مسلمون حول العالم ـ خاص ـ هاني صلاح ـ Preporod.info
في تأكيد جديد على مركزية القرآن الكريم في بناء الإنسان والمجتمع، احتضنت العاصمة سراييفو ندوة علمية متخصصة جمعت خمسين حافظًا وحافظة من مختلف أنحاء دولة البوسنة والهرسك، لتعيد طرح سؤال جوهري: كيف يتحول الحفظ من إنجاز فردي إلى سلوك حي ورسالة مجتمعية فاعلة؟
تنظيم رسمي وتعاون دولي
نُظّمت ندوة تلاوة القرآن وجمال العيش معه من قبل رئاسة المشيخة الإسلامية في دولة البوسنة والهرسك ممثلة في إدارة الشؤون الدينية، وبالتعاون مع الرابطة العالمية للشباب المسلم WAMY، وذلك في مركز التطوير الشخصي والمهني CLPU بمدينة سراييفو، وسط حضور نوعي من الحفاظ الشباب وممثلين عن جميع المفتيات في البلاد.
تمثيل وطني ورؤية منهجية
أوضح بحرالدين تشولو، رئيس قسم شؤون جماعات المساجد والإمامة في إدارة الشؤون الدينية برئاسة المشيخة الإسلامية في دولة البوسنة والهرسك، أن المشاركين جرى اختيارهم بعناية لضمان تمثيل كل مفتيات البوسنة والهرسك، مشيرًا إلى أن الندوة استهدفت الحفاظ الأصغر سنًا، واستضافت نخبة من الأكاديميين والحفاظ الذين يجمعون بين المعرفة القرآنية والتجربة العملية.
القرآن في صلب الحياة اليومية
ناقشت الندوة جمال المداومة على تلاوة القرآن الكريم، وضرورة صيانة الحفظ وتجديده على امتداد العمر، إلى جانب قضايا التربية القرآنية في المجتمع المعاصر، وأثر القرآن في الصحة النفسية، وكيفية فهم الواقع من خلال النص القرآني بعيدًا عن الانفصال بين النص والحياة.
الحفظ تربية وسلوك
أكد الحافظ الدكتور عبد العزيز دركيتش أن الحفظ ليس غاية في ذاته، بل طريقٌ لمرافقة القرآن في تفاصيل الحياة اليومية، موضحًا أن التربية والعبادة لا تنفصلان عن تعلم القرآن، وأن الحافظ الحقيقي هو من يجعل القرآن محددًا لرؤيته للعالم ومواقفه وسلوكه.
مسؤولية تتجاوز الإتقان
برزت خلال الندوة رسالة محورية مفادها أن العيش مع القرآن ليس مهمة الحفاظ وحدهم، بل هو بوصلة للمجتمع بأسره، وأن مسؤولية الحافظ لا تقتصر على دقة الاستظهار، بل تمتد إلى تجسيد القرآن في الأخلاق والخطاب والعمل داخل المجتمع.
خطاب ديني قائم على الاعتدال
من جانبه، شدد مدير إدارة الشؤون الدينية، الحافظ الدكتور منصور مالكيتش، على أن النقاشات العلمية من هذا النوع تسهم في ترسيخ خطاب ديني متوازن يقوم على العلم والمسؤولية، مؤكدًا أن الحفظ في السلوك لا يقل أهمية عن الحفظ في الصدر.
شهادات من الميدان
عبّر المشاركون عن تقديرهم لمضامين الندوة، مؤكدين أنها منحتهم أدوات عملية لتجسيد أثر القرآن في حياتهم اليومية. وقال الحافظ ماهر راميتش، إمام مسجد تشيبوليتش قرب بوغوينو وسط البلاد، إن الحفاظ، خصوصًا الأئمة، يمتلكون فرصًا واسعة لإظهار كيف يصوغ القرآن سلوك الفرد والجماعة.
نخبة علمية متنوعة
شارك في تقديم محاور الندوة عدد من الأساتذة والحفاظ، من بينهم الحافظ ميرنس سباهيتش، والدكتور الحافظ بكتاش فاضل، والأستاذ الدكتور الحافظ صافت حسينوفيتش، والأستاذ الدكتور القارئ الحافظ جواد شوشيتش، والدكتورة إلفيرا دوراكوفيتش بيلكو، والأستاذ الدكتور الحافظ رفعت شاهينوفيتش، في تنوع علمي جمع بين الدراسات الشرعية والعلوم الإنسانية.
أكدت ندوة سراييفو أن القرآن الكريم ليس كتاب تلاوة فحسب، بل مشروع بناء شامل للإنسان والمجتمع، وأن الحفظ الحق هو الذي يُرى في السلوك قبل أن يُسمع في التلاوة، ليبقى القرآن قوة هادية تصنع الوعي وتنهض بالمجتمعات.





