( 33 ) حوار مسلمو القوقاز الشمالي الأول ـ 2017م
أكد توركو داودوف، نائب المفتي العام لجمهورية الشيشان للعلاقات الخارجية، أن الوجود الإسلامي في منطقة القوقاز الشمالي له عدة خصوصيات تميزه، منها وصول الإسلام مبكراً في عهد الصحابة، بالإضافة إلى أن المسلمين الروس مواطنون أصليون، ويوجد تفاعل وتعاون وتواصل بين المسلمين الروس وإخوانهم في العالم الإسلامي، كما أن نموذج التعايش السلمي هناك يُضرب به المثل.
أدار الحوار: هاني صلاح/
وذكر أن علاقة مسلمي القوقاز الشمالي بالعالم العربي والإسلامي علاقة مباشرة منذ أن دخلها الإسلام وحتى اليوم، فقد فتحها الصحابة، والدعاة الأوائل فيها كانوا من العرب، وعلى مدار القرون درس علماؤها في الدول العربية، وفي العصر الحديث درس شبابها في الأزهر الشريف والدول العربية.
جاء ذلك في حوار “الإسلام والمسلمون في القوقاز الشمالي”، وهو الحوار الأول عن مسلمي القوقاز، والثالث والثلاثون في سلسلة حوارات تأتي ضمن برنامج للتعريف بواقع الأقليات والشعوب المسلمة حول العالم.
أجري الحوار على الفيسبوك، ونشر في (المجتمع) الكويتية، بتاريخ:15 أبريل 2017م، وإلى الحوار..
المشاركة الأولى من: هاني صلاح، منسق الحوار، وتتضمن عشرة أسئلة (أرقام: 1 – 10):
1- نأمل في تعريف بكم لجمهورنا.
– اسمي توركو داودوف، من القومية الشيشانية، سافرت إلى سورية حينما كان عمري 17 سنة، والتحقت بمعهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، في مجمع أبو النور الإسلامي، درست بالمعهد لمدة ثلاث سنوات، ثم التحقت بكلية الدعوة الإسلامية، في نفس المجمع، ثم تخرجت فيها وانتقلت إلى دولة الكويت، حيث اشتغلت في السنوات التسع الأخيرة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، في المركز العالمي للوسطية، وكنت مسؤولاً عن تنسيق العلاقة للوزارة مع الإدارات الدينية والمؤسسات الإسلامية في روسيا الاتحادية وجمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقاً.
2- نرجو منكم نبذة مختصرة تعريفية بمنطقة القوقاز الشمالي وخريطتها السياسية.
– القوقاز منطقة جبلية تقع بين بحر قزوين شرقاً، والبحر الأسود غرباً، وتنقسم منطقة القوقاز إلى قسمين؛ “القوقاز الشمالي”، و”القوقاز الجنوبي”، وتقع في القوقاز الشمالي سبع جمهوريات جنوبية لروسيا الاتحادية، وهي جمهوريات ذات الحكم الذاتي تابعة للفيدرالية الروسية الحالية، وهي بحسب موقعها الجغرافي من الشرق إلى الغرب: جمهورية داغستان، جمهورية الشيشان، جمهورية أنجوشيا، جمهورية أوسيتا الشمالية (ألانيا)، جمهورية كابردينا- بلكاريا، جمهورية قراتشاي-شركسيا، جمهورية أديغييا، وجمهورية داغستان هي أكبر الجمهوريات مساحةً وسكاناً، بينما أنجوشيا أصغرها مساحةً.
وروسيا الاتحادية تنقسم لحوالي 85 كياناً فيدرالياً، وفي كل كيان برلمان وحكومة ورئيس، ومن قبل كان الرئيس الروسي هو من يرشح رئيس كل كيان فيدرالي ويأخذ على ترشحيه موافقة البرلمان المحلي للكيان الفيدرالي، وهذا العام تغيرت هذه الآلية في تعيين رؤساء الكيانات الفيدرالية، وأصبح رئيس كل كيان ينتخب مباشرة من الشعب في منطقته، وهذه خطوة مهمة في مسار الديمقراطية.
3- لماذا يقال: القوقاز الجنوبي والقوقاز الشمالي؟
– سبب تقسيم منطقة القوقاز إلى شمالي وجنوبي أن المنطقة تقطعها سلسلة جبال من بحر قزوين وحتى البحر الأسود، ويتشكل القوقاز الجنوبي من ثلاث جمهوريات كانت في الماضي ضمن الاتحاد السوفييتي، ثم انفصلت عنه إثر تفككه في عام 1991م، وأصبحت جمهوريات مستقلة؛ وهي جمهورية أذربيجان، وجمهورية أرمينيا، وجمهورية جورجيا.
بينما جمهوريات القوقاز الشمالي السبع كانت جزءاً من روسيا الاتحادية والتي كانت تشكل مع 14 جمهورية أخرى “الاتحاد السوفييتي”، ثم ظلت كما هي ضمن الإطار الحدودي لروسيا الاتحادية بعد تفكك الاتحاد السوفييتي.
4- وماذا عن أبخازيا؛ هل تعد ضمن منطقة شمال القوقاز؟
– أبخازيا ليست ضمن جمهوريات القوقاز الشمالي؛ وإنما جمهورية ذات حكم ذاتي داخل جمهورية جورجيا؛ ثم أعلنت انفصالها عن جورجيا، إثر استقلال الأخيرة عن الاتحاد السوفييتي في بداية التسعينيات، ودخلت معها في حرب مدمرة، ولم تعترف بها حتى اليوم إلا عدة دول والتي يضطر أهلها للسفر براً عبرها للخارج نظراً لافتقارهم لمطار دولي بها، وقد أدى هذا الوضع غير المستقر لها إلى توقف عجلة الزمن والتنمية فيها.
5- ما الأهمية الإستراتيجية لمنطقة القوقاز الشمالي؟
– لمنطقة القوقاز أهمية إستراتيجية:
فعلى المستوى الجغرافي؛ تمثل خطاً فاصلاً بين قارتي آسيا وأوروبا، كما أنها تربط بحر قزوين بالبحر الأسود، وعلى هذه المنطقة تنافست كثير من الإمبراطوريات على مدار التاريخ حتى ذكرت في تاريخ الطبري لأهميتها، وأهميتها بالنسبة لروسيا أنها تعد ممراً برياً مهماً نحو الجنوب، وقد سيطرت روسيا على هذه المنطقة خلال الفترة 1860م بعد حروب دامت لنحو 35 سنة. وكانت المنطقة على الدوام ساحة للتنافس الدولي من قبل الإمبراطورية الكبرى.
ومن أهميتها الاقتصادية كذلك أنها غنية بالبترول خاصة جمهورية الشيشان، وكان بها أكبر ثاني مصنع لتصفية البترول خلال حقبة الاتحاد السوفييتي السابق، وكان المصنع الأول في باكو عاصمة جمهورية أذربيجان، وكانت الطائرات الروسية يتم تزويدها من بترول الشيشان؛ إلا أن المصنع دمر أثناء الحرب ولم يتم إعادة تشغيله مجدداً.
من ناحية أخرى، تمر عبر المنطقة وخاصة الشيشان خطوط أنابيب بترول بحر قزوين نحو الخارج.
بينما على المستوى الحضاري؛ تعد منطقة فاصلة بين العالم الإسلامي جنوباً والعالم المسيحي شمالاً، ويمارس مسلمو القوقاز دوراً في التواصل الحضاري بين روسيا والعالم الإسلامي والعربي.
لكن المستوى الاقتصادي في جمهوريات القوقاز الشمالي ضعيف؛ لأن روسيا ركزت على الجانب السياحي للمنطقة، ولم تسعَ لبناء المصانع بها نظراً لوجودها على أطراف الدولة، لذا فجمهوريات القوقاز الشمالي ليست غنية ولا تضيف لخزينة الدولة بل تأخذ منها.
وفي فترة الشيوعية كانت المنطقة مشهورة بالسياحة؛ لأنها منطقة جاذبة للسياح نظراً لوجود الطبيعة الخضراء والمصحات والمنتجعات الطبية للعلاج بالطين والمياه المعدنية والحمضية، ويأتي إليها السياح من كافة أنحاء العالم للعلاج والسياحة في آن واحد، والحكومة الروسية في السنوات الأخيرة تعتمد في جزء من ميزانيتها على مدخولات السياحة، وتلك المنطقة التي نعيش فيها تعتبر على أطراف الدولة الروسية؛ لذا لا تنشئ فيها مصانع عملاقة لتشغيل العمالة، لذا فإن جل اهتمامنا نحن في القوقاز الشمالي هو الاعتماد على السياحة كعامل اقتصادي يوفر لنا الكثير من فرص العمل.
6- نود إلقاء الضوء على شعوب منطقة القوقاز الشمالي.
– بدايةً توجد في روسيا 160 قومية، ولكل قومية لغة وعادات وتقاليد خاصة بها، لذا فإن الله تعالى منَّ علينا بأن جميع الشعوب العرقية داخل روسيا تتحدث اللغة الروسية، والتي أضحت لغة التفاهم فيما بينها جميعاً.
بينما في القوقاز الشمالي توجد ما بين 40 – 50 قومية وربما أكثر، فقط في جمهوريات داغستان توجد أكثر من 34 قومية، وفي باقي جمهوريات شمال القوقاز توجد الكثير من العرقيات.
مثلاً في جمهورية كابردينا- بلكاريا، تعد “كابردينا” قومية، و”بلكاريا” قومية أخرى، نفس الأمر في جمهورية قراتشاي-شركسيا، حيث تعد “قراتشاي” قومية، وكذلك “شركسيا” قومية أخرى.
وبعض هذه القوميات في القوقاز الشمالي تتحدث اللغة التركية، وبعضها الآخر الفارسية، وبعضها لديها لغة خاصة بها مثل الشيشان أو الشركس أو أديغييا أو غيرها، وموضوع الشعوب العرقية داخل روسيا موضوع يطول ويحتاج لحديث آخر مستقل بذاته.
وبين الجمهوريات السبع في منطقة القوقاز الشمالي، تعد جمهورية داغستان – وهي أكبر الجمهوريات مساحةً وسكاناً – مركز الإسلام في المنطقة، وشعبها به أكبر نسبة من التمسك بالإسلام، ومنها وصل الإسلام إلى الشيشان، كما يوجد بها أكبر علماء وأولياء وأصحاب الطرق في المنطقة، والجمهوريات الثلاث التي بها تصوف قوي (حافظ على الهوية الإسلامية) هي داغستان والشيشان وأنجوشيا.
أنجوشيا والشيشان كانتا خلال الحقبة الشيوعية جمهورية واحدة لأنهما تعتبران شعباً واحداً يقال له “ويناخ”؛ أي شعبنا، إلا أن الأولى أعلنت انفصالها عن الثانية وتأسيس جمهورية خاصة بها بعد إعلان الشيشان انفصالها عن روسيا في بدايات التسعينيات والتي كانت سبباً للحرب المدمرة لها فيما بعد، لذا أضحت أنجوشيا أصغر جمهوريات شمال القوقاز مساحةً.
والشعب الأنجوشي أسلم على يد الأستاذ صاحب الطريقة القادرية في الشيشان الشيخ كونتا حاج، حينما دعاهم للإسلام وتحاور معهم فدخل الشعب الأنجوشي كله في الإسلام خلال يوم واحد فقط! في منتصف القرن التاسع عشر (1860م).
7- متى وصل الإسلام إلى هذه المنطقة؟
– يعود تاريخ الإسلام في القوقاز إلى عهد الخليفة العادل عمر بن الخطاب عندما وجه حملة بقيادة سراقة بن عمرو إلى بلاد الفرس ووصلت في عام 22هـ حتى مدينة “دربنت” في جمهورية داغستان، وفي هذه المدينة توجد قلعة وبها مقبرة لنحو أربعين من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، ويقال: إنهم كانوا من الأنصار وعلى رأسهم سلمان، وعبدالرحمن ابنا ربيعة، وتعد هذه القلعة من معالم البلاد التاريخية الأثرية، ويعتنى بها من قبل وكالة فيدرالية للرقابة والحفاظ على الإرث الثقافي والتاريخي في روسيا.
8- ما علاقة مسلمي القوقاز الشمالي بالعالم العربي والإسلامي؟
– علاقة مباشرة منذ أن دخلها الإسلام وحتى اليوم، فقد فتحها الصحابة، والدعاة الأوائل فيها كانوا من العرب، كما يقال: إن الخليفة هارون الرشيد زار مدينة دربنت في داغستان لأن من يسيطر على هذه المدنية يسيطر على المنطقة، وعلى مدار القرون درس علماؤها في الدول العربية، وفي العصر الحديث درس شبابها في الأزهر الشريف، كما أن كثيراً من الدعاة العرب حضروا للمنطقة بعد تفكك الاتحاد السوفييتي.
وقبل الثورة البلشفية – أي قبل الحكم الشيوعي – كان الشعب الشيشاني والشعوب الأخرى تتحدث باللغة العربية في الأمور الدينية، وتكتب لغاتها بالأحرف العربية قبل أن تغيرها السلطات الشيوعية فيما بعد وتمنع استخدام اللغة العربية.
نحن المسلمين في روسيا تربطنا أخوة دينية مع المسلمين في الخارج، سواء من العرب أو غير العرب، ولنا حق المواطنة في المجتمع الروسي، كوننا نعيش في دولة واحدة، لذلك فالمسلمون يجب أن يستفيدوا اليوم من خصوصية الأخوة مع المسلمين، وخصوصية المواطنة مع المجتمع الروسي، كونهم يعيشون في تلك الدولة، وأن يؤدوا دوراً فعّالاً في توثيق العلاقة بين روسيا والعالم الإسلامي.
المسلمون متواجدون في جميع أنحاء روسيا؛ ولكن تجمعاتهم الرئيسة تتركز في منطقتين اثنتين؛ “شمال القوقاز” بوابة العالم الإسلامي البرية إلى روسيا، ومنطقة “حوض الفولجا” في شمالها وتعد البوابة الجوية للعالم الإسلام إلى روسيا، وتشكل الشعوب القوقازية أغلبية مسلمي روسيا، ويؤدون دور همزة الوصل بين العالم الإسلامي وروسيا.
9- اليوم.. ما الحالة الدينية في روسيا الاتحادية؟
– بدايةً الجهة المسؤولة عن إدارة شؤون المسلمين هي الإدارات الدينية في كل منطقة إدارية بها مسلمون، وهذا النظام (الإدارات الدينية) تم اعتماده داخل روسيا في عام 1786م، في عهد ملكة روسيا كاترين الثانية، وكانت تسمى في ذلك الوقت “الإدارات الدينية المحمدية”، وتم تغيير الاسم في الآونة الأخيرة وأصبحت باسم “الإدارات الدينية للمسلمين”، وبما أن روسيا الاتحادية تنقسم إلى 85 كياناً فيدرالياً، فإن لكل منطقة إدارتها الدينية الخاصة بها.
حالياً؛ لا توجد في روسيا إدارة دينية موحدة كمظلة تجمع جميع المسلمين تحتها، ونفس الحالة للمسلمين في منطقة القوقاز الشمالي؛ في كل جمهورية إدارتها الدينية الخاصة بها، ورئيس إدارتها الدينية، وحينما نقول مفتي الجمهورية نعني بذلك رئيس إدارتها الدينية والمفتي العام للجمهورية.
ولكننا في منطقة القوقاز الشمالي، وبسعي واقتراح من حاج أحمد قديروف، والد الرئيس الشيشاني الحالي، وكان مفتي الشيشان آنذاك، قامت سبع إدارات دينية لسبع جمهوريات مسلمة في هذه المنقطة بتشكيل “المركز التنسيقي للإدارات الدينية في منطقة القوقاز الشمالي”، وأضحت هذه مظلة دينية رئيسة تجمع الإدارات الدينية في القوقاز الشمالي، ثم انضمت إليها إدارتان لمنطقتين متجاورتين، هما جمهورية كالميكيا، وإقليم أستاورابل، وأصبح “المركز التنسيقي” يضم تسع إدارات دينية.
وحول تعريف نظام الإدارات الدينية؛ بما أن النظام في روسيا علماني، وهناك فصل بين الدين والدولة؛ فإن الإدارة الدينية “مؤسسة مركزية معنية بترتيب شؤون المسلمين في المنطقة التي تقع فيها”، ويمكن القول: إنها تمارس دور الوسيط الرسمي بين المسلمين والحكومة أو الجهات الرسمية المعنية داخل روسيا.
10- هل للتواجد الإسلامي في منطقة القوقاز الشمالي خاصة، وفي روسيا الاتحادية عامة خصوصية تميزه عن غيره من الدول الأوروبية المجاورة؟
– إذا تحدثنا عن الوجود الإسلامي في منطقة القوقاز الشمالي؛ فلا بد أن نتحدث عن الخصوصيات.
فالإسلام وصل إلينا في العام 22هـ، وهذه هي الخصوصية الأولى التي نفتخر نحن بها، وهي أن الإسلام وصل إلينا عن طريق الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وعندنا في مدينة ديربت بجمهورية داغستان مقبرة لأربعين صحابياً.
والمسلمون في روسيا الاتحادية على خلاف بعض الدول في أوروبا، هم مواطنون أصليون في هذا البلد، فلم يأتوا من مكان آخر كمهاجرين بحثاً عن العمل أو الجنسية، فنحن نعيش في أراضينا التي توارثناها عن آبائنا وأجدادنا منذ آلاف السنين، فلم نهاجر من بلد إلى بلد، أو من قارة إلى قارة أخرى؛ لذا لا نعتبر أنفسنا أقلية، وبما أن منطقة القوقاز الشمالي جزء لا يتجزأ من روسيا منذ العام 1864م تقريباً؛ لذا نحن نشعر أن روسيا هي وطننا الكبير، ونحن نتمتع بكل حقوق المواطنة، وإن حدث انتهاك فهو نتيجة تلاعب وعدم التزام من قبل المسؤول بعدم تطبيقه للقانون، ولكن حسب القانون فالجميع في الحقوق سواسية.
وتحرص الدولة الروسية على وجود تفاعل وتعاون وتواصل بين المسلمين الروس وإخوانهم في العالم الإسلامي، وروسيا كدولة قامت بتحسين علاقاتها مع العالم الإسلامي، وطلبت الانضمام إلى عضوية منظمة التعاون الإسلامي على لسان رئيس روسيا فلاديمير بوتين في عام 2003م في أحد اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي في كولالمبور، ومن عام 2005م أصبحت روسيا عضواً مراقباً في هذه المنظمة.
نموذج التعايش السلمي لمسلمي روسيا مع أصحاب الديانات الأخرى في البلد، ومنطقتنا فيها مسلمون وغير مسلمين، وهم جميعاً يتواجدون جنباً إلى جنب في مناطق العيش والإقامة مع أصحاب الديانات الأخرى بالتعايش السلمي فيما بينهم، ويمكن القول: إنه يضرب المثل بالنموذج الروسي في التعايش السلمي والحوار الحضاري بين أبناء البلد من مختلف الديانات، وحسب التاريخ لا أتذكر بأنه نشبت بين أتباع الديانات في روسيا حروب دينية بينهم، وإنما نشبت حروب لأسباب سياسية تم توظيف الدين فيها من قبل السلطة الحاكمة وقتها.
المشاركة الثانية من د. أحمد ملكاوي، الأستاذ بالجامعات الأمريكية، وتتضمن سؤالين:
11- ما أهم التحديات والعقبات التي تواجه مسلمي القوقاز الشمالي للنهوض والتكامل والتأثير على الساحة المحلية والإقليمية؟
– نحن نتحدث عن الإسلام في القوقاز الشمالي، وهناك تحديات متعلقة بالشأن الديني على مستوى جمهوريات القوقاز الشمالي التي هي ضمن الحدود السياسية لروسيا الاتحادية:
التحدي الأول: يتمثل في عدم التنسيق على المستوى المطلوب بين الإدارات الدينية في هذه الجمهوريات، فعندنا المركز التنسيقي للإدارات الدينية لمسلمي القوقاز الشمالي، وحتى يتم النهوض بالمسلمين في منطقتنا لا بد من تفعيل عمل هذا المركز على أرض الواقع، وليس على الورق فقط، فأولى العقبات التي نواجهها هي غياب التنسيق بيننا في الشأن الديني، وعدم وجود خطة موحدة لمواجهة الإرهاب والفكر الخاطئ.
التحدي الثاني: يتمثل في تخطي وإزالة روح العنصرية القومية بين شعوب القوقاز الشمالي، وكذلك العنصرية القبلية/ العرقية داخل كل جمهورية، فهذا من الميراث السلبي الذي ورثناه من حقبة الاتحاد السوفييتي، على سبيل المثال في جمهورية كابردينا- بلكاريا، تتكون من قوميتين؛ هما كابردينا وبلكاريا، وجمهورية قراتشاي-شركسيا، تتكون من عرقيتين؛ هما قراتشاي وشركسيا، وكذلك جمهورية داغستان تتكون من مجموعة من القوميات، ونحن المسلمين يجب علينا التخلي عن هذه الروح العنصرية فيما بيننا.
التحدي الثالث: يتمثل في عدم انعزال المسلمين عن المجتمع الروسي والاندماج في المجتمع وتقديم الإسلام لهم ليس من منظور ديني ضيق، بطرح مسائل الحلال والحرام، بل كثقافة يستفيد منها الإنسان في حياته اليومية، مع ضرورة المشاركة في حل مشكلات المجتمع الروسي، فهناك قضايا يعاني منها المجتمع الروسي مثل الإدمان والتفكك الأسري، ونستطيع كمسلمين تقديم حلول لها من خلال ديننا الإسلامي.
12- لماذا لا نرى مؤسسات وقادة وسياسيين بارزين في مناطق القوقاز الشمالي يدافعون عن حقوق ومكتسبات أهل القوقاز؟
– حين نتحدث عن الحقوق الإنسانية ومكتسبات الشعوب القوقازية عقب انهيار الاتحاد السوفييتي، فالجميع يعلم أن نظام الحكم في الحقبة الشيوعية يختلف كلياً بعد انهيارها، والجميع يعلم أن الرئيس كان يتم اختياره وترشيحه من العاصمة الروسية موسكو، ومن وظيفته المحافظة على تلك المركزية، أما الآن فقد تغيرت الموازين.
المشاركة الثالثة من د. نضال الحيح، ناشط في العمل الدعوي في روسيا، مدينة سراتوف – روسيا، وتتضمن سؤالاً واحداً:
13- من المعلوم أن منطقة القوقاز الشمالي ذات أغلبية مسلمة وتتمتع بحكم ذاتي ولها موقع حساس وقريب من مركز روسيا.. فلماذا لم تتمكن حتى الآن من صناعة نخبة علمية مؤثرة في مناطقها وعلى مستوى روسيا؟ ما المعوقات؟ وهل للفكر الصوفي المنتشر دور في تأخر هذا الاستحقاق؟
– في الفترة التي سبقت الشيوعية، كان لدينا علماء مشهورون في المنطقة، وعلى مستوى روسيا، وكانوا معروفين على مستوى العالم الإسلامي، من بينهم الشيخ شامل من جمهورية داغستان، وكان إماماً معروفاً لمنطقة القوقاز الشمالي، والشيخ منصور وهو عالم شيشاني مشهور، وغيرهما الكثير.
ومع مجيء الشيوعية تم القضاء على العلماء المسلمين تدريجياً، وكانت آخر مرحلة من مراحل الإبادة في العام 1937م، حيث تم خلال أيام فقط طحن (بالمطحنة) أكثر من 10 آلاف عالم مسلم بالقرب من نهر جروزني! وشمل ذلك كل من له صلة بالدين أو معرفة باللغة العربية.
وحالياً على نفس منطقة الطحن على نهر جروزني بنى رئيس الشيشان الحالي رمضان قديروف في عام 2008م الجامعة الإسلامية باسم الشيخ “كنت حاجي”، صاحب الطريقة القادرية، وهي أكبر جامعة إسلامية في منطقة شمال القوقاز، ويدرس بها حوالي 800 طالب، من بينهم 200 طالبة، وحتى اليوم خرجت دفعتين وهذا العام سوف تتخرج الثالثة.
لذا ففي فترة الشيوعية تم القضاء على العلماء؛ ولذلك فكل تراثنا الديني والمخطوطات الإسلامية لم نستطع الحفاظ إلا على القليل جداً منها؛ نظراً لحالة عدم الاستقرار في منطقتنا، وحالياً نحن نعيد تحقيق تراثنا وطباعته من جديد وفق الإمكانيات المتاحة لنا.
بعد تفكك الاتحاد السوفييتي في بداية التسعينيات، أكبر مشكلة عانى منها المسلمون في روسيا هو غياب رجال الدين من العلماء والأئمة الذين يحملون لواء الدين والدعوة، وفي هذه الفترة السابقة جاءنا بعض الدعاة العرب، الذين استفدنا منهم الكثير، والسبب الآخر في تأخرنا في تخريج علماء هو حروب الشيشان (الأولى والثانية) فلم تكن لدينا فرصة خلال الفترة الماضية.
وبعد أن مكثنا في ربقة الشيوعية أكثر من سبعين عاماً؛ ها نحن نتنفس نسائم الحرية فقط منذ ما يقارب العشرين عاماً، وخلال هذه الفترة التحق المئات من الطلبة الشيشانيين بالجامعات الإسلامية في الدول الإسلامية المختلفة، لدراسة العلوم الشرعية، وحصلوا على الشهادات الجامعية، والبعض منهم واصل دراسته العليا، وبعد عودتهم إلى الشيشان أصبحوا يدرّسون في الجامعة الإسلامية في جروزني، ونحن ما زلنا في بداية الطريق فيما يتعلق بالعلوم الشرعية والفقهية؛ لأننا حديثو عهد بالحرية الدينية، وأخيراً استطعنا تخريج الجيل الأول الذي سوف يحمل شعلة الدعوة وتعاليم الإسلام الصحيحة حالياً وفي المرحلة المقبلة.
أما بالنسبة للتصوف، فهو لا يعرقل تخريج وتكوين العلماء، على العكس فالتصوف له دور عظيم في حفظ الدين في المنطقة في فترة الشيوعية وما قبلها، ونحن ننظر إلى التصوف من زاوية أن الإسلام هو الإيمان والإسلام والإحسان، التصوف هو الإحسان، وبدون تصوف لا توجد فائدة للعلم؛ لأن العلم حينها سيكون بلا أخلاق، هذه هي جوانب الشريعة: الإيمان والإسلام، والإحسان، فالإيمان عقيدة، والإسلام فقه، والتصوف هو أن تحسن ما تعمله، وتتقرب إلى الله بأن يكون لك نية خالصة بالعمل الذي تقوم به.
المشاركة الرابعة.. من: محمد سرحان – صحفي متخصص في شؤون الأقليات المسلمة، وتتضمن سؤالين:
14 ـ ماذا عن التشيع وانتشار الفكر الشيعي داخل روسيا عموما والقوقاز الشمالي خصوصا وما هي آلياتكم لمواجهة هذا الفكر؟
المسلمون في روسيا يتبعون منهج أهل السنة والجماعة، ولم يكن لهم احتكاك بأي فرق اسلامية أخرى، وعلى وجه الخصوص الفرقة الشيعية.
ونحن في منطقة القوقاز الشمالي نتبع في العقيدة المدرسة الأشعرية والماتريدية، وفي الفقه نتبع المذهب الحنفي والمذهب الشافعي.
أما موضوع التشيع وانتشار الفكر الشيعي داخل روسيا، أستطيع القول إنه لا توجد أي ظاهرة للتشيع في روسيا الاتحادية، والمجتمع الإسلامي الروسي لم ولن يقبل الفكر الشيعي.
ونستطيع القول إن لنا آلية محددة لمواجهة الفكر الشيعي، وحبنا للنبي صلى الله عليه وسلم وللصحابة الكرام رضوان الله عليهم بدون استثناء لا يوازيه حب آخر، ولن نسمح لأي أحد كائنا من كان أن يسب الصحابة لا بهمز ولا بلمز، فالمجتمع الإسلامي في روسيا الاتحادية وخصوصا في منطقة القوقاز الشمالي لا يسمح بمثل هذه المهاترات.
على سبيل المثال قبل عدة أشهر أرسل الجانب الإيراني دعوات لجميع مفتي القوقاز لزيارة إيران، من أجل التعرف على الجمهورية الإيرانية الإسلامية، وقوبلت تلك الدعوة من مفتي الشيشان بالاعتذار مباشرة لأنه يعرف ما وراء تلك الدعوات، لأننا في الشيشان نتعامل مع مثل هذه الأمور بالحذر الشديد، فنحن نتقبل فكرة التبادل الثقافي مع الجميع، ولكن كل شيء له حدود، لذلك أجمع كل المفتين في جمهوريات القوقاز الشمالي على الاعتذار بشكل جماعي عن عدم زيارة إيران، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على موقف موحد للمركز التنسيقي للإدارة الدينية في جمهوريات القوقاز الشمالي، لمواجهة أي محاولة لنشر التشيع في المنطقة.
أما على صعيد بقية المفتين في الداخل الروسي فلهم مواقف مختلفة، فعلى سبيل المثال منطقة تترستان ومجلس مفتي روسيا، فلديهم مستوى عال من التبادل الثقافي بينهم وبين إيران، ويقومون لزيارات متعددة لتلك الجمهورية، أما نحن فقد أغلقنا تلك الصفحة وطويناها ولا نرغب في تعميق العلاقات بيننا وبين إيران في الشؤون الدينية، لأننا بالكاد بدأنا في الخروج من فكرة الخوارج المتشددة، التي أضرتنا كثيرا وأضر بمسير الدعوة الإسلامية في روسيا.
وموقفنا الثابت أننا لن نسمح بدخول الأفكار الدخيلة إلى الشعوب القوقازية وعلى وجه الخصوص الشعب الشيشاني.
15 ـ بحكم الصداقة القوية بين روسيا وإيران.. برأيكم ماذا عن الدور الإيراني في نشر التشيع في روسيا؟ وما مدى نجاح هذا الدور وما أهى أبرز سماته وانعكاساته داخل المجتمع الروسي؟
بالتأكيد إيران تلعب دورا كبيرا في نشر التشيع في العالم وبما فيه روسيا، خصوصا أن إيران لا تظهر نفسها بمظهر الداعي للتشيع، بل إنها تعرض التشيع في صورة عرض للثقافة الفارسية، وعلى سبيل المثال بفتح مراكز ثقافية ومكاتب سياحية في العديد من المدن الروسية، كذلك تقوم بإقامة العديد من المعارض، مثل معرض للخط العربي، ومعرض للقرآن الكريم. ومن أجل تقوية العلاقات مع روسيا يختارون مجموعات مختلفة من رجال الدين والمفكرين والأكاديميين، من طبقات ومناطق متعددة في روسيا، لزيارة إيران من أجل التعرف على البلد، في صورة برنامج كامل عبارة عن زيارة مجانية لمدة أسبوعين.
لا ينبغي لنا أن نلقي اللوم على إيران، في ظل صمت الدول الإسلامية السنية عن التحرك للتعاون مع المسلمين في روسيا، وعلى سبيل المثال الدولة التي سبقت آخرين في العالم الإسلامي في التعاون مع المسلمين في روسيا هي دولة الكويت، حيث أنشأت المركز الروسي للوسطية وأقامت دورات لنشر فكرة الوسطية والتعايش السلمي لأئمة ورجال الدين الروس بجلبهم إلى الكويت في مجموعات من مناطق مختلفة من روسيا، وكذلك حضر عدد من الأئمة والشيوخ من الكويت إلى روسيا.
المشاركة الخامسة.. من: أستاذ شكيب بن مخلوف ـ الرئيس السابق لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا ـ وتتضمن ستة أسئلة:
16 ـ ما السبب الذي جعل جمهوريات مثل ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا التي لا تتجاوز مساحتها 45 الف كم مربع وسكانها في حدود 1،5 مليون يحصلون على استقلال كامل بينما جمهوريات القوقاز الشمالي تتمتع بحكم ذاتي. هل لأسباب اقتصادية أو سياسية؟
الاتحاد السوفييتي كان يتكون من 15 جمهورية مستقلة، انضوت تحت إطار اتحاد أُطلق عليه “الاتحاد السوفييتي”، حدث ذلك بعد نجاح الثورة البلشفية التي بدأت رحاها في العام 1917م، ومن ثمّ تم البدء في تكوين الاتحاد الذي أُعلن في العام 1922م، واستمر إلى العام 1991م، من بينها (لاتفيا وليتوانيا واستونيا) التي يُطلق عليها جمهوريات البلطيق الثلاثة وقد انضمت إلى الاتحاد السوفييتي قبيل الحربي العالمية الثانية، وهم من قوميات مغايرة عن القومية الروسية في العادات والتقاليد.
وبتلك الجمهوريات الثلاثة اكتمل عدد جمهورية الاتحاد السوفييتي إلى 15 جمهورية، وأكبر جمهوريات الاتحاد السوفييتي هي جمهورية روسيا الاتحادية، تكون الاتحاد الروسي من مجموعة جمهوريات وأقاليم ومقاطعات، من بينها جمهوريات ذات حكم ذاتي في القوقاز الشمالي، حيث سيطرت روسيا على تلك الجمهوريات في العام 1860 تقريبا، بعد حروب طاحنة استمرت أكثر من ثلاثين عاما، وبذلك أصبحنا ضمن روسيا الاتحادية، وروسيا الاتحادية هي إحدى جمهوريات “الاتحاد السوفييتي” التي يحق لها الانفصال عن الاتحاد، أما نحن في جمهورية الشيشان وبقية الجمهوريات المنضوية تحت مسمى “روسيا الاتحادية” فلا يحق لنا الانفصال لأننا نقع ضمن روسيا الاتحادية وليس ضمن الاتحاد السوفييتي.
جمهورية الشيشان هي الجمهورية الأولى التي أعلنت الانفصال عن روسيا الاتحادية، ومن المستحيل أن تقبل روسيا الاتحادية بذلك، ولو سمحت روسيا بانفصال الشيشان، فهذا يعني السماح لأكثر من خمسة وثمانين كيانا فيدرالياً بالانفصال عنها، وبالتالي تختفي روسيا الاتحادية من على الخريطة.
روسيا الاتحادية أعطت لنا درساً قاسيا نظير محاولة انفصالنا عنها لبعض سنوات، وأننا فهمنا الدرس جيداً، وكذلك بقية الكيانات الفيدرالية في روسيا الاتحادية.
أما إذا نظرنا إلى هذه القضية من الناحية الدينية، فليس من مصلحة الإسلام أن تتكون دويلات إسلامية ضعيفة، ومن مصلحة الدعوة البقاء داخل روسيا الاتحادية، حيث يكون للدعاة حرية الدعوة والتحرك في مساحة قدرها 16 مليون كيلومتر مربع، هذا هو رأينا أن تظل الشيشان ضمن روسيا الاتحادية ذات العمق الجغرافي الكبير، ولكل شيء وقته، ولكل زمن رجاله.
17 ـ ما هو واقع التدين لدى مسلمي القوقاز الشمالي؟ وما هو تاريخ التصوف في المنطقة؟
بخصوص التدين نحن خلال الحقبة الشيوعية حدث تجفيف لمنابع الدين والتدين مدة 70 عاما، حيث قطعوا الصلة بيننا وبين الدين بوسائل متعددة، منها قطع الصلة بين المسلمين في الاتحاد الروسي وإخوانهم المسلمين في الخارج، ومحاربة اللغة العربية، ومحاربة الكتب الإسلامية وحرقها، وسجن واعتقال كل من يوجد في بيته نسخة من القرآن الكريم، ومحاربة الدعاة والأئمة والعلماء واستئصالهم، كل ذلك جعلنا في منأى عن الدين والتدين، وبالرغم من ذلك كان هناك الكثير من العائلات تمارس تعاليم الدين سرا، كالصلاة والصيام وغيرها، قدر الاستطاعة، وكانت أيام قاسية مرت على المسلمين ابتعدوا فيها كثيرا عن الدين والتدين.
أما بداية الصحوة الإسلامية فكانت في التسعينيات، وبعون الله نحن في الجيل الثاني من جيل الصحوة، وأبشركم أن الصحوة الإسلامية في جمهوريات القوقاز الشمالي خاصة وفي روسيا الاتحادية عامة فاقت التصور والتوقعات.
شعوب القوقاز لديها محبة فطرية للدين والتدين، حتى أن الشخص غير الملتزم يفتخر أنه من المسلمين، ولا يسمح لأحد كائنا من كان أن ينفي الإسلام عنه، لأن ذلك سُبة ينأى القوقازي عنها، أما الالتزام والتدين فأمر آخر.
لم نكن نتوقع أن يكون لدينا جامعات ومعاهد إسلامية معترف بها من قبل السلطات الروسية الرسمية وبتمويل من الدولة، كذلك لم نكن نتوقع أن تكون لنا الحرية الكبيرة في بناء المساجد، وترجمة الكتب الإسلامية من شتى اللغات إلى اللغة الروسية، كذلك لدينا الحرية في إطلاق القنوات الفضائية التي تحمل لواء الدعوة، وعلى سبيل المثال قناة “الطريق” باسم المرحوم أحمد حاج قاديروف حيث تتحمل الدولة تكاليف بثها ومصروفاتها، كذلك لدينا بث إذاعي إسلامي خاص بنا في جمهورية الشيشان، وكذلك الجمهوريات المجاورة لها بث إذاعي خاص بها، وإن لم يكن لديها بث تلفازي حتى الآن.
أما مسألة التدين، بسبب العمليات الإرهابية التي انتشرت في القوقاز الشمالي، فإن الجهات الأمنية تنظر للمتدين نظرة شك في بعض الأحيان، باعتباره مشروع إرهابي محتمل، وتلك النظرة التي ملؤها الريبة والشك حدّت كثيرا من ظاهرة التدين، كما أن الناس يريدون الابتعاد عن المشاكل ونظرات الارتياب والشك.
أما ما يتعلق بموضوع “التصوف”، فإنه لولا “التصوف” في عهد الشيوعية لمحي الدين، وانقرض المسلمون، فكبار المتصوفة كان يديرون حلقات الذكر بالخفية، ويقصون على الناس الحكايات المليئة بالعظة والعبر، في ظل غياب الكتب الإسلامية التي يتم محاربتها من قبل السلطات السوفييتية، كانت حلقات الذكر وما يصاحبها من وعظ وإرشاد تقرب الناس من الدين وتعلمهم أهم مايحتاج اليه الانسان في حياته اليومية.
فلا يستطيع أحد أن ينكر دور “التصوف” في الحفاظ على الدين الإسلامي وخصوصا في منطقة القوقاز الشمالي، مع العلم أن تصوفنا ضمن حدود الكتاب والسنة، والمسلمون في الشيشان ينتمون الى طريقتي التصوف “القادرية” و”النقشبندية”.
المشكلة تتمثل في حالة التصادم بين الفكر الصوفي الأصيل في بلاد القوفاز الشمالي والأفكار المتشددة الوافدة عليه من الخارج، التي تتهم التصوف بالشرك.
18 ـ كيف هو الوضع الاقتصادي لدول القوقاز الشمالي؟ والى أي حد يعتمد على الاقتصاد الروسي؟
روسيا وضعت نظاما عاما للاقتصاد الروسي، لا تستطيع أي جمهورية أو كيان فيدرالي خاضع لها أن يخرج عن ذلك النظام، والقوقاز الشمالي رغم أنه غني بالمعادن والبترول إلا أن الجمهوريات القوقازية من أضعف الجمهوريات في المنظومة الاقتصادية الروسية.
وتعتمد جمهوريات القوقاز الشمالي في اقتصادها غالبا على السياحة والزراعة في بعض الجمهوريات، حتى في العصر الشيوعي البائد، إبان الحقبة السوفييتية، حيث يوجد في جمهوريات القوقاز الشمالي مصحات للعلاج الطبيعي، لها شهرة عالمية، والعلاج يتم بالمياه المعدنية والحمضية أو بالطين.
بعض الجمهوريات الروسية الأخرى اقتصادها قوي جدا وتدعم الميزانية الفيدرالية العامة، وبعضها اقتصادها ضعيف جدا تحتاج إلى الدعم من الميزانية الفيدرالية ومن بين تلك الجمهوريات الضعيفة اقتصاديا جمهوريات القوقاز الشمالي.
19 ـ لو تعرفنا بطبيعة الحكم الذاتي لجمهوريات القوقاز الشمالي. القوانين والدساتير، استقلالية القرار ومساحة التقاطع مع النظام الروسي، حجم الديمقراطية التي تتمتع بها هذه الجمهوريات.
الجمهورية التي تتمتع بالحكم الذاتي يكون لها رئيس أو حاكم منتخب من الشعب، ولها مجلس وزراء وبرلمان يقوم بتشريع القوانين على المستوى المحلي مع مراعاة الظروف والعادات والتقاليد لشعوب تلك الجمهورية، كذلك من صلاحيات البرلمان عرض الاقتراحات لمجلس الدوما، وهو البرلمان العام لروسيا الاتحادية، ولكل جمهورية أو كيان فدرالي ممثلوه في البرلمان الدوما ومجلس الشيوخ الروسي.
أسلوب تطبيق القوانين في كل كيان فيدرالي في روسيا الاتحادية يرجع إلى عقلية الحاكم وأسلوبه في إدارة الكيان، وإذا تجاوز الحاكم القوانين يتم محاسبته بالقانون، ولا بد أن نضع في الاعتبار المساحة المترامية الأطراف التي تتمتع بها روسيا الاتحادية، لذا يصعب الحكومة الفيدرالية مراقبة كل صغيرة على أراضيها، خصوصا أنها توكل بالأعمال إلى الحكام المحليين، وبلا أدنى شك تحدث تجاوزات يحتاج الى تعديلها وهذه يأخذ وقتا وجهدا.
وأنا شخصيا أرى أنه من مصلحة المسلمين في روسيا التغلغل في المناصب الحكومية وكثرة الاحتكاك بشتى الديانات والقوميات في روسيا الاتحادية، والبعد عن سياسة العزلة والانكماش والابتعاد عن الآخرين، بسبب التدين أو غيره من الأسباب؛ فالمسلم حينما يصعد ويترقى يصب ذلك في صالح الإسلام والمسلمين ويثبت وجوده ونفعه للمجتمع.
روسيا الاتحادية هي دولة “أورواسيا” تقع في اسيا واوروبا. فدمقراطية روسيا تختلف عن دموقراطية أوروبا أو الاتحاد الأوروبي. أما جمهوريات القوقاز الشمالي تختلف بطبيعة الحياة عن باقي مناطق في روسيا. تطبيق الديموقراطية في جمهورية القوقاز الشمالي يجب أن تكون بمراعاة العادات والتقاليد التي تلتزم بها شعوب تلك المنطقة.
20 ـ هل هناك تعددية سياسية في جمهوريات القوقاز الشمالي؟ وما أهم الأحزاب الفاعلة في هذه البلدان؟
الحزب الحاكم في روسيا هو حزب “روسيا الموحدة”، حيث ينتمي إليه الرئيس ورئيس الوزراء، ولهذا الحزب الأغلبية المطلقة في البرلمان (الدوما) الروسي والبرلمانات المحلية للجمهوريات. وهذا أتاح لهم الحكم، وبالرغم من كثرة الأحزاب وتعددها إلا أن تلك الأحزاب ليس لها فاعلية كبيرة في الشارع الروسي. أما أهم الأحزاب في الساحة الروسية، فهى: الحزب الشيوعي، وحزب روسيا العادلة والحزب الليبرالي.
ممثلو الشيشان في الأحزاب الروسية المختلفة في مجلس الدوما كلهم من المسلمين الملتزمين، وفي مجلس الدوما يوجد نحو 50 عضوا من القوميات المسلمة، وهم ليسوا ممثلين للإسلام، بل ممثلون للأحزاب ولكن المسلم له غيرة لدينه.
والمسلم بطبيعته يحاول عرض قضايا المسلمين، والبحث عن الحلول المناسبة لها، وعلى سبيل المثال استطاع أعضاء البرلمان في الشيشان وبالتعاون مع مجلس الدوما الحد من بيع الخمور في الشيشان، ليس بمنعها تماما، ولكن بتقليص مدة البيع إلى ساعتين فقط من الساعة الثامنة إلى العاشرة صباحا، وفي محلات معينة وأيضا السماح بلبس الحجاب في المدارس والجامعات برجع الى قرار البرلمان المحل للجمهويات، كذلك الكثير من القوانين التي يتم سنها في البرلمان يراعى فيها مصلحة المسلمين.
21 ـ ما أهم ملامح النهضة في جمهوريات القوقاز الشمالي؟
لا أستطيع التحدث عن ملامح النهضة الاقتصادية لأني غير ملم بها، ولكني سأتحدث عن ملامح النهضة الدينية، على سبيل المثال، بُنيت مساجد في الشيشان تتسع لعشرة آلاف مصل، ومساجد تتسع خمسة عشر ألف مصل، ونحن بصدد افتتاح مسجد يتسع لعشرين ألف مصل عما قريب إن شاء الله.
وتتمثل النهضة الدينية أيضا في التزام الكثير من النساء بالزي الإسلامي، وكذلك انتشار حركة ترجمة الكتب الإسلامية إلى اللغة الروسية، وإنشاء القنوات الفضائية الإسلامية، وقنوات البث الإذاعي، وإنشاء المطابع الخاصة بطباعة الكتب الإسلامية.
أما النهضة بمفهومها الواسع، فتتمثل في النهضة العمرانية، وقد سبقت الشيشان الجمهوريات القوقازية الأخرى في هذا المجال، فعلى سبيل المثال تم بناء العمارات الشاهقة وتطوير شبكة الطرق المحلية والفيدرالية، فضلا عن إنشاء المصانع الصغيرة والمتوسطة، لإنتاج الصناعات الغذائية والطبية.
المشاركة السادسة.. من: بكر العطار ـ صحفي مهتم بشئون الأقليات المسلمة ـ وتتضمن أربعة أسئلة:
22 ـ ماذا عن ملفي “الحريات والحقوق” بالنسبة لمسلمي روسيا كمواطنين مثل غيرهم من شرائح المجتمع الروسي من غير المسلمين؟
عشنا في ظل الشيوعية أكثر من 70 سنة، وعقب سقوط الشيوعية في العام 1991م، تحسنت أحوال المسلمين، ومع سقوط الاتحاد السوفييتي حدثت نهضة إسلامية كبيرة، تتمثل في حصول المسلمين على حريتهم الدينية كاملة، بحيث ما كانوا يحلمون أو تخطر على بالهم أن ينالوا تلك الحرية، وقد نص الدستور الروسي على ضمان الحقوق الدينية للمسلمين وغير المسلمين من أصحاب الديانات الأخرى، الحرية الكاملة في المعتقدات الدينية، وحال المسلمين في روسيا أفضل كثيرا مقارنة مع بعض الدول الغربية، وحتى بعض الدول العربية والإسلامية، حيث يتم بناء المساجد بشكل طبيعي، وإنشاء المؤسسات المؤسسات الدينية، والجامعات والمعاهد، وحرية الحجاب التي تعاني منه النساء في بعض الدول متوفر في روسيا، حيث يُسمح للنساء بأن تضع صورتها في جواز سفرها وهي مرتدية للحجاب.
في جمهورية الشيشان لا تخلو قرية أو مدينة من مسجد، ويوجد في الشيشان مسجد جامع يتسع لـ 20 ألف مصل، والمسجد الكبير في العاصمة يتسع لـ 10 آلاف مصل، وبناء المساجد لا يتوقف في القرى والمدن، وفي كل عام يقوم الرئيس الشيشاني بافتتاح مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، وهذه المدارس لا يوجد لها مثيل في العالم، والهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم في السعودية صنفتها ضمن أفضل المعاهد لتحفيظ القرآن الكريم في العام الماضي، وكل عام يتم افتتاح معهد لتحفيظ القرآن الكريم، حيث يوفر للطالب المقبل على حفظ القرآن الكريم، الدراسة لمدة عامين، شاملة السكن والمأكل والمشرب، أشبه ما يكون بفندق خمس نجوم، تقبل الحفاظ من سن 6 إلى 15 سنة، مع توفير برنامج لتحفيظ القرآن الكريم.
كما أننا لدينا جامعات إسلامية في روسيا معترف بها رسميا، وفي عام 2006م تم إنشاء صندوق لدعم الثقافة والعلم والتربية الإسلامية، على مستوى الدولة في العاصمة الروسية موسكو، وتحت إشراف مباشر من المكتب الرئاسي في موسكو، وهذا الصندوق يشجع على نشر الثقافة الإسلامية في روسيا، ويقدم دعما ملموسا جدا لنشر الفكر الإسلامي على جميع مناطق روسيا، وجميع الإدارات الدينية يتعاونون مع هذا الصندوق ويستلمون الدعم المادي والمعنوي؛ فالدعم المادي يتم صرفه على نشر المشاريع الإسلامية.
وهذا الصندوق يمول مشاريع إسلامية عن طريق الإدارة الدينية، حيث يوجد في روسيا 7 جامعات إسلامية تم اعتمادها من قبل السلطات الروسية (وزارة التعليم العالي الروسية)، حيث يُمنح خريجوها شهادات معترفا بها من قبل الدولة ومرخصة، وأماكن الجامعات هي: موسكو، وقازان، والشيشان، وداغستان، وقابردينا بلكاريا، وبشقرتستان.
وعدد الخريجين والدارسين في الجامعات الإسلامية في العالم الإسلامي يقدر بـ 8 آلاف خريج في عموم روسيا، وأغلبهم من الجمهوريات القوقازية، حيث درسوا في الأزهر الشريف وفي الجمهورية السورية وفي المدينة المنورة، والكويت، وغيرهم من الدول، والحكومة الروسية لا تحدد للطلبة الدول التي يدرسون فيها والتي لا يدرسون فيها.
23 ـ ما دوركم في تعريف الشعب الروسي الأرثوذكسي على الإسلام؟ وهل هناك إقبال على اعتناقه؟
لدينا حركة ترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الروسية، حيث نقوم بترجمة الكتب الدينية والفكرية من اللغة العربية والتركية وغيرها من اللغات إلى اللغة الروسية، وتم ترجمة عدة ترجمات لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة الروسية، هذا بالإضافة لمختلف العلوم الإسلامية الأخرى.
والشعب الروسي يقبل على البحث والاطلاع والقراءة، على عكس الشعوب المسلمة قليلة القراءة، وتلك المشكلة نعاني منها نحن المسلمين في روسيا، أما الشعب الروسي فإنه يقبل على القراءة، سواء كانت الكتب التي يقدم على قراءتها كتباً إسلامية أو غير إسلامية، لذا فترجمة الكتب الإسلامية من شتى اللغات إلى اللغة الروسية أمر في غاية الأهمية، لأنه يزيد من عدد المعتنقين للإسلام وخصوصا من القومية الروسية، حيث هي أكبر قومية من الناحية العددية، وهم في غالبهم يعتنقون النصرانية الأرثوذكسية.
وبفضل الله ومنِّه دخل من القوميين الروس في الإسلام أكثر من نصف مليون مسلم خلال العشرين سنة الماضية. وقبل عشرين سنة ما كان يقدم أحد من القوميين الروس على اعتناق الإسلام إلا نادرا جدا، وكنا نحن -الشعوب الإسلامية- ننظر إليهم على أنهم قوميون كافرون، وأبعد ما يكونون عن اعتناق الإسلام، أما الآن فاعتناق القوميين الروس للإسلام أمر طبيعي جدا، وأكثر المعتنقين للإسلام تكون بواسطة الصديق المسلم للنصراني الروسي الارثوذكسي، وتوجد مشكلة هي أن المسلم الداعي إلى الإسلام يرغب في تحويل الروسي من القومية الروسية إلى قومية الداعي قبل أن يتحول من النصرانية إلى الإسلام، وهذه مشكلة في حد ذاتها.
24 ـ كيف تقيِّم العلاقة بين مسلمي روسيا والسلطات الرسمية؟
الحكومة الروسية الحالية لها موقف جيد، يراعى فيه حقوق المسلمين، فكما نعلم، حدثت في بعض الدول الأوروبية مشكلات بين المسلمين وبعض رسامي الكاريكاتير، حيث أقدم بعض الرسامين على توجيه الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم، قامت بعض الصحف بنشرها، وهو ما لم يحدث مثلها في روسيا، فالسلطات الروسية تتسم بالحكمة في التعامل مع تلك القضايا التي تمس مشاعر المسلمين، لأن الذين يقومون بمثل تلك الأمور يرغبون في إثارة الفتن والقلاقل بين أصحاب الديانات المختلفة، ومن بينهم المسلمون.
وعلى سبيل المثال، قامت مجلة (نيوزويك) التي تصدر باللغة الروسية في العام 2009م بنشر بعض الرسوم المسيئة التي تؤذي مشاعر المسلمين، فعملت السلطات الروسية على تجميع العدد الصادر وقامت بحرقه وإتلافه، وقدم رئيس التحرير اعتذارا علنيا للمسلمين، كما أن الرئيس الروسي بين الفينة والأخرى يلتقي مع قادة المسلمين لمناقشة المستجدات والعمل على حلحلة المشكلات في الجمهوريات الروسية ذات الأغلبية الإسلامية.
فعلى المسلمين –حسبما أرى أنا شخصيا– أن يغتنموا تلك الحرية المتاحة التي يعيشونها ويستفيدوا منها، بزيادة نشر الوعي، ونشر الثقافة، ونشر الدين، وتعاليم الدين، وتعليم الحلال والحرام، ومحاولة حل المشكلات التي تطرأ مع المجتمع الروسي، وكذلك إزالة الخلافات فيما بين المسلمين وبين أنفسهم، بتوحيد الجهود ورص الصفوف، ولكن بكل أسف ما نراه هو عكس ذلك، فالمسلمون في حالة فرقة شديدة، وكأن مشاكل العالم الإسلامي انتقلت إليهم مرة واحدة مع بداية نسائم الحرية في أوائل التسعينيات، وأنا أدعو المسلمين إلى الاندماج مع القوميات والديانات الأخرى في روسيا، وعدم النفور منهم أو الابتعاد عنهم، وعدم ظهورهم في صورة المستقلين، حتى ينصهر الجميع في وطن واحد يحوي الجميع، فالكل سواء تحت القانون ولهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.
25 ـ ماذا عن الخريطة الدينية لمسلمي روسيا.. سنة أم شيعة؟
بخصوص موضوع السنة والشيعة في المنطقة، في فترة الشيوعية عاش المسلمون الروس لا يعلمون شيئا عن العالم الإسلامي في الخارج، ولا يعلمون شيئا عن الإسلام إلا القليل.
وبالنسبة للمذاهب الفقهية، فالمسلمون في روسيا يتبعون مذهبين، أولا المذهب الشافعي ويتمركزون في القوقاز الشمالي (الشيشان وداغستان وأنجوشيا)، ثانيا المذهب الحنفي ويعتنقه بقية الجمهوريات القوقازية، وكذلك شمالاً في العمق الروسي كالتتار وبقية القوميات الأخرى فيعتنقون المذهب الحنفي.
وأقل جمهورية التزاما بالدين هي جمهورية أوستيا، فهم يحملون أسماء إسلامية ولا يعرفون شيئا عن الإسلام، ويعتبرون أنفسهم مسيحيين، وجمهورية أوستيا ذات موقع إستراتيجي، فهي تقع في قلب القوقاز الشمالي، وهي محط الاهتمام الروسي، حيث تهتم بها أكثر من باقي الجمهوريات القوقازية للحفاظ على الهوية المسيحية فيها، وقد أثرت عليها روسيا كثيرا، وخصوصا الكنيسة الأورذكسية، وأغلبهم تحول إلى المسيحية الأروذكسية، ويوجد بها أقلية مسلمة، وحسب علمي لا تتعرض لأي ضغوطات، ولكن ما لا يُرى لا نستطيع الحكم عليه.
وهناك بعض الشيعة في جمهورية داغستان في شمال القوقاز الشمالي ويتمركزون في مدينة ديربنت (جنوباً) ولهم مسجد خاص بهم، وهو يعتبر أول مسجد بني للشيعة في روسيا الاتحادية، وداخل داغستان –حسب علمي– بدءوا في بناء المساجد في مدينة حدودية بين الشيشان وداغستان تسمى خسريورت، أيضا يوجد بعض الشيعة في العاصمة الروسية موسكو.