مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

سراييفو تبحث مستقبل التعليم الإسلامي في كتاتيب مساجد البوسنة في عصر الرقمنة وتحديات التكنولوجيا

عبر مائدة مستديرة هدفت إلى جمع خبرات المعلّمين وتقديم توصيات عملية تساعدهم على التعامل مع التحولات التكنولوجية والتربوية بشكل إيجابي.

مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح

افتتح هذا ألأسبوع قسم الشؤون الدينية التابع للمشيخة الإسلامية في البوسنة والهرسك، أعمال المائدة المستديرة التي حملت عنوان “التعليم الإسلامي في كتاتيب المساجد في زمن الرقمنة”، بمشاركة قيادات دينية ومختصين تربويين بحثوا التحولات المتسارعة التي يشهدها قطاع التعليم الديني الإسلامي، وما تفرضه من تحديات وتجارب وفرص على عمل المعلّمين داخل الكتاتيب في مختلف أنحاء البوسنة والهرسك.

قسم مستقل في هيكلية المشيخة الإسلامية

أكّد نائب رئيس العلماء الدكتور أنس ليفاكوفيتش في كلمته الافتتاحية أن كتاتيب المساجد كانت وما تزال ركيزة للهوية الإسلامية والثقافية في المجتمع البوسني، مشيرًا إلى أن القيم التي ترسّخت عبر أجيال من خلالها ساعدت مسلمو البوسنة على تجاوز المراحل الصعبة في تاريخه. وشدّد على أن الحفاظ على التعليم الديني الإسلامي في كتاتيب المساجد مسؤولية جماعية، وأن تخصيص قسم مستقل لها في هيكلية المشيخة الإسلامية يعكس اهتمامًا مؤسسيًا يضمن جودة العملية التربوية دون تركها لاجتهادات فردية.

توظيف دون المساس بالجوهر والروح

وأوضح ليفاكوفيتش أن على المؤسسات الدينية اليوم دعم الأطفال والشباب في التعامل الواعي مع العالم الرقمي، من غير أن يفقدوا الشعور بالإنسان والآخر، ولا قيمة المعرفة والعلاقة المباشرة بين المعلّم والمتعلم. وأضاف أن التعليم الإسلامي في كتاتيب المساجد بحاجة إلى توظيف الوسائل الحديثة دون التفريط بروحه الأصيلة وجوهره التربوي.

أقدم المؤسسات التعليمية

من جانبه، أشار مدير إدارة الشؤون الدينية الحافظ الدكتور منصور مالكيش إلى أن الكتاتيب تشكّل إحدى أقدم المؤسسات التعليمية في المنطقة، لكنها تواجه اليوم واقعًا تتغير فيه أساليب التعليم بسرعة غير مسبوقة. وقال إن الأطفال باتوا يعيشون في عالم مفعم بالتجارب الرقمية والمعلومات الفورية، ما يفرض على المؤسسات توظيف التكنولوجيا بحكمة باعتبارها أداة مساعدة لا بديلًا عن التواصل الإنساني الحي.

ونوّه مالكيش بأن التعليم الإسلامي في كتاتيب المساجد ظل عبر القرون مدرسةً لصناعة الشخصية وتزكية النفس، وليس مجرد مركز لنقل المعرفة، محذرًا من أن الإفراط في الانغماس في العالم الرقمي قد يضعف العلاقة التربوية التي تقوم عليها العملية التعليمية كلها.

أما رئيس قسم الكتاتيب الدكتور أنس سفراكا فأوضح أن الرقمنة باتت عنصرًا مركزيًا في معظم مجالات الحياة، وأن المائدة المستديرة تهدف إلى جمع خبرات المعلّمين وتقديم توصيات عملية تساعدهم على التعامل مع التحولات التكنولوجية والتربوية بشكل إيجابي.

تجارب ناجحة

وشارك عدد من ممثلي الكتاتيب في أنحاء البوسنة والهرسك بتجارب ناجحة تعتمد على دمج الأدوات الرقمية مع أساليب التعليم الأصيلة، مؤكدين أن التوازن بين المنهجين يرفع مستوى التفاعل ويزيد دافعية التعلم لدى الطلبة.

وفي مداخلته، شدّد الباحث دجنّان هانجيتش على أن التغيير المتواصل يفرض على الكتاتيب تبني نماذج تعليمية تجمع بين الأصالة والمعاصرة، مع إدراج أخلاقيات الفضاء الرقمي في المناهج بما يتناسب مع التحديات الجديدة.

وأكد المشاركون أنهم سيناقشون خلال جلسات اللقاء الأدوات الرقمية والوسائط المتعددة في التعليم الإسلامي داخل كتاتيب المساجد، إضافة إلى أساليب تنشئة الأطفال في عصر التكنولوجيا والابتكارات التربوية الحديثة.

واختتم المنظمون بالتأكيد على أن نتائج هذا اللقاء ستسهم في تطوير الرؤى والمناهج التعليمية داخل الكتاتيب في البوسنة وخارجها، وفي مجتمعات الجاليات، بما يعزز تعليمًا أصيلًا يواكب الواقع ويحافظ في الوقت نفسه على روح الكتاتيب في زمن التحولات السريعة.

التخطي إلى شريط الأدوات