مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح
احتضنت مؤخرًا، مكتبة غازي خسرو بك التاريخية، في العاصمة البوسنية سراييفو، حفل ترويج كتاب “المفتي معمر زوكورليتش.. المصلح”، من تأليف محمد محمودوفيتش، وذلك برعاية رئيس العلماء في المشيخة الإسلامية بالبوسنة والهرسك حسين أفندي كفازوفيتش، وبحضور نخبة من العلماء والمثقفين والمهتمين بالشأن الديني والثقافي. وفقًا لـ(Preporod.info).
ويأتي هذا الكتاب في سياق جهود متواصلة لتوثيق سيرة المفتي العام السابق في صربيا الشيخ معمر زوكورليتش، الذي انتقل إلى رحمة الله في 6 نوفمبر 2021، بعد مسيرة حافلة عُرف خلالها كأحد حكماء مسلمي صربيا، ومن أبرز علماء وزعماء مسلمي البلقان في العصر الحديث، حيث لعب دورًا محوريًا في ترسيخ الاستقرار، وتعزيز الوعي الديني، وبناء خطاب إصلاحي ترك أثرًا عميقًا في المجتمعات متعددة الأعراق بالمنطقة.
قراءة إنسانية في الإرث والدور
وفي كلمته خلال الحفل، أكد رئيس العلماء حسين أفندي كفازوفيتش، أن المفتي العام السابق في جمهورية صربيا، الراحل معمر زوكورليتش، كان شخصية محورية أسهمت، إلى جانب العلماء، في بناء الحاضر الديني والاجتماعي للمسلمين، مشيرًا إلى أن الحديث عنه لا يمكن أن يُختزل في كتاب واحد، وأن تجربته ستظل محل اهتمام الباحثين والكتّاب لسنوات طويلة.
وأوضح أن العمل يقدّم صورة إنسانية صادقة للمفتي الراحل، حيث حمل بين صفحاته مشاعر الكاتب وتجربته الشخصية، بما يتيح للقارئ التعرّف على ملامح شخصيته بعيدًا عن الخطاب الرسمي والصورة الإعلامية.
السنجق والبوسنة.. وطن واحد للبوشناق
وأشار كفازوفيتش إلى أن المفتي زوكورليتش ترك أثرًا بالغًا، لا سيما في أوساط العلماء، مؤكدًا أن انتماءه كان راسخًا لإقليم السنجق ذو الغالبية البوسنية المسلمة في جنوب غرب صربياـ ولدولة البوسنة والهرسك معًا، دون فصل أو تمييز، معتبرًا إياهما وطنًا واحدًا تاريخيًا عاش فيه المسلمون البوشناق على مدار التاريخ، وأنه عمل باستمرار على تعزيز مكانة شعبه والمؤسسة الإسلامية، والدفاع عن حضورها وحقوقها أينما وُجد.
الكتاب شهادة من الداخل
من جانبه، أوضح مؤلف الكتاب محمد محمودوفيتش أن هذا العمل لا يندرج ضمن السيرة التقليدية، بل يركّز على الجوانب غير المعروفة من حياة المفتي الراحل، تلك التي لم تكن حاضرة أمام الكاميرات أو في المشهد العام.
وأكد أنه شعر بمسؤولية توثيق ما جمعه ودوّنه وسجّله عبر السنوات، ليبقى إرث المفتي الراحل محفوظًا للأجيال القادمة، واصفًا إياه بأحد كبار رجالات الأمة.
الشجاعة والثبات في أصعب المراحل
وسلّط محمودوفيتش الضوء على شجاعة المفتي زوكورليتش الاستثنائية، خاصة منذ توليه منصب الإفتاء عام 1993، حيث واجه ضغوطًا وتهديدات خطيرة، إضافة إلى محاولات إغراء مالي بمبالغ كبيرة للتخلي عن مواقفه المرتبطة بالبوسنة، إلا أنه بقي ثابتًا على مبادئه، رافضًا أي مساومة تمس قناعاته أو قضايا شعبه.
شخصية جامعة وتأثير ممتد
بدوره، اعتبر أحد مروّجي الكتاب محمد أفندي فليتش أن هذا العمل يشكّل إضافة مهمة في مسار توثيق شخصية المفتي زوكورليتش، ليس فقط كقائد ديني أو سياسي، بل كشخصية جامعة صنعت رؤى وأسهمت في تشكيل وعي جيل كامل.
وأشار إلى أن المفتي الراحل كان مدافعًا صلبًا عن حقوق البوشناق، ورافضًا لأي انتقاص من مكانتهم، معتبرًا البوسنة وطنه الأم ومرجعيته التي لا تقبل المساومة، ومؤكدًا أن مواقفه ستظل حاضرة في الذاكرة الجماعية.





