“نعمل جاهدين على توطين الدعوة في رومانيا، وذلك بإيجاد كوادر دعوية من أهل البلد”.. بهذه الكلمات أكد خلال حوار خاص معه الداعية الشاب كريم أنجين ممثل مؤسسة طيبة الخيرية العالمية في مدينة كونستانتا برومانيا على أهمية توطين الدعوة الإسلامية في البلد الذي يقع في شرق أوروبا ويرجع تاريخ ظهور الإسلام فيه إلى قرون مضت..
يذكر بأنه قد دخل الإسلام رومانيا مع الفتح العثماني في القرن الثامن الهجري، ويبلغ عدد المسلمين في رومانيا حوالي 70 ألف نسمة يمثلون 2% من عدد سكانها البالغ 22 مليون نسمة، غالبيتهم العظمى (حوالي 87%) من الرومان الأرثوذكس. ومعظم مسلمي رومانيا من السنة وتعود أصولهم إلى الأصل التتاري أو التركي أو الألباني، ويتمركزون في جنوب شرق رومانيا بمحاذاة ساحل البحر الأسود، فيما يقيم 12% بمدينة تولتسا، والبقية تقيم في مدن مختلفة على طول نهر الدانوب. كما يوجد حاليا في رومانيا حوالي 80 مسجدا.
كريم أنجين..
الداعية الشاب كريم أنجين ممثل مؤسسة طيبة الخيرية العالمية في مدينة كونستانتا برومانيا، أنهى دراسته الإسلامية الجامعية بالأردن، وبعد عودته لرومانيا وبالتحديد منذ عام 2003 عمل في المجالات الدعوية المختلفة، منها البرامج التربوية والترجمة وكتابة المقالات الإسلامية التي تنشر على موقعهم الإلكتروني على شبكة الإنترنت، وموقع التعريف بالإسلام، ومن خلال مجلة “الإسلام اليوم” الشهرية، إضافةً إلى إلقاء الدروس الإسلامية بالمراكز والمساجد والقيام بالزيارات الدعوية الميدانية للقرى.
وإلى الحوار……
نريد التعرف عليكم؟ وكيف كانت بدايتكم على طريق الدعوة؟
– اسمي كريم ضياء ساجد أنجين، ولدت في رومانيا في مدينة كونستانتا سنة 1978م، جنسيتي رومانية والأصل تتري. بعد سقوط النظام الشيوعي برومانيا في 1989م كنت من أوائل الأطفال الذين بدءوا دراسة الإسلام باللغة العربية وتعلم القرآن، وكان ذلك على يد الإمام شاحن كراي (المفتي السابق) وقد بلغ عدد الأطفال الذين كانوا يدرسون حوالي40 طفلا.
وفي ذلك الوقت وبعد أن أصبح السفر متاحا من وإلى رومانيا للجميع، أتت للشباب الروماني المسلم منح للدراسة بالجامعات الإسلامية خارج رومانيا بالدول العربية وعلى الأخص سوريا ومصر والسعودية والسودان، كما أتت فرص للدراسة بتركيا وأيضا فرص أخرى للدراسة بالجامعة الإسلامية في سراييفو بالبوسنة، وبالرغم من رغبتي الشديدة للذهاب مع هؤلاء الشباب للدراسة في الخارج وكوني بفضل الله من أنشط الطلاب؛ فإن سني في ذلك الوقت سنة 1989 ما كانت تسمح للالتحاق بتلك المدارس الإسلامية، حيث كانت سني في ذلك الوقت 12 عاما.
وبعد انتهائي من المرحلة الثانوية في سنة 1996 التحقت بالجامعة في كلية الاقتصاد قسم المحاسبة، حيث درست بها سنة واحدة فقط، وخلال كل هذه الفترة بقيت متصلا بالإخوة العرب الملتزمين الذين كانوا يصلون معنا في المساجد.
هل كان للعرب نشاط دعوي بالمدينة؟
– نعم، وأكثرهم كانوا من الطلاب، وكانت لهم بعض الأنشطة الدعوية بين العرب أنفسهم من جهة، ومن جهة أخرى مع رواد المساجد المختلفين، حيث كانوا يتجمعون كل ليلة في مسجد هونكار لأداء صلاة المغرب، ومن بين أنشطتهم القيام بترجمة بعض الكتب البسيطة عن الإسلام، وإقامة بعض المسابقات الدينية. وأذكر منهم الدكتور أبو العلا الغيثي -مسئول مؤسسة طيبة الخيرية العالمية في رومانيا- الذي كان يأتينا من بعيد إلى المسجد الذي كنا نتعلم القرآن فيه، ويشجعنا بالكلمات الجميلة ويعطينا بعض الحلوى والهدايا.
في أي الجامعات الإسلامية درستم؟ وكيف تم ذلك؟
– في سنة 1996 سافرت إلى الأردن للدراسة، ولحق بي بعض الشباب المسلم الروماني ووصل عدد الطلاب الرومانيين الذين يدرسون في الجامعات الإسلامية بالأردن في ذلك الوقت 10 طلاب، وهكذا أصبحنا مجموعة من الطلاب الذين درسوا بالأردن، وبعد عودتنا أصبحنا نتحمل عبئا كبير تجاه الدعوة في رومانيا. والجدير بالذكر أننا درسنا على حساب مؤسسة طيبة العالمية. وقد وصل عدد الطلاب الرومانيين الذين درسوا في الجامعات الإسلامية خارج رومانيا حوالي 25 طالبا، إلا أن القليل فقط هو الذي واصل الدراسة إلى نهايتها.
كيف كانت أوضاع المسلمين خلال حكم النظام الشيوعي في رومانيا؟
ـكانت المساجد مفتوحة في العهد الشيوعي، ولكن الاهتمام بها كان ضعيفا بشكل عام عند المسلمين، وكانت شبه فارغة، وكانت الصلوات تتم فيها، ولكن كانت تمنع التجمعات والأنشطة حيث كانت هناك ضغوط كثيرة على المسلمين الملتزمين. وقد أغلقت المدارس الإسلامية وسجن الحفاظ والشيوخ وهكذا وُلد جيل من المسلمين لا يعرف الإسلام.
وكيف ترون أوضاع المسلمين الحالية؟
– بعد سقوط النظام الشيوعي امتلأت المساجد، ولكن مع مرور الوقت ابتعد المسلمون عنها، والأسباب: حب الدنيا، والتفكير المادي، وضعف الدعوة، وقلة الدعاة، وعدم تأهيل الأئمة، ومرتباتهم المنخفضة.
حاليا نظام الدولة علماني، ولا يوجد تضييقات على المسلمين، والقانون الحالي ينص على حرية الأديان، كما أن انضمام رومانيا المرتقب للاتحاد الأوروبي في 2007 م سيكون له آثار إيجابية على الأقلية المسلمة بها، وبالطبع الحرية الدينية سوف تكون على أكمل وجه.
وللأقلية المسلمة في رومانيا روابط وثيقة مع المسلمين خارجها، ومن أهم البلدان الإسلامية التي يرتبط بها مسلمو رومانيا تركيا والسعودية.
هل ترى أن هناك صحوة إسلامية الآن في وسط الأقلية المسلمة برومانيا؟ وكيف بدأت؟
– ما بعد سقوط النظام الشيوعي وأيضا خلال السنوات الأخيرة كانت الدعوة شبه ميتة، ومعظم المسلمين يتواجدون في مدينة كونستانتا ثم بوخارست العاصمة، والقليل منهم في المدن الأخرى الرومانية.
وبدأت بعض المؤسسات في إقامة أنشطة دعوية ضعيفة وغير كافية، خاصة في مدينة كونستانتا، ولكن في السنوات الأخيرة ظهر التدين في صفوف الشباب إلى جانب كبار السن. وبدأت الصحوة الإسلامية في الظهور.
ثم أخذت الرابطة الإسلامية في رومانيا تنظم بعض المخيمات التربوية، إلا أنها توقفت، وتولت مؤسسة طيبة زمام العمل الدعوي خاصة في كونستانتا، ومن أنشطتها: التواصل مع الشباب، وإصدار مجلة إسلامية، وترجمة الكتب الإسلامية، وإقامة المخيمات التربوية، وتدريس العلوم الشرعية.
ما أهم المشكلات التي تعترض الأقلية المسلمة في رومانيا؟
– أهم هذه المشكلات وأبرزها هو عدم وجود دعاة متخصصين من أهل البلد في المجالات المختلفة، وعدم وجود عمل مشترك بين المؤسسات الإسلامية لمكافحة بعض الأمراض الاجتماعية كالبطالة والفقر.
كما أن الشباب المسلم يعاني من كثرة الفتن، والحل هو تكوين بيئة مسلمة وخلق مناخ مناسب، وإشراكهم في العمل الدعوي، وخلق مناشط تشغل وقت فراغهم.
كيف ينظر الشعب الروماني إلى المسلمين برومانيا؟ وهل هناك من يقبل منهم على الإسلام؟ وما أهم أسباب هذا الإقبال في وجهة نظركم؟
– لا يشعر المسلمون في رومانيا بنظرة مختلفة من قبل الشعب الروماني غير المسلم، وبين الجانبين علاقات صداقة ومنافع متبادلة، وعدد الذين يقبلون على الإسلام جيد، بسبب القدوة الحسنة من قبل المسلمين، أو الدعوة المباشرة، أو زواج غير المسلمة بالمسلم وإسلامها بعد ذلك، وأحيانا رغبة بعض الشباب في الزواج من مسلمات فيسلمون ويحسن إسلامهم، ومن الجدير بالذكر أن معظم الداخلين في الإسلام من النساء والفتيات.
ما الدور الدعوي الذي تقومون به وسط الشباب المسلم؟
– نعمل جاهدين على توطين الدعوة في رومانيا، وذلك بإيجاد كوادر دعوية من أهل البلد، عن طريق إرسال شباب من أهل البلد لدراسة الشريعة الإسلامية، كما نقيم حلقات أسبوعية لحفظ القرآن والدروس الشرعية، ونقيم دورات علمية في موضوعات متنوعة، ومسابقات، ودروس مباشرة على الإنترنت، ونقيم أيضا احتفالات في المناسبات الدينية والأعياد، وكذلك نمارس النشاطات الرياضية، ونقيم المخيمات التربوية، وننظم رحلات لأداء فريضة الحج.
هذا عن الدعوة بين المسلمين، فماذا عن دعوة غير المسلمين؟
– نحن نشارك بجهد كبير في المؤتمر العالمي للشباب، كما قمنا بترجمة أكثر من 35 كتابا إلى اللغة الرومانية، خاصة الكتب التي تقارن بين الإسلام والنصرانية، أيضا هناك اللقاءات التلفزيونية التي نشارك فيها في المناسبات والأحداث المختلفة.
ما أهم المؤسسات الدعوية في رومانيا؟
– توجد بعض المؤسسات العربية، مثل:
– مؤسسة المركز الثقافي الإسلامي.
– مدرسة الهلال الإسلامية.
– الرابطة الإسلامية والثقافية.
– مؤسسة طيبة العالمية.
وهناك مؤسسات تركية، مثل:
– مؤسسة أفراسيا، وهي تقيم نشاطات عامة بين الجالية التركية.
– جماعة السليمانيين، وهي تقدم خدمات إسلامية وتنشئ مراكز لتعليم القرآن.
– مؤسسة التونا، وتمثل جماعة النورسيين، وتقيم مراكز لتعليم القرآن.
ومعظم هذه المؤسسات تعمل إما في المشروعات الدعوية أو الإغاثية أو الاثنين معا. وهناك تنسيق وتعاون بين هذه المؤسسات الإسلامية في مجالات الدعوة تمثَّل في تكوين المجلس الإسلامي الأعلى في بوخارست بداية سنة 2005، ورئيسه أحمد نخشبندي رئيس مؤسسة الهلال، ونائبه هو جمال الدين ديمرل مسئول مؤسسة طيبة.
وكان أول عمل مشترك بين هذه المؤسسات من خلال هذا المجلس هو إصدار تقويم الصلاة الموحد وتوحيد الشعائر الدينية لكافة مسلمي رومانيا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إسلام أون لاين ـ هاني صلاح ـ 20/3/2006