رغم برودة الطقس ودرجة حرارة تصل لـ11 تحت الصفر؛ فإن مشاعر الاستقبال الحارة لمسلمين متعطشين للتعرف على الإسلام؛ أضفت أجواء دافئة على زيارته الدعوية الأولى لمدينة مورمانسك (Murmansk)، التي تقع في أقصى شمال غرب روسيا بمحاذاة الشواطئ الجنوبية للمحيط القطبي الشمالي، التي امتدت لثلاثة أيام في الفترة من 20 – 22 أبريل 2018م.
ومعبراً عن سعادته بلقاء إخوانه في أقصى شمال روسيا، كتب الداعية الزائر د. نضال الحيح، نائب مفتي منطقة حوض الفولجا، بوسط روسيا، على صفحته الخاصة على الفيسبوك، قائلاً: الذي يبهج القلب ويدخل السرور أن معظم مسلمي مورمانسك من الشباب المتحمس والمتعطش للإسلام وينقصهم العلم الشرعي ومهارات الدعوة، وهو ما نحاول تقديمه لهم من خلال الزيارات.
وللتعرف على أجواء هذه الزيارة، وواقع الإسلام والمسلمين في محافظة مورمانسك الروسية، كان لـ”المجتمع” هذا الحوار:
بداية، نود تعريفاً منكم بمدينة مورمانسك.
– مدينة مورمنسك تشكل نتوءاً جغرافياً يمتد إلى بحر البارينس الشمالي، والبحر الأبيض ضمن الدائرة القطبية، ويبلغ عمر المدينة 110 سنوات، وتعد ضمن 9 مدن روسية تلقب بالمدينة البطلة لتميزها في الحرب العالمية الثانية؛ فهذه المدن تعرضت لدمار شبه كامل خلال الهجوم الألماني.
وهذه المدينة تتميز بالثقل العسكري، حيث يتمركز بها الأسطول الحربي الروسي الذي يحمل الرؤوس النووية، وكذلك الغواصات الحربية وكذلك يوجد فيها أكبر مرفأ تجاري بحري.
لذا معظم السكان من العسكريين والعمال ممن يخدمون في الأسطول الشمالي والغواصات وحاملات الطائرات وكاسحات الجليد، وقسم ممن يعملون في التجار ويخدمون في الميناء التجاري والذي يعتبر الأكبر في روسيا.
كيف يعيش المسلمون في هذه المنطقة القطبية؟
– يبلغ عدد سكان المحافظة كاملاً ما يقارب 800 ألف نسمة، ما يقارب منهم الـ300 ألف نسمة يتمركزون في المدينة، ويشكل المسلمون ما نسبته 12% تقريباً من مجموع سكان المحافظة، وهم في الأساس مهاجرون إلى تلك الأرض التي لم تكن مأهولة قبل أكثر من مائة عام، ولهذا فإن معظم المسلمين من فئة الشباب وقدموا من مختلف مناطق روسيا.
بالتأكيد السمت العسكري للمنطقة انعكس على التركيبة النوعية للمسلمين؛ فجزء كبير منهم يعيش في مناطق عسكرية مغلقة لا يستطيعون مغادرتها أو دخولها دون إذن رسمي؛ ولهذا تم فتح مصليات لهم داخل هذه المناطق حتى يؤدون الصلوات وخاصة الجمعة دون الحاجة لمغادرة المنطقة، كما يوجد فيها مركز إسلامي وعدة مصليات في البلدات المحيطة.
ألا يوجد لديهم دعاة أو أئمة أو مدارس إسلامية لتغطية احتياجاتهم الدعوية؟
– للأسف الشديد لا يوجد خريج كلية شرعية عندهم، وقد أرسلوا أحد الشباب للدراسة في تركيا قبل فترة قصيرة لسد هذا النقص الكبير لديهم، وخلال الزيارة قدمت لهم اقتراحاً باختيار شخص من كل منطقة وإرساله للدراسة عندنا في مدينة سراتوف (وسط روسيا) لمدة ٤ سنوات بالانتساب لأنها الطريقة الأنسب في هذه الظروف، وهم اهتموا بهذا الاقتراح وسوف يدرسونه.
خلال دروسكم الدعوية معهم، ما أبرز التساؤلات التي تم طرحها؟
– الأسئلة التي يوجهونها كثيرة ومتنوعة ومتفاوتة، منها في الأمور البسيطة مثل الطهارة والصلاة، ومنها يتعلق بصيام شهر رمضان، والعلاقات الاجتماعية والزوجية، والتجارية، وكذلك ما يجري في العالم الإسلامي من أحداث.
رمضان على الأبواب، فماذا عن شهر الصوم عندهم؟
– شهر رمضان له خصوصية عندهم؛ حيث إن الشمس لا تغيب طوال فترة الصيف؛ لذا فإنه لا يوجد عندهم فاصل بين ليل ونهار، وهم يصومون تقديراً على إمساكية أقرب المدن التي ينتظم فيها الليل والنهار.
من الأشياء التي لفتت نظري هو وجود شاب مصري كان يعمل في مجال السياحة بمصر، وتعرف على فتاة من مورمانسك فتزوجها، ثم هاجر معها إلى مورمنسك. والغريب في الأمر أنه ترك السياحة والتزم بالدين وهو الآن من يؤذن في المسجد بالمدينة.
على ذكر مسجد المدينة، كيف وضعه بشكل عام؟
– مسجد المدينة كان عبارة عن مبنى كان يستخدم مستودعاً؛ ثم تم شراؤه من قبل المسلمين وتحويله إلى مسجد؛ إلا أنه حالياً لا يغطي كافة احتياجاتهم التعبدية، ومازالت المدينة بحاجة لبناء مسجد جديد بمنارة بحيث يكون معلماً مهماً يعبر عن هوية المسلمين في تلك المنطقة البعيدة.
ولكن المشكلة أن أسعار البناء مكلفة جداً بسبب أن فترة الشتاء والبرد تمتد لفترة ٨ أشهر وربما أكثر، ولهذا فكل شيء يحضرونه من الخارج؛ مما أثر على ارتفاع تكلفة مواد البناء، وبالرغم من كل هذا فأنا أعتقد أن هذا مشروع المسجد الجامع مهم جداً.
كمنطقة يغلب عليها السمت العسكري، ألا توجد أي مشكلة لكم في زيارتها بهدف الدعوة؟
– لا توجد مشكلة في زيارة مدينة مورمانسك لأنها مدينة مفتوحة ويقصدها السياح بشكل كبير لهواة التزلج وهواة الظواهر الفلكية، لكن توجد مناطق عسكرية مغلقة لا أستطيع دخولها إلا بترتيب مسبق واستخراج تصريح لذلك، وهو ممكن ولكن يحتاج إلى إجراءات مسبقة.
ومسلمو مورمانسك كانوا يدعونني لزيارتهم منذ خمس سنوات ولكن بعد المنطقة كان أحد عوامل تأخري في زيارتها حيث من هنا في سراتوف وحتى العاصمة موسكو بالطائرة نحو ساعة وثلث ساعة، ومن موسكو وحتى مدينة مورمانسك نحول ساعتين ونصف ساعة بالطائرة، ونتمنى أن تتواصل الزيارات الدعوية لهذه المنطقة النائية سواء من ناحيتي أو من قبل الدعاة الآخرين في روسيا كذلك.