مسلمون حول العالم ـ متابعات ـ بتصرف
بقلم/ د.أمين القاسم ـ الباحث في تاريخ المنطقة
“أولغيرد نايمان ميرزا كريتشنسكي” (1884-1941م)، عالم وحقوقي وقاضي بولندي تتري مسلم. ولد في فيلنيوس (عاصمة ليتوانيا حاليًا) لأسرة تترية نبيلة؛ فوالده كان جنرالا في الجيش، ولأولغيرد أخوان أحدهما إسمه ليون (1887- 1939م)، وهو مؤرخ وناشط سياسي واجتماعي أيضا.
درس “أولغيرد كريتشنسكي”، الحقوق في جامعة سان بطرسبورغ بروسيا بين عامي 1903- 1908م، ثم عمل بين العامين 1910- 1913م في مجال القضاء في جمهورية تركستان، فأصبح مدعيا عاما في محكمة مقاطعة طشقند، ثم انتقل نائبا للمدعي العام في مقاطعة فينتسا (1914- 1918م).
نهاية العام 1918م انتقل أولغيرد للعمل مع أخيه ليون في جمهورية القرم (جنوب أوكرانيا) الوطنية بدعوة من خالهما ألكسندر أخميتوفيتش وزير العدل فيها، حيث شغل منصب المدعي العام في مدينة سيمفروبل، ونظم سلك السلطة القضائية فيها، ثم بعد انهيار هذه الجمهورية -أمام الجيش الأحمر عام 1919م- انتقل إلى أذربيجان مع أخيه والجنرال التتري المسلم سليمان سولكوفيتش (1865- 1920م)، حيث شغل منصب المدعي العام في محكمة الإستئناف بباكو، ثم شغل منصب نائب وزير العدل في الحكومة الأذربيجانية حتى العام 1920، ومثّل حكومة أذربيجان في مؤتمر دول أذربيجان وجورجيا وأرمينيا في مدينة تبليسي عام 1920.
بعد الإنقلاب البلشفي في أذربيجان انتقل إلى ليتوانيا (إحدى دول البلطيق)، وهناك عمل مدعيًا وقاضيًا في عدة مقاطعات، في عام 1932م تولى منصب المدعي العام للمحكمة العليا في وارسو (بولندا)، وفي العام 1938 عاد إلى فلنيوس بناء على طلبه ليكون نائب لرئيس محكمة الإستئناف فيها إلى بداية الحرب العالمية الثانية.
كان كريتشنسكي نشطًا (إجتماعيًا) بين تتار بولندا وليتوانيا، فقد شارك عام 1909م في تأسيس جمعية مساعدة المسلمين الفقراء في فيلنيوس.
بين العامين 1929- 1939م كان رئيسًا للمجلس المركزي للإتحاد الثقافي والتعليمي للتتار في جمهورية بولندا، وبين العامين 1933- 1937 ترأس الجالية المسلمة في وارسو، وبين العامين 1937- 1939 عضو مجلس الإدارة الدينية للمسلمين في بولندا “المفتيات”، وشارك في المؤتمر الإسلامي البولندي الأول في فيلنوس عام 1938م.
مؤتمر القاهرة
شارك في ربيع 1925م في حضور المؤتمر الجغرافي الدولي في القاهرة ضمن الوفد البولندي، والذي كانت مهمته أيضا توثيق العلاقة بين بولندا والعالم الإسلامي، وقد لقي كريتشنسكي معاملة خاصة وكريمة؛ حيث قابله العديد من الشخصيات المصرية البارزة، كان أهمها لقاؤه رئيس الوزراء المصري وشيخ الأزهر، كما حصل على وسام مصري كنوع من التكريم. وزار اسطنبول وسوريا وفلسطين والتقى في القدس بالمفتي الحاج أمين الحسيني.
أقام خلال الحرب العالمية الثانية في فيلنوس، وبعد سيطرة الشيوعيين على ليتوانيا وضمها للإتحاد السوفييتي اعتقل في 15 فبراير من عام 1941م، وتم ترحيله إلى عمق الإتحاد السوفييتي في سجن غوركي، وقتل رميا بالرصاص في 2 يونيو من عام 1942م بتهمة معاداة الثورة الشيوعية. وترك ولدان إيغور (1918- 2006م)، وسليم (من مواليد 1938). وفي عام 1989م تم تبرئته من التهم الموجهة إليه.
بدأ أولغيرد كريتشنسكي كلمته في لقاء صحفي مع جريدة مصرية خلال تواجده في القاهرة عام 1925م: ” إنني أتحدث إليكم بوصفي مسلماً تربطني بالماضي ثلاثة عشر جيلاً من المسلمين كانوا يعتبرون بولونيين مواطنين.. وإن ماضي الحضارات الإسلامية لهو ماض مجيد..”.
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=10217960559078196&id=1611567851