مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

المعلمة البلغارية “سابيا”: أهم مهمة لي “زرع حب الإسلام في قلوب تلامذتي”

حوار خاص مع "سابيا ميداروفا" المعلمة بدار الإفتاء العامة في بلغاريا

مسلمون حول العالم ـ خاص
أجرى الحوار: هاني صلاح

قالت المعلمة بدار الإفتاء العامة في بلغاريا، “سابيا ميداروفا“، بأن: “المهمة الرئيسية لي والأكثر أهمية في عملي، أن أزرع في قلوب تلامذتي حب الإسلام أولًا، وذلك بشرحه لهم بشكل صحيح يدفعهم للافتخار بهويتهم الإسلامية”.

جاء ذلك في حوار خاص لها مع موقع “مسلمون حول العالم”، حول دورها في الدعوة والتعليم الإسلامي في دورات تعلم مبادئ الإسلام بمساجد منطقة “بلاغوفغراد” التي تقع في جنوب غرب بلغاريا.

يذكر بأن المعلمة “سابيا ميداروفا” قد علمت المئات من الأطفال مبادئ الإسلام في دورات القرآن الكريم بمساجد منطقتها، كما تقوم حاليًّا بتعليم نحو 100 طفل وطفلة في مساجد قريتها.

وإلى الحوار..

المحور الأول: التعريف بضيفة الحوار

ـ اعتدنا في كافة حواراتنا تقديم الضيف لجمهورنا الكريم؛ فهل من نبذة تعريفية عنكم؟

ـ ولدت وأعيش في قرية “يوروكوفو” الخلابة الجميلة بمنطقة “بلاغوفغراد”، في جنوب غرب بلغاريا. منذ الصغر نشأت على مبادئ الإسلام، وحضرت دورة القرآن الكريم في مسجد قريتنا.

درست العلوم الإسلامية الدينية في المعهد الإسلامي العالي في العاصمة صوفيا، والتابع لدار الإفتاء العامة في بلغاريا. بالإضافة إلى ذلك حصلت على شهادة في إدارة الأعمال من جامعة مدينة بلوفديف في عام 2006م.

عملت معلمة في دار الإفتاء في دورات القرآن الكريم الصيفية (شهرين) والشتوية (8 أشهر)، والتي تعد من أهم الأنشطة التعليمية التي تشرف عليها دار الإفتاء العامة في بلغاريا، ويحضرها آلاف الأطفال من البنين والبنات في غالبية جوامع ومساجد بلغاريا، حيث قمت بتعليم مئات الأطفال.

أشارك في الدورات التدريبية للمعلمين والمعلمات التي تنظمها بشكل دوري إدارة التعليم في دار الإفتاء، كما حضرت دورات تدريبية وندوات علمية دينية في جمهورية تركيا المجاورة لنا.

في الوقت الحالي، أقوم بإدارة دورات لتعليم مبادئ الإسلام والتلاوة الصحيحة للقرآن الكريم للأطفال من البنين والبنات، وذلك في ثلاثة مساجد في منطقتنا. كما أقوم بالتدريس بشكل مباشر لنحو 100 طفل وطفلة من مختلف الفئات العمرية.

أعتقد أنه لشرف لي أن أعمل من أجل الإسلام وتعليم الأطفال الصغار والشباب اليافعين مبادئ الإسلام الأساسية، وأؤمن بأن الإسلام خير من يحفظنا كأشخاص ويحفظ مجتمعنا كذلك؛ لذا أواصل رسالتي بإيمان وحب وقناعة أنها خير رسالة يمكن أن نقدمها في الحياة.

المحور الثاني: واقع مسلمي بلغاريا اليوم

2ـ سؤال يطرح نفسه في بداية حوارنا: هل بلغاريا “اليوم” كما هي في نظرتها إلى الإسلام وتعاملها مع المسلمين كما كانت في “الأمس”؛ أم هناك تغيير إيجابي، وما سمات هذا التغيير على أرض الواقع؟

الحمد لله، هناك تغيير كبير إيجابي؛ فنحن –المسلمين- لدينا اليوم فرصة أن نعيش بالإسلام، ونتعلم ونعلّم مبادئ الإسلام لأطفالنا بكل حرية ودون أي تضييق علينا. كما لنا الحق في تنظيم الاحتفالات الدينية والأنشطة الاجتماعية المختلفة في مناطقنا.

لسوء الحظ، لم يكن هذا هو الحال دائمًا في الماضي خلال القرن العشرين، فقد عاش آباؤنا وأجدادنا أوقاتًا صعبة للغاية، وكانت أصغر مظاهر التدين حتى بين عوام المسلمين من الناس البسطاء تُعرِّض أصحابها للتجريم في المحاكم والاضطهاد الشديد.

وقد وصل الحال بمسلمي بلغاريا أنهم حُرموا من أسمائهم الإسلامية، ولم يصبح لهم أي حق في تسمية أبنائهم بأسماء إسلامية. وقد انتهى كل هذا في نهاية القرن بعد سقوط الشيوعية في البلاد.

ـ إذن هناك تغيير إيجابي في واقع مسلمي بلغاريا اليوم.. وهذا يدفعنا للسؤال عن مدى مشاركتهم في المجتمع كأفراد ومؤسسات؟

الآن، يشارك المسلمون في جميع مجالات الحياة العامة في بلغاريا. بالطبع كان يمكن أن تكون هذه المشاركة أكثر وبشكل أفضل، لكن اليوم أفضل من الأمس، وأملنا أن يصبح الغد أفضل من اليوم؛ لذا علينا مواصلة العمل والمشاركة كمواطنين بلغاريين في بناء بلدنا.

وأحب أن أؤكد بأن المسلمين في بلغاريا أشخاص مجتهدون ومخلصون لبلدهم، ومنضبطون بالقوانين والضوابط، ويمكنهم تحقيق المزيد من النجاحات في جميع المجالات؛ لذلك آمل أن تنمو مساهمة المسلمين في تنمية مجتمعنا في المستقبل.

المحور الثالث: أولويات دعوية

4 ـ بعد أن عملتِ معلمة بدار الإفتاء العامة في بلغاريا، وقمتِ بدور كبير في تعليم الأطفال في دورات القرآن في المساجد.. ماذا كانت أبرز أولوياتك؟

المهمة الرئيسية لي والأكثر أهمية في عملي، أن أزرع في قلوب تلامذتي حب الإسلام أولًا، وذلك بشرحه لهم بشكل صحيح يدفعهم للافتخار بهويتهم الإسلامية وأسمائهم الإسلامية، وبالنسبة للفتيات الاعتزاز بزيهن الإسلامي والحجاب.

وهي نفس الأولوية مع الناس والكبار كذلك؛ فأهم مهمة بالنسبة لي هي زيادة وعي الناس بالإسلام. يجب أن يتعرفوا على الإسلام أولًا بشكل صحيح. وبعد ذلك أنا متأكدة من أنهم سيحبونه.

بالطبع هذا يحدث ببطء، وبعد بذل الكثير من العمل والصبر، لكن علينا أن نتحلى بالثقة في النفس كي نحقق هذا النجاحات، وأنا متفائلة جدًّا، وآمل أن يزدهر الإسلام في قلوب وحياة المزيد من الأطفال، وكذلك في أوساط عائلاتهم ومعارفهم.

حقيقة، أشعر بالسعادة وأنا أشاهد تقدم طلابي في دورات القرآن الكريم وتحقيقهم كثيرًا من الإنجازات والنجاحات في تعلّم وتطبيق مبادئ وأخلاق الإسلام.

والآن، بدأنا نرى ثمار الجهود التي بذلت في السنوات الأخيرة، على سبيل المثال: كان عدد الأطفال الذين يحملون أسماء إسلامية ويدرسون في مدارس ذات مستوى تعليم عالٍ قليلًا جدًّا، ربما واحد أو أكثر بقليل، بينما اليوم نرى الكثير من أطفال المسلمين وبأسماء إسلامية يملئون المدارس المشهورة بتعليمها العالي.

أيضًا، لدينا أيضًا نماذج مشرفة لنساء يعملن في مجالات مختلفة كطبيبات أو معلمات ويرتدين الحجاب، وعددهن في ازدياد مستمر.

المحور الرابع: عقبات وتحديات

ـ وفق الأولويات التي أشرتم إليها سابقًا؟ ما هي أبرز التحديات والعقبات التي تواجهكم؟

حقيقة، العقبات والتحديات كثيرة، لكن يمكنني أن أشير إلى أن المشكلة الرئيسة تتمثل في انتشار الجهل بالإسلام مع سوء فهم له، حتى بين المسلمين أنفسهم؛ بل كثيرون منهم يتعاملون مع الإسلام من منطلق الخوف والريبة.

أذكر بأنه أتيحت لي فرصة العمل في أحد الأمكنة التي لا يعرف فيها الناس الإسلام تقريبًا، ويعاملونه بارتياب شديد.

لكن مع الوقت وبذل جهد كبير متواصل، بدأت تتغير نظرتهم للإسلام. والآن، أصبح لديهم هناك أشخاص يصلون في المسجد المبني حديثًا عندهم، ويحرصون على فتح وتعمير المسجد بالعبادة.

وكما ذكرت في إجابتي على السؤال السابق؛ فإن أهم مهمة بالنسبة لي هي زيادة وعي الناس بالإسلام وبعد ذلك سيحبونه.

المحور الخامس: إنجازات ونجاحات

6 ـ على مستوى مسلمي بلغاريا ومؤسساتهم، ماذا عن الإنجازات التي تحققت بالفعل حتى اليوم؟

شهد الثلاثون عامًا الماضية تغييرات إيجابية من حيث الديمقراطية والانفتاح على الحريات الدينية، وهو ما ساهم في تحسين وضع مسلمي بلغاريا، وتنمية وتطور مؤسساتهم الدينية والتعليمية. لكن لا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به في هذا الاتجاه.

اليوم، نحن نقوم بتعليم الأطفال بحرية في المساجد من خلال دورات تحفيظ القرآن الصيفية والشتوية، والتي تركز على مبادئ الإسلام الأساسية وتعلم التلاوة الصحيحة للقرآن الكريم.

كما نقوم مع الأطفال في المساجد وخارجها بالعديد من الأنشطة الثقافية والترفيهية؛ بل والخيرية لصالح الأيتام.

لكن هذا لا يكفي؛ فلدينا في بلغاريا 3 مدارس إسلامية فقط للتعليم الثانوي، ونحن بحاجة لأكثر من هذا لإدراج المزيد من الأطفال من جميع أنحاء بلغاريا.

أيضًا، وعلى سبيل المثال هناك مؤسسات تعليمية مازالت تنقصنا، فليس لدينا مركز تعليمي متخصص واحد للفتيات لتحفيظ القرآن.

المحور السادس: مستقبل مسلمي بلغاريا

لترسيخ الوجود الإسلامي بشكل إيجابي فعال في بلغاريا.. ما هي أبرز توصياتكم المستقبلية؟

بداية، أؤكد أنه لا يمكن أن يكون لمشاركة المسلمين “الصالحين” و”المتعلمين” في مختلف مجالات الحياة في بلغاريا سوى تأثير إيجابي، ليس فقط على تحسين وضع المسلمين، بل وعلى تنمية بلادنا وازدهارها في جميع مجالات الحياة؛ لذلك تتركز مهمتنا الرئيسية على تثقيف المسلمين وتعريفهم بالإسلام ومبادئه وأخلاقياته، وفي ذات الوقت علينا أن نساهم مع الآخرين كأفراد ومؤسسات في تنمية مهاراتهم في تخصصاتهم كي يتحقق لهم النجاح في عملهم مستقبلًا.

المحور السابع: رسالة للمعنيين

ـ هل تودون إرسال رسالة للجهات المعنية بشئون مسلمي بلغاريا؟

ـ رسالتي هي لكل من يعمل على نشر الإسلام والتعريف به؛ علينا الصبر والمثابرة مع الاستمرار وعدم التوقف لمجرد أننا لم نر نتائج عملنا.

أعتقد بأنه ينتظرنا طريق طويل حتى نحقق أهدافنا في تعريف المسلمين على الإسلام من جهة، وفي إشعار غير المسلمين بالأمان والاطمئنان من جهة أخرى.

هذا كله يتطلب الكثير من العمل والجهد، ولكننا سنتمكن من السير فيه بإذن الله.

وعلينا ألا ننسى أنه كلما زادت العقبات والصعوبات والتحديات؛ زادت قيمة العمل الذي نقوم به، وزادت قيمة الأشخاص القائمين على هذه الأعمال.

 

التخطي إلى شريط الأدوات