يواجه التعليم الإسلامي لأبناء المجتمع المسلم في البرازيل تحدياً كبيراً يتمثل في البيئة المحيطة سواء في المجتمع أو حتى داخل البيت، لفت إليه الشيخ محمد أحمد أمامة، المدير الديني للمدرسة الإسلامية البرازيلية، خلال حوار خاص مع “المجتمع”، حيث إنه “كثيراً ما نشعر بأن مدرستنا عبارة عن جزيرة في المحيط أو سفينة نجاة في بحر متلاطم الأمواج، فغالبا ما يخرج الطالب من المدرسة ليواجه واقعاً آخر سواء في الشارع أو في المدارس الأخرى أو حتى في البيت“.
ومع هذا، أشار الشيخ أمامة، وهو كذلك إمام مسجد “أبو بكر الصديق” في مدينة “سان برناردو” بالبرازيل، إلى النجاح الذي حققته مدرستهم الإسلامية بالبرازيل في مجال المناهج الدراسية الإسلامية التي تدرس للطلاب في المراحل التعليمية الأربعة قبل الجام موضحاً بأنه: “مدرستنا هي الأولى التي نجحت حتى اليوم في تسجيل مادتي الدين والعربي رسمياً ضمن المناهج الدراسية التي تدرس للطالب، وتقدمان كأي مادة أخرى في النجاح والرسوب”..
بدايةً.. نرجو تعريف أنفسكم.
– محمد أحمد أمامة، من مواليد لبنان، تخرجت في كلية الدعوة واللغة العربية في دمشق، وفي البرازيل تخرجت في كلية التربية في مدينة سان باولو، حالياً المدير الديني بالمدرسة الإسلامية البرازيلية بمدينة سان باولو، وإمام مسجد أبو بكر الصديق في مدينة سان برناردو، في البرازيل.
كما نود نبذة تعريفية بمدرستكم الإسلامية في البرازيل؟
– تقع المدرسة الإسلامية البرازيلية في الناحية الشرقية لمدينة “سان باولو”، في حي “فيلا كروون”، وهي تابعة للجمعية الخيرية الإسلامية في مدينة سان باولو، وتعمل المدرسة بترخيص من الجهات الرسمية من وزارة التربية والتعليم، متبعة أنظمة الدولة البرازيلية، وهي الأولى التي سجلت التربية الدينية واللغة العربية رسمياً ضمن المواد التي تعطى للطالب حيث تقدمان كأي مادة أخرى في النجاح والرسوب، وبلغ عدد طلابها هذا العام 2017 نحو 350 طالباً لمراحل التدريس الأربعة؛ وهي الروضة، والأساسي الأول، والأساسي الثاني، ثم الثانوي.
هل وضعتم أهدافاً محددة لمشروعكم التعليمي؟ وما رؤيتكم المستقبلية؟
– نعمل جاهدين على تحقيق ثلاثة أهداف من خلال هذه المدرسة؛ أولها: إيصال الإسلام إلى قلوب الطلبة، وثانيها: تعليم اللغة العربية للطلاب، وثالثها: تأهيل الطالب المسلم البرازيلي للالتحاق بأفضل الجامعات البرازيلية فيكون بذلك عضواً فعالاً في بناء مجتمعه بشكل مستقيم.
أما الرؤية المستقبلية؛ فهي أن تصبح مدرستنا الإسلامية في حي “فيلا كروون”، نموذجاً لمدارس أخرى على جميع أراضي البرازيل بإذن الله.
ماذا عن منابر التعليم الإسلامي الأخرى في البرازيل؟
– فكرة بناء مؤسسات تربوية أخذت حيزاً كبيراً لدى أبناء الجالية المسلمة في البرازيل منذ عقود، وكل ذلك يظهر بإعداد أبنية مجاورة للمساجد لهذا الغرض، غير أن الكثير من الأسباب حالت دون تحقيق هذه الأماني، وعلى رأسها عدم توافر الكوادر المؤهلة لهذا الغرض، ومع ذلك كله كانت هناك محاولات عديدة في عدة مدن، وما استقر منها رسمياً لاحقاً هذه المدرسة الإسلامية البرازيلية، وعدد من المدارس في مدينة “فوز دي إغواسوا” الحدودية، ومدرسة “المدينة” في مدينة “سان برناردو”.
أما التعليم في المساجد؛ فمعظم المساجد تقوم به ولله الحمد، كذلك التدريس الخاص في البيوت الذي يعنى بهذا المجال، وهو مرتبط برغبة الأهل ودينهم، كما أنه انطلق فريق من مدينة “مارينغا” بمشروع تعليمي عبر الإنترنت ويغطي معظم الأراضي البرازيلية، وقد يكون هناك أمور أخرى لم أحط بها علماً نظراً لاتساع مساحة البرازيل.
وماذا عن المناهج الإسلامية التي تدرس بالمدرسة الإسلامية البرازيلية؟
– بالنسبة للمناهج منذ 20 عاماً، وما زلنا نغير ونبدل في المناهج بين المناهج في لبنان والسعودية والأردن للتربية الدينية واللغة العربية.
وما استقر بنا المقام اليوم على اعتماد مناهج لبنانية للصفوف الأولى؛ أي من الروضة حتى الثالث الابتدائي، أما باقي الصفوف فنعتمد على العربية بين يديك المعدة للناطقين بغير اللغة العربية، وما زلنا نتطلع إلى إعداد مناهج خاصة بنا وبمنطقتنا تحاكي وقعنا علها تكون سبباً في شد انتباه الطالب أكثر لتحقيق الهدف.
بالنسبة لمناهج التربية الدينية؛ فهي تدرس باللغة المحلية، وهذه المناهج منها ما استقدمناه من الدول الناطقة بالبرتغالية كموزمبيق ومنها تم ترجمته عن العربية.
هل هناك شروط ومواصفات للمعلمين الذين يقومون بتدريس المناهج الإسلامية؟
– المعلم لا بد أن يكون من حملة الشهادة الجامعية حتى يتم قبوله، كما أنه يشارك سنوياً في دورات تدريبية لرفع مستواه فيما هو ضمن مهامه، وهذا يتم عبر استدعاء مدربين من الدول العربية أو المشاركة في دورات محلية تنمي قدراته التربوية بشكل عام، هذا غير المتابعة والتوجيه اليومي من قبل المشرفين.
هل من اتفاقيات تعاون مع جامعات أو مؤسسات إسلامية تعليمية عالمية في مجال تدريب وتطوير معلمي المناهج الدراسية الإسلامية؟
– نحن على تواصل دائم مع مؤسسة الوقف الإسلامي، للاطلاع على كل جديد بشأن التدريب، وكذلك مع مدربين لبنانيين وأردنيين لإعداد هذه الدورات، كما سبق أن شاركنا في العديد من الدورات مع مدارس أخرى في مدينة فوز دي إغواسو ومدينة سان برناردو في البرازيل.
وما أبرز التحديات التي تواجهكم في مجال التعليم الإسلامي بالبرازيل؟
– على رأس هذه التحديات تأتي البيئة المحيطة وما يلحق بها؛ فكثيراً ما نشعر يأن المدرسة عبارة عن جزيرة في المحيط أو سفينة نجاة في بحر متلاطم الأمواج، فغالباً ما يخرج الطالب من المدرسة ليواجه واقعاً آخر سواء في الشارع أو في المدارس الأخرى.
هذا عدا عن البيوت التي تفتقر إلى الحد الأدنى من الدين بحكم وجود أم غير مسلمة أو حالات الطلاق التي تقضي بأن يعيش الأطفال في جو غير إسلامي بعيدين عن الأب الذي يفرض على الأم تسجيلهم في المدرسة الإسلامية ولو كان على غير رغبتها لأن الممول حسب القوانين المتبعة هو الأب.
وأمر آخر قلة وجود المؤسسات الإسلامية لذا يضطر الأطفال إلى السير مسافات طويلة للوصول إلى أهدافهم.
برأيكم، ما أبرز الإنجازات التي تحققت في مجال التعليم الإسلامي بالبرازيل؟
– أبرز الإنجازات على رأسها إيجاد محاضن تربوية تقوم بالحد الأدنى من المتطلبات للطفل المسلم على رغم ندرتها وقلتها، هذا بشكل عام، أما على مستوى المدارس الموجودة فهي تثبيت المواد العربية والدينية في المناهج بشكل رسمي أمام الجهات الرسمية.
وماذا عن التنسيق مع المؤسسات المشابهة لكم مع الدول الأخرى؟
– يقتصر هذا التنسيق على بعض الدورات التدريبية للمعلمين، كما أن هناك توافقاً في المناهج في بعض المراحل، أما على مستوى التشاور فالأمر فيه سعة أكبر، فتم التشاور مع مؤسسات إسلامية تربوية في كل من بنما وغويانيا الإنجليزية.
ما توصياتكم المستقبلية لتطوير التعليم الإسلامي في البرازيل؟
– كلنا رغبة أن نطور العمل التربوي في مؤسستنا والمؤسسات المجاورة لتواكب التطور التقني، بحيث يكون اليسر في طلب العلم على أبنائنا من غير عسر أو مشقة، فمعظم اختراعات اليوم تبحث جاهدة لإيجاد الراحة للمستهلك والمسافر والسائح والمتسوق إلا طالب العلم لا بد له من الجلوس الساعات الطويلة وخلال الشهور والأعوام حتى يصل إلى جزء من هدفه، فلعل القارئ الكريم يشاركنا الرأي في استحداث وسائل تفي بالغرض من غير مشقة تحت شعار يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر.
وختاماً.. هل من رسالة للمؤسسات الإسلامية المعنية بالتعليم الإسلامي حول العالم؟
– ما نريده أن يوصلونا إلى أهل الاختصاص علنا نواكب التطور السريع في المجالات التربوية، فهذا حلم أن نكون على تواصل مع من يشاركنا الهدف، لنتعاون على البر والتقوى وعلى تطوير مؤسساتنا، فإن كانوا قد سبقونا فهنيئاً لهم وما عليهم إلا أن يأخذوا بأيدينا حتى نكون بجانبهم في خدمة الإنسانية، وإن كنا سبقناهم فنشكر الله على منه وفضله، وأبوابنا مفتحة لنسهم في أي أمر يكون فيه النفع للجميع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أجرى الحوار: هاني صلاح، ونشر في “المجتمع” الكويتية بتاريخ: 14/12/2017م.