي قيم راقية من الأخلاق والمعاملات يجب ان تُدْرَس وبعمق خاصة من الدول الطامحة للنمو والتقدم، ومن أشد ما يلفت انتباهنا في التعامل مع اليابانيين أنهم جميعاً يتصرفون في المواقف المختلفة بنفس الطريقة تقريباً بل حتي باستخدام نفس الكلمات والحركات والتعبيرات.
الأمر أشبه بالماكينة والتي يدخل فيها المواطن الياباني منذ طفولته ليخرج منها نموذجاً راقياً في السلوك والتعاملات.
أعتقد أن السر في ذلك يكمن في أن المجتمع له ثوابت متفق عليها في الشكل النهائي المرغوب للمنتج الإنساني، الأهم من ذلك أن الجميع هنا يعمل في اتجاه واحد للوصول إلي النموذج المطلوب، فتجد مثلا الأسرة والمجتمع والتعليم والإعلام والقوانين تعمل في منظومة متكاملة ومتناسقة لتحقيق الهدف المطلوب وهذا ما نفتقده كثيراً في بلادنا.
عندما أتيت اليابان للمرة الاولى انبهرت كثيراً بالمجتمع اليابانى ودقته ونظامه الفريد، بخلاف انتشار كثير من الأخلاق الإسلامية كالأمانة والدقة فى العمل والصدق واللطف فى التعامل مع الآخرين وغيرها من الصفات الرائعة حقاً، حتى أنى تسائلت ذات مرة “اذا كان هذا هو الحال فبماذا سيفيد الدين هذه المجتمع إذاً”، ولكن عندما تدقق النظر فى المجتمع تجد أنه تضرر كثيراً جراء عدم تعمق وتجذر الدين فى حياتهم اليومية، ومن أبرز هذه المظاهر هو زيادة حالات الانتحار لتصل الى ٣٠ الف حالة سنوياً، ويقول اليابانيون إن محطة قطارات طوكيو تتوقف على الأقل مرة يومياً جراء حالات الانتحار.
وظاهرة الانتحار تمثل انعكاسا لمشاكل مجتمعية كثيرة منها الضغوط الحياتية الهائلة والتى يتعرض لها المواطن اليابانى من ضغط العمل وعدم وجود متنفس روحى يخفف عنه.
فمثلا عندما يتعرض الفرد هنا لضغط عمل زائد أو مرض عضال، لا يجد من الناحية العملية فائدة لاستمرار حياته فيقوم بإنهائها لإنهاء معاناته.
موضوع الحرص على تكوين الأسرة أيضاً مازال يؤرق المجتمع اليابانى حيث أشارت دراسة حديثة أن ما يقرب من ٢٥٪ من الرجال فوق سن الأربعين غير متزوجين ولا يرغبون فى الزواج وهى ظاهرة تنتشر فى اليابان فى الفترة الاخيرة للهروب من المسئوليات الكثيرة المترتبة على بناء أسرة مما أدى لانخفاض عدد السكان فى اليابان السنة الماضية، ومتوقع له مزيد من الانخفاض فى السنوات القادمة على الرغم من المحاولات الحكومية والمجتمعية للسيطرة على هذه المشكلة وكلها مشاكل مترتبة على عدم وجود عقيدة تنظم حياتهم وتعطيهم الاحساس بالطمأنينة النفسية الموجودة بالإسلام.
ـ وأيضا هل وكيف يمكن للمسلم الياباني أن يقدم آراء من منظور إسلامي ليساعد المجتمع الياباني للتغلب على تلك المشاكل؟
المسلم اليابانى ينفذ الى المجتمع من المدخل الروحى والإجتماعى اللذان يتميز بهما الإسلام، ولذا فنحن نقوم بعمل أنشطة ثقافية لشرح أوجه الجمال فى الدين الإسلامى مع اختيار مواضيع تمثل مشاكل حرجة لليابانيين، فمثلاً قمنا مؤخراً من خلال المركز الثقافى بمسجد جيفو بعمل محاضرة بعنوان ”لماذا لا ينتحر المسلمون” وهكذا.
المشاركة السادسة.. من: AbduallahKhair، وتتضمن سؤال (رقم: 16):
16 ـ كيف يفكر الشخص الياباني البسيط الذي يعيش في دولة متقدمة (اليابان) في الدين الإسلامي الذي يقود ويرتقي بالإنسانية جمعاء.. في حين أن الأراضي الإسلامية الأصلية تعيش في ظلمات فوق ظلمات!.. كيف له أن يصل لحقيقة الدين الإسلامي انه دين رحمه وعلم وهدى وأنه دين بين؟
هذا فى الحقيقة أكبر معوق لدخول اليابانيين للإسلام ولسان حالهم يقول “طالما هذا الدين يُصلح حال البشرية فلماذا لم يصلح حالكم أنتم؟”
فالطبيعة اليابانية لا تستطيع أن تفهم أبداًمعنى المفارقة بين الأسس والمفاهيم الرائعة التى يغرسها الدين وسلوك المسلمين، لذا تقع مسئولية كبيرة حقاً على المسلمين هنا باليابان لاعطاء صورة راقية ومعبرة عن السلوك الإسلامى الصحيح فى محاولة لتصحيح الصورة التى يراها اليابانيون فى بلادنا الإسلامية وهو أمر ليس بالهين نظراً لتأثرنسبة كبيرة من الجالية المسلمة هنا بالخلفيات الثقافية والبيئية للدول التى أتوا منها.
وعلى الرغم من ذلك ينتشر الإسلام وسينتشر بصدق دعوته وقوة حجته وطاقته الروحية والايمانية الهائلة،وبعدالة المبادئ التى قام عليها والتى تعطيه الريادة لقيادة البشرية جميعاً.
وأخيراً فإن أرض الیابان أرض بكر لازالت تحتاج إلي كثیر من الجھد والحرث، ولكنھا أرض خصبة ستؤتي أكلھا في وقت قصیر بإذن ربھا إن بدء العمل فیھا بنیة خالصة و بشكل مؤسسي ومدروس.
** ملاحظة: أجرى هذا الحوار التفاعلي المعلوماتي على موقع فيسبوك في عام 2017، ثم تم إعادة نشره على الموقع الالكتروني لمجلة المجتمع الكويتية في نفس التاريخ.