مسلمون حول العالم ـ متابعات
الإسلام والمسلمين في الصين.. موجودين في الواقع.. غائبين في دراسات العالم الإسلامي.. فما هي أسباب هذه العزلة؟
الدكتور عبد الرحمن، (شنج هوا تشانج)، وهو صيني درس بالأزهر، وكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، يجيبنا على هذا السؤال المحير والذي حير كثير من كتاب ومفكري العالم الإسلامي في العصر الحديث.
بقلم/ الدكتور عبد الرحمن شنج هوا تشانج، باحث في الفلسفة الإسلامية
إن المسلمين الصينيين في التاريخ بعد أسرة يوان (1271 – 1368 م)، انعزلوا عن عالم الإسلام بسبب السياسات الخارجية الانغلاقية من الأسر الحاكمة، وانقطعت الأخبار والصلات بين الطرفين بشكل عام، خاصة في فترة أسرة تشينغ المانشورية (1636 – 1912 م)، حتى أصبحوا كأنهم غير موجودين في هذا العالم، بالنسبة إلى المسلمين في عالم الإسلام.
الأمير شكيب أرسلان
ولما جاء الأمير شكيب أرسلان يكتب عن الإسلام والمسلمين في الصين قبل تسعين سنة تقريبا، وجد أن المعلومات عن المسلمين في الصين قليلة، والروايات بشأنهم متناقضة، فأطلق عبارته المؤسفة: (كأنهم ليسوا من هذه الدنيا)، (حاضر العالم الإسلامي: 2/219). ويشهد لهذا ما قاله معاصره الأستاذ محمد مكين الصيني، حين ألقى محاضرته في القاهرة سنة 1934 م عن أحوال المسلمين في الصين: (كأنهم في كوكب آخر).
البعثات الصينية للأزهر الشريف
وهذه الحالة تحسنت بعضَ شيء لما أوفدت البعثات الصينية الإسلامية إلى الأزهر الشريف لتلقي العلوم الإسلامية على أيدي علماء مصر والأزهر الشريف، حيث ألفوا كتبا بالعربية حول الإسلام والمسلمين، وشاركوا في تعريفها في الجرائد والمجلات المصرية.
ولكن سرعان ما انقطعت الصلات والأخبار مرة أخرى بين المسلمين الصينيين وبين مصر وبلاد عالم الإسلام مع عودة آخر بعثة إسلامية أزهرية إلى الصين سنة 1947 م، وآلت آثارهم العلمية المنشورة في مصر إلى الخمول بالظروف والملابسات المحيطة بالصين والمسلمين بها، لدة عشرين عاما تقريبا.
عاملين اثنين
ولذا لما كتب الأستاذ فهمي هويدي كتابه: (الإسلام في الصين) وجد حول الإسلام والمسلمين في الصين نفس المشكلة التي وجدها الأمير شكيب قبل من قلة المعلومات وعزّها، ووصف قضاياهم بـ (الملف الضائع) أو (الملف الموجود والمفقود) باعتبارهم موجودين في الواقع، لكن مفقودين في الكتابات والدراسات في عالم الإسلام.
هذا كما قلنا بسبب عزلة المسلمين الصينيين عن عالم الإسلام من جانب، وقلة اهتمام الباحثين والمؤرخين المسلمين من عالم الإسلام بشئونهم من جانب آخر أيضا.
“الإهمال”.. لازال حاضر
واليوم بدأت الصين تزاحم الدول الكبرى في مختلف المجالات في العالم، فكثرت الدراسات والأبحاث بشتى أنواعها من اقتصادية واجتماعية وعلمية، ونظم الاجتماع… وعقدت الندوات والملتقيات في سبيل ذلك، وهي مطلوبة بلا شك، ولكن في المقابل لايزال جانب الإسلام والمسلمين في الصين محل إهمال إلى حد كبير.
الدكتور محمد الشرقاوي
ومن هنا تظهر أهمية إسهام أستاذنا الأستاذ الدكتور محمد الشرقاوي في التعريف بالفكر الإسلامي في الصين وبأحوال المسلمين بها، وبه يفتح نافذة على أحوال الإسلام والمسلمين في الصين، تسد فراغا في المجال، وأعتقد أنه مفيد لعدة جوانب، ومفيد للتعارف والتفاهم بين المسلمين الصينيين وبين المسلمين في عالم الإسلام، كما يفيد في تعزيز العلاقات الإيجابية الدائمة بين الصين وعالم الإسلام.
ـ المصدر: Abdrahman Chang
https://www.facebook.com/shinghua89/posts/4566037120111220