مسلمون حول العالم ـ متابعات
بقلم الدكتور أمين القاسم ـ الباحث في تاريخ المنطقة
“المصحف العثماني”، أو “مصحف عثمان”، أو “مصحف سمرقند”، أو “مصحف طشقند”، أو “المصحف الكوفي”، جميعها أسماء تطلق على مخطوط نادر لمصحف في أوزبكستان، يعد من أقدم نسخ القرآن الكريم المخطوطة، ويُعتقد يأنها جزء من المصاحف التي نُسخت بأمر من الخليفة “عثمان بن عفان”، رضي الله عنه، في عام 651م، كما يُقال بأنها النسخة التي كان يقرأ فيها عندما استشهد.
ويرجح الباحثون بأن كتابته تعود إلى أواخر القرن الثامن الميلادي أو أوائل القرن التاسع.
تعد مخطوطة المصحف الكوفي بلا شك تحفة أثرية قيّمة ونادرة، ولكنه ليس مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه. كما أن للمصحف مكانة كبيرة في قلوب شعبي الأوزبك والتتار.
مُجمّع حضرة الإمام في طشقند
مخطوطة المصحف محفوظة في مُجمّع حضرة الإمام في طشقند، وهي نسخة غير كاملة، فيها بعض الأحرف والكلمات غير موجودة في مواضعها، وهذا لعله يشير إلى أن هذه النسخة لم تُراجع وتُدقق بعد الانتهاء من نسخها.
وصف مخطوط المصحف
المصحف مخطوط على رق الغزال، بخط كوفي بسيط خالٍ من الزخارف، والنسخة خالية من علامات التنقيط، تبدأ من الآية السابعة من سورة البقرة إلى الآية العاشرة من سورة الزخرف، وفي كل صفحة من صفحاته 12 سطرا، وعدد ورقاته 353 ورقة، قياسها 68* 53 سم.
إحدى الروايات تقول بأن تيمورلنك (المتوفى عام 1405م) جلب المصحف من البصرة معه وهو في طريق عودته إلى عاصمته سمرقند بعد معركة أنقرة عام 1402م وهزيمته للسلطان العثماني بايزيد الأول (المتوفى عام 1403م).
أماكن حفظ فيها مخطوط المصحف
وظل المصحف محفوظًا في مدينة سمرقند، إلى أن احتلتها روسية القيصرية عام 1868م، ليتم نقله في العام التالي إلى مدينة سانت بطرسبورغ، ويحفظ في المكتبة العامة الإمبراطورية، ثم أهداه الزعيم السوفيتي لينين إلى تتار بشكيريا وليستقر المصحف في مدينة أوفا بداية العام 1918م برعاية الإدارة الدينية لمسلمي روسيا.
لكن بطلب من علماء ووجهاء تركستان قررت السلطات السوفيتية نقل المصحف بعربة قطار خاصة في أغسطس من عام 1923م إلى مدينة طشقند بصحبة عدد من العلماء على رأسهم الشيخ رضاء الدين بن فخر الدين (1859- 1936)، ثم نقل بعدها إلى مدينة سمرقند، وفي العام 1941م نقل المصحف إلى متحف تاريخ شعوب أوزبكستان في طشقند، مع مطلع تسعينيات القرن العشرين نقل المصحف إلى مدرسة بركة خان في مُجمع حضرة الإمام في طشقند، وما يزال المصحف هناك إلى اليوم.
قام أحد المستعربين الروس بدراسة المخطوط، وعمل عنه 50 نسخة طبق الأصل في العام 1905م، بقي محفوظا منها اليوم عدة نسخ فقط.
يذكر أنه توجد آثار من الدماء على عدد من صفحات المصحف (في سورة البقرة)، ويعتقد العلماء أن هذه الآثار مصطنعة، أي أنها لُطخت خصيصا بالدماء.
وقد أدرجت منظمة اليونسكو في عام 1997م مخطوط المصحف المنسوب لسيدنا عثمان رضي الله عنه في أوزبكستان إلى قائمة التراث العالمي.
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=10219242536686835&id=1611567851