بقلم/ هاني صلاح
بموقعها الجغرافي الاستراتيجي، وبشريطها الساحلي الممتد على الضفة الشرقية للبحر الأدرياتيكي بنحو 362 كم، تمثل ألبانيا بوابة البلقان الغربية، والجسر الذي يربط غرب أوروبا بشرقها وقارة آسيا.
خلفية عامة
استقلت ألبانيا عن الدولة العثمانية في 28 فبراير عام 1912م، وقبلت في عصبة الأمم المتحدة في عام 1920، وتعد أول دولة إسلامية تتبنى النظام العلماني وتعلن فصل الدين عن الدولة، عاصمتها تيرانا، وتبلغ مساحتها نحو 28.748 كيلو متر مربع.
وبعد نحو 46 عاماً، سقطت الشيوعية في ألبانيا في عام 1990م. وقد أحرزت ألبانيا تقدماً في خطوات تطورها الديمقراطي منذ أول انتخابات متعددة الأحزاب في عام 1991م.
ومنذ عقدين تمر ألبانية بمرحلة انتقالية غير مستقرة تسعى فيها لترسيخ الديمقراطية والنظام السياسي القائم على التعددية، كما حاولت الحكومات المتعاقبة جاهدة التعامل مع الملفات الشائكة من ارتفاع معدلات البطالة ، وتفشي الفساد ، والبنية التحتية المتهالكة المادية، وانتشار شبكات الجريمة المنظمة، ومشكلة المعارضة السياسية القتالية التي تحتكم للقوة والسلاح أحياناً كما حدث في أواسط التسعينات وتدخل المجتمع الدولي للضغط على الأطراف وتقديم ورقة الانضمام للاتحاد الأوروبي لتهدئة الأمور بينهم.
و يصل تعداد سكانها إلى ثلاثة ملايين و مائتي وخمسة ألف نسمة. تشكل العرقية الألبانية الأغلبية بنسبة 95%، بينما تصل نسبة العرقية اليونانية إلى 3% ، وتمثل باقي العرقيات الأخرى والتي تنحدر من أصول بلقانية نحو 2 % .
تعد ألبانيا هي الدولة الوحيدة في أوروبا ـالمعترف بها من قبل الأمم المتحدة ـ بغالبية إسلامية، وتصل نسبة المسلمين فيها لنحو 70% ؛ يليهم الأرثوذكس 20% ؛ ثم الكاثوليك 10%. ويمثل العرق الألباني نحو 95% من إجمالي السكان.
الموقع والاقتصاد
بموقعها الجغرافي الاستراتيجي، وبشريطها الساحلي الممتد على الضفة الشرقية للبحر الأدرياتيكي بنحو 362 كم، تمثل ألبانيا بوابة البلقان الغربية، والجسر الذي يربط غرب أوروبا بشرقها وقارة آسيا.
وهو ما جعل واحد من أهم الممررات الأوروبية العشرة يمر عبر أراضيها، وهو الممر الثامن والذي يجري إعداده حالياً ليربط البحر الأدرياتيكي بالبحر الأسود، بدءاً من ميناء باري وبرينديز في ايطالياً، ومروراً بميناء دورس بألبانيا قبل أن يواصل مساره مخترقاً عاصمتا مقدونيا وبلغاريا، وصولاً إلى موانئ البحر الأسود في الأخيرة في بورجاس وفارنا.
ولهذا الممر أهمية إستراتيجية تحديداً في مجال الطاقة؛ حيث يجعل من الممكن لمنطقة البحر الأبيض المتوسط الوصول إلى احتياطيات الطاقة الهائلة لمنطقة بحر قزوين. كما يساهم على تحسين الاستقرار بمنطقة البلقان المضطربة دائماً.
من جهةٍ أخرى تعد فرصة تاريخية لألبانيا، تساهم في إنهاء عزلتها وتسريع عملية اندماجها في الاتحاد الأوروبي، نظراً لأهميتها الجيو سياسية كجسر لأوروبا نحو آسيا. كما تفتح آفاق اقتصادية هائلة في تحديث شبكات الطرق وخطوط السكك الحديدية والموانئ والخدمات اللوجستية والبنية التحتية والخدمات الفرعية، الأمر الذي سوف يشجع على جذب الاستثمارات الهائلة من الغرب للمنطقة.
وألبانيا دولة عضو حلف شمال الأطلسي منذ عام 2009، وهى مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وتسعى إلى تنفيذ إصلاحات رئيسية وفق معايير الاتحاد الأوروبي. كما تعلب دور في تهدئة الأوضاع في منطقة البلقان وينظر إليها كشريك في الحرب على الإرهاب ولديها جنود ضمن قوات الناتو في كل من العراق وأفغانستان.
وتعد ألبانيا واحدة من أفقر الدول الأوروبية، وعلى الرغم من أن اقتصادها لا يزال في مرحلة النمو، إلا أنه حقق تحسن إلى حد كبير في السنوات الأخيرة، فاق العديد من دول المنطقة، إلا أنه مازالت هناك عوائق تقف أمام هذا النمو تتمثل في الحجم الكبير من الأعمال الاقتصادية الغير رسمية في البلاد، ومشكلة نقص الطاقة، وضعف البنية التحتية لشبكة الطرق والمواصلات، والفساد الإداري المنتشر في المصالح الحكومية. وتسعى الحكومة الحالية لمعالجة كافة تلك الملفات في محاولة لمنها لجذب الاستثمارات الأجنبية.
وتعد ألبانيا دولة غنية بثرواتها الطبيعية وموارد المياه، والتي ما زال تكشف عن احتياطات هائلة تفوق كافة التوقعات السابقة، يعزز ذلك الارتفاع المستمر في أسعار هذه الخامات الأمر الذي يبشر بمستقبل واعد للبلد الفقير حالياً.
وتحتل ألبانيا المرتبة الأولى أوروبياً في احتياطاتها للكروم عالي الجودة، كما تمتلك مخزون كبير من المعادن الأخرى كالنحاس والنيكل والحديد والفحم والفوسفات، إضافة إلى احتياطات كبيرة من البترول الخام والغاز الطبيعي، والتي تكشف عنها عمليات البحث والتنقيب المتواصلة.
وفي مجال الطاقة فإنه يتم توفير نحو 98% من الطاقة محلياً، عبر إقامة محطات توليد الكهرباء على الأنهار في البلاد، وتخطط الحكومة حالياً للقضاء على مشكلة نقص الطاقة اللازمة في مرحلة النمو الحالية المتصاعد عبر السعي لإنتاج المزيد منها لتغطية الاحتياجات المتصاعدة في المرحلة الحالية من جهة، وبهدف التصدير من جهة أخرى، كما تسعي لتنويع مصادر إنتاج وتوفير الطاقة باستخدام النفط بجانب الموارد المائية كما ينتظر أن يتم في مشروع محطة ميناء فلورا المطل على البحر الأدرياتيكي.
أيضاً لديها منتجات زراعية جيدة تتمثل في: القمح والذرة والبطاطس والخضروات والفواكه وبنجر السكر والعنب واللحوم ومنتجات الألبان. وتواجه الزراعة التي تمثل خمس الإنتاج تعثر شديد بسبب قلة المعدات الحديثة وعدم وضوح ملكية الأراضي وسفر الكثير من المزارعين للعمل في الخارج.
كما حقق قطاع السياحة تقدم كبير في ألبانيا خلال السنوات الماضية دفع بالخارجية الأمريكية في بداية هذا العام إلى جعل ألبانيا ضمن أفضل ست دول في العالم يمكن للأمريكيين زيارتها.
وتعد الأموال المحولة من الخارج من قبلك الألبان خاصة المقيمين في ايطاليا واليونان وتمثل نحو 15% من الإنتاج المحلي وتتراوح ما بين 600 إلى 800 مليون دولار تمثل دعما كبيرا للاقتصاد الألباني الذي يعاني نموه عجزا كبيرا.-
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورقة قدمت لمركز الجزيرة للدراسات في عام 2011م.