مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح
شهد مركز الذاكرة في سراييفو، مساء 3 ديسمبر 2025، إشهار كتاب ستولاك ـ الجريمة المُسكت عنها، من تأليف نيرمين بيسه وعزيز تافرو، وذلك بالتزامن مع الذكرى الثامنة لصدور حكم المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بما عُرف بقضية الستة في لاهاي. وفقًا لـ(Preporod.info).
مدينة ستولاك
يذكر بأن ستولاك مدينة تاريخية تقع في إقليم الهرسك، وتُعد من أقدم المدن في البلاد، ويغلب على سكانها المسلمون البوشناق إلى جانب مكونات أخرى. خلال حرب البوسنة والهرسك (1992–1995)، شهدت المدينة جرائم خطيرة وانتهاكات واسعة، لا سيما خلال عامي 1993 و1994، عندما تعرّض السكان البوشناق للتهجير القسري والتدمير المنهجي للمنازل والمعالم الدينية والثقافية، وارتُكبت بحقهم جرائم على يد قوات مجلس الدفاع الكرواتي.
ومن هنا جاء عنوان الكتاب ستولاك ـ الجريمة المُسكت عنها، في إشارة إلى المدينة نفسها وما تعرّضت له من جرائم لم تحظَ بالمساءلة الكافية أو الاهتمام القضائي والإعلامي اللازم.
قضية الستة
وفيما عُرف بقضية الستة في لاهاي هى القضية التي نظرت فيها المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ضد ستة من كبار القادة السياسيين والعسكريين للكروات في كيان هيرتسغ ـ البوسنة خلال حرب البوسنة والهرسك.
وصدر الحكم النهائي في هذه القضية عام 2017 في لاهاي، لتصبح واحدة من أبرز القضايا القضائية الدولية المرتبطة بجرائم الحرب في البوسنة والهرسك، ولها صلة مباشرة بالانتهاكات التي وقعت في مدن عدة، من بينها ستولاك.
توثيق شامل لمسار الجريمة
يقدم الكتاب، في مئات الصفحات، توثيقًا تفصيليًا للجرائم التي ارتكبها مجلس الدفاع الكرواتي في مدينة ستولاك خلال عامي 1993 و1994، مستندًا إلى وثائق رسمية وشهادات تغطي مراحل التخطيط للحرب وبداياتها، وما رافقها من أحداث وانتهاكات جسيمة بحق السكان البوشناق.
الوثائق من التخطيط إلى العودة
أكد المؤلف عزيز تافرو أن الكتاب يضم جميع الوثائق المرتبطة بفترة العدوان على جمهورية البوسنة والهرسك، موضحًا أنها ترصد التخطيط للحرب، وبدايتها، وما جرى في ستولاك، وصولًا إلى العودة البطولية لأهالي المدينة إلى أرضهم بعد سنوات من التهجير والمعاناة.
واقع مستمر من التمييز
أشار تافرو إلى أن مظاهر الظلم في ستولاك لم تنتهِ بانتهاء الحرب، معتبرًا أن أشكالًا من التمييز ما زالت قائمة، من بينها نظام المدرستين تحت سقف واحد، في إشارة إلى الفصل القومي في التعليم، رغم وجود مؤشرات إيجابية على تعافي الحياة اليومية وعودة الاستقرار الاجتماعي بين السكان.
انتقاد للسياسة وتقاعس قضائي
وانتقد تافرو ما وصفه بإخفاق السياسة البوشناقية في التعامل مع ملف ستولاك، داعيًا القيادات السياسية إلى إيلاء المدينة اهتمامًا أكبر. كما أوضح أن الكتاب يتضمن أسماء أشخاص متورطين في جرائم لم يُحاسَبوا حتى اليوم، معربًا عن عدم رضاه عن أداء الادعاء العام رغم تقديم شكاوى جنائية رسمية.
ربط بالقرارات الدولية
من جانبه، بيّن نيرمين بيسه أن أجزاء من الكتاب تتناول أحكام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ولوائح الاتهام ذات الصلة، مؤكدًا أن العمل يلقي الضوء على معاناة البوشناق وما تعرضوا له من مآسٍ خلال الحرب في ستولاك.
وضع معقد وإرث سياسي ثقيل
وأشار بيسه إلى أن الوضع الحالي في ستولاك لا يزال معقدًا، حيث يعيش بعض السكان تحت وطأة الخوف والقيود النفسية، معتبرًا أن ذلك نتيجة سياسات حزب الاتحاد الديمقراطي الكرواتي، واستمرار إرث ما عُرف بهيرتسغ ـ البوسنة، رغم أن الحياة اليومية بين الناس تسير بشكل طبيعي بعيدًا عن التجاذبات السياسية.





