مسلمون حول العالم ـ متابعات ـ هاني صلاح
بقلم/ د.أمين القاسم ـ الباحث في تاريخ المنطقة
دخل الإسلام إلى بلغاريا في القرنين الحادي والثاني عشر الميلاديين مع وصول قبائل الكومان والبتشينيك التوركية، وبدأ انتشار الإسلام في الأراضي البلغارية في القرن الرابع عشر بعد بسط العثمانيين سيطرتهم على البلاد عام 1492م، واستيطان عدد من سكان الأناضول في بلغاريا.
بوماك أو بوماتسي –بالبلغارية- أو أهرياني، أو المسلمين البلغار: شعب مسلم –حنفي المذهب- يقطن في جنوب بلغاريا، يتحدث باللغة البلغارية. وهو أحد الشعوب المسلمة الثلاث في البلاد –ذات الهوية البلغارية- إضافة إلى الأتراك والغجر المسلمون. ومعنى كلمة بوماك باللغات السلافية جاء من فعل يعني “المساعدة”، إشارة إلى أنهم بلغار مسلمون تعاونوا وساعدوا ونصروا الأتراك.
إجمالي عدد البوماك اليوم يصل إلى نصف مليون نسمة، هذا عدا الذين هاجروا وانصهروا في المجتمع التركي. أما في بلغاريا فعددهم التقريبي اليوم حوالي 300 ألف، وفي ألبانيا عددهم 80 ألف، وفي اليونان عددهم 70 ألف، وفي مقدونيا 40 ألف، وكوسوفو حوالي 10 آلاف.
من المؤرخين من يرجع أصول البوماك إلى قبائل الكومان التوركية التي سكنت البلاد منذ القرن 11م، وأسلمت بعد دخول العثمانيين، ولكن يجمع غالبية الباحثين على أنهم من القبائل السلافية التي أسلمت أثناء الحكم العثماني للمنطقة، وتشهد على ذلك لغتهم وعاداتهم.
تعرّض شعب البوماك من جانب الحكومات البلغارية المتعاقبة منذ العام 1912م إلى حملات عديدة من الإضطهاد والمعاملة القاسية، والحرمان من الممتلكات، وذلك بهدف تغيير ومسح هويتهم الإسلامية من خلال ممارسات عديدة كإعادة توطينهم في أماكن أُخرى بعيدة عن أراضيهم، وإجبارهم القسري على تبديل دينهم، وإرغامهم على تغيير أسمائهم وألقابهم الإسلامية، وفي العهد الشيوعي (1944- 1990) مُنع المسلمون البلغار أيضا من ممارسة شعائرهم، وأُغلقت مساجدهم، وصودرت أوقافهم، وتعرّض أئمتهم للملاحقة.
فشل “البلْغرة”
جاء هذا ضمن سياسة ما يسمى “البلْغرة”، وكان آخر هذه المحاولات في عام 1989م، ولكن كل محاولات دمج البوماك بالقوة في الثقافة البلغارية-الثقافة المسيحية الأرثوذوكسية أو العلمانية الماركسية- لم تنجح، ولكنها نجحت في تهجير قسم كبير منهم عن وطنه. فقد قاوم الشعب البوماكي للبقاء على أرضه والحفاظ على دينه وثقافته، وقيّمه الأسرية.
يتمتع شعب البوماك اليوم في بلغاريا وألبانيا ومقدونيا بالحرية الدينية والثقافية، ولكن ما زال هذا الشعب يتعرض للتهميش في اليونان. ويسعى البوماك لتحسين صورته وموقعه في المجتمع البلغاري، أما التحديات الداخلية التي تواجه المجتمع البوماكي المسلم فهي البطالة وهجرة الشباب والزواج من غير المسلمات.
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=10217595534312805&id=1611567851