مسلمون حول العالم ـ متابعات ـ هاني صلاح
ينشر موقع مسلمون حول العالم هذا المقال المهم الذي يسلّط الضوء على واحدة من أكثر القضايا إلحاحًا لدى المجتمع المسلم في الولايات المتحدة، في ظل تصاعد القرارات والتوترات الشعبية التي تمسّ حقوق المسلمين ومؤسساتهم المدنية.
ويقدّم الكاتب قراءة تحليلية هادئة ترصد خلفيات المشهد وتحدياته، وتطرح جملة من التوصيات العملية التي تعزز الوعي وتدعم صمود المجتمع المسلم في مواجهة موجة الاستهداف المتزايدة.
تغريدة الشيخ كفاح مصطفى إمام مركز أورلاند بارك للصلاة في ولاية إلينوي ـ بتصرف
المجتمع الأمريكي المسلم وتحدياته القضائية والشعبية
تابعنا البارحة حادثتين بارزتين في الولايات المتحدة:
ـ الأولى: تمثلت في إعلان حاكم ولاية تكساس تصنيف إحدى أكبر المؤسسات الإسلامية، وهي مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية كيير، باعتبارها منظمة إرهابية، رغم أنها المؤسسة المعنية بالدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين في أمريكا (وهذا القرار لا يزال مثيرًا للجدل قانونيًا وإعلاميًا).
ـ أما الثانية: فهي التظاهرة الشعبية في مدينة ديربورن بولاية ميتشيغان، التي جاءت بدعوى منع المدينة من التحول إلى مدينة ذات غالبية إسلامية، وشهدت محاولات من بعض المتظاهرين لحرق المصحف الشريف.
والحقيقة أننا لا يمكننا فصل هذين الحدثين عن الجو العام السائد في أمريكا تجاه غير الموثقين قانونيًا undocumented، وطريقة التعامل معهم، والتي يُحتجز خلالها كثير من المقيمين قانونيًا بأساليب مهينة إلى أن يثبتوا وضعهم القانوني. كما لا يمكن تجاهل حالة الخوف التي تعيشها الأقليات عمومًا نتيجة احتمالات استهدافها بوسائل متعددة، فضلًا عن شعور عدم الأمان والاستقرار.
بروز تحديات كبيرة يُخشى أن تمتد إلى ولايات أخرى
وفي ضوء هاتين الحادثتين، تبرز تحديات كبيرة يُخشى أن تمتد إلى ولايات أخرى، سواء على المستوى القضائي أو في صورة فورات شعبية يقودها العنصريون.
وقد ساهم في تصاعد هذا المناخ أيضًا ظهور شخصيات سياسية في الانتخابات الأخيرة، مثل زهران ممداني (النائب من أصل هندي وهو مسلم وديمقراطي تقدمي)، إذ أصبحت هويته الدينية مادة سهلة لتحريك المخاوف المرتبطة بادعاءات مثل (الامتداد الإسلامي، وتطبيق الشريعة، وغيرها من المزاعم)، وهي اتهامات هدفها شيطنة المجتمع المسلم لتبرير الهجوم على مؤسساته وقياداته العامة.
ولا يبدو من الممكن فصل خطوة حاكم ولاية تكساس عن المشروع السكني الكبير الذي أُعلن عنه مؤخرًا في الولاية، والذي يضم حيًا متكاملًا يحتوي على منازل سكنية ومسجد ومدرسة ومرافق تجارية (ويُعرف إعلاميًا باسم Epic City). فقد حاول الحاكم منع المشروع، بل أصدر قرارًا يمنع تكرار إنشاء مثل هذه المجمعات، ولا تزال القضية – على ما يبدو – أمام القضاء.
هذه التطورات مجتمعة تضع المجتمع الأمريكي المسلم أمام مرحلة حساسة تتطلب وعيًا عاليًا وقدرة على المواجهة القانونية والتنظيمية للحفاظ على الحقوق الشخصية والمدنية والجماعية.
سبعة محاور أساسية لضمان مواجهة فعّالة وحماية الوجود المدني للمجتمع المسلم
وفي هذا الإطار تتحدد سبعة محاور أساسية ينبغي الانطلاق منها لضمان الاستجابة الفعّالة لهذه التحديات:
1. ضرورة إدراك خطورة هذه المستجدات والتعامل معها بجدية، وألا يكتفي المستهدفون بردود الفعل المؤقتة.
2. تعزيز التضامن بين المؤسسات العربية والإسلامية، وتجنب منطق (هذا لا يعنيني)، حتى لا يتكرر سيناريو أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض.
3. بناء علاقات قوية مع مختلف فئات المجتمع الأمريكي، ليقفوا إلى جانب الفئات المستهدفة ويدافعوا عنها، لأنهم أيضًا قد يكونون عرضة لمثل هذه الاستهدافات.
4. الاستعداد القضائي عبر فرق قانونية خبيرة، وتوفير الموارد المالية اللازمة للدفاع عن حقوق المسلمين والأقليات.
5. عقد اجتماع شامل لممثلي وقيادات المؤسسات الإسلامية، لوضع خارطة طريق واضحة تُمكّن المسلمين من مواجهة هذه التجاوزات، وتمنح المجتمع الثقة بوجود من يدافع عنه.
6. إبراز إسهامات المجتمع المسلم في الحياة العامة داخل الولايات المتحدة، وتأكيد أنه جزء أصيل من النسيج الوطني الأمريكي مسهم في تقدمه واستقراره.
7. استمرار المجتمع المسلم في ممارسة دوره الطبيعي وتربية أبنائه والانخراط في الحياة المدنية، مع التمسك بالحقوق الدستورية وعدم التراجع عنها.
ختامًا، يمكن الرجوع إلى بعض الردود الأولية الصادرة عن مسؤولي مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، سواء عبر البيان الرسمي أو عبر التصريحات التي أدلى بها قيادات المجلس مثل نهاد عوض، وكذلك تصريحات أحمد رحّاب في شيكاغو.