خاص بـ(المجتمع) ـ هاني صلاح
مسلمون حول العالم ـ متابعات**
شهد المركز الثقافي الإسلامي في ليوبليانا فعالية فكرية بمناسبة يوم الدولة في البوسنة والهرسك، قدّم خلالها الدكتور ميرنس كوفاتش قراءة معمّقة لمسار تشكّل الدولة البوسنية ودور القرارات المفصلية لمجلس الشعب لمناهضة الفاشية والتحرير الوطني في البوسنة والهرسك. وفقًا لـ(Preporod.info).
يذكر بأن هذا المجلس تأسس خلال الحرب العالمية الثانية عام 1943، وكان الإطار السياسي الذي أعاد تثبيت وحدة البوسنة والهرسك وكيانها كجمهورية ضمن يوغوسلافيا، مما جعله أحد الركائز التاريخية للدولة البوسنية الحديثة.
أهمية إدراك الامتداد التاريخي
في مستهل اللقاء شدّد المتحدثون على أن فهم الدولة البوسنية يستدعي إدراك امتدادها التاريخي العريق؛ من الدولة الوسيطة إلى الحقبة العثمانية ثم الإدارة النمساوية المجرية، وصولًا إلى المنعطف الذي شكّله (مجلس الشعب لمناهضة الفاشية والتحرير الوطني في البوسنة والهرسك) في أربعينيات القرن الماضي.
“مجلس الشعب لمناهضة الفاشية – 1943”.. الركيزة التاريخية للدولة الحديثة
استعرض الدكتور كوفاتش الأهمية السياسية والتاريخية لجلسة “مجلس الشعب لمناهضة الفاشية”، الأولى عام 1943، معتبرًا أنها اللحظة التي عادت فيها البوسنة والهرسك لتُثبَّت ككيان سياسي بعد قرابة خمسة قرون. وأشاد بإسهامات شخصيات بارزة مثل حسن بركيش، أفدا هوما، وسليمان فيلوبوفيتش الذين منحوا شرعية قوية لقرارات تلك المرحلة.
الدولة الموحدة غير القابلة للتقسيم
وتوقف عند الجلسة الثانية للمجلس وما رافقها من إصدار إعلان حقوق مواطني البوسنة والهرسك، الذي كفل حرية المعتقد والانتظام، والأمن الشخصي والملكي، والمساواة بين الجنسين، إضافة إلى الحق العام في الانتخاب. كما نوّه بالدور المهم للنخبة المسلمة التي وفرت دعمًا سياسيًا واسعًا لفكرة الدولة الموحدة غير القابلة للتقسيم.
وفي سياق حديثه عن مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، أشار إلى جهود حسين جوزة وهيلمو تشيمرليتش في صون الهوية المسلمة، مؤكدًا أن تأخر الاعتراف الرسمي بالمسلمين حتى عام 1971 مثّل واحدة من أبرز ثغرات النظام اليوغوسلافي. كما لفت إلى الأدوار المحورية التي لعبتها عائلة بوزديراك في تحسين الوضع الاجتماعي والسياسي للمسلمين.
التحولات الحديثة وتحديات التعددية القطبية

انتقل الدكتور كوفاتش إلى مرحلة التسعينيات، موضحًا أن الطعن في دولة البوسنة والهرسك آنذاك كان في جوهره رفضًا صريحًا لمقررات “مجلس الشعب لمناهضة الفاشية – 1943”. وأكد أن لجنة بادينتر كرّست الحق في الاعتراف الدولي بالحدود الجمهورية، وأن نتائج استفتاء 1992 فتحت الطريق لعضوية البوسنة والهرسك في الأمم المتحدة، بدعم حاسم من وزير الخارجية آنذاك حارث سيلايديتش.
كما تناول ملامح السياسة الخارجية للجمهورية خلال الحرب، مشيرًا إلى أن التحركات الدبلوماسية، والدعم الدولي، والموقف الأمريكي من الأزمة كانت عناصر أساسية في بقاء الدولة واستمرار حضورها الدولي.
رؤية مستقبلية.. ضرورة تعزيز المكانة الدولية للبوسنة والهرسك
واختتم الدكتور كوفاتش حديثه بالتأكيد على أن العالم متعدد الأقطاب يحمل فرصًا وتحديات جديدة، وأن تعزيز الوضع القانوني الدولي للبوسنة والهرسك وبناء مؤسسات مستقرة على مبادئ “مجلس الشعب لمناهضة الفاشية – 1943″، يظل الطريق الأكثر صلابة لضمان مستقبل الدولة واستقرارها.
ـ المصدر: (Preporod.info).
ـ ملاحظة: تم الاتفاق مع إدارة مجلة المجتمع على السماح للكاتب “إعادة النشر” على موقع “مسلمون حول العالم” مع ذكر المصدر.



