مسلمون حول العالم ـ متابعات
تغريدة الشيخ “كفاح مصطفى”، رئيس تجمع الأئمة بشيكاغو
الفجوة الجيلية.. وجهة نظر..
الفوارق في وجهات النظر تجاه القضايا المحلية تختلف كثيرًا بين جيل الآباء والأمهات المهاجر إلى أمريكا، وبين الأبناء والبنات المولودين فيها.
الكثير من الجيل المهاجر جاء إلى أمريكا على أنها أرض الرجل الأبيض، القوي الحاكم للعالم، خصوصًا العالم العربي؛ من خلال أزلامِه في المنطقة، فبقي هاجس الخوف تجاه الانخراط في أي أنشطة حقوقية تُعكّر صفو استقراره المادي والاجتماعي أمرًا لا ناقة لنا فيه ولا جمل. الجيل الجديد عاش وطنًا في أمريكا، واختلط بثقافة احترام القانون، وأن الكل سواسية تحته، وأنه إذا ما مُورست مظالم داخلية أو خارجية، فإن له كاملَ الحق أن يثور وينتفض ويتّحد مع أقرانه من كافة الأطياف لمنع ما استطاع، سواءً بالتظاهر أو التصويت لتغيير القيادة وغير ذلك.
الكثير من الجيل المهاجر خصوصًا من الستينيات إلى التسعينيات، كانت ثقافته الدينية الإسلامية محدودة، والالتزام الديني بسيطًا؛ مما أبقى فكرة عالمية الإسلام وتبعاتها الثقافية والحركية بعيدة عن واقعه اليومي، وبقيت المجتمعات المهاجرة المسلمة معزولة نسبيًّا عن الأقليات الأخرى؛ كالمسلمين السود أو اللاتينيين، اللهم إلا من بعض الجهود المحدودة، قادها بعض القادة المسلمين المهاجرين هنا وهناك.
الجيل الجديد عاش أحداثًا قرّبته من ثقافة دينه الإسلامية للحفاظ على الهوية بالمستوى الأدنى (حرب العراق الأولى، أحداث أيلول 2001، العراق 2 وأفغانستان) ثم تبلورت لديه حالة وعي إسلامي ثقافي بمواطَنة أمريكية، جعلته أقرب للتواصل مع غيره من العاملين في القطاع العام على رفع الممارسات الخاطئة داخليًّا وخارجيًّا.
أضف إلى ذلك أنه، أي الجيل الجديد، كان متعلمًا أكثر؛ معظمه خرّيج جامعات من نتاج ما بذله الأهل لتعليمهم وتربيتهم؛ مما ساهم في حالة الوعي وتحمل المسئولية تجاه القضايا العامة الداخلية والخارجية.
الجيل المهاجر (الملتزم) كانت رموزه أشخاصًا في البلاد العربية، وقضاياهم متعلقة بأحداث البلاد العربية والإسلامية عمومًا، بمعنى أن أجسادهم وأرزاقهم كانت في أمريكا، إنما قلوبهم وأرواحهم كانت تنبض بقضايا فلسطين ومصر وسوريا وغيرها.
الجيل الجديد نشأ وتربّى على شخصيات ورموز مسلمة أمريكية مولودة هنا ركّزت على الوضع الداخلي الأمريكي، بالإضافة إلى ما برز من قضايا الوطن الأم للأهل بين الحين والآخر، وعليه شكّلت مشاكل النسيج الاجتماعي والثقافي في أمريكا، مثل العنصرية وهضم الحقوق، أولويات الاهتمام لدى الجيل الجديد.
مَن تبقى من الجيل المهاجر رأى في وصول “أوباما” للحكم تهديدًا لمنظومة الرجل الأبيض (الأوروبي المستعمر) الذي حكم أمريكا وما زال، والذي قد يرتد عكسيًّا فيما بعد، زاد من تأكيد هواجس ذلك لديه صعودُ (التي بارتي)، ثم أدبيات حملة ترامب الانتخابية، وتطبيقاته فيما بعدُ بمنع المسلمين من المجيء لأمريكا، وبناء السور العازل مع المكسيك وغيرها.
الجيل الجديد رأى في ذلك فرصة الاتحاد مع غيره، والوقوف ضد خطابات تفرّق ولا تجمع، ولإعادة التطبيق الحقيقي للدستور الأمريكي الذي يُنصف المواطنين، ويجعل من أمريكا بلدَ الفرص لكل المواطنين، وبلد الحقوق المدنية والحرية والديمقراطية.
أقول: إن الكفة في النهاية ستميل لصالح الجيل الجديد لاعتبارات رقمية وديموغرافية متعلقة بالمجتمع المسلم المهاجر وأبنائهم وبناتهم الذين ولدوا وتربّوا في أمريكا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى؛ لأن الممارسات التي وقعت على المسلمين تحديدًا، خصوصًا ما بعد أيلول 2001، تُحتّم عليهم أن يتحالفوا مع أصحاب القضايا الحقوقية من كل العرقيات والألوان؛ لضمان الحفاظ على حقوقهم المدنية والقانونية.
ومن جهة ثالثة؛ لأن الثقافة الجديدة التي يتربى عليها أبناء المسلمين هي الثقافة الأمريكية العامة، والتي هي في الجانب الإيجابي منها لا تترك مجالًا لأي صاحب مبدأ إلا الوقوف إلى جانب الحق، وضد الممارسات الخاطئة في حق الشعب.
تِلكُم كانت خواطر صباحية في يوم شيكاغوي ممطر، مع فنجان قهوة أمريكي صُنع في البيت، وفي ظل متابعات أحداث ما يجري من مظاهرات عمّت شرق أمريكا وغربها، بعد مقتل جورج فلويد في ولاية مينيسوتا.
الفجوة الجيلية..وجهة نظر..الفوارق في وجهات النظر تجاه القضايا المحلية تختلف كثيرا بين جيل الآباء والأمهات المهاجر الى…
Posted by Kifah Mustapha ElMera'bi on Wednesday, June 3, 2020