مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح ـ جاكوفا
منذ تأسيسها قبل ثلاثة قرون؛ تأبى المنارة التعليمية الإسلامية الأقدم والأكبر في مدينة جاكوفا التاريخية العثمانية “المدرسة الكبرى”، على الانطفاء رغم محاولات مستميتة من قبل جيوش دول بلقانية بجانب حلفائهم الشيوعيين في غلقها وحرقها خلال القرن العشرين الميلادي.
فقد تم غلقها من قبل جيش جمهورية الجبل الأسود في عام 1912م ،والذي حولها لاسطبل للخيول في محاولة لاهانة أهم مدرسة لتعليم العلوم الدينية في المنطقة. ثم تكررت المحاولة بعدها بعقود ولكن من قبل الشيوعيين الألبان المتحالفين مع الصرب في عام 1948م حيث تم غلقها. وفي نهاية القرن وقبل انسحاب الصرب من كوسوفا حرب 1999م، قاموا بحرق المدرسة بالكامل إلا الجدار الذي نجا من الهدم.
وعلى الرغم من محاولات جيوش الصرب والجبل الأسود وحلفائهم الشيوعيين من الألبان على مدار القرن العشرين؛ عادت من جديد في بدايات القرن الحادي والعشرين لتمد إشعاعها الحضاري ونورها القرآني ليس في فقط داخل كوسوفا وحسب؛ بل في أوساط الشعوب الألبانية بدول غرب البلقان.
إنها “المدرسة الكبرى”، التي بناها العالم الألباني الشهير مدرس فاسيل افندي، في عام 1748م، وتحولت على مدار 250 سنة إلى منبع للعلم وقبلة لطلابه ومركز لتكوين العلماء في هذه المنطقة الهامة الاستراتيجية في موقعها الجغرافي والتي تقع على إحدى أهم طرق المواصلات والتجارة في البلقان، وكان السوق الكبير الأثري الذي يعد الأكبر في منطقة البلقان بجوار هذه المدرسة مما جعلها مقصد للمسافرين والمارين كذلك.
وتحولت “المدرسة الكبرى” التي تتبع المشيخة الإسلامية في دولة كوسوفا، بعد إعادة بنائها من جديد من قبل مؤسسات قطرية خيرية؛ ثم كفالتها والانفاق عليها من قبل جمعية إسطنبول الإنسانية والثقافية الدولية، إلى معهد متخصص في تحفيظ القرآن الكريم للاطفال في المرحلة الابتدائية، وأصبح أكبر معهد متخصص في هذا المجال داخل البلاد، كما يدرس به طلبة من خارج كوسوفا، واصبح إسمها: معهد الحفظ “المدرسة الكبرى”.
كوسوفا وغرب البلقان
وفي تصريحات خاصة لـ: “مسلمون حول العالم”، قال الحافظ “كندريم كاميراي“، الأستاذ بمعهد الحفظ، أنه: “يدرس بالمعهد هذا العام 25 طالبًا من مختلف أنحاء كوسوفا، وكذلك من دول مجاورة بمنطقة غرب البلقان حيث تعيش الشعوب الألبانية في كل من غرب دولة مقدونيا الشمالية، ومنطقة ألتشيني في جنوب جمهورية الجبل الأسود، إقليم برشيفا الألباني في جنوب صربيا”.
بيئة عالية الجودة
وبسعادة غامرة، أوضح بأن: معهد الحفظ (المدرسة الكبرى)، “يوفر لطلابه بيئة تعليمية صحية جميلة عالية الجودة في كافة مناحي المعيشة، في التعلم والسكن والطعام والترفيه كذلك”.
وأوضح بأن: التلاميذ الذين تتوسط أعمارهم من بين الصف الخامس والثامن الابتدائي “يقيمون داخل المدرسة في سكن داخلي، ويسمح لهم بمواصلة دراستهم الحكومية بالمدرسة الابتدائية المجاورة للمعهد”.
واشار إلى أن: برنامج تحفيظ القرأن الكريم اليومي “يبدأ في الفترة المسائية في تمام الساعة الثانية والنصف”، لافتًا إلى أنه: “تم تقسيم الطلاب إلى فصلين مبتدئ ومتقدم ولكل منهما برنامجه الخاص في الحفظ”.
وحول أوقات فراغ الطلبة؛ أوضح بأنه يتم استثمارها في “تناول موضوعات إسلامية للنقاش مثل تاريخ الأنبياء، وكذلك يتم تنظيم رحلات وأنشطة ترفيهية وثقافية داخل وخارج المعهد، هذا بجانب المسابقات الرياضية في ملعب المعهد”.
55 حافظ
وعن انجازات معهد الحفظ (المدرسة الكبرى) حتى اليوم، أوضح الحافظ كندريم، بأنه “تخرج حتى اليوم 55 حافظ لكتاب الله من مختلف أنحاء كوسوفا ومن دول مجاورة لنا كذلك في غرب منطقة البلقان”.
خيارات مستقبلية
وبشأن مستقبل الطلبة بعد التخرج وإتمامهم حفظهم لكتاب الله، أوضح الأستاذ الحافظ بالمعهد، بانه: “يمكن للطلاب مواصلة دراستهم الحكومية في المدارسة الثانوية، أو الالتحاق بمدرسة علاء الدين الإسلامية الثانوية في بريشتينا والتابعة للمشيخة الإسلامية بدولة كوسوفا، وكذلك يرغب البعض في تكملة دراستهم الشرعية في إحدى الدول الإسلامية كي يصبح إمام دارس للعلوم الشرعية”.
** شكر خاص للمشيخة الإسلامية في مدينة جاكوفا والأئمة والعاملين على حسن ضيافتنا ومصاحبتنا لزيارة معهد الحفظ “المدرسة الكبرى”، ومعالم المدينة الإسلامية.
https://www.facebook.com/hany.salah.754365/posts/pfbid027TsNE1R4Kgk6eFpwpFo3NQHdbk8SPyzw7fAu9QGiwi4xVoN4zvw1VCHpzfYrfayul
https://www.facebook.com/medreseja2005/posts/pfbid0TUt8rZGBQmdb9pJ1ydEUjPu9HX6rCT9yxxj8BiX4DDVbhJuT3obQZRAmbUKYN7x3l