مسلمون حول العالم ـ متابعات
كان لمصر “أزهر” و”مملكة” دورًا بارزًا في التواصل الثقافي والديني مع مسلمي الصين. وبدورهم شد الرحال إلى “مصر الأزهر” طلبة الصين والذين أضحوا علماء بارزون في بلادهم بعد عودتهم للصين.
يكفيك زيارات لتجمعات مسلمي الصين سواء في العاصمة بكين أو مناطقهم التاريخية بشمال وشمال غرب الصين كي تدرك هذه الصلة القوية المتينة منذ بدايات القرن العشرين بين أئمة الصين والأزهر الشريف في مصر.. والكاتب يلقي الضوء كذلك على صلة قريبة مع ملك مصر في هذه الآونة..
بقلم/ الدكتور أسامة منصور ـ الأستاذ بجامعة القوميات بشمال الصين
هدية الملك فؤاد الأول لمسلمي الصين
ومن ثمرات هذا الاهتمام المصري “أزهر ومملكة”، والحرص من قبل مسلمي الصين على هذا التواصل الثقافي والديني؛ أن أهدى الملك فؤاد الأول لمسلمي الصين مكتبة شملت 441 كتابًا في مختلف فروع العلم والثقافة الإسلامية، وذلك خلال زيارة الإمام الصيني الكبير “عبد الرحيم ما سونغ تينغ” لمصر.
رد الجميل
وفي فترة لاحقة؛ وحينما شرع المسلمون الصينيون في تأسيس مكتبة عامة في مختلف فروع العلوم والثقافة الإسلامية، وتجمع كل ما لديهم من كتب التراث الصيني الديني وما وصل إليهم من الكتب الدينية من الدول العربية والإسلامية، أردوا رد الجميل للملك فؤاد الأول فأطلقوا اسمه على مكتبتهم التي أسسوها سنة 1936م.
تراث مسلمي الصين القديم
وبجانب الكتب والمراجع الإسلامية في اللغة العربية التي وصلتهم من الدول العربية؛ ضمت المكتبة تراث مسلمي الصين القديم، ومن ذلك نسخة مخطوطة نادرة للقرآن الكريم يرجع تاريخها إلى أسرة يوان (1206- 1368)، بالإضافة لكميات كبيرة من المؤلفات الإسلامية القديمة والآثار الدينية من أسرتي مينغ وتشينغ (1368- 1911).
وفاء دائم.. وحكاية “منتدى فؤاد”
وبعد عقود طويله؛ مازال الوفاء حاضر في وجدان مسلمي الصين للملك فؤاد الأول؛ ففي عام 2017 أنشأت الجمعية الإسلامية في العاصمة الصينية بكين منصة للبحث الأكاديمي أطلقوا عليها “منتدى فؤاد”.
وقد أقيمت هذه “المنصة”، تحت العنوان “التمسك بتوطين الدين الإسلامي في الصين”، وذلك بإشراف لجنة الشؤون القومية والدينية ببكين، وفي إطارها أقيمت العديد من الندوات الأكاديمية والمحاضرات العلمية المتخصصة، وغيرها من الأنشطة الثقافية؛ بهدف توريث الثقافة الإسلامية الصينية للأجيال الشابة الجديدة في ربوع الصين.
“توطين الدين الإسلامي” في الصين
وخلال مسيرة “توطين الدين الإسلامي” في الصين، يتم توارث وإحياء “روح” مكتبة الملك فؤاد الأول، وإظهارها دورها باعتبارها منصة تاريخية وثقافية.
وذلك عبر التضامن بين مختلف عرقيات مسلمي الصين العشرة؛ وعلى راسهم أبناء قومية هوي وقومية هان، ومن خلال كذلك التبادل الأكاديمي والثقافي بين دولة الصين والدول العربية.
https://www.facebook.com/osama.mansour.1690/posts/2031282647053830