مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

بعد انقطاع دام 20 عامًا.. تنظيم احتفالية قرآنية مهيبة في قرية حاجي محلة بمنطقة سترويا جنوب بلغاريا

القرى البلغارية المسلمة التي قاومت لعقود محاولات طمس الهوية الإسلامية تشهد تدريجيًا عودة معلنة للقرآن

مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح

في مشهد يبعث الأمل ويجدد الوصل مع الجذور الإسلامية، شهدت قرية حاجي محلة التابعة لمنطقة سترويا في بلغاريا تنظيم ختمة قرآنية مهيبة بعد انقطاع دام عشرين عامًا، في علامة فارقة على عودة الحياة الدينية إلى الريف البلغاري بعد سنوات من التغييب القسري والضغوط الثقافية.

تحت رعاية مفتي منطقة بورغاز وبالتعاون مع بلدية روان، تجلّت هذه المناسبة المباركة كثمرة لجهود المعلمة هَوى محمد هوجا، التي تفانت في تعليم القرآن الكريم لأبناء القرية حتى أتمّ 21 طالبًا حفظ أجزاء مباركة من كتاب الله.

المسيرة القرآنية

انطلقت مسيرة الطلاب بالتكبير والصلوات نحو ساحة الختمة وسط جمع من الأهالي والزائرين، في طقس لم يكن مجرد احتفال، بل عودة معلنة لروح القرآن إلى القرى البلغارية التي قاومت لعقود محاولات طمس الهوية الإسلامية.

حضرت المراسم ثلة من القيادات الدينية والرسمية، وافتتحت الفعالية بتلاوات قرآنية، أناشيد ومدائح نبوية وقصائد روحية، في لوحة إيمانية استحضرت إرث الأجداد وعمّقت الوعي الجماعي بأهمية حفظ القرآن كمصدر للهوية والانتماء، خصوصًا في بيئات طالها التهميش الديني لعقود.

بعد نجاح ختمة مشابهة الأسبوع الماضي في قرية كيراك محلة، تشهد المنطقة استعادة تدريجية لمظاهر التديّن الجماعي، وعودة متصاعدة لختمات القرآن كموروث روحي واجتماعي يعيد رسم ملامح الحضور الإسلامي في المشهد البلغاري.

اختتم الحفل بدعاء مؤثر، وتوزيع شهادات التقدير والهدايا، ووجبة جماعية جمعت أهل القرية وضيوفها في مشهد أخوي يعبر عن دفء الانتماء وعمق الروحانية. ووجهت كلمات الشكر والتقدير لجميع القائمين على هذا العمل المبارك، مع دعوات مستمرة بأن يظل نور القرآن منارة تهدي الأجيال القادمة.

صحوة قرآنية مستمرة ورسالة أمل

لا تقتصر هذه الختمة على مناسبة دينية عابرة، بل تعكس صحوة إسلامية صامتة تتنامى في الريف البلغاري بفضل الجهود المتواصلة للمعلمين والمشايخ المحليين الذين يكرسون أنفسهم لتعليم القرآن وتثبيت الهوية الدينية.

الهوية الإسلامية في النسيج الجغرافي والاجتماعي لمنطقة روان وبورغاز

تقع قرية حاجي محلة ضمن بلدية روان في شمال محافظة بورغاز جنوب شرق بلغاريا، وهي من المناطق الريفية التي تحتفظ بهوية إسلامية قوية بين السكان ذوي الأصول التركية-البلغارية، رغم سنوات التهميش في العهد الشيوعي. تلعب بلدية روان دورًا مهمًا في التنسيق بين السلطات المحلية والمشيخة الإسلامية لدعم التعليم الديني والفعاليات القرآنية في قرى مثل حاجي محلة وكيراك محلة، مستفيدة من موقعها الجغرافي الذي يجمع بين العزلة الريفية والتواصل المحدود بالمراكز الحضرية.

أما مدينة بورغاز، عاصمة المحافظة، فتقع على الساحل الغربي للبحر الأسود ضمن إقليم تراقيا الشمالية، وتعد رابع أكبر مدن بلغاريا، ومركزًا صناعيًا ونقلًا بحريًا وجويًا رئيسيًا، إذ تضم أكبر مصفاة نفط في جنوب شرق أوروبا، إضافة إلى ميناء ومطار كبيرين. هذا الموقع الاستراتيجي يجعل بورغاز نقطة التقاء بين التطور الصناعي والتنوع الثقافي، حيث تحافظ القرى الإسلامية في المحافظة على هويتها وتراثها وسط نسيج متنوع.

التخطي إلى شريط الأدوات