مسلمون حول العالم
نافذتك إلى أخبار الأقليات المسلمة

الطاولة المستديرة.. جسر مسلمي أوكرانيا للآخر

إيجاد لغة للحوار الإيجابي الهادف.. تعريف الآخر بقضايا الأقلية المسلمة بأسلوب راق وهادئ.. تغيير قناعات سلبية غير صحيحة عن الإسلام والمسلمين.. إيصال صوت مسلمي أوكرانيا إلى صناع القرار.

تلك أهم إيجابيات الطاولات المستديرة التي يتواصل مسلمو أوكرانيا من خلالها مع بقية مكونات المجتمع، ويعتبرونها وسيلة التواصل الأولى مع غير المسلمين، بحسب الدكتور إسماعيل قاضي رئيس اتحاد المنظمات الاجتماعية بأوكرانيا “الرائد”، كبرى المؤسسات المعنية بشئون العرب والمسلمين في ذلك البلد الأوروبي.

ويضيف د. قاضي في مقابلة مع “إسلام أون لاين.نت”: “نحقق نتائج إيجابية من خلال التوصيات التي تصدر عن الطاولات المستديرة؛ ما جعلها من أبرز وسائلنا في برنامج التواصل الحضاري مع بقية أطياف المجتمع”.

ويؤكد أن “الشعب الأوكراني منذ استقلاله في أغسطس 1991 وهو مهتم بالبحث عن حرية التعبير والاعتقاد؛ ما دفعنا في (الرائد) منذ تأسيسه عام 1997 إلى تبني نهج التواصل الحضاري”.

ويلفت إلى أن أول طاولة مستديرة عقدت في نفس عام تأسيس “الرائد”، بعنوان “الأقلية المسلمة في المجتمع الأوكراني”، وبمشاركة شخصيات أوكرانية إسلامية وغير إسلامية، على حد قوله.

ويعيش في أوكرانيا نحو مليوني مسلم، يتمركزون في الشرق والجنوب، ويمثلون نحو 5% من تعداد سكان البلاد البالغ حوالي 46 مليون نسمة.

تغيير قناعات

ومن النتائج الإيجابية التي تحققت عبر الطاولات المستديرة، بحسب د. قاضي: “تغيير العديد من القناعات السلبية غير الصحيحة عن الإسلام والمسلمين من خلال حوار هادئ مع بقية مكونات المجتمع”.

ويبين أنه “قبل سنوات كان ينظر للمسلمين، وخاصة في شبه جزيرة القرم جنوبا، على أنهم عنصر غريب وعامل اضطراب، أما الآن فالنظرة تغيرت، وأضحى الحوار والتعايش هما اللغة السائدة بين المسلمين وغيرهم”.

ويضرب مثلا بالطاولة العلمية المستديرة التي نظمها اتحاد “الرائد” بمناسبة يوم العلم في الرابع عشر من مايو الماضي بالمركز الثقافي الإسلامي في مدينة سيمفروبل عاصمة القرم، وحاولت استشراف مستقبل الإقليم انطلاقا من همومه.

وقد عدت هذه الطاولة “أول اجتماع رسمي يجمع المسئولين وكبار المفكرين والعلماء في الإقليم”، ما دفع نائب وزير الأديان بالقرم أيدر بولاتوف، والذي شارك في الطاولة، إلى القول إنه “منذ استقلال أوكرانيا لم يتمكن أحد من الهيئات ولا المنظمات ولا المسئولين من جمع المثقفين بجانب الروس والمسلمين القرميين إلا اتحاد الرائد”، بحسب د. قاضي.

التعرف على الآخر

برنامج التواصل الحضاري لمسلمي أوكرانيا مع بقية أطياف المجتمع له ثلاثة أهداف، هي: “التعرف على ثقافة الآخر، التعريف الصحيح بالإسلام ودحض الشبهات المُثارة حوله، وتحقيق الاندماج بين المسلمين وغير المسلمين لخدمة المجتمع”، وفقا لرئيس اتحاد “الرائد”.

ويتابع: “ويتم رفع التوصيات الصادرة عن الطاولة المستديرة إلى الجهات المعنية وأصحاب القرار؛ مما أسهم في إيصال صوت الأقلية المسلمة إلى المسئولين، ومن ثم ساعد بدرجة كبيرة في حصول المسلمين على حقوقهم الدستورية”.

ويسوق مثلا على ذلك بأنه “بعد أن أدرج القانون التربية الدينية كمادة دراسية، فخشينا على الطلاب المسلمين في المدارس التي يشكلون فيها أقلية، وهو ما دفعنا إلى بحث المسألة على مدار عام كامل مع الحكومة”.

غير أن هذه الجهود لم تثمر -يضيف د. قاضي- “إلا بعد عقد مؤتمر علمي بعنوان (التربية الروحية وأهميتها) نهاية 2007، حيث تم رفع توصية من المشاركين إلى الجهات الرسمية، وبالفعل تم إعفاء الطلاب المسلمين من حضور دروس التربية المسيحية في المدارس ذات الأغلبية المسيحية، ليس هذا فقط، إذ تم السماح للمدارس التترية (مسلمي القرم) بتدريس الدين الإسلامي”.

قضايا الطاولة

وحول القضايا التي تتطرق إليها الطاولة المستديرة، يقول د. قاضي: “نركز بالأساس على القضايا المعاصرة، ويتم استشراف متطلبات المجتمع المدني واحتياجات المسلمين، ومناقشتها مع بقية أطياف المجتمع والمسئولين”.

ويضيف: “نحاول من خلال الطاولة أن نظهر معاني الإسلام الحقيقة للمثقفين والمستشرقين والمهتمين بقضايا الإسلام والمسلمين، في مسعى لاستقطاب صناع القرار على جميع المستويات”.

وثمة عدة خطوات قبل عقد الطاولة المستديرة، “فبعد تحديد عنوان الطاولة نتواصل مع العلماء والمستشرقين للتأكد من وضوح الفكرة والتعرف على آرائهم، ثم نحدد مكان انعقادها وتاريخها”، وفقا لرئيس اتحاد “الرائد”، الذي يشير إلى أن “الطاولة التي تعقد بالعاصمة كييف تختلف عن تلك التي تعقد في شبه جزيرة القرم (جنوب)، المتمتع بنظام حكم فيدرالي مستقل، والمتعددة الانتماءات العرقية والدينية والثقافية”.ويفسر ذلك بأن “طاولة كييف غالبا ما تهتم بالقضايا العامة محل اهتمام المجتمع بأكمله، بينما تركز تلك التي تعقد في القرم على القضايا الإسلامية؛ بحكم أن الإقليم يحتضن أكبر تجمع للمسلمين في أوكرانيا، وكذلك قضايا متعلقة بالعرقيات المختلفة وحقوقهم المدنية والدينية”.

وتوجد في القرم نحو 121 إثنية، ويمثل الروس نحو 40% من سكان الإقليم، والأوكرانيون حوالي 30%، والتتار نحو 15%، إضافة إلى 15% من أصول تركية وآذرية وأوزبكية وغيرها، بحسب إحصاءات لمركز “الرائد”.

عنصر استقرار

وعن ردود أفعال الأطراف الأخرى على أسلوب الطاولة المستديرة، يقول د. قاضي إنها “لاقت استحسانا سواء من الطبقة المثقفة أو المسئولين بشكل لم نكن نتوقعه، ما تمثل في حرصهم على الحضور والمشاركة”.

ويضيف أن “كثيرا من مؤسسات المجتمع المدني، إضافة إلى مؤسسات الدولة تحرص على دعوة (الرائد) للمشاركة في أعمال الطاولات المستديرة التي يعقدها حول الإسلام والأديان؛ كونه أكبر مؤسسة معنية بشئون العرب والمسلمين في أوكرانيا، ولوجود مساحة من الثقة بين (الرائد) وتلك المؤسسات”.

ويُذكر بتصريح لـ”ألكساندر ساجان” مستشار الرئيس للشئون الدينية والثقافية خلال مشاركته في مؤتمر عقده “الرائد” عام 2007، بمناسبة مرور 10 سنوات على تأسيسه، حيث قال: إن “أنشطة الرائد في مختلف القضايا تمثل عنصر استقرار في المجتمع الأوكراني متعدد القوميات”.

و”الرائد” مؤسسة اجتماعية دعوية ثقافية، تعمل على التعريف بالثقافة الإسلامية، وخدمة المجتمع، وتمثل مظلة لـ18 جمعية اجتماعية تنتشر في شتى المدن الأوكرانية، وتقوم على المسلمين والعرب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إسلام أون لاين ـ أغسطس 2009 ـ هاني صلاح

التخطي إلى شريط الأدوات