مسلمون حول العالم ـ متابعات ـ بتصرف
بقلم/ الدكتور أمين القاسم ـ الباحث في تاريخ المنطقة
بعد محاولات استمرت على مدار قرنين اثنين؛ تكللت مساعي المسلمون التتار في إصدار أول جريدة إسلامية تترية في روسيا القيصرية في العاصمة سانت بطرسبورغ.. فما هى قصة هذه النافذة الإعلامية التي غطت واقع مسلمي روسيا التتار في بدايات القرن العشرين؟
قرنين اثنين
بعد أن صدرت أول جريدة دورية روسية، في يناير من عام 1703م، في عهد القيصر بطرس الأول؛ سعى المسلمون التتار في روسيا مرات كثيرة على مدار قرنين للحصول على إذن بإصدار صحيفة رسمية بلغتهم ولم يتحقق ذلك لهم.
وكان أن حدث تطور مهم في روسيا القيصرية فيما يتعلق الصحافة الإسلامية ولكن اقتصر على مسلمو تتار شبه جزيرة القرم؛ حيث تمكن المفكر المسلم القرمي إسماعيل غسبرنسكي (1851-1914) في عام 1883م، من إصدار جريدته “ترجمان” في مدينة بغجه سراي بمنطقة “بختشسراي” بالقرم، وكان لهذا الحدث تأثيره لاحقًا على تسهيل حصول مسلمو روسيا التتار على تصريح بجرائد خاصة بهم.
وبالفعل، وبعد محاولات استمرت على مدار قرنين اثنين؛ تكللت مساعي تتار روسيا المسلمين في 2 سبتمبر من عام 1905م، حيث صدرت أول جريدة تترية في روسيا القيصرية – عدا القرم- في العاصمة سانت بطرسبورغ.
جريدة نور
وأطلق على أول جريدة صدرت للتتار في روسيا اسم “نور”، وكانت أسبوعية اجتماعية سياسية، وصدرت باللغة التترية القازانية وبالأبجدية العربية، في أربع صفحات، واستمرت في الصدور لمدة 9 سنوات.
أسسها وترأس تحريرها الصحفي والمفكر والناشط عطاء الله بايزيدوف (1846-1911)، والذي حاول إصدارها منذ العام 1891م، ولكن السلطات كانت ترفض منحه إذن بالنشر.
طبعت جريدة “نور” بقياس 20* 40 سم، في مطبعة إلياس بوراغانسكي، وبحلول عام 1910م، كان عدد النسخ الصادرة في كل عدد يصل إلى 2500 نسخة.
وفي نفس عام صدورها ظهرت جريدة “قازان مخبري” ليتوالى بعدها صدور الجرائد والمجلات التترية.
غطّت صحيفة “نور” أخبار الحياة الدينية والإجتماعية للتتار في مقاطعة بطرسبورغ، ونشرت مواضيع ثقافية وعلمية، وقدمت لمحة عن أنشطة المجتمع المسلم في روسيا، وكتبت عن أنشطة وأعمال مجلس الدوما الروسي وأخبار النواب المسلمين فيه، كما حضر مراسلوها بعض جلسات النقاش في الدوما، ونشرت قوانين الدولة الرسمية والأوامر التشريعية المتعلقة بالمسلمين. صدر عددها الأخير في 22 يونيو من عام 1914م.
كتب في جريدة “نور” كبار المفكرين والمثقفين التتار، وعلى الرغم من تقييد حرية الصحافة الدورية بالرقابة في ذلك الوقت إلا أنها كانت عمليا المنبر القانوني الوحيد للمثقفين والقرّاء المسلمين التتار في روسيا القيصرية.
تمتعت جريدة “نور” بمصداقية عالية بين المسلمين، وكان لها دور هام في الحفاظ على اللغة التترية.
تحتفل جمهورية تتارستان في كل عام في 19 مايو بيوم الطباعة، وهو اليوم الذي سمح فيه رسميا بطباعة جريدة “نور” باللغة التترية القازانية.
وفي 19 فبراير من عام 1990م أعاد مسلمو لينينغراد (سانت بطرسبورغ) إصدار جريدة “نور” من جديد بإمكانات ذاتية مطبوعة على الآلة الكاتبة، وقد صدر عددها السابع مطبوعاً في 7 سبتمبر من العام 1991م، باللغة الروسية.
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=10217859582993857&id=1611567851
تمثال للمفكر عطاء الله بايزيدوف (1846-1911)، مؤسس جريدة “نور” التترية في مدينة سانت بطرسبورغ عام 1905م.
أحد أعداد جريدة “نور” التترية بيد الناشط التتري شاميل ألوشوف، وهي جريدة أسبوعية تترية صدرت عام 1905م في مدينة سانت بطرسبورغ.
بعضا من الجرائد باللغة التترية الصادرة في القيصرية الروسية أوائل القرن العشرين.
جريدة “نور” الجديدة، والتي عاودت الصدور منذ العام 1990م في مدينة سانت بطرسبورغ.
“نور”.. أول جريدة تترية في روسيا القيصرية – عدا القرم- صدرت في العاصمة سانت بطرسبورغ عام 1905م.