مسلمون حول العالم ـ متابعات
هذه هي الحلقة الأولى ضمن خمس حلقات حول السفير والرحالة “أحمد بن فضلان” الذي أرسله الخليفة العباسي المقتدر بالله في عام 921 ميلادية استجابة لرسالة من ملك بلاد البولجار (وسط روسيا حاليًا) الذي طلب تعريف قومه بالإسلام رغبة في الدخول فيه. كتبها العلامة الجغرافي والرحالة حول العالم الأستاذ الدكتور عاطف معتمد.
وتنشر مدونة “مسلمون حول العالم” هذه الحلقات الخمس نقلًا عن صفحة الدكتور عاطف معتمد، بمناسبة الاحتفالات التي تجري في روسيا على مدار هذا العام، بمناسبة الذكرى الـ1100 عام على اعتماد الإسلام كدين رسمي من قبل حاكم ودولة وشعب البوجار في منطقة حوض الفولجا (وسط روسيا حاليًا).. وإلى الحلقة الأولى:
بقلم/ د. عاطف معتمد، جغرافي وباحث ومترجم.
قبل ست سنوات، أخذت الصورة المرفقة، لجدارية في المتحف الوطني بمدينة “بولجار”، على نهر “الفولجا”، في البلاد العريقة التي تسمى “تترستان”، والتي خاضت حروبًا شرسة مع روسيا، قبل 5 قرون؛ كي لا تصبح جزء منها، بسبب تمايز عقيدة وقومية شعوبها عن عقيدة وقومية “الروس” الزاحفين عليهم من الغرب.
توثيق لحدث
“الجدارية”، رسمت في وقت حديث للغاية، ربما قبل زيارتي بعشر سنوات على الأكثر، ولكنها توثق لحدث شهير وقع قبل نحو ألف سنة.
سفير الخليفة العباسي
إذا نظرت إلى الجدارية (التي يجلس أمامها التتري الأصيل “مراد” الذي كان دليلي في تلك البلاد) ستجد رجلًا ممشوقا يرتدي رداء أبيض اللون يقرأ رسالة طويلة، وهذا هو السفير والرحالة “أحمد بن فضلان” الذي أرسله الخليفة العباسي المقتدر بالله في عام 921 ميلادية استجابة لرسالة من ملك بلاد البولجار الذي طلب تعريف قومه بالإسلام رغبة في الدخول فيه.
الطريف والمدهش أن الخليفة العباسي آنذاك لم يكن يستطيع أن يتحكم في الأراضي الخاضعة رسميا لسلطة الخلافة في بغداد، حتى أنه لم يمنح تمويلًا لسفارة ابن فضلان وطلب منه أن يأخذ ميزانية الرحلة في طريق سفره إلى تلك البلاد من أموال متأخرة من الإمارات الخاضعة لسلطة الخلافة.
فترة ضعف
كانت الخلافة الإسلامية في فترة ضعف آنذاك، ورفضت الأقاليم أن تمنح ابن فضلان أموالها المتأخرة لبغداد، وكادت السفارة أن تفشل نهائيًا حيث تعثر عدد من أعضاء الرحلة أو تخلفوا لعدم وجود تمويل يكفي للسفر إلى تلك البلاد البعيدة في الشمال.
انتشار سلمي
وصل ابن فضلان إلى بلاد البولجار، وقِبل ملكها وشعبها الإسلام، وصاروا من دون أي معارك شعوبًا تدين بالإسلام؛ بل كانوا يعرفون عن الإسلام ما أدهش ابن فضلان.
الجمع بين هويتين
لكن هذه الشعوب تميزت بميزة مهمة للغاية، وهي أنها جمعت مع هوية الدين هوية قومية مخالفة لبقية الشعوب المجاورة لها وهو ما أعطاها خصوصية كبيرة في خريطة العالم الإسلامي، تلك الخصوصية التي تقوم على تزاوج الدين مع القومية، وهي خصوصية بالغة الشدة والأثر.
أربع حلقات تالية
في أربع حلقات مقبلة سأعرض – استجابة لاقتراح بعض القراء – الأبعاد الجغرافية لرحلة بن فضلان، وستكون مناسبة لمعرفة بعض المعلومات والأفكار عن الإسلام خارج الحدود المركزية للعالم الإسلامي، وعلاقة ذلك بروسيا والشرق الأوروبي.
https://www.facebook.com/atef.moatamed/posts/4926641057416436