مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

برلمان مقدونيا الشمالية يعتمد رسميًا مدرسة “عيسى بك” الإسلامية ضمن المنظومة التعليمية الوطنية

الخطوة التي وُصفت بالتاريخية اعتُبرت نقلة نوعية تعزز من حضور التعليم الديني كجزء أصيل من المنظومة التعليمية الوطنية.

مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح

في خطوة وُصفت بالتاريخية، أقرّ البرلمان في جمهورية مقدونيا الشمالية خلال جلسته الـ64 المنعقدة في 29 يوليو 2025 قانون المؤسسات التعليمية الثانوية التابعة للجماعات الدينية، ما يتيح الاعتماد الرسمي الكامل لمدرسة “عيسى بك” الإسلامية في العاصمة اسكوبيا، والتابعة للمشيخة الإسلامية. وقد حظي القانون بموافقة 80 نائبًا، ليشكّل محطة فارقة في مسار التعليم الديني وتعزيز مبدأ المساواة التعليمية في البلاد.

وبموجب هذا القرار، سيتمتع طلبة مدرسة “عيسى بك” اعتبارًا من سبتمبر 2025 بكافة الحقوق والامتيازات التي يحصل عليها خريجو المدارس الثانوية المعتمدة الأخرى. وأعربت إدارة المدرسة عن شكرها العميق للحكومة ورئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء ووزيرة التعليم ونائبها، إلى جانب أعضاء البرلمان وممثلي الجماعة الإسلامية، تقديرًا لجهودهم في إنجاز هذا المسار التشريعي.

ويجسد هذا الاعتماد الرسمي التزام الدولة بتطوير التعليم الديني وفق معايير عصرية متطورة، مما يعزز مكانة مدرسة عيسى بك كصرح تعليمي رائد يجمع بين التعليم الديني والتعليمي المهني، ويوفر بيئة تعليمية متكاملة تعد أجيالًا قادرة على مواجهة تحديات العصر ومواكبة التطورات العلمية.

تؤكد مدرسة عيسى بك الثانوية الإسلامية أن هذا الاعتماد يمثل نقطة انطلاق جديدة نحو آفاق أوسع من التميز والتطور، معبرة عن عزمها على مواصلة دورها الرائد في نشر قيم العلم والمعرفة بما يتماشى مع متطلبات العصر ورؤية الدولة المستقبلية في دعم التعليم الديني والمهني.

مدرسة عيسى بك الثانوية الإسلامية في العاصمة اسكوبيا..

منارة التعليم الديني والمهني في مقدونيا الشمالية

تُعتبر مدرسة عيسى بك الثانوية الإسلامية في العاصمة اسكوبيا من المؤسسات التعليمية الرائدة التي تجمع بين التعليم الديني والتكوين المهني الحديث في مقدونيا الشمالية، وتعمل تحت إشراف مباشر للمشيخة الإسلامية في الدولة. تأسست المدرسة لتعزيز الهوية الإسلامية لدى الشباب، مع توفير فرص تعليمية متكاملة تواكب متطلبات العصر الحديث.

تحمل المدرسة اسم مؤسسها “عيسى بك”، الذي أسس إلى جانب المدرسة مكتبة ومسجدًا يحملان اسمهما حتى اليوم، ويُعتبر مسجد عيسى بك الذي بُني عام 1475 من أبرز المعالم التاريخية في سكوبي. رغم التحديات التي واجهتها المدرسة عبر القرون، من حروب ودمار، نجحت في إعادة إحياء رسالتها التعليمية والانفتاح على تطوير مناهج حديثة تلبي احتياجات الطلاب.

تعتمد المدرسة مناهج تعليمية شاملة تضم نحو 30 مادة تشمل اللغات الأم (الألبانية، المقدونية، التركية)، واللغة العربية كلغة مهنية، والإنجليزية كلغة أجنبية. كما تقدم المدرسة مواد علمية متنوعة، مما يؤهل الطلاب للحصول على تعليم متوازن بين الدين والعلوم الحديثة.

يمتد مجمع المدرسة على مساحة واسعة تتضمن مبنى المدرسة الرئيسي المجهز بفصول دراسية، مساجد صغيرة للصلاة، مكتبة، مكاتب إدارية، بالإضافة إلى سكن داخلي يتسع لمئات الطلاب مجهز بكافة الوسائل الحديثة، ومطعم متكامل يقدم وجبات صحية. كما توفر المدرسة نظام تدفئة مركزي وبنية تحتية آمنة تضم ملاجئ للطوارئ، مما يعكس حرص الإدارة على سلامة وراحة الطلاب.

إلى جانب الفرع المركزي في اسكوبيا، تمتلك المدرسة فروعًا متعددة في مناطق أخرى مثل تيتوفو وغوستيفار وشتيب، وتخصص فروعًا للبنات في عدة مدن، الأمر الذي يدل على حرص المشيخة الإسلامية على توفير فرص التعليم للجميع بغض النظر عن الجنس أو الموقع الجغرافي.

يوفر النظام التعليمي في المدرسة فرصة التعليم المجاني للطلاب، حيث تتحمل المشيخة الإسلامية جميع النفقات التشغيلية، مما يسهل وصول التعليم إلى أوسع شريحة ممكنة من المجتمع.

منذ إعادة افتتاحها في ثمانينيات القرن الماضي، استقبلت مدرسة عيسى بك آلاف الطلاب الذين تخرجوا منها حاملين شهادات معترف بها، مع تزايد ملحوظ في أعداد الطالبات، مما يعكس توجهًا إيجابيًا نحو تعزيز التعليم النسائي الديني والمهني في مقدونيا الشمالية.

تواصل مدرسة عيسى بك الثانوية الإسلامية في اسكوبيا تأدية دورها الحيوي في تربية جيل مسلم متعلم، متوازن بين الأصالة والمعاصرة، ويعدها رافدًا أساسيًا في بناء مجتمع مدني واعٍ قادر على مواجهة تحديات العصر. تمثل المدرسة نموذجًا ناجحًا في دمج التراث الإسلامي مع متطلبات التعليم الحديث في منطقة البلقان.

التخطي إلى شريط الأدوات