أدار الحوار/ هاني صلاح
“معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها غير المؤهل هو أهم تحد نواجهه”..
بهذه الكلمات، شدد الخبير التربوي د.محمد مطلق، وهو باحث في طرق وأساليب تعليم العربية لغير الناطقين بها، والمقيم في الدانمرك، على أهمية إعداد معلمي تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها خاصةً في أوساط الأقليات المسلمة حول العالم في ظل تواجدهم في مجتمعات لا تتحدث العربية.
وأشار الدكتور مطلق، وهو كذلك رئيس بيت الضاد لتطوير طرق تعليم العربية في إسكندنافيا، وخبير تربوي متعاون مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة(الإيسيسكو)، إلى أن: الإيسيسكو ومؤسسات أخرى مهتمة بتعليم العربية في الغرب “قد كثفت الدورات التدريبية في أوروبا وكندا والأمريكيتين، والتي تهدف إلى تأهيل وتأطير هؤلاء المعلمين ليلمّوا بالطرق والأساليب الحديثة في تعليم اللغات، ويتعاملواإيجابيا مع المتعلم لجعله متفاعلاوراغبا في تعلم العربية وليس راغبا عنها”..
جاء ذلك في حوار مع (المجتمع)، بعنوان “كيف تتعامل مع تحديات تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها”، وقد شارك فيه أساتذة ودعاة يشرفون على مؤسسات تعطى بها دورات لتعليم اللغة العربية..
وفيما يلي تفاصيل الحوار ..
المشاركة الأولى.. من: شادي الأيوبي ـ إعلامي لبناني مقيم في اليونان ـ وتتضمن سؤالين (أرقام: 1/2):
1 ـ أبناء الجالية العربية في أوروبا تقريباً غير ناطقين بالعربية!وهم من والدين عرب أو أب عربي وأم أجنبية، وهذه الفئة هى الأقرب للغة العربية.. فهل هناك منهج سواء كتب أو طرق تنصحون بها لتعليم اللغة العربية لهذه الفئة المنحدرة من أصول عربية؟
ـ أشكرك أخي شادي على هذا السؤال، وإليك الإجابة.
إن تعليم العربية في أوروبا إجمالا يستهدف الناطقين بغير العربية، ومعنى ذلك أنه يستهدف الأبناء الذين تكون لغتهم العربية هي لغة ثانية يسمعهاويتعلمها داخل الغرف الصفية غالبا، بينما يتواصل مع أقرانه في حديقة المدرسة أو في النادي الرياضي أو الأماكن العامة بلغة البلد التي يعيش فيها وليس بالعربية. ويمكننا تحديد اللغة الأم للإبن وذلك من خلال سماع الأصوات الأولى التي ينطق بها عند تعرضه لمواقف إنفعالية (كالفرح والحزن مثلا)، أو من خلال سماع الأصوات التي ينطقها أثناء حلمه وهو نائم، فإن تكلم لغة غير العربية فتكون هي اللغة الأم له حتى وإن كان الوالدان عربيين. وبالتالي علينا استخدام المناهج المعدّة لتعليم العربية لغير الناطقين بالعربية وهي متوفرة على نطاق يبشر بالخير في ما يخص تعليم العربية لغير الناطقين بها في أوروبا ومناطق أخرى من العالم. ويمكنك أخي شادي التواصل معي مباشرة عبر (الوتسأب) على الرقم 004550372707 إن أردت معرفة المزيد عن أفضل المناهج المعدّة لتعليم العربية لغير الناطقين بها في أوروبا. هذا والله تعالى أعلم.
2 ـ بالنسبة للأجانب من غير العرب.. ما هو المنهج أو طرق التدريس التي تنصحون بها لتعليم اللغة العربية لهم وهم من غير أصول عربية؟
ـ تعددت مدارس تعليم اللغات بدءا بمدرسة القواعد التقليدية (طريقة النحو والترجمة) وانتهاء بمدرسة علم اللغة الاجتماعي (الطريقة التواصلية). وهنا أنصح كل مهتم بتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها أن يبتعد عن استخدام طريقة النحو والترجمة لأنها قاصرة ومتناقضة وعاجزة . كما أنها تدرس عن العربية ولا تعلم العربية بذاتها، كونها تُهمل الجانب الشفهي وتهتم بتقعيد اللغة. أما المدارس الأخرى فهي المدرسة البنيوية أو الببغاوية (الطريقة المباشرة) ومدرسة القواعد التوليدية التحويلية ( الطريقة السمعية الشفوية)، والخوض في خصائص كل طريقة يحتاج إلى الشرح الطويل لأن لكل مدرسة إيجابياتها وسلبياتها.
وبالتالي فإن أفضل طريقة هي الطريقة الانتقائية التي تجذب إيجابيات كل طريقة من الطرائق السابقة.
المشاركة الثانية.. من: الشيخ صباح الدين محمودي ـ رئيس جمعية “المركز الثقافي القلم” في مقدونيا ـ وتتضمن سؤال واحد (رقم: 3):
3 ـ بالنسبة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها عندنا في مقدونيا ـ والوضع متشابه في كل دول البلقان مثل كوسوفا وألبانيا ـ؛ أن المشكلات متعددة، ومن أهمها وأكثر تعقيداً عدم وجود أدوات تعليم متطورة مثل كتب مناسبة مع صوتيات. وذلك للمرحلتين الابتدائية والاعدادية (للناشئين من السادسة من العمر لغاية 15 عاماً)!
نفس المشكلة تواجهها المدرسة الثانوية الاسلامية في سكوبيا العاصمة (واحدة للبنين و3 للبنات).. والان، والحمد لله تطورت وسائل الاتصال، حيث يمكن تبادل وإرسال الكتب والملزمات، وما نحتاجه يمكن تحميله من موقع معين على شكل ملف الكتروني؛ فنقوم بطباعته؛ فتسهل لنا انجاز أهدافنا في التعليم وتتحسن المستوى. وكل ما يصب في هذا الاتجاح مطلوب، ومرغوب فيه.
ـ أشكر الأخ الشيخ صباح الدين محمودي وأرجو الله التوفيق والسداد لإخوتنا في البلقان.
أشرفت الإيسيسكو على عقد دورة تدريبية مطولة في طرائق تعليم العربية لغير الناطقين بها في سراييفو عام 2015 م، حيث كُلفْت بتدريب نخبة من معلمي ومعلمات العربية هنالك. وقد لمست شح الموارد وقلة الإمكانيات نتيجة ضعف التواصل بين شرق أوروبا وغربها في ما يخص تعليم العربية. أم الآن فقد اعتمدت معظم المدارس هنالك مناهج أُعدّت في أوروبا مزودة بأساليب حديثة تعلّم اللغة العربية حسب الطريقة السمعية الشفهية أو غيرها من الطرائق الحديثة، بحيث تكس بيئة الواقع الأوروبي وتحافظ على طابع الثقافة الإسلامية في نفس الوقت.
المشاركة الثالثة.. من: محمد نوشاد النوري القاسمي، أستاذ بالجامعة الإسلامية دار العلوم وقف ديوبند في الهند، ومساعد تحرير مجلة وحدة الأمة المحكمة ـ وتتضمن سؤال واحد (رقم: 4):
4 ـ سيدي الفاضل! لا بد اولا من تحديد التحديات التي يواجهها طلاب اللغة العربية في العجم، ومن أهمها فقدان الجو العربي هناك!.
ـ أشكر الأخ محمد القاسمي على مشاركته.
أما هذا التحدي فهو موجود في كل المناطق غير العربية، فالفرد في الهند لا يكتسب مهارتي الاستماع والكلام بالعربية ، بل يتعلمهما في الحجرات الدراسية. ويمكن التغلب على هذه المشكلة من خلال التدرج الصحيح في تعليم العربية للعجم في بيئاتهم ثم تعريضهم للإنغماس اللغوي، أي إرسالهم لمدة زمنية معينة إلى بيئة عربية تتحدث اللغة العربية الفصيحة حيث يجبرون على الاستماع والكلام بالعربية فقط، مما يعزز هاتين المهارتين لديهم.
المشاركة الرابعة.. من: هاني صلاح ـ صحفي متخصص في شئون الأقليات المسلمة، ومنشق الحوار ـ تتضمن خمسة أسئلة (أرقام: 5-9).
5 ـ من خلال مسيرتكم العملية في تدريب معلمي اللغة العربية لغير الناطقين والذي وصلت أعدادهم لنحو 1200 معلم ومعلمة..
أ ـ ماذا كانت أبرز التحديات التي كانت تواجهه هؤلاء المعلمون في تدريسهم العربية لغير الناطقين؟
ب ـ وهل تم إيجاد حلول عملية لكل أو بعض هذه التحديات.. وماذا كانت بشكل مختصر لو أمكن؟
ـ أشكرك أخي هاني على هذه المشاركة.
معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها غير المؤهل هو أهم تحد نواجهه. لذا فقد حرصت الإيسيسكو ومؤسسات أخرى مهتمة بتعليم العربية في الغرب مثل مؤسسة غرناطة للنشر والتوزيع في فرنسا، ومؤسسة إبن رشد في ألمانيا وغيرها إلى تكثيف الدورات التدريبية في أوروبا وكندا والأمريكيتين، والتي تهدف إلى تأهيل وتأطير هؤلاء المعلمين ليلموا بالطرق والأساليب الحديثة في تعليم اللغات، ويتعاملواإيجابيا مع المتعلم لجعله متفاعلاوراغبا في تعلم العربية وليس راغبا عنها.
6 ـ من خلال تواصلي مع بعض الجامعات الإسلامية في شرق أوروبا وروسيا، لاحظت شكوتهم من أمرين.. عدم توفر الكتب اللازمة لمناهج تدريس اللغة العربية، والأمر الثاني شكوتهم من ضعف مستوى طلابهم وأمنيتهم في مساعدتهم للسفر لدول عربية للتدريب العملي على اللغة العربية وممارستها هناك..
سؤالي: ماذا تنصحون المسئولين عن هذه الكليات من الأساتذة والمدراء للتعامل مع هذه الاشكاليات؟
ـ هناك تنافس حر في إنتاج مناهج تعليم العربية لغير الناطقين بها في الغرب، ويمكننا أخي هاني التواصل بشأن هذا الأمر لإطلاعكم على شريحة جيدة من هذه المناهج.
أما ضعف المستوى فأسبابه عديدة، وأكاد أجزم أن المعلم وطريقة التدريس التي يتبعها وأسلوبه والمقرر المستخدم، كل ذلك يعد من أهم العوامل التي تسبب هذا الضعف في المستوى. أما السفر لدول عربية (الإنغماس اللغوي) فهي طريقة جيدة لتحسين مهارتي الاستماع والكلام على نحو أفضل وأسرع.
7 ـ نود رسائل منكم سريعة تتضمن نصائح لكل من:
ـ معلمي اللغة العربية لغير الناطقين..
ـ الطلاب من غير العرب الذين يتعلمون اللغة العربية لأول مرة..
ـ إدارات المراكز التعليمية التي تحتضن فصول دراسية لتعليم اللغة العربية..
ـ.. ” إن خير من استأجرت القوي الأمين” . أنصح كل معلم بمتابعة كل جديد في هذا المجال، عبر الشابكة مثلا: منصة رواق، شبكة دليل العربية ( وحاليا هناك فرصة ذهبية للتسجيل في دورة تدريبية يديرها نخبة من الخبراء في هذا السلك)، الكتب المعروضة….إلخ. والأفضل من ذلك هو الدورات التربوية على عين المكان.
ـ.. متابعة مواقع تعليم العربية عبر الشابكة مثل : جامعة المدينة العالمية، موقع الجزيرة لتعليم العربية…إلخ.
ـ.. العمل بالنقطتين السابقتين واستضافة الخبراء من أوروبا لعقد دورات مطولة ومكثفة بهدف النهوض بمستوى أداء المعلم. ويمكننا هنا أخي هاني تيسير الأمر عليهم بعقد دورات تربوية مكثفة ومركزة نظرية ـ عملية، وذلك من خلال الاتفاق في ما بيننا إن سمح لهم الأمر بذلك.
8 ـ من خبراتكم السابقة في التعليم والتدريب.. ما هى أبرز توصياتكم المستقبلية من أجل الارتقاء بمستوى وأداء وكفاءة تدريس اللغة العربية لغير الناطقين
1.أعمل حاليا مع مجموعة من الخبراء في هذا المجال بهدف إنشاء معهد جامعي متخصص في تخريج المعلمين المؤهلين القادرين على تعليم العربية لغير أهلها بشهادات معتمدة ومعترف بها بإذن الله تعالى.
دعم المؤسسات المهتمة بطباعة مناهج تعليم العربية في الغرب.
تكثيف الدورات للمعلمين.
الابتعاد عن تدريس المناهج العربية المستوردة لأنها لا تعكس بيئة المتعلم.
9 ـ مساحة حرة إذا كنتم تودون ذكر شىء هام في هذا الصدد ولم تتطرق إليه الأسئلة السابقة..
ـ تذكر أخي المعلم أن العمل في هذا المجال هو صدقة جارية بإذن الله تعالى، فاحرص على أن تستثمركل لحظة من لحظات التعليم.
إن أردت النجاح في عملك كمعلم للغة العربية فتذكر قوله تعالى ” ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر بمجلة المجتمع في 31 ديسمبر 2017م.