مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

الدكتور ساري فوشا.. الشاب الألباني الحافظ الذي نبغ في الطب وتعمق في علوم الشريعة

يُعد واحدًا من النماذج الألبانية الشابة المتميزة التي نجحت في الجمع بين التفوق الأكاديمي والتحصيل العلمي العميق في الدراسات الإسلامية

مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح

يُعد الدكتور ساري فوشا واحدًا من النماذج الألبانية الشابة المتميزة، التي نجحت في الجمع بين التفوق الأكاديمي في مجال الطب، والتحصيل العلمي العميق في الدراسات الإسلامية، في تناغم قلّ نظيره. ويشكّل مساره العلمي والدعوي نموذجًا ملهمًا لشباب الأمة في كيفية استثمار الطاقات وتوجيهها لخدمة المجتمع والوطن، والانفتاح المعرفي دون التفريط بالهوية الدينية والثقافية.

بدايات واعدة من مدينة كرويا

ينحدر الدكتور ساري من مدينة كرويا التاريخية الواقعة شمال العاصمة تيرانا، حيث نشأ وتلقى تعليمه الأساسي، وبدأ منذ وقت مبكر حفظ القرآن الكريم في جامع السوق الأثري في قلب البلدة القديمة من المدينة التاريخية. وقد تميّز بتفوقه الدراسي، حيث حلّ في المرتبة الثانية على مستوى ألبانيا في نتائج الثانوية العامة، مما أهّله للحصول على منحة دراسية من الحكومة التركية لمتابعة دراسته في مجال الطب.

ولم يقتصر طموحه على المجال الطبي، بل واصل مسيرته الأكاديمية في موازاة ذلك في تخصص العلوم الإسلامية، لينتقل لاحقًا إلى المملكة العربية السعودية حيث أنهى دراسته الطبية، كما حصل على شهادة البكالوريوس ثم درجة الماجستير في التفسير ضمن مسار موازٍ لدراسته الطبية.

أداء علمي رفيع وحضور دعوي واجتماعي فعّال

بعد تخرجه، التحق الدكتور ساري فوشا بكادر التدريس كمدرس مساعد في كلية الطب بالمملكة العربية السعودية، حيث ساهم في تأهيل وتدريب الجيل الجديد من الأطباء. ورغم التزاماته الأكاديمية، حرص على المحافظة على صلته بوطنه الأم ألبانيا من خلال زيارات متكررة، انخرط خلالها في نشاطات علمية ودعوية وخيرية متنوعة، استهدفت تحفيز الطلبة الألبان وتشجيعهم على استكمال دراساتهم الجامعية في الخارج، وتوسيع آفاقهم الأكاديمية والمهنية. وفي ذات الوقت سعى لمساعدة أهل بلدته بقدر ما يتاح له ومن خلال التنسيق مع المؤسسات المحلية والدولية الإنسانية.

كما تولى مهام الإمامة والخطابة متطوعًا في جامع السوق الأثري في مدينة كرويا، إلى جانب عمله في دار الإفتاء بالمدينة، حيث قدم خدماته الدعوية والتعليمية بروح تطوعية وحرص صادق على خدمة مجتمعه.

كفاءات لغوية ومؤهلات متعددة

يمتلك الدكتور ساري فوشا رصيدًا معرفيًا غنيًا يعززه إتقانه لعدد من اللغات العالمية، من بينها: الإنجليزية، التركية، الإيطالية، الإسبانية، الألمانية، اللاتينية، الفارسية، بالإضافة إلى إجادته التامة للغة العربية. وقد أتم حفظ القرآن الكريم كاملًا، وحصل على أربع إجازات في القراءات، مما يعكس التزامه العميق بالعلوم الشرعية إلى جانب تفوقه في الطب.

كما شارك في دورات علمية متخصصة في مجالات الطب النبوي والحجامة، مما يعكس اهتمامه بالربط بين المعارف الطبية الحديثة والموروث الصحي في الثقافة الإسلامية.

رؤية مستقبلية طموحة لخدمة بلاده

لا تقتصر طموحات الدكتور ساري على العمل الأكاديمي فقط، إذ يطمح إلى تأسيس مستشفى حديث في ألبانيا بالتعاون مع عدد من زملائه الأطباء، بهدف النهوض بالقطاع الصحي في بلده الأم. وفي الوقت نفسه، يواصل تحصيله العلمي ويسعى لاستكمال دراساته العليا في المملكة المتحدة.

خلاصة المسيرة فريدة

يشكّل الدكتور ساري فوشا مثالًا رفيعًا للشاب المسلم الطموح، الذي لم يشغله تحصيله العلمي عن التزامه الديني، ولم يمنعه نشاطه الدعوي من التفوق الأكاديمي. فقد حرص على الاستزادة من العلم النافع، وفي الوقت ذاته على نقل ما تعلمه إلى من حوله، ليجسد بذلك صورة متكاملة للعطاء والمسؤولية.

إن قصة الدكتور ساري ليست مجرد سرد لتفوق شخصي، بل هي شهادة حية على ما تمتلكه العقول الألبانية من قدرة على النهوض وخدمة الأمة الإسلامية من مواقع متعددة، وهي دعوة مفتوحة إلى الأجيال القادمة لاحتذاء هذا النموذج المشرق في سبيل العلم والإيمان معًا.

التخطي إلى شريط الأدوات