( 12 ) حوار بورما الثاني ـ 2015م
دعا عطا الله نور الإسلام؛ رئيس وكالة أنباء الروهنجيا، منظمة التعاون الإسلامي إلى منح مسلمي الروهنجيا مقعدًا فيها بصفة مراقب، بجانب إنشاء لجنة جديدة بالمنظمة تحت مسمَّى “لجنة أراكان” على غرار لجنة القدس؛ للإشراف على أوضاع مسلمي الروهنجيا في بورما ومتابعة قضيتهم مع المجتمع الدولي”.
أدار الحوار: هاني صلاح/
وأسِف ضيف الحوار على تباطؤ العالم الإسلامي في القيام بدوره، واعتبره “مقصرًا حتى الآن في الدفاع عن قضية مسلمي الروهنجيا” وبالرغم من إشارته إلى عدد من الدول الإسلامية التي انتبهت بالفعل لمشكلتهم، فإنه لفت إلى أن قضيتهم بحاجة إلى “إرادة أكبر، ورغبة أقوى في إيجاد حل لها”.
جاء ذلك في سياق حوار: “مسلمو بورما.. عقود من الاضطهاد والإقصاء والتهميش”، وهو الحوار الثاني عن بورما، والثاني عشر في سلسلة “حوارات الأقليات المسلمة على الفيسبوك”، والتي تأتي في سياق برنامج للتعريف بواقع الإسلام والمسلمين حول العالم.
وقد أُجري الحوار على الفيسبوك خلال شهر يناير 2015م، ونشر على موقع مرصد الأقليات المسلمة. وإلى الحوار..
المشاركة الأولى من: أحمد محمود التلاوي؛ باحث مصري في التنمية السياسية، وتتضمن ثلاثة أسئلة:
1 ـ هناك من يقول: إن أزمة الروهنجيا عرقية وليست دينية.. هل تتفقون مع هذا القول؟
وبمَ يُفسر ذلك الاضطهاد في بنجلاديش أيضًا للاجئين الروهنجيين!
اضطهاد حكومة بورما لأقلية الروهنجيا بسبب الدين والعرق معًا، فهي “أزمة دينية” بسبب تخوف حكومة بورما والمرجعية الدينية البوذية من انتشار الإسلام في أوساط المجتمع البورمي كما حصل سابقًا، كما أنها “أزمة عرقية” بسبب أن عرق الروهنجيا لهم حق مسلوب، وهو وطنهم “أراكان” الذي كان مملكة قبل مائتي عامٍ تقريبًا.
أما في بنجلاديش فلا يوجد اضطهاد للروهنجيا أبدًا، وإنما توجد مضايقات، وهناك تَضجُّر من وجود اللاجئين الروهنجيين؛ وذلك بسبب حالة بنجلاديش الاقتصادية.
2 ـ هل ترون أن المجتمع الدولي قادر على الحل؟
نعم، المجتمع الدولي قادر على حل أزمة الروهنجيا ـ إذا أراد ذلك ـ وفي حالة وجود مصالح تتحقق لهم عبر قضية الروهنجيا، ولكن في الفترة الحالية، فإن مصالح المجتمع الدولي عامة مع حكومة بورما التي بدأت تنفتح على العالم؛ مما يعني فتح الاستثمارات الأجنبية داخل البلاد.
وسواءً وقف العالم معنا أم لم يقف، فإننا سنظل – بإذن الله – نكافح من أجل نيل حقوقنا كاملة في وطننا أراكان.
3 ـ من وجهة نظركم.. ما آفاق الحل للأزمة المستمرة لـ”مسلمي الروهنجيا” في ولاية أراكان؟
الحل من وجهة نظرنا يكمن في الإرادة الصادقة لدى المجتمع الدولي لحل هذه القضية، وعلى وجه الخصوص العالم الإسلامي الذي يُعدُّ مقصرًا حتى الآن في الدفاع عن مسلمي الروهنجيا، فمتى ما وجدت هذه الإرادة – كما حصل في سوريا – فإن القضية ستُحل بإذن الله تعالى.
وأيضًا لابد للروهنجيا أنفسهم أن يتيقنوا أن جزءًا كبيرًا من الحل يكمن في أيديهم؛ فعليهم الصمود والصبر والمثابرة والوقوف أمام الظالم بما يملكونه؛ فالدفاع عن النفس حق مشروع ومكتسب لجميع البشر، وتكفله الدساتير الدولية والأنظمة العالمية.
المشاركة الثانية.. من: د. عمار عبد الغني؛ إعلامي ومدرب تنمية بشرية وإعلام، وتتضمن ثلاثة أسئلة:
4 ـ هل الخلاف هناك سياسي يلبس ثوب الدين، أم ديني يستغل السلطة؟
ذكرنا آنفًا أن الخلاف “طائفي وعرقي”؛ فمسلمو الروهنجيا يُضطهدون – بالدرجة الأولى ـ بسبب انتمائهم إلى الدين الإسلامي، فهم يُقتلون على الهُوية الدينية أولًا.
وثانيًا: بسبب عرقيتهم التي لو اعترفت بها حكومة بورما لوجب إرجاع أراضيهم وتعويضهم ماديًّا ومعنويًّا عن القتل والانتهاكات السابقة، وإجراء تحقيقات في المجازر الكثيرة التي وقعت في ظرف الستين عامًا الماضية، ويُبنى عليها محاكمات لجنرالات الجيش والعسكر ممن هم في السلطة الآن.
5 ـ ما موقف الدلاي لاما من أفعال البوذيين الذين يحاربون أهل البلد؟
الدلاي لاما صرَّح في ظرف العامين السابقين بعدة تصريحات بخصوص الصراع الدائر هناك، والاعتداءات البوذية المشرعة من قِبل الرهبان البوذيين، فقد أنكر عليهم هذا الأمر، ودعا إلى وقف العنف ضد المسلمين في بورما، وقال: “إن العنف ضد المسلمين هناك غير مقبول، كما حضَّ البوذيين على أن يُبقوا في أذهانهم صورة بوذا قبل ارتكاب هذه الجرائم”، مُضيفا أن: “بوذا يوصي بالمحبة والرحمة، لو كان بوذا هنا لكان حمى المسلمين من هجمات البوذيين.”
6 ـ أي دولة من الدول الإسلامية انتبهت لمشكلتكم، وساعدتكم فعليًّا؟
هناك عدد من الدول الإسلامية انتبهت لمشكلتنا، منها: تركيا والسعودية والسودان وماليزيا وقطر؛ حيث أوفدت ـ بصفتها حكومات- وزراءها إلى بورما، وإلى اجتماعات في منظمة التعاون الإسلامي؛ للتشاور وإيجاد حلول لهذه المشكلة الكبيرة.
كما حصل هناك حَراك شعبي تضامنًا مع المسلمين المظلومين في بورما، وخرجوا في مسيرات احتجاجية استنكارًا وتنديدًا بالظلم الذي يقع على المسلمين هناك.
ولكن كما ذكرنا آنفًا أنه بالرغم من هذا الانتباه من بعض الدول الإسلامية ـ حكوماتٍ وشعوبًا ـ فإن القضية بحاجة إلى إرادة أكبر، ورغبة أقوى في إيجاد حل ناجح وناجع.
وإننا لم ولن نستجدي المسلمين أبدًا، وخطابنا لهم هو من باب التذكير بواجبهم تجاهنا، وبحقوقنا التي على رقابهم.
المشاركة الثالثة.. من: صلاح الدين؛ مدير مالي في شركة استزراع سمكي بالسعودية، وتتضمن أربعة أسئلة:
7 ـ هل تقومون بتوثيق مستندي وتصويري فوتوغرافي وسينمائي لكل جرائم البوذيين بحق المسلمين في بورما؟
نحن ـ الشعبَ الروهنجيَّ الذين نعيش في عدد من بلدان المهجر في العالم – لا نملك الإمكانات التي نستطيع بها إنشاء أرشيف توثيقي مستندي أو إلكتروني لكل الجرائم التي تقع هناك؛ بسبب قلة ذات اليد، وحتى الروهنجيا في داخل بورما لا يتمكنون من فعل هذا الأمر؛ لاتباع حكومة بورما سياسة التعتيم الإعلامي في إقليم أراكان، وفرض عقوبات قاسية لمن تضبط معه كاميرا أو جهاز جوال متطور، وقد تصل هذه العقوبات إلى حد الإعدام.
ومع هذا، أبشركم بأننا نقوم في وكالة أنباء الروهنجيا بجمع ما نستطيع الحصول عليه من قِبل شعبنا من داخل بورما؛ حيث يقومون بجمع بعض الصور والوثائق والمستندات خلسة وخفية وبعيدًا عن أعين السلطات، أو ما نتحصل عليه بواسطة الجهات الدولية، كمنظمة “هيومان رايتس ووتش” أو غيرها.
فنحن ننتظر وقوف الأحرار من العالم معنا وتوفير الإمكانات لنا؛ لنقوم بأداء واجبنا على الوجه المطلوب والمأمول.
8 ـ هل يمكنك إعطاؤنا نبذة مختصرة من إحصاءات تاريخية للتغيير الديموغرافي والجغرافي لدولة بورما خلال فترة معاناة المسلمين من الهجوم البوذي الجديد، مع التحديد الزمني لكل تغيير حدث للمسلمين هناك؟
نعم، أخي الكريم، سأعطي لك نموذجًا واحدًا للتغيير الديموغرافي في بورما؛ فولاية أراكان التي كانت مملكة إسلامية (في غرب بورما حاليًا)، وكانت بوابة دخول الإسلام إلى تلك البلاد، قد تم احتلالها من قبل “البورمان” عام 1784م، وكان المسلمون وقتئذ يمثلون هناك مائة بالمائة من النسبة السكانية للبلاد.
ثم مع نيل بورما للاستقلال عام 1948م، كانت نسبة المسلمين في أراكان أكثر من 80%، ولكن مع المجازر والتهجير القسري والاضطهادات، وأيضًا مع الهجرة العكسية للبوذيين من بلاد التبت وغابات الهند ونيبال وبنجلاديش إلى أراكان؛ تقلصت نسبة المسلمين إلى أقل من 15%؛ وذلك عام 2012م.
فانظر كيف كان التغيير الديموغرافي كبيرًا وسريعًا في ولاية واحدة فقط في بورما؟ فما بالك في البلاد كلها؟!
إن مسلمي الروهنجيا في أراكان يُبادون عن بكرة أبيهم؛ وذلك بسبب تمسكهم بدينهم، وإن العالم كله يؤدي دور المشاهد دون العمل على تغيير الوضع هناك! والله المستعان.
9 ـ يرجى إلقاء الضوء على القيادة المسلمة هناك، وكذلك التوجهات المذهبية التي تحرك المسلمين؛ حتى نقف على مدى قوة وترابط المسلمين هناك؟
في بورما لا توجد قيادات مسلمة بالمعنى الحقيقي؛ إذ يمنع النظام وجود قيادة تمثل المسلمين عامة، ومسلمي الروهنجيا خاصة، ولكن برزت في الآونة الأخيرة بعض الشخصيات المسلمة التي تعلمت ونشأت في عاصمة بورما “رانغون” والتي تطالب الآن بوجود عدالة اجتماعية تشمل المسلمين في البلاد، بما فيهم أقلية الروهنجيا.
وليست لهم توجهات دينية معينة سوى اتباع مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان – رحمه الله ورضي عنه – خاصة مسلمي الروهنجيا الذين يتمركزون في ولاية أراكان.
وأيضًا في الآونة الأخيرة نشأت مجموعة تنتمي إلى المذهب الشيعي، وهؤلاء من المسلمين ذوي الأصول المنغولية أو الصينية، أو من العرقيات المختلطة.
وأما في بلاد المهجر فقد نشأت منظمات تُعنى بالجوانب السياسية والحقوقية والإعلامية، ولكن ينقصها التواصل والتنسيق فيما بينها عبر آلية إدارية منظمة؛ وهذا لا يتحقق إلا بدعم ومساندة حكومية من العالَمين العربي والإسلامي.
10 ـ ما مدي تواصلكم الخارجي مع العالم وعرض القضية بمنظور إعلامي محترف يستطيع أن يخترق الأجواء الفاسدة للإعلام اليهودي العالمي؟
نعم، أخي الكريم، نتواصل بما نملك من إمكانات، وقد أنشأنا وكالة إخبارية في الإنترنت تسمَّى “وكالة أنباء الروهنجيا”، وهي تُعنى برصد أخبار مسلمي الروهنجيا بثلاث لغات: العربية والإنجليزية والأوردية، كما أنشأنا قناة يوتيوب تتحدث باللغتين: الإنجليزية والروهنجية؛ لنقل الأخبار للعالم.
كما نتواصل مع القنوات الفضائية العربية والمواقع الإخبارية؛ لتزويدها بالأخبار والتصريحات، وإجراء الحوارات والمداخلات بشأن أحداث بورما، وتوضيح ونقل الصورة الحقيقية كما يحصل لأهلنا في بورما وبعض البلدان المجاورة، وهذه هي إمكاناتنا في الوقت الحالي.
المشاركة الرابعة.. من: محمد سرحان؛ مراسل موقع “علامات أونلاين” في إسطنبول، وتتضمن ثلاثة أسئلة:
11 ـ يتعرض مسلمو الروهنجيا للقتل والحرق والتهجير القسري؛ برأيك ما أسباب اضطهاد الروهنجيا دون غيرهم من مسلمي بورما؟
ذكرنا أن مسلمي بورما من غير عرقية الروهنجيا مضيَّق عليهم كثيرًا؛ رغم كونهم مواطنين بحسب القانون والدستور؛ حيث لا حرية دينية، ولا يُسمح لهم بإظهار ملامحهم الإسلامية، أو رفع الأذان عبر مكبرات الصوت، وإجبارهم على التسمِّي بأسماء بوذية؛ وكل ذلك لأنهم مسلمون. أيضًا هُجِم عليهم، وأُحرقت قُراهم، وقُتل العديد منهم في الأحداث التي اندلعت مؤخرًا..
لكن حكومة بورما تتعامل مع مسلمي الروهنجيا معاملة أشد قسوة؛ فبرغم فرض القوانين السابقة عليهم، فإنها تعدُّهم مهاجرين غير شرعيين، وليسوا مواطنين في البلاد، وليس من حقهم أن يعيشوا في بورما؛ لذلك تضطهدهم وتعمل على إنهاء وجودهم في البلاد، وقد ذكرنا أعلاه الأسباب الحقيقية لاضطهاد الروهنجيا.
12 ـ مضت الآن عقود من الاضطهاد ضد مسلمي الروهنجيا؛ فلماذا لم ينتفضوا دفاعًا عن أنفسهم في ظل التخاذل العربي والإسلامي والدولي عنهم؟ وهل من الممكن أن تتكرر تجربة حركة “حماس” في بورما؟
مسلمو بورما سئموا من تعامل حكومة بورما الصَّلف معهم، ومن الظلم الواقع عليهم، وما زالوا ينتظرون عدالة السماء، وإنصاف أهل الأرض، ولكن أتوقع شخصيًّا أن هذا الصبر لن يستمر طويلًا، خاصة أنهم يرون أعراضهم تنتهك، وذويهم يُقتلون، وأموالهم تنهب، ووطنهم يستباح صباحَ مساءَ.
13 ـ حدِّثنا عن الوضع الإنساني لمسلمي الروهنجيا، سواءً في مناطقهم بأراكان أو في دول اللجوء، ولماذا يَلقون الاضطهاد نفسه ولو بشكل أقل في دول اللجوء المجاورة؟
الوضع الإنساني لمسلمي الروهنجيا مزرٍ جدًّا، وهو يفوق الوصف الخيالي، لا سيما داخل ولاية أراكان في بورما؛ حيث لا يجد الناس ما يسدُّون به رمقهم وحاجتهم؛ فلا يجدون حاجتهم من الدواء والطعام والماء والكساء.
وقد وصف عدد من مبعوثي الأمم المتحدة الوضع هناك بأنه خطير، وأن مخيمات النازحين الداخلية التي تضم مسلمي الروهنجيا من أسوأ الأماكن في العالم، في ظل مَنْع السلطات البورمية للمنظمات الدولية من تقديم العون والمساعدة لهم.
وأيضًا الوضع في مخيمات اللاجئين في بعض الدول المجاورة سيئ للغاية؛ حيث تكتظ أعداد هائلة من البشر في مخيمات بدائية بالية رثَّة؛ فلا تصل إليهم المساعدات، ولا يجدون الرعاية الكافية من الدول التي لجئوا إليها.
المشاركة الخامسة.. من: حبيب عثمان؛ مسئول الإدارة الاقتصادية في عملية السلام بجنوب الفلبين، وتتضمن سؤالين:
14 ـ ما موقفكم من حقوق الإنسان التي ينادي بها الغرب لصالح قضيتكم في بورما؟
معظم دعاوَى المجتمع الغربي دعاوى كاذبة؛ فهم يقيسون الأمور ويَزِنُونها بميزان المصالح المتحققة لهم، فما فيه مصلحة محققة لهم سارعوا إلى الوقوف معه، والدفاع عنه، وهو ما يحصل الآن مع مسلمي بورما بالتحديد؛ إذ إن مصالح الغرب مع حكومة بورما التي بدأت تُغير بعض سياساتها تجاه الغرب، وبخاصة في الجوانب الاستثمارية.
15 ـ هل أنتم متفائلون بزيارة منظمة أممية إليكم أن تخفف معاناة إخواننا المسلمين في بورما؟
ذكرتُ سابقًا أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة قادران على حل القضية ـ إذا رغبا في ذلك ـ لأنهما يملكان وسائل الضغط على حكومة بورما، ولكن المصالح تلعب دورًا كبيرًا في هذا الجانب، فما دامت مصالح الغرب مع حكومة بورما؛ فإن الحل لا أعتقد أنه سيكون قريبًا.
المشاركة السادسة.. من: محمود سيد؛ مهتم بشئون الأقليات المسلمة، وتتضمن أربعة أسئلة:
16 ـ لماذا لا توجد مقاومة مسلحة لمسلمي بورما؟
دعني، أخي الكريم، أُعطِ لمحة سريعة عن الممارسات التعسفية التي مورست على مسلمي الروهنجيا في بورما، فمنذ سبعين عامًا تقريبًا:
1 ـ فرضت حكومة بورما على الروهنجيا حصارًا كاملًا، فضبطت تحركاتهم في داخل أراكان ومع الدول المجاورة.
2 ـ أيضًا سنَّت قوانين تَحرِم الناس من جميع وسائل الدفاع عن النفس حتى البدهية منها؛ كالسواطير والسكاكين، ولا يجوز أن يُقتنى من هذه الأخيرة إلا على قدر حاجة العائلة فقط.
3 ـ وفرَّقت بين القرى والأسر بفرض حظر التنقل من قرية إلى أخرى إلا بتصاريح من الحكومة.
4 ـ وكثَّفت من إنشاء الثكنات العسكرية في أراكان، ونوعت من الجهات الأمنية التي تضبط وتتحكم في الولاية.
5 ـ وزرعت بين الناس جواسيس لإخبار الحكومة بتحركات النشطاء والسكان العاديين.
6 ـ وفرضت عقوبات قاسية ضد كل من يخالف أي أمر من أمور الدولة، تصل أحيانًا إلى حد القتل في بعض المخالفات.
كل هذه التدابير لم تمكن الناس من إنشاء قوى أو مقاومة مسلحة، وغرست في نفوس الروهنجيا الخوف والهلع من العقوبات القاسية التي تُفرض على المخالف.
17ـ أرجو التعريف بأهم المنظمات الإسلامية العاملة لقضية مسلمي بورما، سواءً في الداخل أو الخارج.. سياسيّة كانت، أم دعويّة، أم تعليميّة، أم إغاثيّة.
هناك بعض المنظمات الإسلامية داخل بورما، ولكن نشاطها يقتصر على التعليم فقط، وذلك عبر مدارس لتعليم القرآن وتدريس العلوم الإسلامية.
أما في ولاية أراكان ذات التمركز الإسلامي، فإن القانون يمنع إنشاء أي منظمة أو افتتاح أي مدرسة، أو بناء أي مسجد أو مركز إسلامي.
أما خارج بورما، فهناك منظمات سياسية تتبع للروهنجيا، ومعظمها أنشئت في السنوات الأخيرة، وكل تلك المنظمات تعمل على المطالبة بالحقوق السياسية والإنسانية للروهنجيا.
18ـ هل يوجد فرق بين مسلمي أراكان وباقي مسلمي بورما من حيث المعاملة من قبل الحكومة؟ وما عرقيات المسلمين المختلفة في بورما؟
نعم، يوجد فرق بين مسلمي بورما عامة ومسلمي الروهنجيا في أراكان؛ فالحكومة تعدُّ مسلمي بورما غير الروهنجيا مواطنين، لهم جميع الحقوق، ومنها الحريات الدينية بضوابط تفرضها الدولة، وتعدُّ الروهنجيا مهاجرين أجانب دخلوا البلاد بطرق غير شرعية عبر الدولة المجاورة “بنجلاديش”، رغم أن كل الدلائل تثبت أنهم من سكان البلاد الأصليين.
والحكومة لا تعد مسلمي الروهنجيا مواطنين لكونهم منتمين إلى عرقية معينة، بل تعدهم مسلمين أفرادًا، ولا تتعامل معهم على أنها عرقية مسلمة معترف بها في البلاد.
19ـ ما موقف المعارِضة السياسية “سان سوكي” من قضية مسلمي أراكان؟ وهل يمكن لمسلمي بورما أن ينتخبوها إذا ترشحت للانتخابات من أجل الحصول على حقوقهم المسلوبة؟
موقف المعارِضة البورمية “أونغ سان سوكي” من قضية مسلمي أراكان موقف فيه غموض كبير حتى اللحظة؛ فهي تتجنب الحديث في قضية الروهنجيا، وتصمت عن المجازر والممارسات التي تمارَس ضدَّهم، ولكن هناك قادة في حزبها المعارض لهم وقفات مع مسلمي أراكان؛ مما يجعلنا نستنتج أنها غير قادرة على إظهار مواقفها تجاه المسلمين في البلاد؛ لكونها تخضع لضغوطات من الحكومة والتيار الديني الشعبي اللذين تعقد عليهما آمال الوقوف معها في الانتخابات القادمة نهاية العام الحالي.
ومسلمو أراكان متحيرون جدًّا فيمَن يصوتون له في الانتخابات القادمة، بالرغم من وجود إغراءات من جميع المنظمات السياسية التي تتنافس في تلك الانتخابات.
المشاركة السابعة.. من: خالد الأصور؛ كاتب وباحث إعلامي مصري..
20 ـ ما تقييمكم لدور منظمة التعاون الإسلامي على الصعيدين السياسي والإغاثي في دعم قضية المسلمين في بورما؟
منظمة التعاون الإسلامي لم تقدم المأمول منها تجاه قضية مسلمي بورما؛ فهي وإن قامت ببعض الجهود، وبخاصة في الفترة الأخيرة، فإن جهودها لا توازي حجم الإمكانات والقوى السياسية والاقتصادية والبشرية التي تملكها الدول المنضوية تحت رايتها – أي المنظمة – والثقل الذي تمثله لدى المجتمع الدولي، وأيضًا لا تتناسب مع حجم المأساة، وحجم ما يتعرض له المسلمون هناك.
وفي اعتقادي أن قضية مسلمي بورما تحتاج إلى جهود وعناية ـ خاصة من بعض الدول الإسلامية الكبرى خارج إطار المنظمة ـ والضغط على القوى الكبرى في العالم، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي؛ لتحريك القضية، وطلبِ حلول عاجلة وعادلة من حكومة بورما.
وأنا أطالب المنظمة بمنح مسلمي الروهنجيا مقعدًا فيها بصفة مراقب، وأيضًا إنشاء لجنة تسمَّى “لجنة أراكان” على غرار لجنة القدس، تُعنى بمتابعة أوضاع المسلمين بصفة دائمة ومباشرة، وتقوم أيضًا بمتابعة قرارات الهيئات الدولية الأخرى التي تؤيد موقف الروهنجيا.