مسلمون حول العالم ـ متابعات
يستعرض الدكتور أمين القاسم، الباحث في تاريخ المنطقة، صفحات غير معروفة من تاريخ الإسلام في أوروبا، مسلطًا الضوء على الشخصيات المؤثرة والجاليات المسلمة التي لعبت دورًا محوريًا في الحفاظ على الدين والممارسة الدينية في بيئات غير إسلامية.
هذا المقال يقدم دراسة معمقة عن مفتي مسلمي المجر قبل الحرب العالمية الثانية، ويكشف عن مسيرة حسين حلمي دوريتش في تأسيس الجالية الإسلامية وتنمية الحياة الدينية والثقافية للمسلمين في بودابست
بقلم/ الدكتور أمين القاسم، الباحث في تاريخ المنطقة
مسلمو المجر قبل الحرب العالمية الثانية
ولد حسين حلمي دوريتش عام 1887 في بلدة كروبا بالبوسنة، وكان آخر إمام عسكري يخدم في جيش الإمبراطورية النمساوية المجرية قبل أن يصبح مفتيًا ورئيسًا للجمعية الإسلامية في المجر. تلقى تعليمًا متقدمًا في إسطنبول والقاهرة وأتقن عدة لغات من بينها العربية والتركية والألمانية، ما مكنه من الجمع بين الثقافة الدينية والخبرة العسكرية والسياسية
انخراطه في الجيش والمناصب العسكرية
بدأ جنود البوسنة والهرسك الالتحاق بالجيش المجري منذ عام 1881 وشاركوا ببسالة في الحرب العالمية الأولى. انضم حسين حلمي دوريتش إلى الجيش في عام 1914 وأصيب في إحدى المعارك عام 1915. بعد نهاية الحرب واجه الجنود المسلمون تحديات العودة إلى أوطانهم الأصلية، واستقر بعضهم في المجر لتصبح وطنًا لهم. عمل دوريتش إمامًا في معسكر فوج الجنود البوسنيين، وحصل على رتبة رائد، وتزوج من مجرية وحصل على الجنسية المجرية عام 1927
القيادة الدينية للجالية الإسلامية
في عام 1931 انتخبه المسلمون رئيسًا ومفتيا للجمعية الإسلامية المجرية، التي كانت تضم المستشرق المجري المعروف غيولا عبد الكريم جرمانوس الذي أسلم عام 1930. كان أبرز منافسيه الإمام عبد اللطيف التركي المولود في تفليس والمتوفى في بودابست عام 1946 والمحاضر في اللغة التركية بجامعة بودابست
دوره في المشاريع الإسلامية الدولية
زار الأمير شكيب أرسلان المجر عام 1917 وأيد مشروع بناء مسجد ومدرسة في بودابست وعرض المشروع في المؤتمر الإسلامي العام في القدس عام 1931، لكنه لم يحقق نتائج ملموسة. دعاه أرسلان لاحقًا لحضور المؤتمر الإسلامي الأوروبي الأول في جنيف عام 1935. سعى حسين حلمي دوريتش لبناء مسجد في بودابست، وزار مصر وسوريا وفلسطين والتقى بالحاج أمين الحسيني في مؤتمر القدس عام 1931، كما التقى بشاه إيران وملك العراق، وزار الهند وإمارة حيدر آباد وألبانيا عام 1932
الإسلام في المجر خلال الحرب العالمية الأولى
شهدت المجر تكريمًا للإسلام في عهد الحرب العالمية الأولى، إذ تم إعادة تسمية شارع المتحف في بودابست بشارع محمد تكريمًا للسلطان العثماني وأُقر الدين الإسلامي رسميًا عام 1916. ضحى آلاف البوسنيين بحياتهم دفاعًا عن الإمبراطورية، وفي مقبرة راكوسكيرزتور يرقد حوالي 2129 مسلمًا من البوسنة وألبانيا ومقدونيا وتركيا
الإسهامات العلمية والدينية
ألّف حسين حلمي دوريتش كتابين عن الإسلام باللغة المجرية نُشرا في بودابست عامي 1931 و1935، ونظّم شؤون الحج لمسلمي الإمبراطورية، ونال عدة أوسمة من المجر وألبانيا والبوسنة. توفي عام 1940 ودفن في بودابست، تاركًا إرثًا تأسيسيًا للإسلام الحديث في المجر، والذي شهد قيودًا على ممارسة شعائره بين عامي 1947 و1988
ـ طالع المقال الاصلي: (اضغط هنا).

