(26) حوار بريطانيا الثاني ـ 2016م
“لا يزال دور المرأة البريطانية المسلمة دون المستوى المطلوب.. المرأة ليست مُمثَّلة في المؤسسات ولجان الإدارة والنقاش بشكل كبير.. لابد من تركيز الجهود على رعاية الطاقات النسائية وتقديمهن على كل الأصعدة”.
أدار الحوار: هاني صلاح/
بهذه الكلمات، ألقت الضوء “رغد التكريتي”؛ الناشطة في مجال العمل النسائي في بريطانيا وأوروبا، على أبرز تحدٍّ يحدُّ من دور مسلمات بريطانيا، ويتمثل في عدم تمثيلها بالشكل المناسب في المراكز القيادية بالمؤسسات الإسلامية، وهو ما يقلل من فرص مشاركتها في القرارات الصادرة عنها.
إلا أنه على المستوى المجتمعي في بريطانيا، فالصورة مغايرة.. “المرأة المسلمة البريطانية موجودة بشكل ظاهر في الشارع والمدارس والأعمال، وقد شغلت وظائف هامَّة في مجالات عديدة؛ كالطب والمحاماة والتعليم والبنوك والتدريب وغيرها”، وفقًا لـ”رغد” – عضو مجلس شورى الرابطة الإسلامية في بريطانيا.
وأشارت ضيفة الحوار من بريطانيا، وهي ناشطة في مجال الحريات وحقوق الإنسان، إلى أن التحديات التي تواجه المرأة المسلمة في بريطانيا كثيرة، وخصوصًا أنه: “مع الحجاب يُصبح اندماجها ـ نوعًا ما ـ أصعب من الرجل، وتجد أحيانًا العوائق، خصوصًا في مجال العمل؛ لأن مظهرها يُلقي بعض الأفكار السلبية في أذهان من يقابلونها، والذين استقوا معلوماتهم من الإعلام السلبي في الغالب”.
التحديات داخل بيت المرأة المسلمة لا تقل عن خارج بيتها، فـ”المرأة المسلمة كذلك مسئولة عن أسرتها وأولادها بالدرجة الأولى، ومع انتشار التحديات التي تواجه الأطفال والشباب بشكل عام، تكون مسئولياتها مضاعفة، والتحديات أمام التكنولوجيا الحديثة التي تغزو الأسر أشد، وتعلُّم طرق الوقاية والتوجيه من الأمور التي تهتم بها الأم المسلمة بشكل أساس”.
جاء ذلك في سياق حوار: “مسلمات بريطانيا.. بين تحدِّيات الواقع.. وتطلُّعات المستقبل”، وهو الحوار الثاني عن بريطانيا، والسادس والعشرون في سلسلة “حوارات الأقليات المسلمة على الفيسبوك”، والتي تأتي في سياق برنامج للتعريف بواقع الإسلام والمسلمين حول العالم.
وقد أُجري الحوار على الفيسبوك خلال شهر فبراير 2016م، ونشر على موقع مرصد الأقليات المسلمة، فإلى الحوار..
المشاركة الأولى.. من: حسين الصيفي؛ ناشط في مجالات الدعوة والإعلام، ومدير مكتب هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في البرازيل، تتضمن سؤالين (أرقام: 1، 2):
1 ـ هل لمسلمي بريطانيا ممثلون في البرلمان البريطاني، وإن وجد، فهل هم قادرون على حماية الحقوق والحريات؟
لا يوجد في البرلمان البريطاني ممثلون للمسلمين، ولكن يوجد برلمانيون مسلمون يمثلون كل أعضاء دوائرهم الانتخابية، سواءً كانوا مسلمين أو غير مسلمين، ولا أحد فيهم يُعرِّف بنفسه كممثل للمسلمين.
2 ـ هل هناك إعلام إسلامي، وهل تعدَّل الخطاب الديني ليصبح أقرب لعقل وقلب المواطن البريطاني؟
هناك قناة إسلام (Islam Channel) التي كان الغرض منها خطاب المسلمين حول العالم وغير المسلمين الذين يريدون التعرف على الإسلام، وهي تُقدَّم باللغة الإنجليزية، لكن بالرغم من وجود تلك القناة؛ فهي لا تغطي الحاجة إلى إظهار وجهة النظر الإسلامية، وخصوصًا أن عدد متابعيها محدودٌ جدًّا، سواءً من المسلمين أو غيرهم، مقارنة بمشاهدي القنوات الأخرى.
هناك أيضًا بعض المحطات الإذاعية المحلية في بعض المدن التي يكثر فيها عدد المسلمين، وتكون بلغات الأقليات المتواجدة في تلك المدن، وفي بعض الوقت تُقدَّم المواد باللغة الإنجليزية التي لا تناسب المستمع البريطاني غير المسلم، وربما تظهر هذه القنوات الإذاعية حول المواسم الدينية كشهر رمضان مثلًا.
لذا فالمجال لا يزال شاغرًا للإعلام الإسلامي المبدع، والذي يتنافس مع بقية قنوات الإعلام، بحيث يقدم ما يجذب إليه المشاهدين، ويقدم لهم الحوارات والبرامج التي تعالج قضاياهم الخاصة في بريطانيا.
هناك أشخاص ومؤسسات إسلامية تحاول تقديم مادة للنشر عبر وسائل الإعلام الأجنبية التي تخاطب الجمهور البريطاني، لكنَّ أكثرها إلى الآن ذو طابع إخباري تفاعلي مع الأحداث، فضلًا عن كونها تعمل في مجال الفن والإعلام الهادف بكل أشكاله، وهناك جهود حثيثة لإظهار الصوت المسلم في قنوات الإعلام البريطاني المعتمدة.
المشاركة الثانية.. من: خالد الأصور؛ باحث في شئون الأقليات المسلمة، السؤال رقم (3):
3 ـ القضايا التي تكون النساء طرفًا فيها ويثيرها أعداء الإسلام، ما أكثرها! مثل: الحجاب، وتعدد الزوجات، والعنف.. سؤالي: هل السيدات المسلمات في الرابطة الإسلامية تنشطن في هذا الاتجاه؟
كما ذكرت فإن المرأة تُؤتَى من كل جانب، وهي الثغرة التي يدخلون عبرها إلى أكثر الشبهات والاتهامات التي تُكال للإسلام.
النساء نشطْنَ منذ بداية تواجدِهنَّ في بريطانيا في أن يَقُمْنَ بأنشطة نسائية داعمة لوجودهنَّ في هذه البلاد، والمحافظة على هويات أولادهن العربية أو الإسلامية، وقد كانت طبيعة الأنشطة في السابق تناسب المغتربين الذين بِنيَّتِهم العودة إلى مواطنهم.
لكن مع تقادم المسلمين في بريطانيا، وتَغيُّر وصفهم بالمقيمين، وبالأجيال التي نشأت في هذه البلاد، أصبحت الحاجة أكثر إلحاحًا إلى تقديم أنشطة تتواصل فيها المرأة مع المجتمع الذي تعيش فيه، وأصبح جزء كبير من الرد على الأمور الخاصة بالمرأة المسلمة، والتي ذكرتها في مقدمة سؤالك تقع على عاتق المرأة المسلمة.
القسم النسائي في الرابطة الإسلامية يعمل على دعم المرأة المسلمة، وتقديم ما تحتاجه من وسائل مؤثرة تعزز الثقة بنفسها؛ كي تتواصل مع مجتمعها، فالقسم النسائي ينشط للتواصل مع كل النساء، سواءً في الرابطة أو خارجها، كما يتواصل مع النساء في كافة المدن لدعمهنَّ، والتعرف على أنشطتهنَّ المحلية، وتبادل الأفكار والتجارب والأنشطة بين المدن.
التواصل قائم كذلك مع المؤسسات النسائية الأخرى على الصعيد البريطاني أو الأوروبي، والدفع بعناصرِهِنَّ للإسهام فيما يغيِّر نظرة المجتمع إلى المرأة المسلمة، وما يعمُّ بالفائدة على المجتمع.
النساء يحرصنَ على أن ينسقنَ من خلال المساجد والمراكز والمؤسسات لدراسة ما يحتاجه المجتمع، وتكون هي المبادِرة فيه، فمثالٌ على ذلك: ريادة المرأة بالنسبة للمعارض الإسلامية التي تدعو إليها المدارس، والتي تقدَّم فيها المعلومة بشكل عمليٍّ تطبيقيٍّ يناسب الجمهور من غير المسلمين كبارًا وصغارًا.
القسم النسوي في الرابطة كذلك يتعاون مع مؤسسات مجتمعية بريطانية؛ لتقديم العون للجمعيات الخيرية المختلفة كرعاية كبار السنِّ.
هناك قضايا كالاندماج والعمل والدراسة والجامعات التي يحتاجها الشباب بشكل رئيس، يتم التركيز على هذه العناوين خصوصًا في مرحلة الشباب.
لا يزال دور المرأة المسلمة ليس بالمستوى المطلوب، وليست ممثَّلة في المؤسسات ولجان الإدارة والنقاش بشكل كبير، ولابد من تركيز الجهود على رعاية الطاقات النسائية، وتقديمهن على كل الأصعدة.
المرأة المسلمة البريطانية موجودة بشكل ظاهر في الشارع والمدارس والأعمال، وقد شغلت وظائف مهمة في مجالات عديدة؛ كالطب والمحاماة والتعليم والبنوك والتدريب وغيرها.
المشاركة الثالثة.. من: د. حنان أبو الوفا؛ من مصر، وتتضمن سؤالين (أرقام: 4، 5):
4ـ أرجو إلقاء الضوء على ماهيَّة الرابطة الإسلامية ببريطانيا، ودور المرأة بها، وما التحديات التي تخصُّ المرأة المسلمة هناك؟
الرابطة الإسلامية هي مؤسسة إسلامية في بريطانيا أُنشئت عام 1997م، والغرض منها: خدمة المجتمع من خلال الفهم الصحيح للإسلام، والرابطة تتعاون مع بقية المؤسسات لمواجهة المشاكل التي يواجهها المجتمع، وتقديم الحلول المقترحة.
الرابطة تسعى للاندماج الإيجابي للمسلمين، وتحثهم على التواجد في كل مجالات المجتمع الممكنة، وإتقان العمل كمواطنين بريطانيين؛ حيث تُثري قيم ديننا المجتمعات التي نقطنها.
المرأة في الرابطة كالرجل يقع على عاتقها ما يحقق نفس الأهداف المرسومة مع التركيز على العنصر النسائي، والدفع به في كل المجالات.
المرأة لها دور في مجلس الشورى وفي اللجان التنفيذية ـ المركزية منها والفرعية ـ وكذلك في المدن المختلفة.
تحديات المرأة المسلمة كثيرة، وخصوصًا أنه مع الحجاب يُصبح اندماجها نوعًا ما أصعب من الرجل، وتجد أحيانًا العوائق، خصوصًا في مجال العمل؛ لأن مظهرها يُلقي بعض الأفكار السلبية في أذهان من يقابلونها، والذين استقوا معلوماتهم من الإعلام السلبي في الغالب.
المرأة المسلمة كذلك مسئولة عن أسرتها وأولادها بالدرجة الأولى، ومع انتشار التحديات التي تواجه الأطفال والشباب بشكل عام، تكون مسئولياتها مضاعفة والتحديات أمام التكنولوجيا الحديثة التي تغزو الأسر أشد، وتعلُّم طرق الوقاية والتوجيه من الأمور التي تهتم بها الأم المسلمة بشكل أساس.
5ـ من خلال تخصصكم في مجال العمل الشبابي.. ما الأولويات الحاليَّة للعمل الشبابي، خاصة النسائي منها؟
الأولويات هي:
1. اكتشاف القدرات والمهارات، والاهتمام بها ورعايتها من خلال النشاطات التي تطوِّر تلك الطاقات.
2. التركيز على الهوية والشخصية الإسلامية، والتأكيد على أن ذلك لا يتنافى مع مبادئ المواطنة والاندماج الإيجابي المطلوب.
3. العمل الإعلامي الشبابي، وخصوصًا أنهم أقدر على اقتحام المجال الإعلامي، والتركيز على أهمية استغلال منابر التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا)، والأصل توجيه تلك الطاقات كي لا يتم استغلالُها سلبيًّا.
4. إيجاد عناصر واعية فاهمة تمثل المجتمع المسلم، وتتحدث عن همومه والتحديات التي يواجهها في بريطانيا مقترِحًا حلولًا بديلة.
5. مواجهة الإسلاموفوبيا من خلال الأنشطة الإيجابية والتفاعلية مع المجتمع، والإبداع في طرق التواصل مع المجتمع البريطاني بشكل جذاب.
6. الاهتمام بالتحديات التي تواجه الشباب، والاستماع إلى قضاياهم، ومحاولة إيجاد وسائل للتعامل معها.
المشاركة الرابعة.. من: ريم الجندي؛ باحثة بكلية طب الأسنان ـ جامعة ليدز بريطانيا، وتتضمن سؤالين (أرقام: 6، 7):
6ـ ما هي من وجهة نظركم أولويات العمل الإسلامي للتواصل مع المجتمع الغربي؟
أولويات العمل الإسلامي:
1 ـ التواصل الإيجابي مع المجتمع البريطاني بحيث يكون كل فرد مُفنِّدًا للشبهات حول الإسلام، ومغيِّرًا نظرة المجتمع للمسلم من خلال التعامل معه.
2 ـ الاهتمام بمشاكل الشباب المسلم، والتي تتغير بتطور الأمور والمجتمع.
3 ـ محاربة الإسلاموفوبيا من خلال المؤسسات والأفراد، والعمل على تفنيد الشبهات حول الإسلام، وتقديم الإسلام بصورته المبسطة الصحيحة.
4 ـ التواصل والتفاعل مع المؤسسات المجتمعية البريطانية لتقديم الحلول للقضايا والهموم المشتركة.
5 ـ الاهتمام بمشاكل الأسرة المسلمة في الغرب، ومحاولة تقديم الأنشطة التي تدعم أفرادها آباءً وأبناء.
7 ـ هل الأولوية للتعريف بالإسلام أم لردِّ الشبهات عن الإسلام أم مواجهة الإسلاموفوبيا؟
أظن أنه من خلال رد الشبهات عن الإسلام يمكن التعريف بالدين الإسلامي، وربما هذه الخطوة تسبق مواجهة الإسلاموفوبيا.
أحيانًا يكون التعريف بالإسلام بشكله الصحيح المعتدل وسيلة من وسائل المواجهة والرد على الشبهات، والحقيقة أن كل الأمور التي ذكرتها مرتبطة وهامة، وأظن أحيانًا أن التقديم والتأخير يعتمد على المواقف والأشخاص، وينبغي أن نتوخَّى الحكمة في تقديم الأولويات.
المشاركة الخامسة.. من: عبد الوهاب علماء كويلان؛ خريج كلية اللغة العربية جامعة الأزهر، وعضو هيئة العلماء المسلمين بجنوب الفلبين، وتتضمن ثلاثة أسئلة (أرقام: 8 – 10):
8 ـ معروف أن أغلبية المسلمات في بريطانيا هُنَّ من جاليات الدول العربية.. فكيف تتعاملون مع الجاليات المسلمة من البلدان غير العربية؟
الحقيقة أن العرب لا يشكلون أغلبية المسلمين، وإنما الجالية الآسيوية، وهناك إحصائيات تشير إلى أن الفئة الآسيوية تشكل أكثر من 60% من المسلمين في بريطانيا.
هناك مؤسسات متخصصة للجاليات المختلفة، ونرى الاندماج واضحًا على مستوى الشباب؛ فاللغة الإنجليزية هي لغتهم الرئيسة فتختفي الفروقات؛ حتى إننا شهدنا مؤخرًا التزاوج بين المسلمين من الجاليات المختلفة بالرغم من صعوبة الأمر في السابق.
المؤسسات الشبابية تدفع باتجاه إدماج الجاليات، ونحن نشجع على الانفتاح على الآخرين دونما تفرقة، وكون وجود أنشطة خاصة بلغات الجاليات لا يعني العزلة وعدم القدرة على التعامل بتكامل وتناغم.
عندما تكون لغة الأنشطة هي الإنجليزية يسهل التواصل مع الجاليات الأخرى حول الأمور الجامعة؛ كالانتخابات البرلمانية، والسياسات، والعمل الجامعي الشبابي، والعمل مع الفتيات والفتيان من خلال المخيمات والأنشطة التطويرية المختلفة.
9 ـ هل مسموح بالحجاب في المدارس والمكاتب الحكومية؟
نعم مسموح بالحجاب في المدارس والمؤسسات الحكومية، وليست لدينا المشاكل الموجودة في فرنسا، على سبيل المثال. إنما بسبب الأحداث الأخيرة، وتصاعد الإسلاموفوبيا أصبح هناك حديث عن منع النقاب في المدارس، وتوجيه إعلامي للحديث حوله.
10ـ بشأن التنقل في المواصلات العامة بين المدن البريطانية للمسلمات المحجبات.. هل هناك أي مضايقات بالنسبة لهن؟
بشكل عام، ليست هناك أي مضايقات على مدار العام؛ إلا أن المضايقات تحدث عند تصاعد الأحداث كأحداث الانفجارات في باريس وخلط الإسلام بالإرهاب على منابر الإعلام؛ مما يشكل رؤية سلبية لدى المواطن البريطاني الذي لا يعلم شيئًا عن الإسلام إلا من خلال تلك القنوات التي تدسُّ السمَّ في العسل.
وبالتالي تكون فرص الاعتداءات أكثر، غالبها لفظي وبعضها جسدي، لكن تواجد المحجبات بشكل كبير ودون خوف حقيقي في العادة، وشكل المحجبة ما عاد يلفت الأنظار خصوصًا في المدن الكبيرة.
الحقيقة هناك سعة لممارسة الحجاب بالرغم من التضييق في الفترة الأخيرة، لكن الشعب بشكل عام مرحب ومتقبل للجميع.
المشاركة السادسة.. من: أم أسامة؛ عضو بجمعية النساء المسلمات بإيطاليا، ومشرفة تربوية على مجموعة من بنات الجيل الثاني، السؤال رقم (11):
11 ـ ما دور العمل النسائي في توعية الشباب لخدمة المجتمع الذي يعيشون فيه؟
من أهم الأمور التي يجب التركيز عليها هو أن الاسلام غرضه الإصلاح أينما وجد؛ ولذلك فشعارنا هو “إنْ أريدُ إلَّا الإصلاح ما استطعت”، ويجب غرس مفهوم المساهمة الاجتماعية لدى الشاب والشابة؛ بحيث يكون فهمُه للدين مطبَّقًا من خلال حرصه على نشر الخير في المجتمع أينما وجد، في مدرسته وجامعته، ومع رفقائه، وأيًّا كان.
يجب أن نستغل الشخصية الأوروبية التي تكونت عند الشاب والشابة، والتي هي نوعًا ما مغايرة لشخصية والديه؛ فهو يتحدى ويُسائل ويعترض بطريقة أكثر جرأة من الجيل الذي قبله، على أن يكون مقوِّمًا لما يراه ممَّا لا يأتي بالصالح العام للمجتمع، ويتكلم بلسان بلده ويدافع عن حقوق الجميع.
لابُدَّ أن نغرس في نفس الشاب والشابة المبادئ الإسلامية الأساسية؛ كالعدالة والاحترام، وحقوق الإنسان والمساواة، وغيرها، والتي تؤدي إلى مجتمع أفضل وقيم أسمى.
يكون التركيز كذلك عند الشاب المسلم في أوروبا على أنه لابد أن يعامل الناس ـ مسلمين كانوا أو غير مسلمين ـ بتلك المبادئ التي تعلمها من دينه، ولا تتوقف عند المسلمين فقط؛ لكي يكون صورة مشرقة في تعاملاته وأخلاقياته.
التركيز على الهوية والشخصية الإسلامية، والتأكيد على أن ذلك لا يتنافى مع مبادئ المواطنة والاندماج الإيجابي المطلوب.
العمل على تطوير لجان من الشباب يمكنهم معالجة المشاكل التي يمرُّ بها مجتمعهم؛ ففي الوقت الحالي هناك مشكلة توافد اللاجئين إلى أوروبا، وقد عمد الشباب هنا إلى عقد دورات تدريبية للتعامل مع اللاجئين وتهيئتهم للتعامل مع المجتمع بشكل إيجابي.
يجب دفعهم إلى المساهمة في الحلول بدلًا من الاكتفاء بالحديث عن المشاكل؛ لكي يكونوا فاعلين إيجابيين في المجتمع.
توجيه الشباب للمجالات التي نفقد مَنْ يمثلنا فيها: كالمجال الإعلامي والسياسي واستغلال المنابر المتاحة بطريقة إيجابية يَظهر فيها التسامح الإسلامي، والمبادئ السامية التي يعلمنا إياها دينُنا الحنيف؛ كوسائل التواصل الاجتماعي، ومدى تأثير طريقة التعامل على الآخرين.
وأخيرًا، من الهامِّ أن نغرس في نفس الشاب أن تكون شخصيته ثابتة وغير متذبذبة، واضحة لا تتغير، بحيث يكون عنصرًا مؤثرًا لا متأثِّرًا بالسلبيات من حوله.
المشاركة السابعة.. من: محمد سرحان؛ صحفي مصري وباحث في ملف الأقليات المسلمة، وتتضمن سؤالين (أرقام: 12، 13):
12 ـ ماذا عن جهود تنمية وعي المرأة المسلمة في بريطانيا كفتاةٍ وزوجةٍ وأمٍّ؟
هناك جهود مستمرة لدعم المرأة في كل مراحلها.. فهناك كورسات مكثفة لدعم الأم في تربيتها لأولادها، وفهمهم وفهم الأنظمة الدراسية، وطرق التعامل مع الأولاد بمراحل العمر المختلفة، وخصوصًا في مرحلة المراهقة.
وكذلك كزوجةٍ تُعقد بعض الكورسات التطويرية لنقاش المشاكل الأسرية وأساليب التفاهم لتجاوز العقبات، والدعم يشتد للفتاة؛ حيث إنها تكون في مرحلة حساسة متغيرة، وتتأثر بالمجتمع وبالمشاكل التي تعاني منها الفتيات.
التوعية بخطورة التبعات التي تنتج عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي استخدامًا خاطئًا، وإيجاد حلقات أسبوعية تحضرها الفتاة؛ حيث تجتمع بأخريات من عمرها، وفي ظروف مشابهة لظروفها؛ للحديث حول الأمور التي تهمُّهُنَّ، وللتعرف على شئون دينها.
وكل تلك المراحل تُدعَّم من خلال الأنشطة الاجتماعية التي تزيد من أواصر الأسر بعضها ببعض؛ فيكون الدعم مستمرًّا من خلال العلاقات التي تنشأ من ذلك التقارب الاجتماعي.
13 ـ ما دور مسلمات بريطانيا في تصحيح صورة المرأة المسلمة لدى المجتمع الإنجليزي؟
الدور الملقَى على عاتق المرأة المسلمة كبير، فالكلام له وقع أكبر عندما يصدر عن امرأة، ويكون مقنِعًا للمجتمع، وخصوصًا إن ظهر من كلامها أنها صاحبة اطِّلاع ومعرفة، وتجيد النقاش وتفند ما هو غير صحيح من اتهامات بطريقة عملية عبر نجاحها في مجالها أيًّا كان؛ لذا نحن نقول: إن دور المرأة المسلمة في الغرب يجب أن يكون رياديًّا يُغيِّر تلك النظرة الدونية التي ينظرها المجتمع إليها، وكأنها ضحية الأب أو الأخ أو الزوج، وإنما يكون ذلك بتصدِّيها لكل موقع رياديٍّ يُمكِّنُها من أن تُظهر جانبًا من شخصيتها وفهمها ومبادئها.
المشاركة الثامنة.. من: كريم خيري؛ طالب في مرحلة الماستر علوم إسلامية تخصص “الأقليات المسلمة في الغرب”، وتتضمن أربعة أسئلة (أرقام: 14-17):
14 ـ في رأيكم.. ما الصورة المرتسِمة في مخيلة الإنسان الغربي والبريطاني على الخصوص تجاه المرأة المسلمة؟ ومن أين يستقي معلوماته تجاه المرأة المسلمة؟
الصورة المرتسمة في مخيلة الإنسان الغربي في مجملها نابعة من الإعلام الغربي، الذي يقدم صورة سلبية عن الإسلام والمسلمين بشكل عام، تصور المرأة المسلمة على أنها غير قادرة على التأقلم مع المجتمع الغربي والحضارة الغربية مع التزامها بمبادئ دينها؛ لذا فعندما تتصدر المرأة المسلمة المواقع الهامة في إدارة المراكز والمساجد والمؤسسات، فإن الإعلام ينتبه لها ويعتبرها حالة استثنائية.
يجب أن نعترف أن المرأة كان لها الدور في تلك النظرة؛ حيث إنها تركت عبء الدفاع للرجل، وكأن هذا سيكون مقنعًا للمجتمع، لكنَّ المجتمع الإسلامي ـ رجالًا ونساءً ـ بدأ يَعي الدور الهامَّ والأساسي الذي لابد للمرأة أن تقوم به.
15 ـ هل للإعلام عندكم دور في تصوير المرأة المسلمة بالتخلف والرجعية وعدم مواكبة تطورات العصر؟
هناك إعلام مغرض في أغلبه، يتبع سياسات الحكومة ويجاريها في تشويه صورة المرأة المسلمة، وإظهارها بصورة المتحكَّم به؛ فلا رأي لديها وكأنها مِلكٌ لزوجها، لكن احتكاك المرأة المسلمة بالمجتمع الغربي وانخراطها بمجالات الدراسة والمهن المختلفة بدأ يُغيِّر من تلك النظرة عند الكثير.
16 ـ إلى أي مدى وصل تأثير منظمات ودعوات تحرير المرأة (femminisme) في بريطانيا؟ وهل للمرأة المسلمة مساهمة في هذه المنظمات؟
تأثير هذه المنظمات والدعوات ليس بنفس قوة تواجدها في الدول الأوروبية المجاورة كحالها في فرنسا، هذه المنظمات في مجملها تتصدى للقضايا التي تهم المرأة بشكل عام، وتدعم إبرازها وإبراز آرائها، وتشكِّل حملة تأثيرية على صعيد اتخاذ القرارات.
المرأة المسلمة ليس لها وجود حقيقي في تلك المنظمات كممثِّلة للمسلمات، وإنما تجد نفسها في المؤسسات النسائية الإسلامية، أو من خلال الانخراط في المؤسسات الداعمة الأخرى، لكنَّ الحقيقة أن أغلب المؤسسات تدرك أهمية الوجود النسائي، وتدفع باتجاهه، وتشجع على حضور النساء ومشاركاتهن.
17 ـ إذا أردنا مقارنة وضع المرأة المسلمة في بريطانيا مع دول غرب أوروبا الأخرى (فرنسا، بلجيكا…) من حيث حريتها في ممارسة الشعائر الدينية (الحجاب، النقاب…)، فهل هناك فرق جوهري بينهما؟
نعم هناك فرق في التضييق بين بريطانيا والدول الأوروبية الأخرى التي ذكرتَ؛ حيث توجد هنا حرية في التعبير عن الأديان واللباس وإظهار الرموز الدينية.
ليس هناك تضييق بالشكل نفسه، إلا أن التصريحات الممنهجة، والأحداث الأخيرة والاعتداءات تسببت في تسليط الضوء على اندماج المرأة المسلمة في المجتمع البريطاني وعوائق ذلك، وممَّا سُلِّط الضوء عليه: النقاب واللغة وغيرهما من أمورٍ استهدفت المرأة المسلمة بشكل خاص.
والآن هناك دعوة صريحة ومدعومة لحظر لبس النقاب (غطاء الوجه) في المدارس والإدارات الحكومية، إلى الآن لم يصبح ذلك قانونًا، لكن هناك دعمًا كبيرًا لتلك الخطوة من قِبل السياسيين.
لكن عمومًا المحجبة تمارس حقها في اللباس بشكل مريح ودون تضييق إلى الآن.
المشاركة التاسعة.. من: إيمان البشتاوي؛ مديرة مركز الهداية الإسلامي في مدينة نيوتاون الأمريكية، وتتضمن سؤالين (أرقام: 18، 19):
18 ـ هل كانت تصريحات رئيس الوزراء “كاميرون” الأخيرة التي قال فيها: “إن أحد عوامل التطرف هو أن المسلمات منقادات بطبعهنَّ، وأن ذلك الانقياد يمنعهنَّ من التكلم ضد تأثير الأئمة المتطرفين” مفاجِئة لكم؟
ـ وما أثر هذه التصريحات عليكم وعلى المجتمع البريطاني؟
ـ وهل تدشين حملة هاشتاج تويتر TraditionallySubmissive# من قبل النساء المسلمات البريطانيات نجح على الصعيدين: المجتمعي والسياسي؟
ـ لقي تصريح رئيس الوزراء “كاميرون” الأخير استهجانًا كبيرًا؛ حيث إن فيه استهدافًا، وهو مستمر من خلال تصريحات سبقته للمرأة المسلمة وللمجتمع المسلم في بريطانيا، وفيه اتهام واسع ومضلِّل.
هذه التصريحات استهجنها البعض من غير المسلمين كذلك.
الحقيقة أن تصريحاته الأخيرة قد تُمهِّد لسنِّ قوانين مستقبلية؛ مثل: تصريحه بوجوب إتقان المرأة المسلمة للُّغة خلال أول سنتين من إقامتها أو ترحيلها.
أكبر الأثر هو تأكيد الشعور لدى المسلمين أنهم مستهدفون، وأنهم لا يعامَلون كمواطنين بريطانيين؛ مما يؤدي إلى عزلة أكبر، وهذا هو رد الفعل الخاطئ الذي لا نرتجيه.
ـ أما المجتمع البريطاني فيتأثر بما يشاهده على وسائل الإعلام وبخطابات السياسيين، لكن أصبحت المساحات متاحة لأن نعمل بشكل مكثف ومضاد لدحض تلك الأفكار، ولتحدي المغالطات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي مثلًا، أو من خلال علاقاتنا التي كوَّناها مع الإعلاميين البريطانيين هنا، والتي تسمح لنا بمساحة من التحرك والتعبير.
ـ حملة TraditionallySubmissive# كانت رِدَّةَ فعل موفقة ابتدِئت من قبل طبيبة نسائية، أرادت أن تواجه تصريحات رئيس الوزراء “دايفيد كاميرون”، والتي أظهر فيها المرأة وكأنها جاهلة، وليست قراراتها بيدها، بحملة نسائية تفند الادعاءات التي ذكرها؛ من خلال ذكر مجالات عمل النساء، وذِكر خبراتهن ومساهماتهن في المجتمع البريطاني.
ردة الفعل شاركت فيها نساء من مختلف الأجيال، فمنهن الجدَّات والأمهات والبنات، وكلُّهنَّ يَظهرْنَ مندمجات من خلال الأعمال التي يمارسْنَها في المجتمع، وتُظهر أن النساء المسلمات متعلمات، ويخدمن المجتمع بشكل فعَّال من خلال مهاراتهن وتخصصاتهن.
ـ الهدف الأساس من الحملة كان تغييرَ الرأي العام، وتقديم نماذج مختلفة عن تلك التي صوَّرها “دايفيد كاميرون”، وأظنها نجحت في إيجاد مساحة للمرأة المسلمة تُعلي صوتَها وتقول لكل المدَّعين: اصمتوا، فنحن نقدم بإخلاص ومهارة.
19 ـ انتشرت قبل فترة فيديوهات عبر شبكات التواصل الاجتماعي للمتطرف “أبي حليمة”، والذي وثَّق له المخرج “جينمي روبرتس” لأكثر من سنة، وعرضت القناة البريطانية الرابعة هذا التوثيق، ورغم معاداة المسلمين له، والتي ظهرت في هذه الأشرطة، فإن بث الخوف من الإسلام من خلال هذا التوثيق تعدَّى ذلك..
ـ هل فعلًا ما يتمتع به “أبو حليمة” في بريطانيا يقع تحت مسمَّى حرية الرأي، أم أن هناك جهات مستفيدة من تطرفه؟
ـ كيف نفهم وجوده حرًّا طليقًا وتمتعه بتغطية إعلامية، بينما لا يجد كثير من المسلمين المعتدلين منابر إعلامية غربية نزيهة للتعبير عن آرائهم وأفكارهم؟
ـ هل هناك إجراءات قانونية تقومون بها لمواجهة مثل هؤلاء الذين يسيئون للإسلام والمسلمين، وتستفيد منهم جماعات الإسلاموفوبيا لترويج الخوف والكراهية ضد الإسلام والمسلمين في الغرب؟
ـ هذه الأيام يتم التلاعب بما يُصنِّفونه حرية الرأي والتعبير، وما يصفونه بأنه يثير الكراهية، وقد استهدِفتْ مؤسسات معتدلة وأشخاص معتدلون لديهم الفهم الإسلامي الصحيح من قِبل السياسيين والإعلاميين، بينما تُرك المجال لهذه القلة، والذين يمثلون رأيًا يثير البلبلة والكراهية، وهم قلة ومعظمهم من أصول آسيوية، ولديهم فهمٌ سطحيٌّ للآيات والأحاديث التي يكررونها دون فهم للإسلام المعتدل الصحيح الذي يدرأ المفاسد قبل أن يجلب المصالح.
لكن الحكومة تتغاضى عنهم، وتدع المجال أمامهم مفتوحًا بحجة حرية الرأي، ولكنها في نفس الوقت تعلم أن صوتهم الشاذ هو الذي ستتناقله وتهتم به قنوات الإعلام؛ مما سيقوِّي من حجتهم بأنهم بحاجة لقوانين جديدة تواجه التطرف الإسلامي المتنامي، حسبما يدَّعون.
ـ حقيقةً هم غير معروفين بشكل واسع إلَّا لمن شاهد لقطاتهم، أو مرَّ بهم في الشارع، لكن ليس لديهم وجود حقيقي على الساحة البريطانية، ولأنهم ضد مبادئ الديمقراطية والمواطنة، فهم لا يندمجون لا مع عامة المسلمين ولا مع غير المسلمين؛ لذا فتأثيرهم ضعيف، إلا أنه ربما تتركهم الحكومة لتراقب من يتواصل معهم ومن يتأثر بهم؛ لترفع بهم ملفات التطرف والعقاب، إما بالإبعاد أو السجن أو غيرهما من أحكام مقيدة يتخذونها في الوقت الذي يناسبهم.
ـ أمَّا منهجنا كمسلمين فهو تهميشهم وعدم الالتفات إليهم، وإنْ طُرِحَ رأيُهم، فإننا نبين الطرح الإسلامي الصحيح، ولا نخوض كثيرًا في نقاشاتهم وأطروحاتِهم، هذا على الصعيد البريطاني العام، لكن على المسلمين واجبٌ، وهو أن ينتبهوا إلى هؤلاء الأشخاص وإلى خطورتهم على المسلمين قبل غيرهم، وأن يُنبَّهَ الشبابُ إلى أخطاء فهمهم وممارساتهم، وأن يزودوهم بالحجج التي تدحض دعوى هذه القلة.
الحل باختصار هو في تعلُّم القرآن والسنة، وفهم المعاني والأحكام والقواعد الإسلامية فهمًا صحيحًا.
المشاركة العاشرة.. من: د. نضال الحيح؛ نائب مفتي محافظة سراتوف في العلاقات الخارجية – روسيا، السؤال رقم (20):
20 ـ معروف أن بريطانيا بلد الحريات والديمقراطية، وأن للمواطنين جميعَ الحقوق، وعليهم كافة الواجبات سواسية.
فهل تجدين أن المسلمين استطاعوا استغلال كافة الفرص المتاحة لديهم لتحقيق وجودهم، واستكمال البنية التحتية للوجود الإسلامي، أم أنه يوجد تقصير في استغلال الفرص، وما الأسباب التي أدت إلى ذلك؟
المسلمون دأبوا منذ البداية على الاستفادة من الحرية والديمقراطية المتوفرة في بريطانيا لممارسة أمور دينهم بشكل مريح، بل وبطريقة يحترمهم بها الآخرون.
في بداية الأمر – كما ذكرت في إحدى إجاباتي السابقة – كان هدف المسلمين الذين جاء أغلبهم كطلبةٍ، في الستينيات والسبعينيات، أن يحافظوا على أنفسهم وهويتهم إلى أن يعودوا إلى بلادهم الأصلية، فكانت أهدافهم محدودة في الممارسة الدينية، والمحافظة على الهوية، وتقديم الخدمات للمجتمع المسلم بشكل أساس.
لكن بعد الاستيطان وقدوم الجيل الثالث والرابع، وتلاشي فكرة الاستقرار المؤقت؛ حيث شعر الشباب بأنهم بريطانيون مسلمون، وأهدافهم كلها في إصلاح الأمور في بلدهم في كل المجالات السياسية والتعليمية والاجتماعية؛ فعمدوا إلى استغلال كل الفرص المتاحة ليطوروا من مهاراتهم كأفراد أو مؤسسات.
أظن أن المجتمع المسلم تأخر في إيجاد أرضية يتحد عليها المسلمون عربًا وغيرَ عربٍ، وذلك يعود إلى عدة أمورٍ؛ منها: اختلاف الأولويات، وربما اختلاف المشارب والمذاهب.
هذا الأمر أثَّر على ظهور المسلمين بشكل قوي يخطط ويدعم ويطالب، لكن جدَّ الجيل الجديد في هذا الأمر، وأصبحت نقاط الالتقاء كثيرة، وأوجه التعاون والتنسيق مُرضية، وأصبحت هناك مؤسسات جامعة وممثِّلة لمؤسسات أخرى كثيرة مختلفة ومتنوعة.
هناك مؤسسات إسلامية متقدمة تتخصص في أمورٍ؛ كالمجال السياسي، وتوعية المسلمين بدورهم الهامِّ في التصويت.
وهناك مؤسسات متخصصة في المجال الطلابي والاجتماعي والنسائي، تحاول أن تقدم للمجتمع الإسلامي والمجتمع العام كل ما يفيد.
هناك مؤسسات أخرى هدفها التواصل مع المجتمع الغربي، وإثارة النقاش حول الأمور المختلفة؛ لإنشاء قواعد مشتركة يمكن الانطلاق منها عبر الفكر والحوار.
ننظر للأمور هنا بإيجابية، وما قد يبدو في ظاهره سلبيًّا قد يحمل في طياته الخير الكثير؛ ولذا فالمؤسسات تنشط أكثر من ذي قبل في تحديد أوجه ضعفها، وفي محاولة إسقاط الضوء على المشاكل في أداء المسلمين، ومن ثَمَّ رسم الخطط والأهداف لاستغلال الفرص المتاحة لتقويتها.
هناك تحديات كثيرة بسبب القوانين الجديدة التي تُسنُّ، والتضييق الذي لم نعهده عقب الأحداث الإجرامية، والفرق الإرهابية التي ظهرت وشوهت الإسلام في نظر الغرب، لكن مع كل ذلك فالمجال متاح إلى الآن لتقدُّمٍ أكثر من خلال الفكر، والانفتاح على الآخرين، ونبذ أسلوب التقوقع والانغلاق.