“أرابات”.. أرض الرباط والبحيرات الوردية

مسلمون حول العالم ـ متابعات

في شمال شرق شبه جزيرة القرم، بجنوب أوكرانيا، توجد أرض خلابة رائعة الجمال ولها قصة تاريخية تسطر قرون متتالية من التواجد الإسلامي العريق في هذه البقعة التي تقع كذلك غرب بحر آزوف الواقع بين روسيا وأوكرانيا..

تسمة هذه البقة باسم “أرابات”، و تتمتع أرابات بمناظر طبيعية خلابة وسواحل رملية جميلة، وتقع في هذه المنطقة عدة منتجعات ومصحّات علاجية، وينابيع ساخنة… فماذا تعرف عنها؟

شريط ضيق من الأرض المنخفضة

بقلم/ د. أمين القاسم ـ الباحث في تاريخ المنطقة

أرابات Arabat Spit شريط أو حزام أو سهم ضيق من الأرض المنخفضة يمتد ضمن بحر آزوف، وهو متصل من طرفه الشمالي بالشاطئ الأوكراني وطرفه الآخر الجنوبي بشبه جزيرة القرم، تقع أرابات إلى الغرب من بحر آزوف. يبلغ طولها 113م، وعرضها يتراوح بين 270م إلى 8 كم.

“الرباط”

تعود تسمية أرابات إلى الكلمة العربية “الرباط”، والتي تعني موضع المرابطة، حيث كانت جيوش خانية تتار القرم المسلمة ترابط هناك في وجه أعدائها من الروس والقوزاق. كما قيل أن الكلمة مشتقة من رباط الخيل وهو الموضع الذي تُربط فيه خيول جيوش خانات القرم، والتي كانت تُربى في هذه القطعة من الأرض.

عاشت عائلات قرمية مسلمة منذ مئات السنين في قرى عديدة على هذه الأرض، وعملوا في مجالات الرعي وصيد الأسماك وجمع وتجارة الملح.

وقد بنى التتار زمن حكم الخانية القرمية (1441- 1783م) قلعة عسكرية على مدخل أرابات الجنوبي.

تهجير وإبادة

في مايو من عام 1944م قام نظام ستالين بتهجير كافة سكان شبه جزيرة القرم من المسلمين التتار إلى وسط آسيا وجبال الأورال، ولكن السلطات الشيوعية المحلية نسيت سكان أرابات من التتار! فقامت بعد أشهر وتحديدا في أوائل العام 1945م بتجميع حوالي 1000 شخص من مسلمي أرابات من الرجال والنساء والأطفال، ثم نقلتهم ببارجة إلى عرض بحر آزوف وأغرقتهم هناك.

تقع على أرابات عدة قرى كانت تحمل أسماء تترية قبل أن يقوم الشيوعيون بعد عام 1944م بتبديلها بأخرى روسية.

أرابات جزء من الأراضي الأوكرانية، ولكن بعد سيطرة روسيا على القرم في مارس من عام 2014م أصبح أرض أرابات مقسمة بحكم الأمر الواقع، حيث يقع جزؤها الجنوبي بيد روسيا، والشمالي بيد أوكرانيا، وفي نهاية فبراير من العام 2022م احتلت روسيا كامل شريط أرابات.

تتمتع أرابات بمناظر طبيعية خلابة وسواحل رملية جميلة، وتقع في هذه المنطقة عدة منتجعات ومصحّات علاجية، وينابيع ساخنة.

وفي موضوع آخر حول أرابات نذكر من اللطائف أن المفكر والسياسي الهندي أبو الكلام آزاد (1888- 1958م) فسّر قوله تعالى: “حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ..” في سورة الكهف الآية 86، أن المقصود بعين حمئة هو بحر آزوف، وسمّاه ببحر الطين، حيث تقع أرض أرابات.

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=10219799199683062&id=1611567851