مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

1000 طفل في 7 سنوات.. قصة نجاح لأكاديمية “الحفاظ الصغار” في كوسوفا

قالتا معلمتا أكاديمية "الحفاظ الصغار" بأن أكبر نجاح في حياتهن تحقق مع القرآن الكريم

مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح

اختتمت أكاديمية “الحفاظ الصغار” في العاصمة الكوسوفية بريشتينا، دورتها الصيفية السنوية بتخرج 220 طفل وطفل اليوم الأحد 18 أغسطس الجاري. وفقًا لصفحتها على موقع فيسبوك.

وفي هذه الدورة المكثفة، أنهى 100 طفل وطفل منهج الأحرف العربية كمدخل لتلاوة القرآن الكريم باللغة العربية مباشرة، بالإضافة إلى تقدم كبير لباقي مجموعات الحفظ والتلاوة، هذا بجانب مئات من الأطفال الألبان في دول المهجر انتظموا في الدورة الصيفية عبر الانترنت.

الأختين “رينيتا” و”فاطمة”

يذكر بأنه يشرف على التدريس في أكاديمية “الحفاظ الصغار”، في العاصمة الكوسوفية “بريشتينا”، الأختين الحافظتين للقرآن الكريم “رينيتا نيتاي – Rineta Nitaj“، و”فاطمة نيتاي – Fatime Nitaj“، والحاصلتان على ليسانس دراسات إسلامية، من كلية الدراسات الإسلامية في بريشتينا، وماجستير في الدراسات الإسلامية.

وفي تصريحات خاصة لموقع “مسلمون حول العالم”، تحدثتا الأختين “رينيتا” و”فاطمة” عن رحلتهما مع القرآن الكريم منذ طفولتهما وبدء حفظهما للقرآن الكريم وحتى تخرجهما وافتتاح أكاديمية “الحفاظ الصغار” تحت إشراف ودعم المشيخة الإسلامية في دولة كوسوفا.

بداية الرحلة

ـ كيف بدأت رحلتكم مع القرآن الكريم؟

منذ أن كنا أطفالًا صغارًا كطلابنا اليوم؛ نشأنا وتربينا على مائدة القرآن الكريم؛ فكان القرآن الكريم دوما في أيدينا، ومحبته تكمن في قلوبنا، وتوجيهاته ماثلة أمامنا نسعى لتطبيقها في حياتنا اليومية؛ فهذا ما زرعه آباؤنا في نفوسنا منذ نعومة أظفارنا..

فكان القرآن معنا على الدوام ولم ينفصل عن أيدينا ولا يوم واحد طوال حياتنا، الحمد لله!

تبدأ قصتنا مع القرآن في سن السابعة، عندما خطونا خطوتنا الأولى نحو رحلة القرآن، نعم كانت هناك تضحيات كثيرة لكننا حظينا بدعم كبير من عائلتنا؛ فكنا نسير مسافات بعيدة كي نتعلم القرآن، في الحر والبرد على السواء..

تواصلت رحلتنا القرآنية صيفًا وشتاءًا، ولم نتغيب مطلقًا عن دروسنا؛ فقد كان هدفنا واضح ونيتنا صادقة في اتمام رحلتنا القرآنية حتى النهاية..

من جهةٍ أخرى؛ وفي حياتنا المدرسية؛ فالحمدلله منذ أن كنا صغارًا، كنا ناجحين في دراستنا، بل تطورت معارفنا العامة كثيرًا باشتراكنا المستمر في العديد من المسابقات العلمية والثقافية؛ واكتسبنا معارف وخبرات سبقت مرحلتنا العمرية بكثير؛ ومع ذلك فإننا نعتبر أن أعظم نجاح تحقق في حياتنا كان مع القرآن بإتمام حفظنا لكتاب الله تعالى أولا ثم بتعليمه للأطفال ثانيًا.

على مدار مراحلنا الدراسية والعمرية المختلفة والمتتالية؛ نشأنا ونحن نتعلم الكثير، ونحلم بعمل الكثير لخدمة وطننا بشيء قيم ومثمر يرضي الله عنا ويستفيد به الآخرون!

واليوم، بإذن الله وعونه، نحصد ثمار سنين من تعلمنا وتضحيتنا، ونرى نتائج ذلك أمام أعيننا، فقد تحقق حلمنا مرتين، مرة حينما نجحنا في حفظ كتاب الله تعالى، ومرة ثانية حينما فتحت لنا أبواب تعليمه للأطفال وذلك من خلال تأسيس “أكاديمية الحفاظ الصغار” والتي نشرف على تعليم مئات من الأطفال فيها القرآن الكريم تلاوة وتجويد وحفظًا ومراجعة سواء بمقر الأكاديمية في العاصمة بريشتينا؛ أو خارج كوسوفا للأطفال الألبان من مختلف دول العالم.

ونشكر فضيلة الشيخ الدكتور نعيم ترنافا، مفتي كوسوفا، وفضيلة الشيخ وداد ساهيتي، رئيس الأئمة في المشيخة الإسلامية، وكافة العاملين بالمشيخة، الذين يشكلون دعمًا كبيرًا لأكاديمية “الحفاظ الأطفال”..

1000 طفل

ـ نود اطلالة على أكاديمية “الحفاظ الصغار” في العاصمة الكوسوفية بريشتينا منذ افتتاحها وحتى اليوم.. ماذا تحقق؟

لقد بدأنا هذا “المشروع الذهبي”، قبل 7 سنوات مع 3 طلاب فقط، واليوم عدد من استفاد منه خلال هذه السنوات السبع وهم مستمرون حتى اليوم معنا في التعلم يصل إلى 1000 طالب وطالبة بعضهم قد عقد العزم على الاستمرار حتى النهاية لنيل اللقب الذهبي “حافظ القرآن الكريم” ابتغاء مرضاة الله وحبا في كتابة وقرآنه.

“أكاديمية الحفاظ الصغار” تخصصت في مجال القرآن الكريم وتقدم دروسها لمختلف الأطفال من جميع الفئات العمرية من مرحلة الروضة وحتى المرحلة الثانوية، وذلك من خلال دوراتها المتتالية التي تبدأ بتعلم الحروف العربية، ثم تحسين التلاوة القرآنية مع تعلم أحكام التجويد؛ وذلك بالتوازي مع حفظ ما تيسر من سور القرآن الكريم عن ظهر قلب وهناك من حقق نجاحات كبيرة في حفظ أجزاء كبيرة من القرآن الكريم.

مهمتنا لا تقتصر على التدريس بمقر الأكاديمية في بريشتينا؛ بل انطلقنا للتدريس عبر الانترنت للأطفال الألبان الذين هاجرت عائلاتهم إلى مختلف الدول الأوروبية من سويسرا والنمسا وايطاليا وغيرها؛ كما أن هناك أطفال في دول البلقان المجاورة يدرسون معنا أونلاين مثل جمهورية الجبل الأسود.

انتظام الأطفال في المهجر معنا في دروس الأكاديمية يساهم كذلك في حفاظ الأطفال على لغتهم الأم وارتباطهم بوطنهم وهويتهم.

أمانة وعهد

ـ كيف تحقق هذا النجاح الكبير خلال سبع سنوات ووصل العدد المستفيد لأكثر من ألف طفل؟

نحن عاهدنا الله تعالى بأن نستقبل الأطفال كأمانات لدينا؛ نحافظ على وقتهم ونقدم لهم كل الدعم الممكن كي ينجحوا في رحلتهم القرآنية كما نجحنا نحن.. ونسعى كي تكون رحلتهم مع القرآن جميلة وتظللها أجواء من الفرح والسرور بالسير في هذا الطريق العظيم ونطمئن عائلات الأطفال بأن أطفالهم سوف نرعاهم خير رعاية حتى أقصى جهد لدينا.

أن هذه هي روحنا وحياتنا ومهمتنا في “أكاديمية الحفاظ الصغار”؛ الحياة مع القرآن، تلاوة وتطبيقًا لتوجيهاته بأساليب محببة للأطفال؛ فالقرآن هو شريعة الله في الأرض التي تحقق الخير والسعادة للجميع!

في “أكاديمية الحفاظ الصغار”؛ كذلك نحرص بشدة على تنظيم الكثير من الأنشطة الثقافية والفنية والخيرية والترفيهية، والانطلاق في رحلات لزيارة المعالم السياحية، ونعيش مع الأطفال أوقات سعيدة ونحن نطبق توجيهات القرآن في التعامل والحديث والسلوك الحسن مع الناس والبيئة المحيطة فيرى الأطفال كم هى الحياة جميلة بالقرآن الكريم والنفوس الصافية المتحابة في الله والتي تحرص على كل ما هو جميل في الكلام والتعامل.

ننظم هذه الأنشطة وتلك الرحلات ونحمدالله تعالى أننا نرى السعادة والفرح والبسمة والرضا تظهر بوضوح على وجوه الأطفال!

في “أكاديمية الحفاظ الصغار”؛ عملنا متواصل على مدار العام؛ سواء في الشتاء خلال الفترة الدراسية؛ أو حتى في الصيف أثناء العطلة المدرسية؛ والتي نستثمرها بشكل خاص ومكثف في الارتقاء بالأطفال في دروس القرآن الكريم وفي تنفيذ الكثير والعديد من الأنشطة والمسابقات.

في المدرسة الصيفية للعام الحالي 2024، انتظم معنا في دورات القرآن بمقر الأكاديمية 220 طفل وطفلة ، ولكن عبر دورات الإنترنت انتظم معنا مئات من الأطفال من مختلف دول العالم.

ـ ما أكبر تحد يواجهكما؟

بالنسبة لنا كمعلمات، يمثل العمل مع هذا العدد الكبير من الأطفال تحديًا كبيرًا جدا، ولكن عندما تتغلب المتعة التي نستشعرها في تدريسنا للأطفال يتم نسيان التعب.

وكذلك عندما نشاهد نجاحات عظيمة لم نقوم به؛ فإننا لا نستطيع النوم من السعادة، ونستيقظ في كل يوم ونحن نفكر في تطوير هذه الأكاديمية والابداع في طرق التدريس والتعليم وتنظيم العديد والمزيد من الأنشطة والفعاليات الهادفة والمثمرة والتي تعود بأثر كبير على الأطفال في دروسهم للقرآن الكريم وفي نفس الوقت تدخل الفرح والسرور على قلوبهم..

ونسأل الله أن يسهل علينا هذه الرحلة القرآنية التي أقسمنا أن نستمر فيها حتى آخر لحظات من حياتنا!

التخطي إلى شريط الأدوات