
مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح
في ظل التحديات المتصاعدة التي تواجه المجتمعات المعاصرة، وعلى أرض مدينة بنزا، عاصمة إقليم سورسكي في روسيا، انعقد المؤتمر الوطني الشامل بعنوان: “دور المنظمات الدينية في الحفاظ على القيم الدينية والهوية الوطنية في روسيا”، بمشاركة واسعة من القيادات الدينية وممثلي الهيئات الرسمية والمدنية من مختلف أنحاء البلاد.
وقد لبّت الإدارة الدينية لمسلمي الجزء الآسيوي من روسيا (ДУМАЧР) الدعوة للمشاركة بوفد رفيع المستوى، ترأسه فضيلة الشيخ نفيع الله عشيروف، المفتي العام ورئيس الإدارة، يرافقه المفتي إيلدار دايروف، ممثل الإدارة في منطقة الفولغا السفلى، وفضيلة الشيخ دامير سحادوف، مدير شؤون الإدارة.
محاور المؤتمر: الدين والهوية في قلب الدولة
ناقش المؤتمر قضايا محورية تتصل بمستقبل روسيا القيمي والاجتماعي، في مقدمتها: “سبل تعزيز العلاقة بين الدولة والمؤسسات الدينية، ودعم مؤسسة الأسرة في مواجهة التحديات الحديثة، وترسيخ الوعي التاريخي بالدور الحضاري للإسلام في منطقة الفولغا، مع مواجهة الفكر المتطرف، بجانب تحصين الهوية الوطنية بالقيم الدينية الأصيلة”.
وفي كلمته، أكد فضيلة الشيخ نفيع الله عشيروف أن القيم الدينية تمثل أساسًا أخلاقيًا لا غنى عنه في بناء الإنسان والمجتمع، مشددًا على أن الحفاظ على هذه القيم هو الضمان الحقيقي لصون الهوية الوطنية الروسية بكل تنوعها الثقافي والديني.
وقال فضيلته: “إن الديانات التقليدية في روسيا تشكل جزءًا عضويًا من الذاكرة الروحية لشعوبها، وهي خط الدفاع الأول ضد الانهيار الأخلاقي، والنسيان التاريخي، وتفكك الهوية الوطنية.”
شراكة دينية لحماية المجتمع
ودعا المفتي عشيروف في كلمته إلى تعزيز الحوار بين الأديان، وتطوير التعاون بين مختلف المكونات الدينية في البلاد، انطلاقًا من المسؤولية المشتركة في تحقيق السلام المجتمعي، والحفاظ على الصحة الروحية لروسيا الحديثة.
منبر الجمعة.. دعوة إلى الثبات والوعي
وفي ختام زيارته إلى المدينة، أمّ فضيلة الشيخ عشيروف صلاة الجمعة في المسجد الجامع الكبير بمدينة بنزا، حيث وجّه كلمة للمصلين بعنوان: “القيم الروحية والبوصلة الوطنية في حياة المسلم”. وركّز في خطبته على أهمية التمسك بالقيم الإسلامية الأصيلة، والعمل بروح الجماعة، والانخراط الإيجابي في بناء المجتمع، انطلاقًا من فهم عميق للهوية الوطنية القائمة على الانتماء والمواطنة المسؤولة.
سياق أوسع: تثبيت الهوية في زمن التحولات
يمثل هذا المؤتمر استمرارًا لمسار بدأت روسيا تتبناه في السنوات الأخيرة، يقوم على تعزيز الشراكة بين الدولة والقيادات الدينية، في سبيل تحصين المجتمع من التحديات الفكرية والقيمية، وترسيخ أسس العيش المشترك ضمن إطار وطني جامع.