«ينتمي أغلبهم للطبقة المثقفة، التي تضم الأطباء والمهندسين والمعلمين والمهنيين والتجار، ومنهم مسلمون محليون من أصول غير رومانية، ووافدون من دول عربية وإسلامية، وأخيرا مسلمون جدد من أهل البلاد الذي اعتنقوا الإسلام».
بتلك الكلمات عكس باري نردين، رئيس «جمعية الشباب المسلمين في رومانيا»، الخريطة العرقية والاجتماعية لمسلمي رومانيا البالغ عددهم أكثر من 100 ألف، من إجمالي 22.5 مليون نسمة هم عدد سكان رومانيا.
نردين وهو روماني مسلم من أصل تتري، أوضح في حديث عبر الهاتف مع «إسلام أون لاين.نت» أن «الفئة الأولى من مسلمي رومانيا يمثلهم المحليون والذين ينحدرون من أصول تترية وتركية وغجرية وألبانية، وفدوا للبلاد مع الفتح العثماني لها في القرن الثاني عشر، وبحسب إحصائيات صادرة عن الدولة فإن غالبيتهم ينتمون للطبقة المثقفة، فهم إما طلاب أو مهنيون».
أما الفئة الثانية -بحسب نردين- فهي وافدة من الخارج خلال العقود القليلة الماضية من بلدان إسلامية وعربية مختلفة، في مقدمتها تركيا ثم سوريا، ومعظمهم طلاب أو تجار، بينما يشكل الفئة الثالثة المسلمون الجدد من أهل البلاد، والذين ينحدرون من أصول رومانية، والذين اعتنق غالبيتهم الإسلام خلال العقدين الماضيين بعد سقوط النظام الشيوعي في رومانيا عام 1989.
وحول عدد مسلمي رومانيا لفت رئيس “جمعية الشباب المسلمين في رومانيا” إلى عدم وجود إحصائية دقيقة للعدد الإجمالي لجميع الفئات الثلاث حتى اليوم؛ نظرا للتزايد الكبير في عدد مسلمي رومانيا من فئتي الوافدين والجدد بعد سقوط النظام الشيوعي والتي لم تدون بعد في الإحصائيات الرسمية.
وأضاف أن “أبناء الجاليتين العربية والإسلامية -وفي مقدمتها التركية والسورية- توافدوا على رومانيا خلال حقبة حكم الشيوعية؛ حيث كان محظورا وقتها على الأجانب الحصول على جنسية البلاد”، وهو ما تغير بعد سقوط الشيوعية؛ حيث “حصل الكثيرون منهم على الجنسية، وما زال الكثيرون يحصلون عليها إلى اليوم”.
أما المسلمون الجدد -بحسب نردين- “فقد اعتنق أغلبهم الإسلام خلال العقدين الآخرين، وأعدادهم في زيادة مضطردة، ولا توجد إحصائية دقيقة بأعدادهم؛ نظرا لانتشارهم في جميع المدن الرومانية، كما أن بعضهم أسلم خارج البلاد وما زال يتواجد هناك”.
وأضاف أن “غالبية المسلمين الجدد ينتمون إلى الطبقة المثقفة وبداية دخولهم الإسلام كانت خلال فترة الحكم الشيوعي لرومانيا، إلا أن عددهم كان ضئيلا جدا (…) بينما شهدت الأعوام التي تلت الحكم الشيوعي إسلام العدد الأكبر من الرومان”، لافتا إلى أن “غالبية المسلمين الجدد من النساء، وبعضهن أسلمن بعد زواجهن من أبناء الجالية العربية والإسلامية”.
الاعتراف بالإسلام
وحول الوضع الرسمي للإسلام في رومانيا، أشار نردين إلى أن “الحكومة الرومانية تعترف بنحو 18 ديانة من بينها الإسلام”، موضحا أن “مسألة الاعتراف بالإسلام جعلت مسلمي رومانيا يتمتعون بكامل حريتهم وحقوقهم”.
وفي هذا السياق، نوه نردين إلى أن “دار الإفتاء تعد مؤسسة رسمية، ومفتي رومانيا في مرتبة وزير حكومي ويتحدث باسم مسلمي رومانيا أمام الدولة”، مشيرا إلى أن ميزانية رواتب دار الإفتاء تدفعها الحكومة الرومانية.
كما ترتب على هذا الاعتراف بالإسلام، الحصول على تراخيص بناء المساجد، وتأجير القاعات لعقد الندوات والمؤتمرات دون أي قيود، بالإضافة إلى تحديد حصة إجبارية أسبوعية بالمدارس الابتدائية والمتوسطة لتدريس الدين الإسلامي للتلاميذ المسلمين، بينما في المرحلة الثانوية تكون اختيارية للطلاب، بحسب نردين.
رئيس جمعية الشباب المسلمين في رومانيا، أشار أيضا إلى أوضاع المسلمين خلال فترة سيطرة الشيوعية على البلاد في القرن الماضي قائلا: “كان هناك ضغط حكيم وغير مباشر على المسلمين”، موضحا أن “النظام الشيوعي ترك المساجد مفتوحة، بينما حارب التدين وأعاق ذهاب المسلمين للمساجد بطرق غير مباشرة”.
الدعوة الإسلامية
وتطرق بردين إلى واقع الدعوة الإسلامية في رومانيا قائلا: “الدعاة العرب والأتراك قادوا بداية الصحوة الإسلامية برومانيا في العقد التاسع من القرن الماضي، ثم استلم الطلاب من المسلمين المحليين من أصول تتارية قيادة هذه الصحوة في العقد الأول من القرن الحالي، بينما سيقود المسلمون الجدد من الأصول الرومانية الدعوة خلال العقد القادم”.
ولفت النظر إلى الجهود المبذولة لإعداد كوادر وقيادات دعوية من المسلمين الجدد، مضيفا: “قبل عامين عقدنا أول مؤتمر للمسلمين الجدد من الرومان؛ لكي يتعرف بعضهم على البعض، ولتبادل الخبرات وتوثيق التواصل والتعاون بينهم”.
وبالرغم من أهمية المؤتمر وما ينبثق عنه؛ نظرا لتشتتهم في أنحاء رومانيا، “فلم نستطع عقده العام الماضي لضعف إمكانياتنا المادية في ذلك”، وفقا لنردين.
وهو ما دفعه للرد على سؤال لـ”إسلام أون لاين.نت”، حول أكبر تحد يواجهه مسلمو رومانيا حاليا، فأجاب بأنه “نقص الكوادر والقيادات المؤهلة، وضعف الدعم المادي لمشروعاتنا الدعوية”.
الخريطة الجغرافية
من جانبه، قال الدكتور أبو العلاء الغيثي (طبيب يمني) -مدير مؤسسة طيبة الخيرية برومانيا-: إن “عدد مسلمي رومانيا المحليين فقط دون الوافدين أو الجدد بحسب التعداد الرسمي الحكومي لا يتجاوزون 50 ألف نسمة، بينما تقديرات دار الإفتاء ونحن كجمعيات إسلامية محلية نقدرهم بأكثر من 70 ألف نسمة”.
وأردف أن “هناك أعدادا لا بأس بها من الوافدين الأتراك والعرب والأفغان والباكستانيين والإيرانيين، ويقدر عددهم بأكثر من 25 ألف وافد”، مشيرا إلى أن “بعضهم يحمل الجنسية الرومانية والبعض الآخر يحمل الإقامات الدائمة أو السنوية”.
ولفت الدكتور الغيثي، خلال تصريحه الخاص لـ”إسلام أون لاين.نت” عبر الهاتف، إلى أن: “أغلب الأقلية المسلمة في فترة الحكم الشيوعي، كانوا من الطلاب، بينما حاليا أضحت الأكثرية من التجار”، مشيرا إلى أن الجالية السورية تعد أكبر الجاليات العربية.
وعن الخريطة الجغرافية لمسلمي رومانيا المحليين، أشار الداعية الشاب كريم أنجين (روماني مسلم من أصل تتري)، ورئيس جمعية المسلمين في رومانيا، إلى أن 97% منهم يتركزون في ولاية دوبروجا، جنوب شرق البلاد بمحاذاة ساحل البحر الأسود.
وأوضح أنجين في تصريحات لـ”إسلام أون لاين.نت” أنه “يتواجد نحو 85% من مسلمي رومانيا المحليين بمحافظة كونستانتا، وحوالي 12% بمحافظة تولتسا التابعتين للولاية، بينما باقي النسبة 3% يتوزعون على جميع المدن الرومانية وفيها العاصمة بوخارست”.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هاني صلاح – إسلام أون لاين ـ مارس 2010م