مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح
تعد مدينة بيرات، التي تقع في شمال الجنوب الألباني، مركز متميز وفريد للتراث الإنساني المادي والمعنوي في أبهى صوره.
فتاريخ المدينة الطويل (2400سنة)، خلف على مدار حقبة زمنية متعاقبة معالم أثرية هامة عكست تطور الفنون المعمارية بطابعها الإنساني المتنوع، بدءًا من الحقبة الإليرية (أجداد الألباني) بأربعة قرون قبل الميلاد، ومرورًا بالعصر البيزنطي بسمته الأرثوكسي، وانتهاءً بالعصر الإسلامي بطابعه العثماني.
هذه الحقب الزمنية الطويلة المتعاقبة أنتجت تراث مادي كبير ومتنوع بجانب تراث معنوي فريد ومميز تمثل في عادات وتقاليد راسخة لدي سكان هذه المنطقة انعكس على التعايش السلمي الايجابي بين أبناء المجتمعات الدينية بالمدينة، مما ساهم بشكل كبير في الحفاظ على هذا الإرث الإنساني التاريخي البديع والفريد من نوعه وعدم ضياعه حتى اليوم.
وهو الأمر الذي دفع بالحكومة الألبانية عام 1961 إلى إعلان بيرات “مدينة متحفية” محمية من الدولة، كما أضيفت لاحقًا إلى قائمة اليونسكو للتراث الثقافي عام 2008 باعتبارها مثال نادر لمدينة عثمانية الطراز، ونموذج فريد في التعايش بين أتباع الديانات السماوية.
معالم المدينة الأثرية
وتتميز المدينة بوجود قلعة تاريخية بُني الجزء الرئيسي منها في القرن الثالث عشر، إلا أن أساسياتها القديمة ترقى إلى القرن الرابع قبل الميلاد. وتشمل منطقة القلعة أطلال قصر قديم، بجانب كنائس بيزنطية عديدة، يعود معظمها إلى القرن الثالث عشر، ويحوي عدد منها رسوماً جدارية وأيقونات قيمة.
كما تضم أسوار القلعة التاريخية أطلال لمسجدين أثرين مهدمين، أحدهما بني قبل الحقبة العثمانية التي بدأت في عام 1417م وهو المسجد الأحمر، والذي يعد وفق مؤرخين أول مسجد تم بنائه في ألبانيا. بينما المسجد الثاني “المسجد الأبيض” تم بنائه لاحقًا بعد سيطرة العثمانيين على قلعة المدينة.
وفي مدينة بيرات، ـ التي توسعت وازدهرت تدريجيًا خلال الحقبة العثمانية ـ خارج أسوار القلعة، وبمحاذاه نهر أوسوم في الأسفل، تم بناء عدد من المساجد الأثرية الهامة خلال الفترة العثمانية وعلى مدار قرون متتالية، عكست وفق تواريخها الزمنية المتعاقبة التطور التدريجي لفنون العمارة الإسلامية بطابعها العثماني وسمتها الالباني معًا.
وتحوي أحياء مدينة بيرات التاريخية الثلاث (القلعة، مانجاليم، جرويتسا) كذلك بيوتاً عدة للطوائف الدينية، وقد استخدم بعضها بالأخص من جانب الأخوية الصوفية في القرن الثامن عشر، ومساكن مصانة صيانة جيدة تتسم بأسلوب معماري بديع مميز.
زيارتين
موقع “مسلمون حول العالم” زار مدينة بيرات مرتين قبل وبعد شهر رمضان هذا العام 2023م، وقام بتصوير معالمها التاريخية الأثرية.
وخلال زيارتنا الثانية في 27 إبريل 2023م، قام سماحة مفتي المدينة الشيخ “أميريون فاثاي – Amirjon Vathaj” باستقبالنا والترحيب بنا بحفاوة بالغة وبمصاحبتنا على مدار يوم كامل للتعريف بما تبقى من معالمها الأثرية.
وقام سماحة مفتي المدينة الشيخ أميريون فاثاي، بشرح دقيق وجميل لبعض من أسرار هذه المدينة التاريخية العتيقة..
وخلال الأيام القليلة القادمة يبدأ موقع “مسلمون حول العالم” في نشر تقارير معلوماتية على الموقع الالكتروني “مسلمون حول العالم”، بالإضافة لمجلدات مصورة على (صفحة الفيسبوك)، وكذلك فيديوهات عن معالم المدينة التاريخية والأثرية على (قناة اليوتيوب).
شكر وتقدير
وفي الختام، يشكر موقع “مسلمون حول العالم”، فضيلة مفتي بيرات على حسن استقباله ومصاحبته لنا في جولتنا التصويرية لمعالم مدينة بيرات، وكذلك الشكر الكبير للمشيخة الإسلامية الألبانية في تيرانا العاصمة، ممثلة في إدارة “تنسيق التواصل مع العالم العربي” برئاسة فضيلة الشيخ “إرمير جانا” على كافة التسهيلات التي قدمت لموقع “مسلمون حول العالم” للنجاح في مهمته الإعلامية في إلقاء الضوء على التراث الإسلامي في مختلف محافظات ألبانيا.
https://www.facebook.com/hany.salah.754365/posts/pfbid0ALVnaDTkseXC8YxWx3ppTZsuAhJ9Q2NZcaTa2BzLGyCPs9cVEB22e218HayVW3Aal