أعلنت كوسوفا استقلالها من جانب واحد عن صربيا في 17 فبراير 2008م ، بناءاً على تسوية اتفاق السلام المقدمة من مبعوث الأمم المتحدة للمنطقة “مارتي اهتساري” والذي رفض التوقيع عليه الجانب الصربي. واعترفت بها أكثر من 110 دولة حتى اليوم.
وتبلغ مساحتها حوالي 10,908 كم ، وعدد سكانها 2,207,896، وتتكون من سبع مقاطعات تضم 36 محافظة أكبرها بريشتينا العاصمة. وتصل نسبة الألبان وسط شعب كوسوفا إلى 92% ؛ بينما الأقليات هناك حوالي(8%) وتشمل الصرب ( 5.3 % ) والمونتنيغري والبوسنيين والغجر والأتراك( 2.3% ). وتبلغ نسبة المسلمين بها نحو 95%، و تبلغ نسبة الألبان المسلمين 99%، بينما الألبان الكاثوليك 1%.
كانت كوسوفا إحدى الولايات الألبانية الأربع التي كانت تتبع الخلافة العثمانية في المنطقة الألبانية بغرب البلقان، وتشكلت في 1868 باسم ” ولاية قوصوه” وأصبح عاصمتها مدينة بريزرن (جنوب كوسوفا حالياً)، ثم انتقلت في 1888إلى اسكوبيا (عاصمة مقدونيا الحالية). وبناءاً على قرارات سفراء الدول العظمى بلندن في عام 1913م فصلت كوسوفا عن دولتها الأم (ألبانيا) و أعطيت لصربيا ضمن اتفاق بين هذه الدول بتقسيم الأراضي الألبانية التي كانت قد استقلت قبل هذا التاريخ بعام في 1912م عن تركيا و فصل أكثر من نصف أراضيها لصالح الدول البلقانية المجاورة صربيا و الجبل الأسود و اليونان.
تعرضت كوسوفا منذ أن قام سلوبودان ميلوسيفيتش رئيس صربيا بإلغاء ميزة الحكم الذاتي للإقليم في عام 1989م و التي كان قد حصل عليها في عهد تيتو سنة 1974م إلى خطوات متدرجة من قبل سلطات حكومة بلجراد الصربية، أسفرت في نهاية المطاف عن شلل تام في كافة مناحي الحياة، وتصاعدت هذه الخطوات إلى أن وصلت لحد تنفيذ عمليات إبادة جماعية، أدت لتدخل الناتو في كوسوفا في 9 يونيو 1999م.
ومثلت الثماني سنوات التالية والتي خضعت فيها كوسوفا لإدارة مدنية دولية مؤقتة تابعة للأمم المتحدة بناءاً على القرار الصادر عن مجلس الأمن في 10 يونيو من عام 1999م، فترة تأهيلية لإعادة الحياة إلى إقليم كوسوفا مرة أخرى بعد انتهاء الحرب.
إلا أنه في ظل هذه الإدارة المدنية المؤقتة تفاقمت الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير كنتيجة مباشرة لحالة الشلل و الجمود التي أصابت قطاعاته الاقتصادية ” الهشة منذ العهد اليوغسلافي” نظراً لعدم مقدرته على جذب الاستثمارات الخارجية أو الحصول على القروض الدولية للنهوض باقتصاده بسبب تأخير حسم الوضع القانوني الدائم للإقليم، مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة لأكثر من 40% أي ما تعداده حوالي 335 ألف من العاملين بينما تصل وسط الشباب إلى أكثر من 70% حسب مركز الإحصاء الكوسوفي.
الموقع والاقتصاد:
على الرغم من الثروات الطبيعية الهائلة التي تمتلكها كوسوفا الدولة الوليدة؛ إلا أن التحديات التي تواجهها هائلة أيضاً؛ نظراً لافتقارها لبنية تحتية اقتصادية ينهض عليها الإقليم. وهو ما يعني أن اقتصاد الإقليم السابق الذي تحول إلى دولة حديثة يبدأ من الصفر، وترتب على ذلك اعتمادها على المساعدات الخارجية والقروض الدولية.
فخلال عهد الاتحاد اليوغسلافي السابق، عمدت بلجراد إلى ربط اقتصاد كوسوفا بها مباشرةً، والاستفادة من ثرواتها الطبيعية في مادتها الخام الأولي لتصنعها في مصانعها الخاصة داخل صربيا، دون أن توجه الاستثمارات الكافية للنهوض باقتصادها؛ وهو ما جعلها أفقر إقليم داخل الجمهورية الصربية. وأيضاًُ أفقر دولة أوروبية حالياً بعد إعلانها الاستقلال.
وتمتلك كوسوفا ثروات معدنية هائلة في باطن الأرض تقدر بما لا يقل عن 200 مليار يورو، ولم يستهلك منها حتى الآن سوى 2% ؛ فلديها أكبر منجم للفحم الحجري في منطقة البلقان وأوروبا تقدر تكلفته بما لا تقل عن 120 مليار يورو ، بينما ثرواتها من معادن النيكل و الرصاص و الزنك فقط تقدر بما لا يقل عن 20 مليار يورو. بالإضافة إلى احتوائها على كميات كبيرة من الذهب و الفضة، ويتوقع بعض المتخصصون إلى وجود نفط وكروم بها نظراً لوجوده في دول ألبانيا المجاورة، إلا أن الأمر في حاجة إلى إعداد دراسات ثم القيام بعمليات تنقيب لتأكيد ذلك.
ونشير هنا إلى الدور المنتظر للمهاجرين الكوسوفين في بناء اقتصاد دولتهم الحديثة والذين يقدر عددهم فقط في الدول الأوروبية بحوالي 700 ألف نسمة أي حوالي 30% من تعداد سكان كوسوفا وتقدّر المساعدات المالية التي يرسلونها لأقربائهم بكوسوفا بحوالي 20 مليون فرنك سنويا. خاصةً أن كثيرين منهم أصبح من رجال الأعمال و ارتبطوا بعلاقات قوية ووثيقة مع رجال الأعمال الأوروبيون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هاني صلاح ـ 2011 ـ مركز دراسات الجزيرة.