( 27 ) حوار بيلاروسيا الأول ـ 2016م
“المسلمون في بيلاروسيا يحتاجون للمؤسسات الإسلامية، خاصة في المجال الإعلامي؛ فالقليل في العالم الإسلامي مَن يعلم بوجود هذه الدولة، وتضيع عادةً تحت ظل جارتها روسيا، وبالطبع يجهلون وجود مسلمين هنالك، مع أنهم هناك منذ قرون”.
أدار الحوار: هاني صلاح/
بهذه الكلمات حدَّد الشيخ “علي فورونوفيتش”؛ رئيس ومفتي الإدارة الدينية لجمهورية بيلاروسيا، أولويات المسلمين في تلك الجمهورية التي لا يسمع عنها أو عن مسلميها غالبيةُ المسلمين في العالمين العربي والإسلامي.
وتابع الشيخ “فورونوفيتش” تحديد أولويات المسلمين في تلك المنطقة النائية في شمال الكرة الأرضية، موضحًا حاجته للتواصل مع المؤسسات الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي قائلًا: “كذلك نحتاج لحضور المؤتمرات واللقاءات الدولية للتعارف وتبادل التجارب، وأيضًا نحتاج للدعم المادي لتنفيذ مشاريعنا الإسلامية والدعوية والاجتماعية التي تحفظ وجودنا وهويتنا في هذه المنطقة، وتعزز من دورنا على مستوى المجتمع البيلاروسي”.
ولفت ضيف الحوار؛ من جمهورية بيلاروسيا، إلى أن كثيرًا من مسلمي البلاد قد اندمجوا مع غيرهم “إلى حد الذوبان”، موضحًا أن عددهم لا يزيد عن ٢٠ ألف نسمة، ويمثل العِرق التتري المجموعة الأكبر من عرقيات مسلمي البلاد.
جاء ذلك في سياق حوار: (الإسلام والمسلمون في جمهورية بيلاروسيا)، وهو الحوار الأول عن جمهورية بيلاروسيا، والحادي والثلاثون في سلسلة: “حوارات الأقليات المسلمة على الفيسبوك”، والتي تأتي في سياق برنامج للتعريف بواقع الإسلام والمسلمين حول العالم.
أُجري الحوار على الفيسبوك خلال شهر فبراير لعام 2016م، ونشر على موقع مرصد الأقليات المسلمة، وإلى الحوار..
ونتقدم بجزيل الشكر والتقدير للشيخ الدكتور د. وسام البردويل؛ مستشار العلاقات الدولية لمفتي روسيا؛ لقيامه بدور التنسيق مع ضيف الحوار، وكذلك لترجمته للأسئلة والإجابات.
المشاركة الأولى.. من: هاني صلاح؛ رئيس تحرير الموقع الإلكتروني لـ”مرصد الأقليات المسلمة”، تتضمن ثلاثة أسئلة (أرقام: 1، 2، 3):
1 ـ في بداية حوارنا.. نود التعرف على جمهورية روسيا البيضاء من خلال:
أ ـ نبذة مختصرة عن أهمية روسيا البيضاء، والخريطة العرقية التي يتكون منها شعبها.
ـ جمهورية “روسيا البيضاء” أو “بيلاروس” – كما يسميها أهلها – هي دولة مستقلة عن الاتحاد السوفيتي (السابق) منذ ١٩٩١م، ومساحتها ٢٠٧ ألف كم2، ولا يوجد لها مخرج بحري، ومحاطة من حولها بروسيا وبولندا وليتوانيا ولاتفيا وأوكرانيا.
وجمهورية “بيلاروس” هي دولة زراعية تغطي الحقول والغابات معظم مساحتها، وتوجد بها أعداد كبيرة من الأنهار والبحيرات، كما تُستخرج منها بعض المعادن، ولكن بكميات غير كبيرة.
و”روسيا البيضاء” تملك مصانع ضخمة لصناعة الشاحنات والآليات، وسوقها الرئيس هي روسيا؛ لذلك يعتمد اقتصادها بشكل كبير على أوضاع جارتها العظمى روسيا.
سكان الجمهورية 9.5 ملايين نسمة، ينتمون لـ(130) عرقية، أكبرها عددًا هم البيلاروسبنسبة؛ حيث يزيدون عن ٨٠% من تعداد سكان البلاد، ويليهم الروس والبولون والأوكران واليهود والأرمن، وأما التتار المسلمون، فنسبتهم أقل من 1%، وكذلك الأذر، وغيرهم من العرقيات.
اللغات الرسمة هي البيلاروسية والروسية.
ب ـ وما أهميتها الإقليمية بين دول المنطقة الأخرى، سواء في آسيا أو أوروبا؟ مع توضيح هل هي تابعة لقارة أوروبا أم آسيا؟
ـ “بيلاروسيا” بالطبع دولة أوروبية شرقية، ولكن جارتها “روسيا” دولة أوروآسيوية؛ ولذا فهي تعتبرها إحدى بوابات آسيا على أوروبا، وجسر بين آسيا وأوروبا.
كما تلعب “بيلاروسيا” دورًا مهمًّا في مجلس صداقة الدول المستقلة، والذي يضم أغلب الجمهوريات السوفيتية السابقة، ويقع المقر الرئيس للمجلس في عاصمة الجمهورية مدينة “مينسك”.
كما أن بيلاروسيا تلعب دور الوسيط أحيانًا بين الجمهوريات السابق ذكرها، وذلك واضح من دورها في الخلاف السياسي والعسكري بين روسيا وأوكرانيا.
ولكن الجمهورية تعاني من أزمة اقتصادية خانقة حاليًّا؛ لاعتماد اقتصادها على روسيا بشكل أساسي، والذي بدوره يشهد حالة تدهور كبيرة.
والنظام السياسي في جمهورية بيلاروسيا متصادم مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا.
ج ـ أيضًا ما أهميتها بالنسبة لدول العالم الإسلامي والعربي؟ ومدى علاقتها بدولهما؟
ـ “بيلاروسيا” تحرص على بناء علاقات طيبة مع الدول العربية والإسلامية؛ فقد زار رئيسها العديد من الدول العربية، مثل: الكويت، والإمارات، وقطر، والبحرين، وغيرها.
و”بيلاروسيا” تحاول دائمًا جلب الاستثمارات من تلك الدول، وتقدم نفسها كشريك في المنطقة الأوروبية، وتسعى لجذب السياح العرب للاستمتاع بجمال طبيعتها. كما أنه في الجمهورية حاليًّا يوجد عدد كبير من الطلاب العرب والمسلمين الذين يدرسون في جامعاتها.
2 ـ كذلك نرجو التعريف بمسلمي روسيا البيضاء من خلال توضيح:
أ ـ الخريطة العرقية والجغرافية لمناطق تواجد المسلمين في روسيا البيضاء.
ـ المسلمون لا يزيد عددهم عن ٢٠ ألف نسمة، منهم ٧٣١٦ تتاريًّا، و٥٥٦٧ أذريًّا، و١٥٨٣ أوزبكيًّا، و٢٦٨٥ تركمانيًّا، ثم ١٣٥٥ قازاخيًّا، ثم ١٣٣٠ عربيًّا وغيرهم، حسب الإحصائيات الرسمية، وهم متواجدون في كل مدن الجمهورية، كما توجد بعض القرى التتارية.
ب ـ الخريطة الاجتماعية للمسلمين: الوضع التعليمي والوظيفي والاقتصادي.
ـ المسلمون لا يختلفون عن غيرهم في المستوى التعليمي أو الوظيفي أو الاقتصادي، فمنهم الأطباء والمهندسون والضباط في الجيش، ومنهم العمال والفلاحون، وخاصة أن التتار في بيلاروسيا فقدوا لغتهم وثقافتهم تقريبًا، ولولا الإسلام لذابوا تمامًا في المجتمع وفقدوا هويتهم، وهذا ما حصل بالفعل مع أغلب التتار من سكان العاصمة في العصر السوفيتي. أما في أكبر تجمع للتتار في مدينة “إيفي”، فأغلبهم يمارس الفلاحة.
ج ـ الخريطة الدينية للمسلمين: سنة أم شيعة؟
ـ الأغلبية هم من السنة، كما يوجد شيعة أذريون.
3 ـ وطلبُنا الثالث قبل فتح باب المشاركة للجمهور على الفيسبوك، نرجو من سيادتكم التفضل بتعريف أنفسكم لجمهورنا من خلال:
أ ـ تعريف إنساني واجتماعي ووظيفي ودعوي.
ـ السن ٤٨ عامًا، تتاري القومية، في ١٩٩٣م أنهيت الدراسة الأكاديمية البيلاروسية للعلوم التقنية، وفي ٢٠٠٩م أنهيت الدراسة في المعهد الإسلامي “المدرسة المحمدية” في مدينة “كازان” في روسيا. في ٢٠١٤م أنهيت بامتياز الدراسة في الجامعة الروسية الإسلامية، وحاليًّا أحضر الماجستير في نفس الجامعة. متزوج ولي أربعة أولاد.
ب ـ ما هي أهم المهام التي تقومون بها حاليًّا؟
ـ عملت مهندسًا مسئولًا بقسم تجميع آليات، ومنذ ١٩٩٨م عملت في دار الإفتاء، وتفرغت للدعوة منذ ٢٠٠١م.
ج ـ وما هي أبرز المسئوليات التي قمتم بها سابقًا؟
ـ تم انتخابي مفتيًا في ٢٠١١م، وأعمل إمامًا وخطيبًا في مدينتي “مينسك” و”غومل”، كما أعمل رئيس تحرير جريدة الأخبار الإسلامية المحلية، وموقع islam.by، وأرأس اللجنة العلمية لترجمة معاني القرآن للغة البيلاروسية.
المشاركة الثانية.. من: محمد سرحان؛ صحفي مصري وباحث في ملف الأقليات المسلمة، تتضمن خمسة أسئلة (أرقام: 4، 5، 6، 7، 8):
4- كيف هي علاقة المسلمين بالحكومة في بيلاروسيا؟ وهل لروسيا تأثير أو تدخل في هذه العلاقة، سواء بالإيجاب أو السلب؟
ـ يمكنني أن أصف هذه العلاقة بالإيجابية بشكل عام، فالحكومة تعترف بالإسلام، وتسمح لنا بالنشاط، ولا تسبب لنا أي عراقيل. طبعًا هي لا تقدم لنا أي دعم مادي، ولكن لا توجد أي مضايقات لنا من جهتها.
حاليًّا توجد بعض الصعوبات؛ مثل مشكلة منع وضع النساء لصورهن في جوازات السفر البيلاروسية بغطاء الرأس، بما فيه الحجاب، ولكن يوجد أمل بأن هذه الصعوبات يمكن تجاوزها وحلها.
أما تأثير روسيا، فهو كبير في كل نواحي الحياة في روسيا البيضاء، سياسيًّا كان أو اقتصاديًّا أو اجتماعيًّا، فأغلب سكان جمهوريتنا يتحدثون الروسية، والقنوات التليفزيون الروسية هي الأكثر مشاهدة عندنا؛ لذا فتأثير روسيا أيضًا واضح في علاقتنا مع الدولة، ونوعية هذا التأثير تتراوح بين الإيجابية والسلبية حسب أوضاع روسيا الداخلية وعلاقتها بمسلميها أو بالدول الإسلامية. في فترات الأزمات هذه العلاقة تصبح سلبية، وفي فترات الانفراج تكون إيجابية.
5- ماذا قدم مسلمو بيلاروسيا لغير المسلمين في مجالات الحياة المختلفة؟ وماذا عن قدرتهم على الاندماج والتعايش مع الطوائف والقوميات الأخرى؟
ـ كان لـ”تتار” روسيا البيضاء ـ وهم الأغلبية من المسلمين هنا ـ دور تاريخي مهم منذ عصر “الدوقية الليتوانية العظمى”، ثم عصر “إمبراطورية روسيا القيصرية”، فقد كان لهم دور مهم في المجال العسكري كمحاربين لهم فرقهم الخاصة، كما أن كل العائلات التتارية كانت تنتمي للطبقة الأرستقراطية.
وفي الحرب العالمية الأولى كان يوجد ثمانية عشر جنرالًا تتاريًّا في الجيش الروسي، ومن الأسماء المعروفة بشجاعتها وحكمتها: الجنرال “ماتفي سولكيفيتش”، وهو من مسلمي بيلاروسيا، وكان قد شغل منصب رئيس الوزراء في حكومة القرم، ثم وزيرًا للداخلية والحربية، كما عمل أيضًا رئيسًا للأركان في القوات المسلحة الأذربيجانية، وتم إعدامه في ١٩٢٠ بيد السلطات الشيوعية، وكانت آخر كلماته: “أنني سعيد لموتي كجندي مسلم”.
وأيضًا من مشاهير علماء الدين: الشيخ “علي فورونوفيتش” في “وارسو”، والذي ولد في بيلاروسيا في ١٩٠٢م، والذي بعد أن أنهى الدراسة في معهد الشرقيات في مدينة “لفوف” (بأوكرانيا حاليًّا)، وأيضًا الدراسة في المعهد الحربي للمدفعية في ١٩٣٣م، توجه للدراسة في الأزهر في القاهرة، حيث درس حتى ١٩٣٦م، وبعد عودته عمل نائبًا للمفتي وإمامًا لمنطقة وارسو (عاصمة بولندا حاليًّا)، وقد تكلم العربية بطلاقة، وكتب بها العديد من المقالات، وتم القبض عليه وإعدامه في ١٩٤١ بعد الاحتلال السوفيتي لبولندا.
أما في العصر الحالي، فالمسلمون حققوا نجاحات كبيرة في مجالات العلوم والفنون، حيث يمكننا ذكر أسماء شخصيات مسلمة معروفة في هذه المجالات، مثل الكاتب والناقد الأدبي المسلم البيلاروسي “ستيبان إلكسوندروفيتش”، وعالم الكيمياء “حسين إلكسوندروفيتش”، والاقتصادي “يعقوب إلكسوندروفيتش”، والعالم الموسوعي “يعقوب يعقوبوفسكي”، والمؤرخ “إبراهيم كانابتسكي”.
أما عن قدرة المسلمين على التعايش، فالمسلمون دائمًا كانت لهم علاقات طيبة، فمنذ قرون والمسلمون يجاورون المسيحيين الأرثوذوكس والكاثوليك واليهود، ولم يذكر التاريخ أي صراعات بينهم؛ بل وقفوا دائمًا معًا لحماية وطنهم أمام العدوان الخارجي.
ومعروف كثير من القصص عندما قام بعملية الختان لأطفال المسلمين أطباء يهود، وتبرع المرأة الكاثوليكية “الفيرا زامويسكايا” لبناء مسجد في مدينة “إيفي”، ولتخليد هذه العلاقات الطيبة، تم افتتاح نصب تذكاري للصداقة بين المسلمين والمسيحيين واليهود في مدينة “إيفي” في ٢٠١٢م.
ولكن يوجد اندماج زائد عن حده؛ بل هو ذوبان أحيانًا في رأيي الشخصي، وهناك جانب إيجابي وجانب سلبي لهذا الاندماج، فالإيجابي هو السعي لتحصيل العلوم الحديثة، وبلوغ قمة التطور في روسيا وأوروبا الغربية، أما السلبي فهو تقليد الغرب، والسعي لتقليل دور الدين في حياة المجتمع، والتوجه العلماني.
6- ماذا عن حملات الاضطهاد التي تعرض لها مسلمو بيلاروسيا منذ القرن الـ17؟ وكيف تمكنوا من الحفاظ على هويتهم أمام تلك الحملات؟
ـ في القرن السابع عشر، تفاقمت ظاهرة الاضطهاد الديني في المجتمع “البولندي-البيلاروسي”، وخاصة في فترة حكم “سيغيزموند الثالث” (١٥٨٧-١٦٣٢)، والذي ألغى حرية العقيدة، وتضررت بشكل أساسي الأقليات من المسلمين واليهود؛ فمثلًا في ٢ يوليو ١٦٠٩م في أحد الأعياد الكاثوليكية، قامت جموع من الحجاج المسيحيين بهدم مسجد مدينة “تروكي”، ومُنع المسلمون من بناء مساجد جديدة. وفي نفس السنة، قُتل العديد من المسلمات بتهمة أنهن ساحرات.
ولعل السبب الرئيس لهذا الاضطهاد هو ظهور كتاب (الفرقان التتاري)، والذي اتهم فيه الكاتبُ التتارَ بأنهم أعداء للمسيح، وسبب كل شر في أرض المملكة، وقد تم إعادة طبع الكتاب ثلاث مرات، وطالب مؤلف هذا الكتاب بطرد وقتل كل التتار المسلمين. كل هذا تسبب في هجرة كبيرة للتتار إلى الدولة العثمانية، ولكن بعد موت “سيغيزموند الثالث”، وابنه “فلاديسلاف الرابع” في ١٦٤٨م، تم إعادة كل الحقوق للمسلمين وحمايتهم.
7- ماذا عن احتياجاتكم لدى المؤسسات الإسلامية الكبرى كالأزهر؟
ـ المسلمون في بيلاروسيا يحتاجون فعلًا للمؤسسات الإسلامية، وخاصة في المجال الإعلامي؛ فالقليل في العالم الاسلامي من يعلم بوجود هذه الدولة، وتضيع عادة تحت ظل جارتها روسيا، وبالطبع يجهلون وجود مسلمين هنالك، مع أنهم هناك منذ قرون. كذلك نحتاج لحضور المؤتمرات واللقاءات الدولية للتعارف وتبادل التجارب، وأيضًا نحتاج للدعم المادي لتنفيذ مشاريعنا الإسلامية والدعوية والاجتماعية التي تحفظ وجودنا وهويتنا في هذه المنطقة، وتعزز من دورنا على مستوى المجتمع البيلاروسي.
8- هل لديكم منابر ونوافذ إعلامية تعبر عن واقع المسلمين، وتُعرّف الناس بالإسلام وسماحته؟ وما هي قنوات التعريف بمسلمي بيلاروسيا على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي؟
ـ نعم، يوجد، وأهم منبر إعلامي لنا هو موقعنا على الإنترنت: “slam.by”، ففي هذا الموقع يمكن التعرف على حياة المسلمين في الجمهورية، والحصول على إجابات شرعية على الأسئلة عن الإسلام وأحكامه، وغيرها من المعلومات المفيدة، وهو متاح من أي مكان في العالم. كما أننا نصدر جريدة شهرية (أخبار المسلمين)، وهي موجهة للقارئ البيلاروسي بشكل أساسي، كما يوجد بعض المواقع في مواقع التواصل الاجتماعي مثل:
http://vk.com/islam_muslims_belarus
المشاركة الثالثة.. من: عبد الوهاب علماء كويلان؛ خريج كلية اللغة العربية جامعة الأزهر، وعضو هيئة العلماء المسلمين بجنوب الفلبين، وتتضمن ثلاثة أسئلة (أرقام: 9، 10، 11):
9 ـ هل هناك مدارس إسلامية في بلاروسيا؟ وبشكل عام، كيف حال التعليم الإسلامي لمسلمي بيلاروسيا؟ وما هي أبرز احتياجاتكم للارتقاء بمستوى التعليم الإسلامي؟
ـ لا يوجد في روسيا البيضاء تعليم إسلامي، ولكن توجد تربية وتثقيف إسلامي.
ـ لا يوجد تعليم لأنه لا توجد مؤسسات تعليمية مصرح بها رسميًّا، ولإيجاد مثل هذه المؤسسات لابد من تحقيق بعض الشروط؛ مثل وجود عدد كاف من المسلمين الراغبين في الحصول على تعليم إسلامي، وأيضًا التمويل لمثل هذه المشاريع.
ـ أما بالنسبة للتربية، فهى كانت موجودة عند المسلمين البيلاروس؛ فسابقًا كان في كل جمعية إسلامية مدرس يسمى (الحوجي)، والذي كان يعلم أطفال المسلمين الإسلام وأحكامه، وأيضًا حفظ القرآن واللغة العربية، مقابل تبرع مالي بسيط من والدي الطفل. وبما أن المسلمين كانوا يعيشون في أماكن متباعدة؛ فقد كان المدرسون في ترحال دائم بين القرى والمدن، ولكن في العهد السوفيتي اختفت هذه الظاهرة.
في الوقت الحالي، يوجد ما يسمى بمدارس أيام العطل؛ حيث يحضر الكبار من الرجال والنساء، وأيضًا الأطفال، في فصول دراسية أيام السبت والأحد في المراكز الإسلامية والمساجد؛ حيث يتم تدريسهم العلوم الإسلامية الضرورية من الإمام أو بعض المتعلمين شرعيًّا.
10ـ ما هي طبيعة علاقتكم بالدول العربية والإسلامية على مستوى الدولة بشكل عام، وعلى مستوى المسلمين فيها بشكل خاص؟
ـ أتذكر في فترة التسعينيات من القرن العشرين حين كان المسلمون هنا يستقبلون بترحيب كبير كل زائر من البلاد الإسلامية، وخاصة العربية، ولكن – للأسف – الكثير منهم كانوا من المحتالين الذين استغلوا ثقة الناس بهم؛ ولذلك ساءت العلاقات وأصبحت مبنية على الشك وعدم الثقة، وهذا أيضًا ينطبق على العلاقات الرسمية مع الدول الإسلامية للأسف.
11ـ هل الحكومة تعطيكم حرية في ممارسة الدين؟ هل يمكن ضرب بعض الأمثلة لذلك؟
ـ نعم، تعطينا؛ حيث تبنى المساجد وتقام الصلاة بدون أي عراقيل، والتجمعات الدينية، والنساء المسلمات يلبسن الحجاب، ولا يُمنعن من ارتدائه، لكن – كما ذكرت سابقًا – هناك منع من استخدام الصور في جوازات السفر بالحجاب.
المشاركة الرابعة.. من: سنابل حبيب؛ من الأردن، وهي مسئولة الأبحاث والتقارير في موقع بوابة بادر العالمية، وتتضمن أربعة أسئلة (أرقام: 12-15):
12 ـ ما هي التحديات التي تواجه المسلمين؟ وما هي أولويات العمل الإسلامي؟
ـ التحديات متمثلة بانعكاسات الأحداث العالمية المتعلقة بالمسلمين، فنحن نريد أن ندعو للإسلام في جو هادئ وبناء، ولكن في كل مرة، وبعد أي عملية إرهابية، والتي يُتهم فيها الإسلام والمسلمون في القنوات التلفزيونية، وخاصة الروسية، حيث تضخم وتنتشر الإسلاموفوبيا؛ نضطر بدورنا للتكرار مرارًا: «الإسلام ليس كما تظنون، ونحن لسنا إرهابيين»؛ لذا فإن أولوياتنا هي: الدعوة للإسلام، وتطوير العمل الإعلامي والتنويري.
13 ـ سؤال متعدد حول:
ـ الطعام الحلال.. ما مدى وفرته؟
ـ وما هو المذهب الفقهي الذي يتبعه المسلمون هنا؟
ـ ما مدى وفرة المصاحف والكتب الاسلاميه؟
ـ وهل هناك جهة تمثل المسلمين أمام السلطات الرسمية للبلاد؟ وهل الإسلام معترف به هنا؟
ـ في العاصمة “مينسك”، الأطعمة الحلال حاليًّا متوفرة؛ حيث توجد خمسة محلات على الأقل متخصصة في بيع المنتوجات الحلال، وهذا كله توفر في العشر سنوات الأخيرة، كما توجد منتجات حلال في بعض محلات السوبرماركت.
أما في القرى، فإن الناس يوفرون بأنفسهم الطعام الحلال؛ حيث يُربّون الحيوانات ويذكونها ذكاة شرعية.
ـ أما مذهب المسلمين، فهو مذهب الإمام أبي حنيفة بشكل رئيسي.
ـ أما ما يتعلق بتوفر الكتب، فهي موجودة لكن غير كافية، ولكن يوجد الآن مشروع لفتح مكتبة إسلامية في مدينة “غومل” باللغات الروسية والعربية والتركية.
ـ يمثل المسلمين إمامُ الإدارة الدينية لمسلمي جمهورية بيلاروسيا (روسيا البيضاء).
ـ الإسلام ديانة معترف بها رسميًّا في بيلاروسيا حسب القانون منذ ١٩٩٢م؛ حيث يعتبر الإسلام مع المسيحية بفرقها الأرثوذكس، والكاثوليك، والإنجيلية اللوتيرانية، وكذلك اليهودية ديانات لها تاريخ وتأثير ثقافي وحضاري على الشعب البيلاروسي.
14 ـ كيف هي علاقة المسلمين مع غيرهم؟
ـ لقد أجبت على هذا السؤال، وأؤكد أنها علاقات طيبة وبعيدة عن مظاهر الصراع أو الكراهية والعنصرية؛ بل هي بناءة وتعاونية.
15 ـ هل يوجد انحرافات عقدية في أوساط المسلمين؟
ـ المسلمون في بيلاروسيا ليسوا كتلة واحدة متجانسة، بل يوجد توجهات ومذاهب وفرق، وبعض المسلمين هنا يعتنقون أفكار بعض الفرق الهدامة، والتي يمكن أن تخرج صاحبها من جماعة المسلمين، ولكن تبقى هذه الحالات استثناء، فالأغلبية تدين بالإسلام كما جاء به الرسول – صلى الله عليه – والسلام.