ـ مانشيتات الحوار:
ـ قمت في عام 2008م بتأسيس وإنشاء أول مؤسسة نسائية مسلمة في روسيا.
ـ بدأ عملنا في العام الأول بمسجد ساراتوف وتركّز في تعليم المرأة أساسيات الإسلام.
ـ توسعت أنشطتنا الخيرية وقمنا برعاية أطفال ثلاث مدارس داخلية ننظم لها 10 فعاليات كل عام.
الناشطة الروسية “خديجة”:
أثمرت مشاركاتنا في المجتمع النظر إلى المرأة المسلمة نظرة تقدير واحترام
حوار خاص مع الناشطة “خديجة بيبارسوفا” مسئولة مؤسَّسة الربيع في سراتوف بوسط روسيا
مسلمون حول العالم ـ خاص
أجرى الحوار: هاني صلاح
“مساهمات المرأة المسلمة في المجتمع الروسي أسفرت عن تغيير في النظرة السلبية إليها، وحلت مكانها نظرة تقدير واحترام؛ مما أسهم في حل مشكلات ارتداء الفتيات للحجاب في الدراسة والعمل”..
بهذه الكلمات، أكدت “خديجة بيبارسوفا”، الناشطة المسلمة في مدينة سراتوف، ذات التاريخ الإسلامي العريق الذي يمتد لأكثر من ألف عام، وتقع في وسط روسيا الاتحادية، بأن مساهماتها مع أخواتها المسلمات في مؤسسة الربيع، اثمرت عن تغيير النظرة السلبية للمرأة المسلمة لا سيما تلك التي ترتدي الحجاب، وبات ينظر إليها بكل احترام وتقدير.
جاء ذلك في حوار خاص مع “مسلمون حول العالم“، حول الدور المجتمعي للناشطة المسلمة “خديجة بيبارسوفا”، مؤسسة ومسئولة مؤسسة الربيع النسائية..
وإلى الحوار..
المحور الأول: التعريف بضيفة الحوار
ـ اعتدنا في بداية حواراتنا الصحفية على تقديم ضيوفنا لجمهور موقعنا؛ لذلك نرجو التكرم بتعريف أنفسكم.. تعريفًا إنسانيًّا اجتماعيًّا مهنيًّا؟
خديجة بيبارسوفا، امرأة مسلمة من روسيا، أعيش في مدينة ساراتوف التي تقع على أحد أكبر الأنهار على وجه الأرض، نهر الفولغا. وذلك في وسط روسيا.
أنا شيشانية الجنسية، وبإرادة الله -عز وجل- أعيش في سراتوف، تلك المدينة الروسية الجميلة، منذ أن كان عمري 17 عامًا. وقد وُلِد أطفالي الأربعة وأحفادي هنا.
أعد شخصية عامة، مدونة، أخصائية نفسية، مساعدة عامة لمفوض حقوق الطفل في منطقة ساراتوف، رئيسة المنظمة النسائية “رودنيك – الربيع” التي تعمل تحت إشراف الإدارة الدينية لمسلمي منطقة ساراتوف.
المحور الثاني: التجربة الشخصية
كيف بدأتم بالتفكير في المشاركة المجتمعية؟ وما هي الأدوار التي قمتم بها خلال مسيرتكم في المشاركة المجتمعية، وفي أي مجالات كانت؟
ـ قمت في عام 2008م بتأسيس وإنشاء أول مؤسسة نسائية مسلمة في روسيا. وقد مرت أنشطتنا بعدة خطوات ومراحل، أذكرها هنا باختصار:
1 ـ الدعوة والتعليم بمسجد سراتوف:
بدأنا العمل مع زميلاتي في مسجد ساراتوف المركزي، وخصصت السنة الأولى من عملنا لتعليم المرأة كيفية الصلاة، وشرح أصول الإسلام، أي أن جميع الأعمال تتم في المسجد.
2 ـ المشاركة في أنشطة خيرية بالمدينة:
بعد عام من عملنا، اجتمعنا مرة أخرى كفريق عمل، وقررنا أن الإسلام يجب أن يتم نقله إلى الناس خارج جدران المسجد بشكل عملي، وأنه علينا ألا نتحول كمجتمع مغلق، لأن الإسلام ليس كذلك؛ بل يدعو للانفتاح والتواصل مع الجميع.
منذ تلك اللحظة فصاعدًا، بدأت أنشطتنا الخيرية والاجتماعية في التوسع والازدياد في مدينة سراتوف، وفي مجالات مختلفة، وأشير لبعضها:
أ – تنظيم حملات التبرع بالدم: وذلك بالتعاون مع مركز الدم الإقليمي في مدينتنا. وفي هذا الاتجاه، تمكنا من جمع قاعدة المتبرعين لدينا من بين المسلمين، ومن ثم أصبحنا نقوم بشكل دوري بحملات لجمع دم المتبرعين، وبالتالي تجديد بنك الدم للمركز الإقليمي بشكل دائم.
ب ـ رعاية الأطفال في ثلاث مدارس داخلية: وهؤلاء أطفال أيتام ومرضى يعانون من أمراض الجهاز الحركي وأمراض أخرى مختلفة. وفي هذا الاتجاه، نقيم مع أخواتنا المسلمات المتطوعات 10 فعاليات خيرية وثقافية وترفيهية في السنة بهذه المؤسسات التعليمية، بهدف جلب الفرحة للأطفال الذين ليس لديهم آباء من خلال الهدايا والتواصل الوثيق معهم وإشعارهم بأن لهم عائلة كبيرة تحبهم وتسعد بزيارتهم المرة تلو المرة.
3 ـ تنظيم الاحتفالات الدينية والفعاليات الثقافية الإسلامية:
تلعب مؤسساتنا النسائية، باعتبارها أحد أقسام الإدارة الدينية لمسلمي سراتوف، دورًا نشطًا للغاية في تنظيم الفعاليات الدينية والثقافية العامة على نطاق المدينة.
صحيح هذه الاحتفالات خاصة بالمسلمين، ولكن ندعو إليها غير المسلمين كذلك والذين يحرصون على تلبية دعوتنا بكل ترحاب وسرور.
ومن بين هذه الاحتفالات الدينية التي ننظمها احتفالية عيدي الفطر والأضحى، واحتفالية استقبال شهر رمضان، وغيرها من الاحتفالات الإسلامية، والتي تتخللها فقرات ترفيهية وثقافية متنوعة، وأناشيد وهدايا وكلمات تلقى.
هذه الاحتفالات في غاية الأهمية، فهي تشعر الأجيال الناشئة من المسلمين بالافتخار والاعتزاز بهويتهم الإسلامية، كما أنها تعرف المجتمع الروسي عليهم عن قرب.
4 ـ المشاركة في الأنشطة المجتمعية والإنسانية:
كما نشارك في العديد من الأنشطة المجتمعية والإنسانية التي تتم على مستوى المدينة ويشارك فيها الجميع، وتناقش قضايا المجتمع في مختلف المجالات، ولنا مساهمات بارزة فيها. مثل مؤتمرات سنوية عن الأسرة الروسية وكيف الحفاظ عليها فقد كانت لنا مساهمات قوبلت بكل اهتمام وتقدير من المسئولين.
الخلاصة، والحمد لله، تمكنَّا عبر كافة هذه المساهمات المجتمعية، وتلك الأنشطة والفعاليات المتنوعة، من إظهار الإسلام في منطقتنا على أنه دين تعايش وسلام وخير للجميع وليس فقط للمسلمين، وباتت العلاقة بين المجتمعات المسلمة وغير المسلمة سواء عندنا في سراتوف أو حتى في مناطق روسيا المشابهة لنا في مستوى جيد جدًّا للغاية وغير مسبوق.
ـ في خضم هذه الأعمال الكثيرة.. ماذا كانت أهم أولوياتكم؟
بالنسبة لي، كما هو الحال بالنسبة لأي امرأة مسلمة، فإن الأولوية هي عائلتي.
أنا، كزوجة وأم، في رأيي، لا ينبغي أن أحرم عائلتي من الشعور بي، وأحاول دومًا عدم إشعارهم بغيابي في المنزل.
بالطبع، من الصعب أن تكون ناشطًا في المجتمع، وأن تكون مدونًا، وتقوم بأعمال خيرية، وتكون زوجة وأمًّا؛ لكنني أقوم دائمًا بالدعاء، وأطلب من الله تعالى أن يوفقني بالقيام بكل الأعمال.
وكثير ما أعطي الأولوية كذلك لنفسي في حالات معينة، وأجتهد في تحديد الأولوية في كل وقت، وأسأل نفسي باستمرار: “ما هو أكثر أهمية في هذا الوقت.. الأسرة أو العمل أو حتى نفسي؟”. يجب أن تكون قادرًا على الشعور بالمسئولية والأولويات المناسبة لكل وقت وعمل.
والحمد لله عائلتي تدعمني في كل شيء، ورؤية الفوائد التي تعود على المجتمع من عملنا كمنظمة نسائية مسلمة تدفعهم للفرح والافتخار بما نقوم به.
المحور الثالث: العقبات والتحديات
ـ ما هي أبرز العقبات والتحديات التي واجهتكم أثناء دوركم المجتمعي؟
يا لها من تجربة اتسمت بالصبر والعزيمة معًا نظرًا لما عانيناه في بدايتها..
وكان هناك تحديان رئيسان واجهناهما:
ـ الأول: تمثل في عدم فهم البعض أهمية الدور الإعلامي لمشاركتنا في المجتمع.
ففي أنشطتنا الخيرية ومشروعاتنا الإنسانية، كنا دائمي النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي، للتعريف بها، وحثّ الجميع على المشاركة، وكنا ننشر الصور المختلفة ونقدم المعلومات اللازمة.
لكن، في السنوات الأولى من عملنا، واجهنا سوء فهم؛ بل وإدانة من قبل المسلمين لنا، الذين اعتقدوا أننا نقوم بدعاية فقط من أجل الدعاية، وكتبوا تعليقات غاضبة منا باستمرار؛ بل وحاولوا التدخل في عملنا.
حقيقة، كان الأمر محبطًا للغاية، لأنهم لا يفهمون سبب قيامنا بذلك؛ فنحن كان هدفنا حث المسلمين على المشاركة، كما أحببنا تقديم صورة حسنة للمجتمع الروسي حول دور المسلمين وإسهاماتهم في المجتمع.
وكان قرارنا عدم الخوض في صراع مع المنتقدين لنا، وواصلنا عملنا لسنوات متتالية مع العزيمة والصبر والإصرار على التقدم للإمام. وبعد سنوات بدأ هؤلاء المنتقدون لنا في فهم ما نقوم به؛ بل أصبح بعضهم يعمل معنا بجدٍّ ونشاط، وعن قناعة تامة بأهمية ما نقوم به.
ـ الثاني: يتعلق بإشكاليات ارتداء الحجاب بين الفتيات المسلمات في المؤسسات التعليمية.
واستغرق حل هذه الإشكاليات سنوات عديدة حتى أصبح المجتمع يتقبل رؤية المرأة المسلمة بحجابها، سواء في مقاعد الدراسة أو العمل الوظيفي.
فقد كانت ثمرة مشاركتنا في المجتمع في مختلف الأنشطة الخيرية والثقافية والوطنية ورؤية المجتمع لنا ونحن بالزي الإسلامي، وتقدير دورنا الإيجابي معهم في التفاعل مع قضايا المجتمع والمساهمة في حل بعضها؛ أن أصبح يُنظر للمرأة المسلمة نظرة تقدير واحترام على عكس فترات زمنية سابقة، وهذا ما ساهم كذلك في تيسير ارتداء الفتيات للحجاب وانتشاره أكثر من قبل.
المحور الرابع: الإنجازات والنجاحات
هل يمكنكم إلقاء الضوء على أبرز الإنجازات والنجاحات التي حققتموها؟
أهم إنجاز في عملنا تمثل في تغيير النظرة السلبية للمرأة المسلمة من قبل المجتمع، كما تلاشت مشكلة ارتداء الحجاب في الدراسة والعمل.
ففي بداية عملنا في عام 2008م، وعندما هناك كان عدد قليل من النساء المسلمات في مدينتنا يرتدين الحجاب، كان أحد أهدافنا يتمثل في إظهار مكانة المرأة المسلمة، ولياقتها، وكرامتها للمجتمع الروسي، وأن المرأة المسلمة هي أيضًا جزء من هذا المجتمع المدني لبلدنا، فلا الحجاب يمنعها من التعليم، ولا المشاركة في أنشطة مفيدة اجتماعيًّا للجميع، ولا يمنعها من تقديم المساعدة للمحتاجين من المسلمين وغير المسلمين على حد سواء.
والحمد لله نجحنا في تغيير النظرة السلبية للمرأة المسلمة، ومن جهة أخرى زاد عدد المسلمات المشاركات في الأنشطة المجتمعية، وكثير منهن بزيهن الإسلامي.
كما حلت مشكلة ارتداء الطالبات المسلمات الحجاب في مؤسسات التعليم الثانوي والعالي بالحجاب والعمل، وبدأ قبول المرأة المسلمة كجزء لا يتجزأ من المجتمع.
وهذا أعظم إنجاز.. الحمد لله!
المحور الخامس: التوصيات المستقبلية
ما هي أبرز توصياتكم المستقبلية التي تنصحون بها الناشطات المسلمات والمؤسسات المعنية؟
توصياتي ونصيحتي للناشطات المسلمات حول العالم..
ـ أن نجعل الصدق هدفنا الرئيس في كل أعمالنا، فهو الشيء الذي نحتاجه دائمًا للمضي قدمًا في طريقنا وتحقيق النتائج المرجوة من نشاطنا.
ـ أهمية استشعار مسئوليتنا في المجتمع، فكل مسلمة في أي بلد ينظر الجميع إليها على أنها وجه للإسلام، لذا تصبح نتائج أعمالنا تعتمد على كيفية وضع أنفسنا في المجتمع.
ـ كما أشير إلى أن أصعب شيء على المرأة المسلمة أن تثبت أن حجابها ليس قيدًا؛ بل هو حريتها وخيارها؛ لذا ليس من الضروري الصراخ بشأنه علنًا؛ فأعمالنا وسلوكياتنا تتحدث عنه.
وأخيرًا.. علينا السعي لتحقيق السلام والخير للجميع في مجتمعاتنا!
ـ طالع أيضًا:
خديجة بيبرس.. منارة ساطعة تشع الخير في سراتوف بوسط روسيا