مسلمون حول العالم ـ متابعات
“أحمد دانش”.. مفكر وعالم وفيلسوف وسياسي كبير في إمارة بخارى خلال القرن التاسع عشر.. حلم بأن تصبح الامارة دولة حديثة متقدمة.. وكتب كتب ورسائل طرح من خلالها أفكاره التحديثية التي ساهمت في خلق جيل مثقف برز من بينهم عدد من العلماء والأدباء المشهورين نهاية القرن التاسع عشر.. فماذا تعرف عنه؟
بقلم/ الدكتور أمين القاسم ـ الباحث في تاريخ المنطقة
النشأة والبيئة
أحمد دانش مخدوم بن ناصر (1827- 1897)، وعُرف أيضًا باسم أحمد كالاّ، هو عالم ومفكر وشاعر طاجيكي، ورجل دولة في إمارة بخارى.
تلقى علومه الأولية على يد والده الذي كان إمامًا في قرية بضواحي بخارى، وحفظ القرآن الكريم في صغره، ثم تعلّم في مدرسة بخارى الشرعية، وقد برع في الخط والرسم والشعر.
خدم أحمد دانش في قصر أمير بخارى نصر الله بهادر خان (1827- 1860)، والذي عيّنه لاحقًا سكرتير في السفارة الدبلوماسية التي أرسلها الأمير لمدة شهرين إلى سانت بطرسبورغ عام 1857م لتوطيد العلاقات الدبلوماسية بين روسيا وبخارى، ثم في عهد الأمير مظفر خان (1834-1885م) عمل مرة أخرى بين عامي 1869- 1870م في السفارة البُخارية بروسيا، ثم مرة ثالثة في العام 1874م.
إبعاده والتفرغ للكتابة
بعد هذه الرحلات كتب أحمد دانش لأمير بخارى مشروعًا طرح فيه برنامجًا جادًا للنهوض والإصلاح والتغيير في شؤون الإمارة “رسالة في الثقافة والنظام الاجتماعي”، ولكن الأمير وحاشيته لم تعجبهم أفكاره، وتم تعينه قاضيًا في منطقة بعيدة في بخارى. وهناك تفرغ للكتابة، وعرف كعالم وفيلسوف وسياسي كبير في الإمارة.
لقد عاش أحمد دانش في فترة اضطرابات بخانية بخارى، كذلك اتسمت هذه المرحلة بهيمنة عسكرية واقتصادية روسية على خانات وسط آسيا.
أهم أعماله
كتب أحمد دانش كتابه “نوادر الوقائع” بين عامي 1870- 1889م باللغة الفارسية، وهو أهم أعماله، بحث فيه القضايا الفلسفية والاجتماعية والسياسية والثقافية والأدبية في عصره.
كما طرح أحمد دانش في كتابه عدد من أفكاره الإصلاحية في الإدارة والاقتصاد والتعليم، وانتقد سياسة أمير بخارى.
ثم كتب أحمد دانش كتاب آخر بعنوان: “رسالة تاريخية”، والتي تعرف أيضاً باسم “رسالة موجزة لعهد العائلة المنغيتية”، وكشف فيها المشكلات الرئيسية في الحكومة، وقد صدر الكتاب في مجلدين في دوشنبيه عام 1988م.
كما له كتب في الفلك مثل “مواقف الكواكب” كتبه عام 1865م، وكذلك عدد من القصائد الشعرية.
أفكار سابقة لعصره
طرح أحمد دانش أفكار كانت تعد سابقة لعصره، فقد دعا إلى الحد من حقوق الملك المطلقة من خلال الدستور، وإنشاء هيئة استشارية على غرار البرلمانات الأوروبية، واقترح إنشاء وزارات، وتبسيط الحكومات المحلية، وانتقد تخلف التعليم، ودعا لمحو الأمية، وتشجيع العامة على تعلم العلوم والفنون والحرف الدنيوية، وتحدث عن السياسة الاستعمارية الروسية في آسيا الوسطى، لقد كان حلم أحمد دانش أن تصبح إمارة بخارى دولة متقدمة.
عند استلام الأمير عبد الأحد خان (1885- 1910م) الحكم استدعاه إلى بخارى وعينه أمينًا لمكتبة، كذلك درّس في أحد المدارس الشرعية، لكنه ظل إلى نهاية حياته منتقدًا لسياسات الأمير.
تطور الفكر بأسيا الوسطى
كان لأحمد دانش أثر كبير في تطور الفكر الاجتماعي والسياسي لشعوب آسيا الوسطى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، خاصة لدى مثقفي ومصلحي الشعبين الأوزبكي والطاجيكي.
وقد ساهمت أفكاره المعرفية والتربوية والتجديدية في تشكل جيل من المثقفين مع نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين منهم: المفكر والأديب محمد خيرت (1878- 1902م)، العالم ومفتي بخارى دامولا محمد إكرُم (1847-1925م)، والسياسي عبد القادر محي الدينوف (1892-1934م)، والشاعر والمؤرخ ميرزا عبد العظيم سامي بوستوني (1839-1908م)، والمفكر والأديب صدر الدين عيني (1878-1954م)، وغيرهم.
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=pfbid0tgp5WnBu6JAjxVU2gpD2CQmq9yMrfqujiVsB8EF8AsuebNmRVhhhXrbRJm8zU5ol&id=1611567851