
مسلمون حول العالم – خاص – هاني صلاح
«علماؤنا السابقون كانوا جميعاً من أهل السنّة، ماتريديين في العقيدة، وحنفيين في الفقه، ولم يُعرف بينهم من أحدث في الدين بدعاً. لذا فإن المذهب الحنفي في الفقه، والمدرسة الماتريدية في العقيدة، والتصوف الموافق للشريعة، هو النموذج الأصيل للإسلام التتاري الذي حافظ عليه علماؤنا قبل ثورة عام 1917».
بهذه الكلمات، التي استشهد فيها بكتاب «تاريخ علماء بلغار وقازان» للشيخ محمد مراد الرمزي القازاني، حدّد مفتي جمهورية تتارستان، فضيلة الشيخ كاميل ساميغولين، ملامح النموذج الإسلامي التتاري الأصيل، القائم على الالتزام بالمذاهب المعتبرة، كما كان عليه العلماء على امتداد التاريخ الإسلامي.
جمهورية قبردينو – بلقاريا
جاء ذلك في كلمته خلال المؤتمر الدولي الذي انعقد في مدينة نالتشيك، عاصمة جمهورية قبردينو – بلقاريا، جنوب غرب روسيا، يوم 6 أكتوبر، تحت عنوان «الحفاظ على القيم الدينية والأخلاقية التقليدية في عصر التحديات العالمية»، ونظّمته الإدارة الدينية لمسلمي الجمهورية بدعم من «صندوق دعم الثقافة والعلوم والتعليم الإسلامي».
شارك في المؤتمر نخبة من كبار العلماء المسلمين وممثلي الإدارات الدينية من موسكو وسانت بطرسبورغ وباشكورتستان والقرم ودونيتسك ومناطق شمال القوقاز والجنوب الروسي، إلى جانب ضيوف بارزين من مدينة قازان، من بينهم مفتي جمهورية تتارستان فضيلة الشيخ كاميل ساميغولين، ونسل النبي محمد ﷺ الشيخ مأمون الراوي، عضو لجنة إعداد المصحف المخطوط في الإدارة الدينية لتتارستان.
التمسّك بالمذاهب الفقهية
وتناول المفتي ساميغولين في كلمته قضية الحفاظ على المذاهب الفقهية والتقاليد العقدية الأصيلة، قائلاً: «حين نتحدث عن صون القيم الدينية والأخلاقية لمسلمي روسيا، فإن حجر الزاوية في ذلك هو التمسك بالمذاهب». وأوضح أن من أبرز مظاهر الخلل في الساحة الدينية المعاصرة ظهور تيارات تنكر المذاهب، مؤكداً أن مسلمي تتارستان عبر القرون ظلّوا على منهج واضح المعالم: حنفيون في الفقه، ماتريديون في العقيدة، وسائرون على نهج التصوف المنضبط بالشريعة.
وبيّن فضيلته أن أوضح الأدلة على ذلك ما كان يُدرّس في المدارس الدينية التترية قبل الثورة، حيث كان الطالب يطّلع على ما بين 26 إلى 137 مؤلفاً في مختلف العلوم الإسلامية، من بينها: «العقائد النسفية» للإمام نجم الدين النسفي وشرحها للإمام التفتازاني، و«العقيدة العضدية» بشرح جلال الدين الدواني، و«الحكمة البالغة الجانية» للعلامة شهاب الدين المرجاني، وكتب أخرى في التوحيد مثل «رسالة التوحيد» و«دلائل التوحيد».
واختتم المفتي كلمته مؤكداً: «من الواضح أن غالبية علماء التتار تمسّكوا بمنهج أهل السنّة والجماعة وفق المدرسة الحنفية الماتريدية، والسبيل إلى الحفاظ على هذا التراث هو أن نُدرّس لطلبتنا اليوم نفس المناهج التي نهل منها علماؤنا الكبار في الماضي».