مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح
أن يعيش الإنسان ويمتدحه الناس حوله؛ فهذا أمر طبيعي.. أن يموت الإنسان فيحزن عليه من عرفه وتعامل معه فيرثوه بأجمل العبارات فهذا من باب الوفاء له؛ لكن أن يظل الناس يرثوه عام بعد عام، ويتذكرونه بأسعد اللحظات التي عاشوها معه ويسردون أجمل صفاته التي تحلى بها؛ فهنا يصبح الأمر استثناء ويخرج عن المعتاد والمألوف..
وهنا نشعر باندهاش وانبهار يدفعنا للتوقف والتأمل في هذه الشخصية التي مازال الناس على مشاغلهم ومشاكلهم في الحياة يتذكرونه بكل محبة صادقة خالصة من قلوبهم..
هذه الشخصية الفذة، التي لا تفارقها الابتسامة؛ ولا تتردد في تقديم النصح والمساعدة لكل من حولها؛ دفعتنا للتفكير في المعنى الحقيقي للنجاح في الحياة.. وحقيقة السعادة الدائمة للإنسان في مسيرته التي تبدأ بهذه الحياة الدنيا وتتواصل في عالم غيب نؤمن به ولم نراه بعد..
وأترك للقارىء الوقت الكافي للتامل في هذا المعاني السابقة؛ لكن قبل ذلك أدعوه للتأمل معي في كلمات سطرها من عرفوا هذه الشخصية الفريدة الاستاذ الدكتور سمير عبد الحميد نوح، رحمه الله، رائد الدراسات الشرقية في اليابان، وبعض هذه الكلمات تنشر لأول مرة بعد سنوات من وفاته بناءًا على طلب منا..
وإلى كلمات سطرها كرام أوفياء لعزيز كريم رحل عن دنيانا..
حضن دافىء اتسعت رحمته الجميع
ونموذج من أقرب الناس إليه، ومن اسرته؛ قالت أخته “فاتن عبد الحميد نوح”، مدير ادارة الوسائل التعليمية بادارة ديرب نجم، بمحافظة نجم شرقية: “دكتور سمير رحمه الله تعالى لم يكن فقط أخي الأكبر؛ بل كان الأب الحاني والرحيم بكل إخوته”.
وتابعت: “أنا الأصغر في أسرتنا، وأبي توفى وأنا مازلت في العام الرابع من عمري، فكان سمير بالنسبة لي الأخ الأكبر والأب الحنون وكل معنى حلو وجميل في حياتي”
وأشارت إلى أن الدكتور سمير: “لم يكن معي فقط رحيم وحاني لأنني أخته الأصغر؛ بل كان مع الجميع في أسرتنا وأقاربنا كان منبع الحنان وشمس الرحمة ومصباح الأمل والتفاؤل والحضن الدافىء الكبير الذي يحتضن فيه الجميع إخوته وعائلته وأقربائه؛ بل وكان من يتعامل معه”.
وبجانب الرحمة والحنان، عددت بعض من صفاته الأخرى مشيرة إلى أنه: “كان يعشق العمل والتعلم؛ وعلى الرغم من أنه كان جادًا في حياته العملية؛ إلا أنه لم ينسى من حوله وتشجيعهم وحثهم على النجاح في حياتهم؛ وأجمل شىء أنه كان يقوم بكل ذلك في تواضع عظيم”.
شديد الحرص على الأمانة
ومن لبنان، وصفه أ.د. علي لاغا، الباحث في الفكر الإسلامي، والمدير السابق لمركز الأبحاث والتنمية في جامعة الجنان في لبنان، وعضو المجلس الاستشاري للموسوعة الكويتية للعالم الإسلامي، بأنه ـ رحمه الله تعالى ـ “كان صديقاً مميزاً لطيفاً عملنا معاً في موسوعة الكويت للعالم الإسلامي”.
وتابع المفكر الإسلامي الدكتور لاغا: “لقد عرفت الدكتور سمير عبد الحميد نوح عن قرب خلال عملنا معاً في موسوعة الكويت للعالم الإسلامي التي عملت عليها وزارة الأوقاف في الكويت، حرسها الله تعالى، بإشراف وإدارة العصامي مدير إدارة التخطيط الدكتور هزاع الفضلي، وكان الدكتور نوح ممثلاً لليابان، والدكتور نوح مصري الأصل لكنه تزوج من يابانية، علماً أن له زوجة أخرى في مصر، إلا أنه كان يدرس في اليابان ومن كثرة مكوسه فيها أضحت ملامحه يابانية”.
واستفاض في سرد محاسنه، مشيرًا إلى أنه: “كان على مستوى رفيع من الخلق الكريم والعلم الواسع والإلمام بحال اليابان والمسلمين في اليابان، ومع تقدمه في السن كان يمارس رياضته الصباحية يومياً، ومن ينظر إليه يحسبه في عمر الستينيات، لقد كان معجباً بالشعب الياباني وبعاداتهم، ومن أحاديثه عن مشاريع المسلمين في اليابان كان يبدي الحرص الشديد على الأمانة، وكم كان يتألم ممن كانوا يتهاونون بها”.
وختم داعيًا: “رحم الله تعالى الدكتور سمير عبد الحميد نوح وكتب له أن يلحق بزمرة الصالحين والصديقين”.
بعض من كلمات من عرفوه
وتعليقًا على منشور نشرناه على صفحتنا الخاصة على فيسبوك، دعونا فيها أهل اليابان ممن تعامل مع الدكتور سمير نوح، إلى تسجيل مواقفهم معه، ووردتنا هذه الكلمات:
لا يبخل بالنصيحة ولا يتأخر عن المساعدة
بدايةً، وكنموذج من أبناء الجالية المصرية في اليابان، قالت الدكتورة رحاب فؤاد، أستاذ مساعد زائر في كليه الطب قسم الاعصاب، ورئيسة لقسم البحث والتطوير لشركة يابانية: “امتدت معرفتي بالدكتور سمير نوح ما يقرب من ٨ سنوات، ومن خلال جروب للجالية المصرية على فيسبوك، كان نشط ولم يبخل بالنصيحة أو المساعدة لأحد، كما ساهم في نشر المعرفة والمعلومات الهامة لأبناء الجالية المصرية في اليابان”.
وتابعت: “في فتره مرضه الأخير واحتجازه في المستشفي، تم مناشدة الجالية وحثهم على زيارته لانه كان يستأنث بالمصريين.. وبالفعل ذهبت لزيارته وكانت أول مره أقابله شخصيًا، وعرفته بنفسي وعرفني علي الفور، وكنت أحمل هم ما يمكني المشاركة والحديث معه فيه؛ لكن سبحان الله لم أتوقع أن يمتد حديثنا لأربع ساعات كاملة أغلبها انا مستمعة فقط، وقد حدثني خلالها عن تاريخ الاسلام في اليابان وخبراته المختلفة، كما عرفني علي زوجته اليابانيه سارة وأصبحت صديقة لها حتي توفاها الله”.
كذلك حدثني عن دكتور علي السمني رحمه الله، وهو من أوائل العرب والمصريين الذين جاءوا لليابان لتعليم اللغة العربية، ونشر الثقافة الاسلامية.. الحديث عنه يطول و لا أملك إلا أن أدعو له ولزوجته اليابانيه سارة بالرحمة والفردوس الاعلي”.
بينما في تعليق آخر على منشورنا، قالت (Fadwa Elkhaligi): “الله يرحمه ويحسن إليه.. على الرغم من أن لقاءاتنا معه كانت معدودة؛ إلا أننا لن ننساها أبدًا.. لن ننسى أشياء كبيرة عظيمة مثل وصيته لي ولزوجي.. كما أننا لن ننسى أشياء صغيرة لكنها جميلة تعكس طبيعته الجميلة مثل حبه للترمس والحلبة والفول النابت”.
ومن جانبها، قالت (Qawareer Qawareer): “كان مشجعًا للآخرين في أعمالهم، ويحب الخير لكل الناس.. لا يحمل ضغينة لأحد، ولو كان من المخالفين له.. يسأل عن من غاب منهم ويرعاهم بأبوته قبل أستاذيته.. رحمه الله برحمته الواسعة”.
وختامًا، ولأن المقال لا يتسع لسرد ونشر كلمات كل من عرف الدكتور سمير نوح وتعامل معه ولو لمرة واحدة فقط تركت بصماتها الطيبة في قلوبهم، ولأن هدف المقال لفت الانتباه إلى حقيقة النجاح والسعادة للإنسان سواء في حياته المنتهية الحالية/الدنيا وكذلك في حياته الأبدية الخالدة/الآخرة.. نتوقف عن هذا الحد وننشر رابط صفحة الدكتور رحمه الله تعالى وبها عشرات ومئات المشاركات التي تثني عليه وعلى سيرته العطرة واخلاقه الكريمة وتعلامته الراقية ويمكن مطالعتها من خلال هذا الرابط ( اضغط هنا ).
ـ صور وتعليقات وروابط:
سمير نوح … في الذكرى الثالثة لرحيله (للاطلاع اضغط هنا).
ـ بقلم: Ahmad Abu Hakeem Maeno:
رحم الله أستاذنا الدكتور سمير الكريم المتواضع، لقد أعرب اسم عائلتي مائينو (Maeno) إلى “معينو” للمعية من باب الدعابة وذلك من دمه الخفيف.. وكان من عظيم تواضعه أن ينفق وقته ويستجيب إلى طلبي اللقاء معه عند زيارتي إلى كيوتو وكان صريحا صادقا مع كل أحد.. جزاه الله عنا كل خير”.
سمير نوح .. في الذكري الثالثة لرحيله! والوظائف التي شغلها سمير نوح
ـ صفحات وروابط: Professor Samir Nouh