يواصل مسلمو سلوفينيا حملتهم الواسعة لجمع تبرعات لشراء قطعة أرض بالعاصمة لوبليانا لبناء أول مركز إسلامي يشتمل على مسجد بمنارة في تاريخ سلوفينيا؛ إلا السلطات الرسمية كانت توضع أمامهم عقبات إدارية وعراقيل متعددة لإعاقتهم عن بناء المسجد حفاظاً على السمت الكاثوليكي لسلوفينيا. وهو ما جعل من سلوفينيا الدولة الأوروبية الوحيدة التي لا تسمح للمسلمين ببناء مساجد لهم. ومع زوال هذه العقبات، بات حلم مسلمي سلوفينيا ببناء أول مسجد لهم بمنارة قريباً
وفي تصريح خاص لـ”شبكة إسلام أون لاين.نت” ذكر نجاد جرابوس مفتي سلوفينيا أن: “بلدية لوبليانا سمحت لنا ببناء المركز الإسلامي؛ وخصصت لنا قطعة أرض بوسط العاصمة لشرائها لإقامة المشروع عليها؛ شرط أن ندفع ثمنها قبل نهاية هذا العام”.
وفترة السماح المحدودة دفعت بالمشيخة الإسلامية إلى البدء فوراً بحملة تبرعات واسعة لجمع المبلغ المطلوب، ويضيف المفتي إلى أنهم: قرروا أن تبدأ حملتهم لجمع التبرعات لشراء هذا الأرض من مسلمي سلوفينيا أنفسهم قبل أن يتوجهوا للمؤسسات الخيرية في العالم الإسلامي لمساعدتهم في تكملة باقي المبلغ المطلوب، مشيراً إلى حملتهم: “بدأت بحفل إفطار خيري في السادس من رمضان الماضي؛ ودعونا كافة المسلمين وخاصةً التجار للحضور والتبرع للمركز، وتم جمع خلاله نحو 540ألف يورو”.
وكتعبير عن ترحيبه ببناء المسجد؛ تبرع رئيس بلدية لوبليانا بمبلغ خمسة ألاف يورو؛ خلال حفل الافطار الذي حضره؛ وهو ما دلل على وجود تحسن إيجابي جديد في علاقة مسلمي سلوفينيا بالسلطات الرسمية بها.
إلا أن حمدي بلاكيتش مدير مركز التفاهم الحضاري بسلوفينيا خلال اتصال هاتفي مع إسلام أون لاين.نت يؤكد على أنه: “مازالت هناك حاجة كبيرة لبذل كثير من الجهود لبناء جسور من التواصل والتفاهم بين المسلمين والمجتمع السلوفيني”، لافتاً النظر إلى أن أحد عقبات هذا التواصل “يتمثل في النظرة الاستعلائية من قبل المجتمع السلوفيني تجاه الشعوب الأخرى التي كانت ضمن الاتحاد اليوغسلافي السابق”.
يذكر أن سلوفينيا قد استقلت عن الاتحاد اليوغسلافي في 25يونيو 1991م بعد حرب قصيرة مع صربيا استمرت لعشرة أيام، وعاصمتها لوبليانا. و تبلغ مساحتها20,151 كيلو متر مربعاً، و يصل عدد سكانها لنحو اثنين مليون نسمة، غالبيتهم من السلوفينيين بنسبة83.1% وتوجد أقلية صربية بنسبة 2% وبوسنوية 1.1% ثم أقليات أخرى بنسبة 12%.
وتعد سلوفينيا أفضل الدول العشرة التي انضمت للاتحاد الأوربي في 1 مايو 2004م من الكتلة الشرقية سابقا، وأول من تبنى منها العملة الأوروبية الموحدة “اليورو” في 1 يناير 2007م، نظراً لتمكنها من الوفاء بالشروط الاقتصادية اللازمة للانضمام الى اليورو، وأصبحت الدولة الثالثة عشرة التي تتعامل به، كما أنها أول دولة حديثة العضوية تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوربي في النصف الأول من عام 2008م.
استمرار الحملة
ويتابع المفتي حديثه لإسلام أون لاين.نت “ومع استمرار حملتنا هذه وصل المبلغ حتى الآن لنحو 700 ألف يورو، ونتوقع أن يصل مع نهاية شهر اكتوبر الجاري لحوالي مليون يورو”. إلا أن أكبر عقبة تواجههم تتمثل في: “استكمال باقي المبلغ اللازم لشراء قطعة الأرض وهو ثلاثة ملايين وستمائة ألف يورو”.
وتبلغ مساحة الأرض المقدمة للمشيخة نحو11,364 متر مربع؛ وبيع المتر للمشيخة الإسلامية بنحو 402 يورو وهو سعر السوق المتداول وتصل إجمالي تكلفة الأرض حوالي 4,568,329 يورو.
ولعدم إمكانية مسلمي سلوفينيا تحمل إجمالي تكاليف قطعة الأرض، فقد وجهت المشيخة الإسلامية في سلوفينيا يوم الخميس 16 أكتوبر رسائل إلى بعض الدول الإسلامية لمساعدتهم في تمويل بناء هذا المركز، إلا أن ما يخشاه المفتي هو: “هذا الطريق غالبا ما يأخذ وقت طويلاً، ونخشى من انتهاء المهلة الزمنية المحددة لنا لشراء هذه الأرض في نهاية هذا العام”، ويؤكد المفتي أن الوقت يمر سريعاً ونخشى من ضياع الفرصة التي انتظرناها طويلاً منذ أربعين عاماً”.
بيوت.. للصلاة
وخلال العقود الماضية وحتى اليوم كان المسلمين في أنحاء سلوفينيا يشترون أو يستأجرون بيوت سكنية لاستخدامها كمصليات، ووصل عددها حتى الآن لنحو 15 بيت (مصلى)، منها 2 بالعاصمة، وتتصف بأنها صغيرة وليس لها منارة.
ويشير بلاكيتش إلى أنه كان: “يخصص جزء من هذه البيوت لإقامة الإمام المشرف على المسجد؛ والجزء الآخر كمصلى؛ حيث يتقاضى إمام راتبه من خلال الاشتراكات التي يدفعها الأعضاء المسجلين في كل مسجد من سكان المنطقة”.
يذكر أن بداية التواجد الإسلامي في سلوفينيا كان خلال النصف الثاني من القرن الماضي؛ حيث توافد عليها كثير من مسلمي البوسنة وألبان مقدونيا للعمل بها، ويضيف بلاكيتش: “كانت هجرة المسلمين مؤقتة بهدف العمل؛ إلا أنها بعد تفكك يوغسلافيا السابقة في بداية التسعينات؛ تحولت إلى إقامة دائمة؛ وهو ما دفع المسلمين في السعي بجدية لبناء مسجد جامع لهم للحفاظ على هويتهم الإسلامية أسوة بالأديان الأخرى”.
مرحلتين
وتتمثل المرحلة الأولى من مشروع بناء المركز الإسلامي في شراء قطعة الأرض أولاً، ومن ثم تبدأ المرحلة الثانية وتتمثل في إجراء المشيخة لمسابقة دولية لطرح مناقصة على الشركات العالمية واختيار أفضل العروض التي ستقدم منها، ثم تبدأ حملة تبرعات جديدة لبناء هذا المركز، والذي سوف يخدم نحو 20 ألف مسلم يقيمون بالعاصمة لوبليانا من إجمالي عددها البالغ نحو 250 ألف نسمة.
وسوف تشتمل مرفقات المركز على مسجد بمنارة؛ مع مدرسة إسلامية، وسكن للأئمة، بالإضافة إلى فصول دراسية ومطعم وملحقات خاصة بالأنشطة التعليمية والتربوية والترفيهية للجالية المسلمة بها.
ويصل عدد المسلمين لحوالي 68 ألف؛ يمثلون نسبة 2.4% من تعداد السكان؛ منهم 48 ألف مسلم؛ غالبيتهم من دولة البوسنة والهرسك ومن مقدونيا، والذين وفدوا إليها قبل عشرات السنين؛ وأصبحوا يحملون الجنسية السلوفينية، بالاضافة إلى نحو 20 ألف آخرين وفدوا من الدول العربية والإسلامية للعمل بها. وتتبع المشيخة الإسلامية في سلوفينيا مشيخة البوسنة والهرسك من الناحية العملية؛ إلا أنها من الناحية القانونية تعد مستقلة ومنفصلة عنها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إسلام أون لاين ـ أكتوبر 2008 ـ هاني صلاح