في بلد أوروبي نموذجي حقق لمواطنيه أفضل معيشة إقتصادية وخدمات اجتماعية على مستوى العالم.. وفي أحضان مجتمع اسكندنافي ينعم أبناءه بأجواء الحرية المكفولة ليس لهم وفقط بل ولكافة الوافدين من خارجه من مختلف ابناء الأعراق الإنسانية والديانات السماوية.. تعيش أقلية مسلمة مسالمة آمنة مستقرة وتسعى جاهدة للاندماج الإيجابي مع هذا المجتمع الذي احتضنها ورحب بها وأكرم وفادتها..
“قلة مؤثرة” تعكر الصفو
إلا أن هذه الأجواء الإيجابية “النادرة” وتلك المعادلة الناجحة التي تحيا فيها الأقلية المسلمة الضئيلة على مدار العقود القليلة الماضية ـ منذ أن بدأ توافد أبنائها من مختلف البلاد والجنسيات على هذه الدولة الاسكندنافية ـ لم يعكر صفوها في هذه الآونة الأخيرة؛ سوى أصوات ضئيلة في حجمها، عظيمة في تأثيرها، تتصاعد هنا وهناك وتتزايد مع الوقت لم تروق لها هذه الأجواء، وتسعى جاهدة لتغيير هذه المعادلة بين الطرفين “المجتمع السويدي الآمن، والأقلية المسلمة المسالمة”.
مسجد استكهولم .. معلم سياحي
لا يحتاج لفهم هذه المعادلة وهذا الواقع ـ لكل من يعيش خارج السويد ـ سوى القيام بزيارة سريعة للعاصمة استكهولم وزيارة أحد معالمها البارزة والذي افتتحته مؤسسة الرابطة الإسلامية في السويد في عام 2000، حتى تصيبه بالدهشة والحيرة إنه: “مسجد استكهولم”.. الذي أضحى معلمة بارزة من معالم المدينة..
فنادراً ما تجد مسجد ومركز إسلامي بهذا الاهتمام الكبير في الغرب، حيث يزوره سنوياً 20 ألف زائر بشكل منظم وفي اطار مجموعات للتعرف على الاسلام عن قرب وبشكل رسمي، هذا طبعاً بخلاف الزيارات الأخرى الخاصة سواء الفردية أو العائلية وهي كثير جدا ً.
ليس هذا فحسب على المستوى الشعبي، فعلى المستوى الرسمي هناك تنافس وحرص شديد على زيارة هذا المعلم الدال على حرية العقيدة وعلى الاحترام بين الأديان، فقد زاره ملك السويد وحرمه، كما حرص على زيارته كل رؤساء السويد الذين تولوا رئاسة الحكومات المتعاقبة بالاضافة إلى العشرات من الوزراء السويديين، منذ عام 2000 وحتى اليوم.
بل أكثر من ذلك يحرص الزائرين للسويد من خارجها على زيارته، ومن بينهم أعضاء البرلمان الأوروبي، وقد أضحى هذا المسجد قبلة لسفراء الدول الاوروبية وأمريكا حيث زارها العديد منهم، وقامت إدارة المسجد بتنظيم لقاءات لهؤلاء السفراء الغربيين للتعريف بالاسلام الوسطي وموقف المسلمين من مختلف القضايا الهامة المطروحة على الساحة بشكل دائم ومستمر.
ومن الدول العربية والإسلامية فقد زاره ملك الأردن وحرمه والأمير الحسن،ورئيس مجلس الشورى السعودي والعشرات من وزراء والبرلمانيين من الدول العربية والاسلامية.
ويكفي إضافةً لذلك للدلالة على مدى حرص وسعي الأقلية المسلمة في السويد على الاندماج الايجابي في المجتمع أن تعرف بأن رئيس مؤسسة الرابطة الإسلامية عبد الرزاق وابري ، والتي تعد المؤسسة الإسلامية الكبرى في البلاد، قد ترشح في الانتخابات البرلمانية التي جرت هذا العام في السويد وأحرز فيها نجاحاً كبيراً أهله لكي يكون عضواً في البرلمان الحالي وهو عضو منذ سنوات في الحزب الحاكم.
بدايات التوافد
وبحسب دراسة صادرة عن الرابطة المسلمة في السويد فإنه يرجع ظهور المسلمين بالسويد إلى أربعينات القرن الماضي حينما هاجر بعض التتار سنة 1947 واستقروا بالعاصمة استكهولم حيث أنشؤوا أول جمعية إسلامية في السويد، ومنذ ذلك الحين وأعداد المسلمين في تزايد مستمر لغاية اليوم حيث يصل عددهم إلى 450 ألف مسلم تقريبا.
ويعتبر الإسلام ثاني ديانة لها أتباع في السويد بعد أتباع الكنيسة البروتستانية (77%) حيث تبلغ نسبة الجالية المسلمة أكثر من 5% من السكان. هذا وقد قدم هؤلاء المسلمون من بلدان إسلامية مختلفة واستقروا في السويد منذ ما يزيد عن أربعة عقود، ويقطنون المدن الرئيسية وأولها العاصمة استوكهلم بأكثر من ستين ألفا (60.000 ) مسلم ثم المدينة الثانية جوتمبرج بأكثر من 40.000 ثم المدينة الثالة مالمو بحوالي : 50.000 مسلم.
خريطة المؤسسات الإسلامية
وبحسب نفس الدراسة فإن المسلمون في السويد يواجهون تحديات خطيرة تتعلق بتدينهم وهويتهم وأبنائهم مما جعلهم ينتبهون إلى أهمية إنشاء المؤسسات الدينية والاجتماعية والثقافية التي تساعدهم على أداء شعائرهم والتمسك بعقيدتهم والحفاظ على هويتهم وقيمهم وتنشئة أبنائهم وفق تعاليم دينهم الحنيف مع تشجيع الاندماج الإيجابي على أساس المواطنة والمساهمة في خدمة المجتمع وبناء الدولة.
وحول أهم المؤسسات الاسلامية في السويد فهى:
الرابطة الاسلامية في السويد IFIS الأب الروحي لمعظم المؤسسات الاسلامية في السويد
المجلس الاسلامي السويدي SMR وهي مظلة للعمل الاسلامي في السويد.
رابطة الجمعيات الاسلامية في السويد FIFS وبه العديد من الجمعيات التابعة للرابطة.
اتحاد الشباب المسلم السويدي SUM وهو اتحاد شبابي.
اتحاد مسلمي السويد SMF هو اتحاد تركي يضم أطياف متنوعة من الاتراك.
اتحاد للبوسنيين SFBHوقد أنشئ مؤخرا بعد انفصاله عن اتحاد مسلمي السويد
اتحاد للاتراك السليمانيةIKUS وهو ضعيف، ويوازيه اتحاد IS لصوفي سويدي انشق عليه وهو ضعيف
اتحاد ذو ميول شيعي يضم الجمعيات الشيعية العربية وهم فعليا قلة.
وتعتبر الرابطة الإسلامية IFIS أكثر التجمعات فاعلية في ساحة العمل الإسلامي في السويد، وتلقى احترام وتقدير الهيئات الرسمية والدبلوماسية والإسلامية في السويد؛ بسبب سياستها الهادئة المعتدلة التي تعتمد على الوسطية وتوحيد المسلمين، وانفتاحها على مختلف الهيئات الرسمية والشعبية في السويد.
إضافة إلى ذلك، فقد كانت وراء إنشاء العشرات من المؤسسات الإسلامية في السويد من بينها إنشاء مظلة للمسلمين في السويد معتمدة من قبل السلطات الرسمية وهي المجلس الإسلامي السويدي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: موقع أون إسلام ـ تقرير: هاني صلاح.